علم المسيح

ثلاثة أمثال



ثلاثة أمثال

ثلاثة أمثال

 

«وَفِيمَا
هُمْ سَائِرُونَ فِي ٱلطَّرِيقِ قَالَ لَهُ وَاحِدٌ: «يَا سَيِّدُ،
أَتْبَعُكَ أَيْنَمَا تَمْضِي». فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لِلثَّعَالِبِ أَوْجِرَةٌ
وَلِطُيُورِ ٱلسَّمَاءِ أَوْكَارٌ، وَأَمَّا ٱبْنُ ٱلإِنْسَانِ
فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ». وَقَالَ لآخَرَ: «ٱتْبَعْنِي».
فَقَالَ: «يَا سَيِّدُ، ٱئْذَنْ لِي أَنْ أَمْضِيَ أَوَّلاً وَأَدْفِنَ
أَبِي». فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «دَعِ ٱلْمَوْتَى يَدْفِنُونَ مَوْتَاهُمْ،
وَأَمَّا أَنْتَ فَٱذْهَبْ وَنَادِ بِمَلَكُوتِ ٱللّٰهِ».
وَقَالَ آخَرُ أَيْضاً: «أَتْبَعُكَ يَا سَيِّدُ، وَلٰكِنِ ٱئْذِنْ
لِي أَوَّلاً أَنْ أُوَدِّعَ ٱلَّذِينَ فِي بَيْتِي». فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ:
«لَيْسَ أَحَدٌ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى ٱلْمِحْرَاثِ وَيَنْظُرُ إِلَى
ٱلْوَرَاءِ يَصْلُحُ لِمَلَكُوتِ ٱللّٰهِ» (لوقا 9: 57-62).

 

مقالات ذات صلة

جاء
أحد علماء الدين المعروفين بالكتبة للمسيح. وبعد السلام قال: «يا سيد، أتبعك أينما
تمضي». لربما ظن أن المسيح يفتخر بتابع كهذا ويرحب به كثيراً. لكن نستنتج من ردّ
المسيح عليه أن في قلب هذا الكاتب مطامع عالمية. فلا نصيب له أو لأمثاله في صحبة
المسيح الذي وهو الإِله المتأنِّس تنازل إلى أدنى درجات الفقر الزمني، تعزية
لفقراء العالم، لكي لا ييأس أفقر البشر لشدة فقره. كان سريره مستعاراً لا مِلكاً،
وقبره كذلك – ومثلهما كل ما استعمله بين المهد واللحد. كانت معيشته من مال
المحبِّين. ولم يترك للإاقتسام بعد موته سوى الثياب التي عليه، والأكفان التي
تركها في القبر عند قيامته. فكان جوابه لهذا الكاتب: «للثعالب أوجرة ولطيور السماء
أوكار. وأما ابن الإِنسان فليس له أين يسند رأسه». ثم انطفأ خبر هذا الكاتب.

 

وقدم
المسيح بعد ذلك دعوة لأحد رفقائه المؤمنين ليكون تلميذاً ملازماً، فرضي، على شرط
أن يعطيه المسيح مهلة ليذهب أولاً ويدفن أباه. وهو يقصد أن يلازم أباه العجوز إلى
أن يموت – وكان هذا واجباً مقدساً، بعده يترك كل شيء ويتبع المسيح. لكن المسيح لم
يتساهل معه لأنه لم يضع الواجبات للوالدين بعد الواجبات للّه. فأمره أن يترك
للموتى روحياً تدبير أمر الموتى جسدياً، لأنه كحي روحياً بعد إيمانه الجديد يجب أن
يلتصق بالأحياء روحياً مثله. لا ريب في تمسُّك المسيح بالوصية التي تأمر بإكرام
الوالدين، وقد برهن ذلك في حداثته في الناصرة لما كان خاضعاً لأبويه. ونذكر أنه
أنَّب رؤساء اليهود الذين كانوا ينقضون الواجبات للوالدين تحت حجة «قربان» (مرقس
7: 10-13) فيكون أن الذي جعله يأمر هذا الرجل أن يترك أباه ويتبعه هو، أنه يطلب
لنفسه حقوق العزة الإِلهية. فمتى تضاربت الحقوق الإِلهية مع الواجبات الوالدية،
تُقدَّم الحقوق الإلهية على كل شيء.

 

ثم
تقدم رجل ثالث بقصد أن يتبع المسيح. إنما يطلب أن يغيب بعض الوقت ليودع أهل بيته،
فلم يسمح المسيح له. يُحتمل أن بيته كان في بلدة بعيدة، أو أن المسيح عرف أن أحوال
بيته تعاكس قصده الحسن، فإنْ رجع ليودّع أهله يضغطون عليه ويمنعونه. أو أن المسيح
قصد أن يوضح أمام جميع تابعيه أنه لا يجوز تأخير دعوته مطلقاً ولو قليلاً، فأجابه
على استئذانه: «ليس أحد يضع يده على المحراث وينظر إلى الوراء يصلح لملكوت اللّه».

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى