علم المسيح

الصليب موضوع الحديث



الصليب موضوع الحديث

الصليب موضوع
الحديث

 

كان
موضوع الحديث الذي دار بين هؤلاء على مقربة من الثلاثة النائمين، إعلان موت المسيح
العتيد، الذي أزعج التلاميذ. والاسم الذي وضعه الإنجيل هنا للموت هو «الخروج»، وهو
نفس الاسم الذي أتى في التوراة لإنتقال بني إسرائيل قديماً من عبودية مصر إلى أرض
الميعاد، إذ قال البشير لوقا إن موسى وإيليا تكلما معه عن «خُرُوجِهِ
ٱلَّذِي كَانَ عَتِيداً أَنْ يُكَمِّلَهُ فِي أُورُشَلِيمَ» (لوقا 9: 31).
أي أن موت المسيح لا يكون قَسْراً كغيره، بل اختياراً، كعمل يقصده ويكمله.

 

في
تلك الساعة فقط في التاريخ كله، تمثلت الكنيسة المسيحية الواحدة الجامعة التي تكلم
عنها المسيح، لأن رأس الكنيسة الوحيد وقف على هذا الجبل يتكلم مع زعيمي العهد
القديم اللذين يمثلان قيم الكنيسة الموجودة في السماء، على مسمع الرسل الثلاثة
الممتازين، زعماء العهد الجديد الذين يمثلون القسم الأرضي من هذه الكنيسة الواحدة.

 

ولا
عجب أن افتخر بولس بموضوع هذه المحادثة وأهميته ايضاً. إذ قال: «لَمْ أَعْزِمْ
أَنْ أَعْرِفَ شَيْئاً بَيْنَكُمْ إِلا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحَ وَإِيَّاهُ
مَصْلُوباً» (1 كورنثوس 2: 2) ويردد الملائكة والقديسون في السماء في تسابيحهم ذكر
هذا الموت المجيد الذي هو إكليل فخر المسيح الممتاز، والذي لأجله يحبه الآب. ولا
ريب أن الذين يسكتون عن موت المسيح الفدائي أو ينكرونه، يخسرون ويُخسِّرون كل من
ينتمي إليهم، فقد قال هو: «إِنْ لَمْ تَقَعْ حَبَّةُ ٱلْحِنْطَةِ فِي
ٱلأَرْضِ وَتَمُتْ فَهِيَ تَبْقَى وَحْدَهَا. وَلٰكِنْ إِنْ مَاتَتْ
تَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ» (يوحنا 12: 24).

 

 دهشة
التلاميذ:

ربما
كان المسيح قد انتهى من حديثه مع زائريه السماويين لما أفاق تلاميذه الثلاثة من
نومهم الثقيل، ورأوا فجأة أن سيدهم لم يعد جاثياً يصلي كما كان عندما غلبهم
النعاس. ولما نظروه يتكلم مع شخصين لم يصعدا معهم إلى هذا الجبل العالي، وعرفوهما،
كان لرؤيتهما وقعٌ أعظم في أعينهم مما لو كانا ملاكين.. وها هم الآن يبصرون في
يقظة، وليس في رؤيا، مجداً جديداً عجيباً لرفيقهم وسيدهم المسيح مع موسى وإيليا
مسربلين أيضاً بمجد سماوي. ومما زاد أسفهم كثيراً على ما خسروه من هذا المجد في
نومهم، ملاحظتهم أن موسى وإيليا يُهمَّان بالانصراف. ولهذا لا نتعجب أن بطرس
العجول الجسور يحاول منعهما من الذهاب.

 

قد
تعودنا أن نرى بطرس تائهاً عن الصواب في تجاسره. أما الآن فهو يتطفل ويقدم للمسيح
رأياً للعمل. فاته أن الواجب عليه أن ينتظر آراء المسيح وإرادته الكاملة، لا أن
يقدم آراءه للمسيح، كأنه أوفر حكمة من سيده. فاقترح أن يشتغل مع رفيقه في نصب
أكواخ مثل التي تعوّدوا أن ينصبوها في ضواحي أورشليم في عيد المظال. فقال: «يا رب،
جيد أن نكون ههنا». وقد درج هذا القول على ألسنة المؤمنين في كل آن ومكان، متى
حضروا في أماكن الصلاة.

 

أما
الجواب على اقتراحه فلم يأت من المسيح بل من السماء. لأنه «فيما هو يتكلم ظللتهم
سحابة نيّرة، فخافوا لما دخلوا في السحابة». ثم زاد خوفهم جداً وسقطوا على وجوههم
عندما سمعوا من وسط السحابة صوتاً من شخص غير منظور، قال في آذانهم: «هذا هو ابني
الحبيب الذي به سُررت. له اسمعوا».

 

عندما
أعلن المسيح أنه سيصلب انتهره بطرس قائلاً: حاشاك يا رب. ولكن الصوت الإلهي على
جبل التجلي جاء يقول عن المسيح: «له اسمعوا». فكأن الله يقول للتلاميذ: «اقبلوا ما
يقوله المسيح لكم! إن الصليب ضرورة حتمية!»

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى