اسئلة مسيحية

علاج المشاكل



علاج المشاكل

علاج
المشاكل

كل
إنسان في الدنيا تقابله مشكلات في حياته. وتختلف أساليب الناس في معالجة المشاكل،
او في التعامل معها، أو في مدي التأثر بها. وذلك تبعاً لنفسيته وعقليتة كل إنسان،
وأيضاً تبعاً لخبرته فهناك أنواع من الناس تحطمهم المشاكل، بينما آخرون ينتصرون
عليها. وهناك أساليب خاطئة وأساليب أخري سليمة في مواجهة المشاكلة. وسنحاول أن
نستعرض النوعين:

 

أسلوب
الهروب اتبعه أبونا آدم ومعه أمنا حواء، بعد السقوط في الخطية. وفي ذلك يقول
الكتاب ” فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب الإله في وسط شجر الجنة ” (تك
3: 8). ولكن هذا الهروب لم يحل المشكلة وكان لابد من مواجهتها.

وهناك
أسلوب آخر يقابل به الناس مشاكلهم وهو:

أنه
أسلوب الطفل الذي يواجه المشكلة بالبكاء:

علي
ان هذا التصرف الطفولي يبقي عند البعض حتي بعد ان يكبروا، وبخاصة عند كثير من
النساء مواجهة المشكلة بالحزن والبكاء، دون أي حل عملي. حدث هذا للقديس حنه في
الفترة التي أغلق فيها الله رحمها. وكانت ضرتها فننة تغيظها ” فبكت ولم تأكل
“(1صم 1: 7). ولكن كآبة القلب والبكاء وعدم الأكل، كل ذلك لم يحل مشكلتها،
إلي أن لجأت أخيراً إلي الله

 

وكما
حدث للقديسة حنة، حدث لملك خطير مثل آخاب

فلما
رفض نابوت اليزرعيلي أن يعطيه الكرم، يقول الكتاب ” فدخل آخاب بيته مكتئباً
مغموماً “(1مل 21: 4). علي أن الكآبة لم تحل لآخاب مشكلته، بل وصل إلي حل لما
تدخلت زوجته الملكة إيزابل لتقدم له تصرفاً عملياً – ولو انه خاطئ – كما سنري كثير
من الزوجات يلجأن إلي النكد والبكاء في حل مشكلهن، فيخسرون أزواجهن بهذا
النكد!!يدخل الرجل إلي البيت، فيجد المرأة غارقة في دموعها، وربما لسبب تافه
فيحاول حله. ثم يتكرر البكاء لسبب آخر، ولسبب ثالث، ويصبح البكاء خطة ثابته في
مواجهة كل ما لا يوافق هواها، مع تأزم نفسي وشكوي وحزن، مما يجعل الرجل يسأم هذا
الوضع، ويهرب من البيت وما فيه من نكد وتجني المرأة عليه وعلي نفسها، بلا نتيجة!
علي أن البعض قد يلجأ إلي طريقة أخري هي:

 

قد
يكون لدي إنسان ما رغبة يريد تحقيقها بكافة الطرق، ويجد معارضة لذلك من أب أو أم
أو رئيس، فيظل يلح ويضغط بطريقة يري أنها توصله إلي الموافقة أخيراً. استخدمت
دليلة هذا الإلحاح مع شمشون حتى كشف لها سره! ألحت في طلب سره، فكان يتهرب من ذلك،
ولا يقول لها الحق. ولكنها ظلت في ضعفها عليه، ثم عاتبته قائله ” كيف تقول
أحبك، وقلبك ليس معي. هوذا ثلاث مرات قد خدعتني ولم تخبرني بماذا قوتك العظيمة
“. وهنا يقول الكتاب ” ولما كانت تضايقه بكلامها كل يوم، وألحت عليه،
ضاقت نفسه إلي الموت، فكشف لها كل قلبه، وقال لها (قض 16: 15-17)

 

إن
الإلحاح قد يوصل إلي موافقه ليست برضي القلب.

و
العجيب أن صاحب الرغبة يفرح بهذه الموافقة، ولا يهمه قلب من أعطاها،، ولا مرارة
نفسه. بقد ألح بنو إسرائيل علي الله أن يقيم لهم ملكاً، وكان الله ضد هذه الرغبة
واعتبرها رفضاً له (1صم 8: 7)، ومع ذلك سمح الله لا لحاحهم واعطاهم ملكاً ضد
مشيئته، هو شاول، وفارق روح الرب شاول (1صم 16: 4). وألحت إمرأة فوطيفار علي يوسف
الصديق (تك 29: 10) فهرب منها. وكانت نتيجة إلحاحها، مشكلة قاسي منها يوسف الطرد
والسجن سنوات وكانت النتيجة أيضاً سوء سمعه هذه المرأة علي مدي الأجيال ولم يأت
الإلحاح بنتيجة سارة

 

وألح
اليهود علي بيلاطس ليصلب السيد المسيح.

وحاول
بكافة الطرق أن يهرب من إلحاحهم، فازدادوا ضغطاً عليه. قال لهم ليست أجد علة في
هذا البار وقال هل أأصلب ملككم؟ فقالوا ليس لنا ملك إلا قيصر وأرادوا أن يطلقه
كأسير فطلبوا بدلاً منه باراباس فغسل بيلاطس يديه وقال ” أنا برئ من دم هذا
البار، فقالوا دمه علينا وعلي أبنائنا “(متي 26). وكانت نتيجة إلحاحهم؟!

 

والبعض
يلجأون إلي العنف:

وقع
داود النبي في مشكلة مع نابال الكرملي الذي رفض أن يعطي جنودة قوتاً، فقرر داود أن
يحل المشكلة بالعنف، فتقلد سيفه أمر غلمانه فتقلدوا سيوفهم. وهدد بأنه لن يبقي
لنابال حتى الصباح بائلاً بحائط (1صم 25: 13، 22). فهل كان أسلوب داود سليمان؟!
كلا،، لقد وبخته علي ذلك أبيجايل لأنه قرر أن يسفك دماً وتنتقم يده لنفسه. وشكرها
داود لأنها كانت حكيمة في نصحها له (ا صم 25: 23). وكان من نتائج استخدام داود
للعنف، أن الرب لم يسمح له ببناء الهيكل وقال له ” لاتبن بيتاً لاسمي لأنك
رجل حروب وقد سفكت دماً “(أي 28: 3). وموسى حينما استخدم العنف لحل مشكلة بين
مصري وعبراني، فقتل المصري (خر 2: 12)، لم يستخدمه الله حينئذ، وسمح ان يقضي
أربعين سنة في رعي الغنم حتى تعلم الوداعة وقيل عنه ” وكان الرجل موسى حليماً
جداً أكثر من جميع الناس الذين علي وجه الأرض “(عدد 12: 3) وبهذا الطبع الخير
استخدمه الله في رعاية الشعب وأخطأ بطرس حينما رفع سيفه وقطع أذن العبد حينما
واجهته مشكلة القبض علي معلمه، فكر في حلها بالعنف ولكن السيد وبخه قائلاً ”
أردد سيفك إلي غمده. لأن من أخذ بالسيف بالسيف يؤخذ “(متي 26: 51). ويقع في
خطأ العنف أيضاً الأب الذي يستخدم سلطته بالعنف في بيته ويضرب إمرأته أو أولاده
ويخسرهم. وكذلك الكاهن الذي يستخدم سلطان الحرم في غير موضعه.

 

استخدمت
رفقة هذا الأسلوب لكي يأخذ إبنها يعقوب بركة أبيه اسحق.

وألبسته
جلد الماعز، لكي يكون جسمه مشعراً كأخيه عيسو (تك 27). وجازت الحيلة علي اسحق ومنح
البركة ليعقوب. ولكن أتراه استفاد حينما خدع أباه هكذا؟ كلا بل عاش هارباً وخائفاً
من أخيه عيسو، وخدعه خاله لابان لما زوجه ليئه بدلاً من راحيل (تك 29: 25). كما
غير له أجرته عشر مرات (تك 31: 41). وخدعه أبناؤه لما أشعروه أن يوسف قد افترسه وحش
ردئ (تك 37: 33). واخيراً لخص يعقوب سيرة حياته فقال إن سني حياته علي الأرض قليلة
وردية (تك 47: 9). واستخدمت ايزابل طريقة الدهاء للحصول علي كرم نابوت اليزرعيلي.
دبرت الصاق تهمة رديئة بنابوت اليزرعيلي ونادوا انه جدف علي الله، وأتوا بشهود زور
لاثبات ذلك. وتم رجم نابوت خارج المدينة. وورث أخاب حقل نابوت. وبدأ أن الحيلة
أوصلته إلي حل مشكلته. ولكن عين الله الساهرة أرسلت إيليا النبي لأخاب يقول له
” هل قتلت وورثت؟ هكذا قال الرب: في المكان الذي لحست فيه الكلاب دم نابوت،
تلحس الكلاب دمك أيضاً “(1مل 21). وكان هذا هو مصير زوجته إيزابل أيضاً (2مل
9: 36).

 

إن
الدهاء – كالعنف – قد يوصل إلي نتيجة سريعة، يبدو حلاً للمشكلة. ولكهنا لست من
الله.

 

وقد
يسمح الله بابطال هذه الحيل الشريرة، كما ابطل مشورة أخيتوفل، فلم تتمكن من ايذاء
داود (2 صم 17: 23). فنجا داود، أما اخيتوفل فخنق نفسه قهراً لأن مشورته ابطلت.

 

يلجأ
البعض إلي الجريمة لحل اشكالهم، او للوصول إلي أغراضهم. وقد فعل ذلك قايين أول
قاتل علي الأرض. فماذا كانت النتيجة؟ لقد عاش حياته كلها في فزع ورعب، تائهاً
وهارباً في الأرض، يخاف أن كل من وجده يقتله (تك 4: 14). ولجأ أبشالوم إلي الجريمة
أيضاً، فحرق حقل يوآب لكي يمكنه من مقابلة الملك (2صم 14: 30).

 

يلجأ
البعض إلي سلاح الخيانة، لكي يصلوا إلي شئ فما قتيلاً (2صم 18: 15). ويهوذا لجأ
إلي الخيانة أيضاً، ولكنه لم يستفد، بل مضي وخنق نفسه (متي 27: 5). ومع ان الخيانة
أوصلت البعض إلي التشفي، أو إلي غرض – رخيص – إلا أنهم فشلوا جميعاً واحتقروا
ذواتهم ومع انه قد يستطيع إنسان ان يحتمل احتقار الآخرين له، إلا أنه نادرا ما
يقدر علي احتمال احتقاره لنفسه!! والخائن حينما تنكشف له حقيقة نفسه ويحتقرها، لا
يحتمل ولكن سلاح الخيانة، علي الرغم من كل هذا، لا يزال موجوداً. وما اسهل علي
خائن لكي يصل إلي غرضه أن يغدر بأحبائه، أو أولياء نعمته أو يخون صديقاً أن رآه
منافساً له ومع ذلك لا يصل إلي شئ!

 

إنسان
يقع في اشكال، فكيف يحله؟ أن يواجه الأمر بالزعيق والصياح، وبالغضب والنرفزة،
وبالشتيمة والتهديد والوعيد، وبالصوت العالي الحاد وبالألفاظ الجارحة. ولا يمكن
لشئ من هذا أن يحل اشكالاً.

 

إن
الأعصاب الهائجة وسيلة منفرة.

تدل
علي قلة الحيلة، وعلي فشل الاقناع والحوار، وعلي محاولة تغطيه هذا الفشل بالعنف
الظاهري، الذي هو شاهد علي العجز الداخلي. او هي وسيلة لمحاولة تخويف الطرف الآخر
أو التخلص منه بهذا الأسلوب. ولكنها ليست طريقة روحية، ولا هي طريقة اجتماعية
محترمة. ويبقي معها الأشكال كما هو وقد تجلب علي صاحبها أمراضا مثل ضغط الدم،
وتوتر العصاب وقرحة المعدة والسكر بالإضافة إلي أمراض أخري نفسية وتعقيدات كثيرة
في العلاقات الاجتماعية. وقد يحاول الشخص إصلاح نتائج غضبه وأثر ذلك علي الآخرين،
فلا يجد حلاً.

 

يقع
إنسان في إشكال، ولا يجد حلاً فليلجأ إلي العقاقير، إلي أصناف من المهدئات والمسكنات
والمنومات: إلي الليبريوم، والفاليوم، والأتيفان، والفالينيل، وأشباه هذه الأدوية
وأمثالها

 

وينضم
إلي هؤلاء من يظن أنه يحل مشكلته بالخمر والمسكر أ, التدخين أوإنه بهذه الدوية
وبالتدخين – والمخدرات لا يحل مشكلته، إنما يحاول أن يتوه عن نفسه، وهو لا يحل
مشكلته، إنما يهرب منها، وتظل باقية هذه العقاقير هي اعتراف بالفشل في مواجهة
المشكلة، والفشل في احتمالها والفشل في حلها. وأذا لا تأتي بنتيجة وكلما يقل
مفعولها يجد متعاطيها المشكلة كما هي يحاول أن يزيد كميتها، وأيضاً بلا نتيجة
وينتهي به الأمر إلي اليأس والتعب النفسي. إلي أن يحاول الوصول إلي حل عملي نافع

 

والبعض
قد يحل مشكلاته بطريق آخر وهو:

يفشل
في بعض علاقاته الاجتماعية فيلجأ إلي المقاطعة والخصام. أو إلي العداوة والانقسام.
وهكذا حدث مع يربعام لما فشل في التفاهم مع رحبعام انقسم عشرة أسباط، وكونوا لهم
مملكة مستقلة (1مل 12)، واستمر هذا الانقسام قروناً طويلة ولم يكن حلاً للمشكلة،
بل صار مشكلة أعمق. حدث نفس الوضع بين اليهود والسامريين، وحدث مثله أيضاً بين
اليهود والمم وجاء المسيح ليعالج هذه المشكلة التي لم تحل، ويصالح هؤلاء مع أولئك.
وأنت هل تلجأ إلي نفس الأسلوب؟

 

ما
أكثر الذين واجهتهم مشكلة يحاولون حلها بكذبه أو أكاذيب. ويظنون أن الكذب يغطي
المشكلة! فإذا انكشف المر يغطون الكذب بكذب آخر، وهكذا دواليك والكذب يوجد جواً من
عدم الثقة، فتزداد المشكلة تعقيداً.

 

هناك
طريق آخر منحرف، في مواجهة المشكلات، وهو:

إذ
يواجه الإنسان مشكلة، فيصر علي رأيه ووجهة نظره، مهما كانت النتائج وخيمة وسيئة،
وقد يتحول الأمر إلي عناد ويزداد تعقيداً. وكل ذلك ناتج عن كبرياء داخلية واعتداد
بالذات. ولا يمكن ان ياتي العناد بنتيجة، لنه محاولة لارغام الطرف الاخر، فإذا لم
يقبل، لابد من التصادم

 

والعلاج
هو محاولة التفاهم، والتنازل عما يثبت خطؤه. وهناك طريقة عكس العناد تماماً وهي:

 

يلجأ
إليها البعض حينما يضغطون ويشعرون بصغر نفس في داخلهم، فيستسلمون وليحدث لهم ما
يحدث وليس هذا حلاً للمشكلة، إنما خضوع للمشكلة

 

فإن
كانت كل هذه طرقاً خاطئة في مواجهة المشاكل، فما هي الطرق السليمة إذن؟

 

لا
بالأعصاب، ولا بالعناد، ولا بنفسية مريضة، وإنما بحكمة، كما قال الكتاب ” في
وداعة الحكمة “(يع 3: 13). وقد قيل في سفر الجامعة ” الحكيم عيناه في
رأسه، أما الجاهل فيسلك في الظلم ” (جا 2: 14). وربما يعترض البعض علي ذلك
بأنه ليس الجميع حكماء، وليست للكل هذه الموهبة. والاجابة علي ذلك هي

 

حيث
لا يكتفي الإنسان برأيه ومعرفته وخبرته، إنما يضيف إليها رأي الكبار وهناك طريقة
ناجحة لحل المشكلات وهي:

 

لأن
ما يعجز الإنسان عن حله، ما أسهل ان يحله الله والصلاة والصوم وسيلتان لإدخال الله
في المشاكل. والكتاب حافل بقصص عن حل الله للمشاكل ونجاح وسيلة الصوم والصلاة لجأت
إلي هذا استير الملكة ومعها الشعب، وكذلك أهل نينوي. وداود النبي في مزامير
وأصوامه، ولجأ إلي هذا حينما قال ” فلما سمعت هذا الكلام جلست وبكيت، ونمت
أياماً وصمت وصليت.” (نج 1: 4).

 

والواقع
يجب أن نضع الصلاة في مقدمة وسائلنا، قلب الحكمة والمشورة او ممتزجة معهما.

 

لأن
الكتاب يعلمنا أولاً ان نصلي كما يعلمنا ان نكون حكماء، وأن نستشير. ويبقي هذا أمر
هام هو الصبر إلي ان يدبر الله حل المشكلة في الوقت الذي يراه مناسباً، لأن الذي
لا يحتمل الصبر، يقع في القلق المستمر وفي التعب النفسي وفي كل ذلك تحتاج المشكلة
في حلها إلي عنصر آخر هو:

 

فالأعصاب
الهادئة تعطي مجالاً للتفكير السليم. بينما الاضطراب – يتعب النفس ويشل التفكير،
فلا يدري الإنسان ماذا يفعل

 

أيهما
أفضل السرعة التي تدل علي الحزم والبت والقدرة علي أصدار القرار، أم طول البال
والتروي والهدوء، وما يحمله ذلك من روح الوداعة والاتزان والصبر؟

 

هناك
أمور تكون السرعة فيها لازمة وصالحة، وأمور اخري السرعة تفسدها، وتحتاج إلي التروي
وطول البال

 

العقوبة
مثلاً: إذا كانت السرعة فيها، لا تعطي مجالاً للفحص، وللعدل والتدقيق، ومعرفة
مقدار الخطا وموضع المسئولية، إن كانت السرعة في العقوبة خطأ، ويحتاج الأمر إلي
التروي. كذلك من ناحية أخري أن طول الأناة في توقيع العقوبة، يساعد المخطئ علي
التمادي، ويستمر في أخطائه فتسوء النتائج، ويشجع غيره علي تقليده أحساساً بأنه لا أشراف
ولا ضبط، حينئذ يكون من الواجب الإسراع بتوقيع العقاب

 

إذن
الأمر في الحالين يحتاج إلي حكمة، وتقدير للظروف.

 

هنا
يبدو الفحص واجباً، وحتى حينما تكون السرعة في العقوبة لازمه، ينبغي أيضاً أن يكون
العدل معها متوفراً. واعطاء من تعاقبه فرصة لتوضيح موقفه والأجابة عما ينسب إليه.

 

علي
أن هناك أمورا يجب السرعة فيها، كالتوبة مثلاً.

 

الابن
الضال لما رجع إلي نفسه، وقال ” أقوم (الآن) وأذهب إلي أبي ” وقام لوقته
ورجع لأبيه. لأن التوبة لا يجوز فيها التأجيل أو التأخير. والخمس العذارى الجاهلات
لما رجعن متأخرات، وجدان الباب قد أغلق، وضاعت الفرصة.

 

هناك
حالات في الخدمة، ان صبرت عليها بحجة التروي والفحص، قد تصل إليها بعد أن تكون قد
انتهت تماماً.

 

مثالها
لمريض أن لحقته بالعلاج السريع، امكن شفاؤه. وان تباطأت بحجة المزيد من الفحوص، قد
تصل الحالة إلي وضع ميئس. اعمل ما يلزم من فحوص، ولكن بسرعة كم من خطاة تباطأنا في
افتقادهم، فتحول الخطأ إلي عادة، وأتسع نطاقة، وكم من حالات وصلت خطورتها إلي
الارتداد، وكان السبب هو التباطؤ.

 

كذلك
المشاكل العائلية، وبعض المشاكل المالية، تحتاج إلي سرعة.

 

حالات
وصلت إلي الطلاق، وكان يمكن تداركها لو عولجت من بادئ الأمر، قبل أن تتطور
الخلافات وتتعقد، وتصل إلي العناد، وإلي الكراهية، وإلي المحاكم والقضاء

 

وكثير
من أداء الواجبات يحتاج إلي سرعة.

 

ربما
إنسان تتباطأ في تعزيته، او تهنئته، أو في زيارته في مرضه، أو في مناسبة هامة،
يؤدي هذا التباطؤ إلي تغير مشاعره من جهتك، ويظن انك غير مهتم به، ويؤثر الأمر علي
علاقتكما وغن تباطأت أيضاً في مصالحته، ربما لا تجده بعدئذ في قائمة أصدقائك!

 

ولكن
ليس معني هذا ان السرعة هي الأفضل في كل شئ، ومع كل أحد

 

يشترط
في الأجراء السريع، أن يكون بعيداً عن الارتجال وعن الانفعال، وإلا كا معرضاً
للخطأ ومعرضاً لاعادة النظر، فتكون سرعته سبباً في إبطائه.

 

وأهم
من عامل السرعة، عامل الاتقان والنفع فإن اجتمعت السرعة مع الإتقان، كان العمل
مثالياً.

 

وليس
المقصود بالسرعة، الهوجائية، او الاندفاع أو فقدان الاتزان، او التصرف بغير تفكير
أو بغير دراسة، وألا كانت خاطئة وتسببت في ضرر بالغ.

 

وهنا
تبدو اهمية الروية والهدوء، ليخرج القرار سليماً.

 

والروية
ليست عجزاً عن اصدار القرار، أو عجزاً عن البت في الأمور. إنما هي مزج لكل ذلك
بالحكمة في التصرف. فالتفكير الهادئ أكثر سلامة. والتصرف الهادئ أكثر نجاحاً.
والاجراءات الهادئة اكثر ثباتاً، وأقل تعرضاً للهزات. ومشرط الجراح، مع سرعته ليس
هو العلاج الأمثل دائماً

 

علي
أنه توجد بين السرعة والبطء درجة متوسطة أفيد.

 

السرعة
قد تكون موضع نقد، الذي ليس هو سرعة مخلة بالدراسة والفحص، وليس هو البطء الذي
يعطل الأمور طول الأناة فضيلة، أن أدي إلي نتيجة سليمة. أما إذا أسئ استغلاله، فإن
فضيلة أخي تحل محله.

 

وأيضاً
ليس البطء مرتبطاً دائماً بالوداعة. فقد يرتبط احياناً بالإهمال اللامبالاة، أو
يرتبط بالبلادة

 

كن
حكيماً إذن في تصرفك. ولا تتبع احد تطرفين. فالطريق الوسطي خلصت كثيرين. والفضيلة
كما يقولون هي وضع متوسط بين تطرفين، بين إسراف تقتير. اعط كل عمل الوقت الذي
يستحقه. وعامل كل موضوع بما ينجحه، بالسرعة أو بالتروي،حسبما يلزم

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى