علم المسيح

الفصل الثالث



الفصل الثالث

الفصل الثالث

من هو شيلوه في نبوّة يعقوب؟

 

1- شيلوه في الكتاب المقدس وتفاسيره:

سبق الله، كما بيّنا، وأعطى إبراهيم
الوعد وقطع معه عهدًا أنْ تتبارك فيه وبنسله جميع قبائل وأمم وشعوب الأرض. وأكّد
له الله أنَّ الوعد هو بإسحق، ابن الموعد، وأنَّ عهده سيقيمه مع إسحق، ومن ابني
إسحق، عيسو ويعقوب، اختار الله يعقوب ووعده أيضًا أنَّ بنسله تتبارك جميع أمم
الأرض، ومن بين أبناء يعقوب الإثني عشر إختار الله يهوذا ليأتي منه هذا النسل
الموعود والفادي المنتظر، فتنبّأ يعقوب وهو علي فراش الموت عن مستقبل أولاده
الإثنى عشر، ولمّا جاء دور يهوذا قال بالروح ”
يَهُوذَا
إِيَّاكَ يَحْمَدُ إِخْوَتُكَ. يَدُكَ عَلَى قَفَا أَعْدَائِكَ. يَسْجُدُ لَكَ
بَنُو أَبِيكَ. يَهُوذَا جَرْوُ أَسَدٍ. مِنْ فَرِيسَةٍ صَعِدْتَ يَا ابْنِي.
جَثَا وَرَبَضَ كَأَسَدٍ وَكَلَبْوَةٍ. مَنْ يُنْهِضُهُ؟ لاَ يَزُولُ قَضِيبٌ
مِنْ يَهُوذَا وَمُشْتَرِعٌ مِنْ بَيْنِ رِجْلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَ شِيلُونُ
وَلَهُ يَكُونُ خُضُوعُ شُعُوبٍ
” (تكوين49/8-10)

و” شيلوه” حرفيًا هو

שִׁילוה
– شيلوه
” ومعناها ” الذي له “، أي الذي سيكون له الصولجان
وخضوع شعوب كقول النبوّة “
وَلَهُ يَكُونُ خُضُوعُ شُعُوبٍ
” وهذا ما أشار إليه الروح القدس فى سفر حزقيال النبيّ قائلاً “
مُنْقَلِباً مُنْقَلِباً مُنْقَلِباً أَجْعَلُهُ. هَذَا
أَيْضاً لاَ يَكُونُ حَتَّى يَأْتِيَ الَّذِي لَهُ الْحُكْمُ فَأُعْطِيَهُ
إِيَّاهُ
” (حزقيال21/27).

ولكي نفهم هذه النبوة جيدًا يجب أنْ
نضع في اعتبارنا النقاط التالية:

 1- أنَّ النبوّة أصلاً ليهوذا وعن
مستقبل يهوذا وأنَّ هذا الآتي هو من سبط يهوذا، وذلك حسب تسلسل النبوّة من إبراهيم
إلى إسحق إلى يعقوب إلى يهوذا وبعد ذلك إلى داود، وحسب مضمون النبوّة نفسها،
فالحديث كله منصب على يهوذا والبركة الآتية من يهوذا.

 

2- أن النبوّة لم تقل قط، ولم تشر من
قريب أو من بعيد أن شيلوه هذا سيكون من خارج يهوذا أو من خارج بني إسرائيل، بل
أنَّ النبوّة عن يهوذا وليهوذا ومن ثمّ فلابدّ أنْ يأتي من يهوذا. وهذا واضح في
نبوّة إشعياء النبي الفائل “
وَيَكُونُ
فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَنَّ أَصْلَ يَسَّى الْقَائِمَ رَايَةً لِلشُّعُوبِ

إِيَّاهُ تَطْلُبُ الأُمَمُ وَيَكُونُ مَحَلُّهُ مَجْداً
” (أشعيا11/10
ويسي هو أبو داود النبي (
متّي1/6)، فالآتي
إذًا من نسل داود الذي هو من سط يهوذا. والذي تنبأ عنه إشعياء النبي أيضًا قائلاً
لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى
ابْناً
وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ وَيُدْعَى اسْمُهُ عَجِيباً
مُشِيراً إِلَهاً قَدِيراً أَباً أَبَدِيّاً رَئِيسَ السَّلاَمِ
،
لِنُمُوِّ رِيَاسَتِهِ وَلِلسَّلاَمِ لاَ نِهَايَةَ عَلَى كُرْسِيِّ دَاوُدَ وَعَلَى
مَمْلَكَتِهِ لِيُثَبِّتَهَا وَيَعْضُدَهَا بِالْحَقِّ وَالْبِرِّ مِنَ الآنَ
إِلَى الأَبَدِ. غَيْرَةُ رَبِّ الْجُنُودِ تَصْنَعُ هَذَا

(
أشعيا9/6-7)، والذي قال عنه الملاك للعذراء
القدّيسة مريم عندما بشّرها بميلاده “
وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ اِبْناً
وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. هَذَا يَكُونُ عَظِيماً وَاِبْنَ اَلْعَلِيِّ يُدْعَى وَيُعْطِيهِ
اَلرَّبُّ اِلإِلَهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ
إِلَى اَلأَبَدِ وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ
” (لوقا1/31-33).

 

3- أن زوال الصولجان من يهوذا مرتبط
بمجيء شيلوه، الذي له الصولجان، فهذا الصولجان لن يزول إلا بعد مجيء شيلوه، أي
يأتي شيلوه أولاً، ثمّ بعد ذلك يزول الحكم والصولجان من يهوذا وليس العكس “

لاَ يَزُولُ قَضِيبٌ مِنْ يَهُوذَا وَمُشْتَرِعٌ مِنْ بَيْنِ رِجْلَيْهِ حَتَّى
يَأْتِيَ شِيلُونُ
” (من له الصولجان).

 

4- كما أن كلمة ” قضيب ”
أو ” صولجان ” كانت تعني في فكر العلماء (الربّيّون) اليهود ”
الهوية السبطية ” أو ” العصا السبطية “
(1)
لأسباط إسرائيل الأثنى عشر، وقد ارتبطت الهوية السبطية في أذهانهم بأنّها حقهم في
تطبيق وفرض الشريعة
الموسوية
على الشعب بما في ذلك حق القضاء في الأمور الكبرى وتوقيع العقوبات
،
أي السلطان القانوني لإصدار الأحكام الكبرى مثل حكم الموت.

 

5- كما فهم
اليهود في كل عصورهم
، قبل المسيح وفي أثناء وجوده على
الأرض
، بالجسد، وبعد ذلك
وسجلوا ذلك في أهم كتبهم
، أنَّ
” كلمة
שִׁילוה
شيلو
ه” هي مصطلح خاص بالمسيح الآتي
والمنتظر(المسيّا). وأنَّ مجيء شيلوه أو المسيا سيكون
قبل
زوال الحكم من سبط يهوذا مباشرة.

(1) يقول ترجوم أونكيلوس(2)
Targum Onkelos أن ” انتقال الحكم من يهوذا لن يتوقف
من بيت يهوذا ولا الكاتب من أبناء أبنائهم حتّي يأتي المسيّا
(3).

(2) وجاء فى سيودو يوناثان Pseudo Jonathan(4) ” الملك والحكام لن
يتوقفوا
من بيت يهوذا…. حتّي يأتي الملك المسيّا“.
(5).

(3) ويقول ترجوم Yerushalymiلن يتوقف الملوك من بيت يهوذا… حتّي مجئ الملك
المسيّا
… الذي ستخضع له كل سيادات الأرض”
(6).

(4) وجاء فى التلمود البابليّ (Sanhedrin 98b)؛ قال Johanan ” لقد خُلق العالم لأجل المسيّا، فما هو
اسم المسيّا؟ تقوم مدرسة الرابّي شيلا (
Rabbi Shila) اسمه شيلوه لأنه مكتوب “ حَتَّى
يَأْتِيَ شِيلُونُ
(7).

(5) ويقول رابّي راشي RaShi إلى أن يأتي المسيا، الذي سيُعْطَى له كل الملك، فأنَّ كلّ الشعوب
ستترجّي قدومه
(8).

(6) ويقول مدراش(9)
راباه
97 Midrash Rabbah في تعليقه علي هذه النبوّة [ المسيا الملك سيأتي من سبط يهوذا كما
هو مكتوب في
إشعياء 11/10: ” وَيَكُونُ
فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَنَّ أَصْلَ يَسَّى الْقَائِمَ رَايَةً لِلشُّعُوبِ
إِيَّاهُ تَطْلُبُ الأُمَمُ وَيَكُونُ مَحَلُّهُ مَجْداً
“.
وكما جاء سليمان من سبط يهوذا، الذي بنى الهيكل الأول، وزربابل الذي بني الهيكل
الثاني، هكذا سيجئ المسيّا الملك من سبط يهوذا ليُعيد بناء الهيكل، هذا المسيّا
كُتب عنه في (
مزمور89/34-37) “لاَ
أَنْقُضُ عَهْدِي وَلاَ أُغَيِّرُ مَا خَرَجَ مِنْ شَفَتَيَّ. مَرَّةً حَلَفْتُ
بِقُدْسِي أَنِّي لاَ أَكْذِبُ لِدَاوُدَ. نَسْلُهُ إِلَى الدَّهْرِ يَكُونُ
وَكُرْسِيُّهُ كَالشَّمْسِ أَمَامِي. مِثْلَ الْقَمَرِ يُثَبَّتُ إِلَى الدَّهْرِ.
وَالشَّاهِدُ فِي السَّمَاءِ أَمِين
” ](10).

(7) ويقول مدراش راباه Midrash Rabbah 98 [ التلميح بالملك المسيا، فى قوله ”
وستخضع الشعوب له “. فالمسيا سيأتي ويجلس ليحاكم شعوب العالم ]
(11).

معنى هذا فإنَّ الهويَّة السبطية
وصولجان سبط يهوذا لن يزولا من يهوذا إلا بعد مجيء المسيح المنتظر، شيلوه، أي يأتي
المسيا، شيلوه، أولاً ثمّ يلي مجيئه زوال الحكم من يهوذا. ولم يكن سبط يهوذا مجرّد
سبط من الأسباط الإثني عشر فحسب إنما صار اسمًا للمملكة الجنوبية، مملكة يهوذا،
عند انقسام إسرائيل إلي مملكتين بعد وفاة سليمان الحكيم والملك، والتي إتخذ
اليهود، كلّ بني إسرائيل، منها أسمهم “يهود” من “يهوذا”
(12).

ولذا فالتفسير الدقيق للنبوة هو؛
أنَّ الهوية القومية ليهوذا كسبط وكمملكة والتي تتضمن الحق في تطبيق الشريعة
الموسويه وتوقيع العقوبات الكبرى، ومنها حكم الموت، على الشعب، كما هو مكتوب في
شريعة موسى، لن تزول من مملكة يهوذا، اليهود، ولا المشرع من بين رجليه إلا بعد أن
يأتي شيلوه أي المسيح (المسيا) وله يكون خضوع شعوب.

كما تؤكّد هذه النبوّة على أن شيلوه
أو المسيا سيأتي قبل أن يُحصر الحق في تطبيق الشريعة الموسوية بما فيها توقيع
العقوبات الكبري القومية ليهوذا مباشرة.

ويسجل لنا التاريخ الكتابي أنَّ
مملكة يهوذا فقدت سلطانها القومي لمدة 70 سنة أثناء السبي البابلي (من سنة 606 إلى
537 ق م)، ولكنها احتفظت بالعصا السبطية أو الهويّة القوميّة، ولم يزول القضيب من
يهوذا أثناء السبي في بابل. فقد ظلّ اليهود يحتفظون بقضائهم وسلطانهم القضائي
وتطبيق شريعتهم على شعبهم حتّى وهم في السبي.
(13)

وفي خلال القرون الخمسة السابقة
للميلاد وقع اليهود تحت نير الإمبراطوريات الفارسية واليونانية والرومانية، مثلهم
مثل بقية بلاد الشرق الأوسط، ولكنهم ظلّوا محتفظين بهويّتهم السبطيّة وحقهم في تطبيق
شريعتهم، بما فيها توقيع عقوبة الموت حتى سنة 6/7ميلادية، كما يسجّل المؤرخ
والكاهن والعلامة اليهوديّ يوسيفوس المعاصر لتلاميذ المسيح (36-100 م) في كتاباته،
فبعد موت هيرودس الكبير سنة 4 ق م ملك عرش اليهودية بدلاً عنه أبنه أرخيلاوس من
قبل أغسطس قيصر، ولكن اليهود لم يقبلوه مطلقًا فعُزل من وظيفته سنة 6 أو7 ميلادية
ونُفي إلى فيّنا بالغال ولم يحل محله أي ملك يهودي بل تحوّلت اليهوديّة في هذا
التاريخ إلى ولاية رومانيّة وحكمها أول والى رومانى اسمه
Coponius من قبل الإمبراطور الروماني أغسطس قيصر
“وانحصرت منطقة أرخيلاوس إلى ولاية رومانية وأُرْسل كابينوس كوالي روماني وقد
وضع الإمبراطور في يديه سلطان الحياة والموت”
(14)

ومنذ ذلك التاريخ ” كان الوالي
(الروماني) هو الممثل المباشر لقيصر ومسئولاً عن حكم الولاية… وكان هو أيضًا
الحاكم المحليّ والقاضي. وكان رئيس الكهنة تابعًا له ومسئولاً أمامه عن سلوك
اليهود. وكان للوالي حق تعيين رئيس الكهنة كما كان يحق له عزله. وخلال عصر الولاة
استمرّ اليهود خاضعين لقادتهم كما استمرّت المحاكم اليهوديّة المسماه بالسنهدرين
تؤدّي أعمالها. ولكن دائمًا تحت سيطرة الوالي الذي جرّد هذه المحاكم من سلطة الحكم
علي شخص بالإعدام”
(15)

فقد زال الحكم وزالت الهوية السبطية
من اليهود على أيدي الوالي الروماني. ويُسجل الكاهن والمؤرخ اليهودي يوسيفوس هذه
الحادثة التي تؤكّد أنَّ السنهدرين لم يكن له، في وجود الوالي الروماني، سلطة أنْ
يحكم على أحد بالموت؛ ” والآن عند سماع قيصر بموت فستوس أرسل البينوس (
Albinus) إلى اليهودية واليًا…وكان حنان رئيمن الكهنة مندفعا في سلوكه
وظنّ أنَّ أمامه الفرصة الآن مواتية لممارسة سلطانه. فقد صار فستوس الآن ميتا وكان
ألبينوس لا يزال في الطريق. ولذلك فأنّضه استدعي مجلس قضاة السنهدرين وأحضر أمامهم
أخا يسوع الذي يدعى المسيح والذي اسمه يعقوب وبعض الآخرين. وعندما قدم اتهاما
عليهم كخارجين عن القانون أسلمهم ليُرجموا. أمَّا الذين بدت عليهم العدالة بين
المواطنين وغير المرتاحين للتعدّي على القانون فقد اعتبروا هذا عملاً كريهًا.
ولذلك أرسلوا إلى الملك أغريباس مجندين له أنْ يُرسل إلى حنانيا يعزله لأنَّ ما
فعله مؤخرًا لايمكن تبريره، بل أنَّ بعضهم ذهب لمقابلة ألبينوس عندما كان في رحلته
من الإسكندرية وأبلغوه أنه لم يكن مخول لحنان قانونًا أنْ يعقد السنهدرين بدون
موافقته
وقد إقتنع ألبينوس بما ذكروه وكتب إلى حنان في غضب متوعدًا، أنْ
يستدعيه لمعاقبنه على ما فعل، ولنفس ذلك السبب خلعه الملك أغريباس من رآسة الكهنة
بالرغم من أنَّه لم يحكمْ أكثر من ثلاثة شهور وجعل يشوع بن دايميوس رئيسًا للكهنة
(16).

كما سجّل التلمود ردّ فعل اليهود
وحزنهم لتأكّدهم من زوال الهويّة السبطيّة من يهوذا واعتقادهم أنَّ المسيّا لم
يأتِ بعد، يقول
Augustin
Leman
في كتابه
” يسوع أمام السنهدرين مسجّلاً قول الرّابّيّ راشمان
Rabbi Rashman ” عندما وجد أعضاء السنهدرين أنفسهم محرومين من حقهم على
الحياة والموت تملّكهم رعب عام وغطوا رؤوسهم بالمسوح صائحين: ويل لنا لأن القضيب
(الصولجان) زال من يهوذا ولم يأتِ المسيّا”
(17).
كانوا يصيحون في يأس وحزن في أورشليم يبنما كان المسيّا، شيلوه، الذي له القضيب
والصولجان ينموا في مدينة الناصرة، يسوع الناصري، وكان يُظن أنه ابن يوسف النجار (
لوقا3/23).
فقد جاء شيلوه وزال الصولجان من يهوذا بعد ميلاده بالجسد بسبع سنوات.

وقد زال الحكم والصولجان من يهوذا
نهائيّا بل وزالت اليهودية نفسها سنة 70م عندما دمّر الرومان أورشليم وطردوا
اليهود عن الأرض فتشتتوا في العالم، وأكمل الرومان هذا الدمار والشتات سنة 132م
وتغيّر اسم أورشليم إلى إيلياء.

 

2- الإدعاء بأن شيلوه ليس هو المسيح!!

وبرغم من هذا التفسير الواضح والجليّ
وإيمان كلٍّ من اليهود والمسيحيّين بأنَّ شيلوه هو المسيح (المسيا) المنتظر والآتي
فقد قام بعض الكتاب من الأخوة المسلمين بمحاولات كثيرة وجهود جبارة لتطبيق هذه
النبوة على نبي المسلمين
(18).

·   
فقال الإمام شهاب الدين القرافي
(626-684ه) ” لا يُعدم سبط يهوذا ملك مُسلط وأفخاذه بنو إسرائيل، حتى يأتي
الذي له الكل “، ولم يأت من بعد الكل إلا محمد رسول الله… فيكون المراد
صونا لكلام يعقوب – عليه السلام – عن الخلل”
(19)!!

·   
وكان أول من بدأ هذه المحاولات هو
أحد علماء اليهود الذين اسلموا ويُدعى عبد السلام (في عهد السلطان اليزيد الثاني
(886-918ه)، وكانت ترجمته للنص هي: ” لا يزول الحاكم من يهوذا ولا راسم من
يين رجليه، حتى يحئ الذي له، وإليه تجتمع الشعوب “. وقال في كتابه (الرسالة
الهادية)؛ ” وفي هذه الآية دلال على أن يجئ سيدنا محمد (ص) بعد تمام حكم موسى
وعيسى، لأنَّ المراد من (الحاكم) هو موسى، لأنه بعد يعقوب ما جاء صاحب شريعة إلى
زمان موسى إلا موسى، والمراد (بالراسم) هو عيسي لأنه بعد موسى إلى زمان عيسى ما
جاء صاحب شريعة إلا محمد، فعُلم أنَّ المراد من قول يعقوب (في آخر الأيام) هو
نبينا محمد عليه السلام لأنَّه في آخر الزمان بعد مضي حكم (الحاكم) و(الراسم) ما
جاء إلا سيدنا محمد عليه السلام “
(20)!!

·   
وشايعه في ذلك الشيخ رحمة الله
الهندي في كتابه إظهار الحق
(21) ” لا
يزول الحاكم من يهوذا ولا راسم من بين رجليه حتى يجئ الذي له وإليه تجتمع
الشعوب”.
وقال إنما أراد بالحاكم موسى (ع) لأن شريعته جبرية انتقامية ومن
الراسم عيسي (ع) لأن شريعته غير جبرية ولا انتقامية والمراد بشيلون هو محمد
(ص)”!!

·   
وكانت المحاولة الثانية التي قام بها
البروفيسور عبد الأحد داود (مواليد 1867 بفارس) وهو قسّ كلداني سابق، ” الذي
فسر النبوّة هكذا ” أنَّ الطابع الملكي المُتنبئ لن
ينقطع من يهوذا إلى أن يجيء الشخص الذي يخصُّه
هذا الطابع، ويكون له خضوع شعوب “. ثم أكّد على حقيقة إيمان كلٍّ من اليهود
والمسيحيّين بأنَّ شيلوه هو المسيح فقال ”
وبالطبع لا
جدال في أنَّ كلٍّ من اليهود والنصارى يؤمنون بأنَّ هذه البركة إحدي أبرز
التنبوءات المسيحانية
“. ولكنه إتّخذ من عدم اعتراف
اليهود بالمسيح حجّة على أنَّه ليس هو المقصود في النبوّة!! وقال ” أن هذه
النبوءة القديمة جدًا قد تحققت عمليًا وحرفيًا في ” محمد “، فالتعابير
المجازيّة مثل، الصولجان، والمشرّع هناك إجماع ببن المعلقين أو الشرّاح أنَّ ذلك
معناه السلطة الملكيّة والنبوءة على التوالي”!! وأضاف زاعمًا: ” ومن
الواضح أنَّه ليس عيسي؛ لأنه هو نفسه رفض الفكره القائلة أنَّ المسيح الذي كان
تنتظره إسرائيل كان أحد أبناء داود “!!
(22) (أنظر
تعليقنا على الفقرة الأخيرة في الفصل الثامن
).

·   
ومن أكثر الكتاب الذين كتبوا في هذا
الموضوع وصار بالنسبة له عقيده ثابتة د.أحمد حجازي السقا الذى ثأثّر بما كتبه
البروفيسور عبد الأحد داود، وأخذ ما جاء في الكتاب المزّيف المدعو زورًا بإنجيل
برنابا كحقيقة ثابتة برغم كل ما كتبه الكتاب المسيحيّين والمسلمين في إثبات زيف
هذا الكتاب المزور والمليء بالخرافات التي تفوق خرافات ألف ليلة وليلة!!.

·   
فقال في تعليقه على كتاب ”
الكنز المرصود في قواعد التلمود” في التوراه يقول يعقوب – عليه السلام –
لبنيه: إن المُلك لن يزول منكم، وأنَّ الشريعة لن تزول منكم إلا إذا أتي ”
شيلون” فإنَّه إذا أتى يتسلّم الملك ويتسلّم الشريعة وتدين له أمم
الأرض بالطاعة والولاء…. ومعلوم
أنَّ المُلك لم يزل من اليهود إلاَّ علي يدّ عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – لمّا
تسلّم القدس (أورشليم) من البطريرك ” صفرنيوس ” ومعلوم أنَّ النصاري
شيعة من اليهود وطائفة. وعيسي – عليه السلام – هو آخر نبيّ فى إسرائيل

(23)!!

·   
ونقل في كتابه ” معركة هرمجدون
ونزول عيسى والمهدي المنتظر بين النفي والإثبات في التوراة والإنجيل والقرآن
” جملة ما كتبه عبد الأحد داود
(24)!!

·   
وقال في تعليقه على إحدى طبعات كتاب
” إظهار الحق “؛ ” أنَّ أمّة بني إسرائيل كانت ظاهرة في الأرض بملك
وسلطان ولها كتاب موسى إمامًا ورحمة وقد حدث لهذه الأمة ما يحدث لسائر الأمم من
الانتصارات والهزائم إلى أن جاء الإسلام واستولى على ديارهم ومزقهم. ومن زمن
موسي إلي بنيّ الإسلام كان كلّ نبيّ أتي إلى العالم كان يأتي علي شريعة موسي إلي
أنْ نُسخت شريعة موسي بشريعة محمد
ولايمكن أن نقول بزوال الملك من اليهود على
يد النصارى لأنَّ النصارى طائفة يهوديّة، ولا يمكن أن نقول بنسخ شريعة موسي
علي يدّ عيسي لأن عيسي كما حكى القرآن مصدقًا لما بين يديه من التوراة غير مهيمن
عليها وإنّما يمكننا أن نقول: ظلّ المُلك مع اليهود ينتصرون مرّة وينهزمون أخري
والشريعة فى أيديهم إلى أنْ جاء نبي الإسلام (شيلون) فتسلّم الملك والشريعة من بنى
إسرائيل
(25)!!

·   
وقال أيضًا في كتاب ” نبوّة
محمد في الكتاب المقدّس “: ” يظل المُلك في نسل يهوذا وتظل الشريعة يعمل
بها الناس في ظل الملوك من أهل يهوذا حتّي يأتي من غير اليهود من يتسلم
الملك منهم والشريعة والمراد لا يزول الملك من اليهود عامّة ولا الشريعة حتّى يأتي
النبي المنتظر، وأنَّ شيلون أو الذي له الحكم من غير أنبياء يعقوب بل من بني
إسماعيل
لأنَّ الشريعة لم تنسخ إلا على يد نبي وأن الملك لم بزول إلا على يد
نبي الإسلام”
(26)!!

·   
وفسّر المستشار محمد عزت الطهطاوي في
كتابه ” محمد نبي الإسلام في التوراة والإنجيل والقرآن “، معنى النبوة
بقوله ” والمعنى لا تزول السلطنة من بيت يهوذا والمشرع من بين رجليه أو من
صلبه وهو المسيح لأنّه من بيت يهوذا ليكون ما بينه فى الإنجيل حتّي يأتي شيلون

(أى من له الأمر) – فيكون الحكم والعمل على شريعته، ولم يتحقق هذا إلا بسيدنا
محمد…”!! ثم لخص ما سبق أن قاله عبد الأحد داود
(27)!!

·   
كما قالت د.مها محمد اعتمادًا علي ما
جاء في كلام عبد الأحد داود ” وعلي هذا فالنبوّة والسلطان سوف يتوارثان في
سلالة يهوذا حتى يأتي شخص لايكون من هذه السلالة ويأخذ التشريع والسلطان
ومن الواضح أن هذه النبوّة تعني شخصًا آخر غير السيد المسيح الذي كان من سلالة
يهوذا ” ونسبت النبوّة لنبيّ المسلمين
(28)!!

 

3- التعليق على هذه الأقوال:

نلاحظ فيما سبق من أقوال أنَّ
كتّابها حاولوا تفسير النبوّة بأسلوبهم هم وبحسب مفاهيمهم هم لا بمفاهيم الكتاب
المقدّس فغيّروا وعدّلوا في كلماتها وترجموها
بأسلوبهم
وأضافوا لها عبارات غير موجودة فيها!! وفيما أهم ملاحظتنا وتعليقنا عليها:

1)    
أنَّ بعض هؤلاء الكتاب أضافوا من
عندهم عبارة
“من غير اليهود”
التي لم يتضمّنها ولم يشرْ إليها محتوى النبوّة مطلقًا!!
بلّ
أنَّ محتوى النبوّة وما سبقها من، وما تلاها من آيات يؤكّد أنَّ شيلوه لابدّ أن
يأتي من سبط يهوذا المُتنبأ له أصلاً
.

2)    
كما أنهم خالفوا النصّ وحرّفوا معناه
وكيّفوه علي هواهم!! فنص الآية يقول: “
لاَ
يَزُولُ قَضِيبٌ
(الصولجان) مِنْ
يَهُوذَا وَمُشْتَرِعٌ
(ولا عصا سلطان)
مِنْ بَيْنِ رِجْلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَ شِيلُونُ
(شيلوه = من
له الصولجان)
وَلَهُ يَكُونُ خُضُوعُ شُعُوبٍ
(
تكوين49/8-10). يقصد صولجان الحكم والقضاة
المنفذين للشريعة الموسويّة في يهوذا، الهويّة السبطيّة، وتجاهلوا حتى ما ترجموه
هم بأنفسهم في قوله ”
لا يزول…. حتّي يجئ الذي له
“، والذي يؤكّد أنَّ مجيء هذا الآتي سيسبق زوال الحكم من يهوذا وهذا ما تم
بعد ميلاد المسيح.
وفسروا كلمة القضيب أو الصولجان ب ” الحاكم
” ليبدو وكأنَّه شخص بعينه!! وقالوا أنَّ المقصود به هو موسي!! في حين أن
القضيب أو الصولجان هو رمز للحكم.
وفسروا كلمة
” مشرع ” ب ” الراسم ” ليبدو أيضًا وكأنه شخص آخر وقالوا أن
المقصود به هو المسيح!! في حين أنَّ المقصود هنا هو تطبيق الشريعة وتأكيد الهويّة
السبطيّة، حتى يجعلون من شيلوه آخر يأتي بعد المسيح!!
وهذا لا
يتفق مع مضمون وجوهر النبوّة كما سنبيّن.
بل
وناقضوا أنفسهم عندما قالوا أن المقصود بالمشرع هنا هو المسيح، في حين يقولون
أيضًا أنَّ المسيح لم يأت بشريعة جديدة بل جاء متممًا لشريعة موسىً!! فكيف تتفق
أقوالهم المتناقضة هذه؟!!
.

3)    
وبالرغم من أنهم جميعًا أكّدوا على
أنَّ زوال الحكم والتشريع من يهوذا لن يحدث إلا بعد مجيء شيلوه
فقد
تجاهلوا حقيقة زوال الهويّة السبطيّة والقوميّة اليهوديّة بل والحكم والمملكة سنة
6/7ميلادية، أي بعد ميلاد المسيح بسبع سنوات، كما بيّنا أعلاه!!

كما زالت مملكة اليهود، التي أُقيمت علي أرض الموعد بفلسطين نهائيًا مع
دمار الهيكل سنة 70م ودمار أورشليم وطرد اليهود منها ومن فلسطين نهائيًا سنة 132م
على أيدي الرومان!!
وتشتّت اليهود وعاشوا كجماعات صغيرة مشتتة في كل
دول حوض البحر المتوسط، سواء في أروبا أو آسيا أو أفريقيا، وسكن بعضهم في الجزيرة
العربية.

4)    
كما أن من يسميهم د. السقا بالنصارى،
ويقصد مسيحي أورشليم القدس، لم يكونوا فرقة يهوديّة أو طائفة يهوديّة بل كانوا
جزءًا من المسيحيّة التي كانت الديانة الرسميّة لكل دول حوض البحر المتوسط والتي
انتشرت في الكثير من البلاد الأخرى مثل الحبشة واليمن وكل أطراف الجزيرة العربية
وما بين النهرين وفارس، الهند وغيرها.
ومن ثمّ لا
يمكن ويستحيل أن يكون خضوع القدس المسيحيّة، التي كانت مجرد مدينة من مئات المدن
المسيحيّة، لعمر بن الخطاب هو دمار مملكة اليهود!!
كما أنَّ
دمار المسلمين لليهود وطردهم من الجزيرة العربية لا يعتبر دمار لمملكة اليهود،
فمملكة اليهود كانت في فلسطين،
وقد زالت وزالت هويتهم السبطية
والقومية قبل عمر بن الخطاب بحوالي 500سنة
، وتشتتوا
في كل دول حوض البحر المتوسط التي لم يكن لهم فيها ملك ولا كان يمكن لهم أن
يمارسوا هويتهم السبطية ولا حق قضاتهم على الحياة والموت بل خضعوا لقضاء البلاد
التي تشتتوا فيها!!

5)    
أما القول بنظرية أنَّ القرآن جاء
ناسخًا للتوراة والإنجيل، بمعنى أنَّ القرآن ألغي التوراة والإنجيل!! فهذا لا وجود
له لا في المسيحية ولا في جوهر الإسلام.
فقد أجمع
العلماء المسلمون على أنَّ النسخ هو من خواص القرآن الذي يحوي في داخله الناسخ
والمنسوخ
، قال العلامة جلال الدين السيوطي في كتابه ” الإتقان في علوم
القرآن ” وفي هذا النوع (أي النسخ) مسائل: الأولى: يرد النسخ بمعني الإزالة،
وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلا
إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنسَخُ اللَّهُ مَا
يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ

(
الحج 52)، وبمعنى التبديل ومنه: ” وإذا
بدلنا آية مكان آية
” (النحل101)… الثانية: النسخ مما خصّ
الله به هذه الأمّة لحك، منه للتيسير… وأختلف العلماء: فقيل لا يُنسخ القرآن إلا
بقرآن، لقوله تعالى: “
مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ
نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا

“(البقرة: 106). قالوا: ولا يكون مثل القرآن وخير منه إلا القرآن
(30).

6)      أما
قول هؤلاء الكتاب أنَّ المسيح ” لم يترك قانونًا مكتوبًا، كذلك فإن عيسى لم
ينقض شريعة موسى بل أعلن بوضوح أنَّه قدم لتحقيقها. كما أنَّه لم يكن آخر
الأنبياء، لأن القديس بولس يتحدث بعده عن أنبياء عديدين في الكنيسة”!! ”
أمّا محمد (ص) فقد جاء بالقوّة العسكريّة، وحلّ القرآن محل الصولجان اليهودي
القديم البالي والشريعة القديمة غير العملية، التي تقوم على الرهبنة الفاسدة.
ونادى بالضوابط الأخلاقية والسلوكية للبشر”!!

وما قالوه هنا مجرّد كلام مرسل بلا
سند ولا دليل ومغالطات واضحة وعدم فهم للكتاب المقدّس!! فلم تقم اليهوديّة ولا
المسيحيّة علي الرهبنة. فاليهودية ليست بها رهبنة. والمسحية لم تقم على الرهبنة
إنما بدأت الرهبنة في مصر في القرن الرابع كنوع من العبادة النسكة الاختياريّة.
وكانت اليهودية ومازالت هي ديانة التوحيد الخالص، وكذلك المسيحيّة، ويقوم جوهر
كليهما علي قول كلٍّ من العهد القديم والعهد الجديد (التوراة والإنجيل): “
إِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ: اَلرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ
وَاحِدٌ
“(تثنية6/4
ومرقس12/29
).ولما
جاء الرب يسوع المسيح كشف للبشريّة عن حقيقة هذا التوحيد الإلهي وجوهره.

وما لم يدركه ويعرفه هؤلاء هو أن
الكتاب المقدس مبني على عدة أسس أهمّها:

1.   
أنَّ التوراة (العهد القديم) تحتوي
على وعود الله بمجيء المسيح المنتظر لفداء البشرية وعهده الذي قطعه مع إبراهيم
والذي إستمر في إسحق ويعقوب ويهوذا، وتجدّد مع داود “
قَطَعْتُ عَهْداً مَعَ مُخْتَارِي. حَلَفْتُ لِدَاوُدَ
عَبْدِي. إِلَى الدَّهْرِ أُثَبِّتُ نَسْلَكَ وَأَبْنِي إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ
كُرْسِيَّكَ.. مَرَّةً حَلَفْتُ بِقُدْسِي أَنِّي لاَ أَكْذِبُ لِدَاوُدَ.
نَسْلُهُ إِلَى الدَّهْرِ يَكُونُ وَكُرْسِيُّهُ كَالشَّمْسِ أَمَامِي
” (مزمور89/3-4، 35-36). وقد أشار إليه في مئات النبوات والرموز. وهذا ما أكّده
الربّ يسوع المسيح عندما أعلن أنَّه جاء لكي يتمّم ما كتب عنه من نبوات ورموز في
ناموس موسى والأنبياء والمزامير، كقوله “
لاَ
بُدَّ أَنْ يَتِمَّ جَمِيعُ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنِّي فِي نَامُوسِ مُوسَى
وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ
” (لوقا 24/44).

2.   
تعديل المسيح لشريعة موسى وليس
إلغائها. بل جعلها ملائمة لكل العصور،
لأن شريعة
الله واحدة وناموسه واحد لا يتغيّر
. وبمعنى أدق
قدّم المسيح شريعة موسى في ثوب جديد هو شريعة النعمة والحق وأساسها هو الإعلان عن
حبّ الله الأبدي الذي لا حدود له، الحب الباذل والرحمة، الشريعة التي تحوّل
بمقتضاها البشر من عبيد إلى أبناء الله الحيّ
وَيَكُونُ فِي اَلْمَوْضِعِ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فِيهِ
لَسْتُمْ شَعْبِي أَنَّهُ هُنَاكَ يُدْعَوْنَ أَبْنَاءَ اللهِ اَلْحَيِّ
” (هوشع1/10 ورومية9/26). وعدل شريعة موسى من شريعة القصاص إلى شريعة النعمة والحب
والسلام “
لأَنَّ النَّامُوسَ بِمُوسَى
أُعْطِيَ أَمَّا النِّعْمَةُ وَالْحَقُّ فَبِيَسُوعَ الْمَسِيحِ صَارَا
” (يوحنا1/17). وعلى سبيل المثال يقول: ” قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ
تَقْتُلْ….. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى
أَخِيهِ بَاطِلاً يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ
الْحُكْمِ
وَمَنْ قَالَ لأَخِيهِ: رَقَا يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ
الْمَجْمَعِ
وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ….

قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَزْنِ. وَأَمَّا
أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى
إمْرَأَةٍ
لِيَشْتَهِيَهَا فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ….
وَقِيلَ:
مَنْ طَلَّقَ
إمْرَأَتَهُ فَلْيُعْطِهَا كِتَابَ طَلاَقٍ
وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ مَنْ طَلَّقَ
إمْرَأَتَهُ
إِلاَّ لِعِلَّةِ
اَلْزِّنَى
يَجْعَلُهَا تَزْنِي وَمَنْ يَتَزَوَّجُ مُطَلَّقَةً فَإِنَّهُ يَزْنِي. أَيْضاً
سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَحْنَثْ بَلْ أَوْفِ لِلرَّبِّ
أَقْسَامَكَ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لاَ تَحْلِفُوا
الْبَتَّةَ….
بَلْ لِيَكُنْ كَلاَمُكُمْ: نَعَمْ نَعَمْ لاَ لاَ. وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ
فَهُوَ مِنَ
اَلشِّرِّيرِ. سَمِعْتُمْ
أَنَّهُ قِيلَ: عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ
لَكُمْ: لاَ تُقَاوِمُوا اَلشَّرَّ….
سَمِعْتُمْ
أَنَّهُ قِيلَ: تُحِبُّ قَرِيبَكَ وَتُبْغِضُ عَدُوَّكَ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ
لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى
مُبْغِضِيكُمْ وَصَلُّوا لأَجْلِ
اَلَّذِينَ
يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ
” (متي5).

3.   
وضع القواعد والضوابط الأخلاقية
والسلوكية على أساس من الوداعة والحب الخالص والتي لخّصها في قوله “
وَكَمَا تُرِيدُونَ أَنْ يَفْعَلَ اَلنَّاسُ بِكُمُ
اِفْعَلُوا أَنْتُمْ أَيْضاً بِهِمْ هَكَذَا

” (
لوقا6/31
وكان هو مثالها نموذجها “
َتَعَلَّمُوا
مِنِّي لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ اَلْقَلْبِ فَتَجِدُوا رَاحَةً
لِنُفُوسِكُمْ
“(متي11/29).

4.   
وجاء بشريعة جديدة هي شريعة الحب

وَصِيَّةً جَدِيدَةً أَنَا أُعْطِيكُمْ: أَنْ
تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضاً. كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا تُحِبُّونَ أَنْتُمْ
أَيْضاً بَعْضُكُمْ بَعْضاً
“(يوحنا13/34). بل ويقوم جوهر
تعليمه وشريعته على الحب الخالص والذي يتلخص في قول الكتاب ” الله محية
“؛ ”
مَنْ لاَ يُحِبُّ، فَهُوَ لَمْ
يَتَعَرَّفْ بِاللهِ قَطُّ لأَنَّ اللهَ مَحَبَّة

” (
1يوحنا4/8)، ” وَنَحْنُ أَنْفُسُنَا
اخْتَبَرْنَا الْمَحَبَّةَ الَّتِي خَصَّنَا اللهُ بِهَا، وَوَضَعْنَا ثِقَتَنَا
فِيهَا. إِنَّ اللهَ مَحَبَّةٌ. وَمَنْ يَثْبُتْ فِي الْمَحَبَّةِ، فَإِنَّهُ
يَثْبُتُ فِي اللهِ، وَاللهُ يَثْبُتُ فِيهِ

“(
1يوحنا4/16).

5.   
أما الأنبياء الذين تحدث عنهم القديس
بولس الرسول فقد كانوا يشكلون إحدى الدرجات في الكنيسة بعد التلاميذ والرسل. يقول
الكتاب “
فَوَضَعَ اَللهُ أُنَاساً فِي
اَلْكَنِيسَةِ: أَوَّلاً رُسُلاً ثَانِياً أَنْبِيَاءَ ثَالِثاً مُعَلِّمِينَ
ثُمَّ قُوَّاتٍ وَبَعْدَ ذَلِكَ مَوَاهِبَ شِفَاءٍ أَعْوَاناً تَدَابِيرَ
وَأَنْوَاعَ أَلْسِنَةٍ
“(1كورونثوس12/28)،”وَهُوَ (المسيح) أَعْطَى اَلْبَعْضَ أَنْ يَكُونُوا
رُسُلاً،
وَاَلْبَعْضَ أَنْبِيَاءَ، وَاَلْبَعْضَ مُبَشِّرِينَ،وَاَلْبَعْضَ
رُعَاةً وَمُعَلِّمِينَ
“(أفسس4/11). فقد كانوا أنبياء
المسيح والمسيحيّة، مثلهم مثل أنبياء اليهودية الذين أتوا بعد موسى.
كما أكّد الكتاب على أن المسيح ختام النبوة
والأنبياء وهو وإعلان الله النهائي، آخر إعلانات السماء للبشرية، فهو أسمي من
الملائكة وأعظم من جميع البشر، يقول الكتاب ”
اَللهُ،
بَعْدَ مَا كَلَّمَ الآبَاءَ بِالأَنْبِيَاءِ قَدِيماً، بِأَنْوَاعٍ وَطُرُقٍ
كَثِيرَةٍ، كَلَّمَنَا فِي هَذِهِ الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ فِي ابْنِهِ – الَّذِي
جَعَلَهُ وَارِثاً لِكُلِّ شَيْءٍ، الَّذِي بِهِ أَيْضاً عَمِلَ الْعَالَمِينَ.
الَّذِي، وَهُوَ بَهَاءُ مَجْدِهِ، وَرَسْمُ جَوْهَرِهِ، وَحَامِلٌ كُلَّ
الأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ، بَعْدَ مَا صَنَعَ بِنَفْسِهِ تَطْهِيراً
لِخَطَايَانَا، جَلَسَ فِي يَمِينِ الْعَظَمَةِ فِي الأَعَالِي

“(
عبرانيين1/1-3).

 

(1) Chuck Misster: The
Creator beyond Time and Space, Until Shilon Come

(2) ترجوم كلمة آرامية من الأصل الفارسي ” تورجمان” وهي
تعنى ” ترجم”. ويُطلق هذا المصطلح علي الترجمات الآرامية للكتا المقدّس.
وقد وُضعت هذه الترجمات في الفترة الواقعة بين أوائل القرن الثاني وأواخر القرن
الخامس قبل الميلاد. وقد أصبحت مثل هذه الترجمات أمرًا مهمًا وحيويًا بالنسبة إلي
اليهود، نظرًا لأن الآرامية حلّت محل العبرية بعد التهجير (السبي) البابلي. فمنذ
أيام عزرا، كانت تُضاف ترجمة آرامية بعد قراءه أجزاء من العهد القديم، وقد صار هذا
تقليدًا ثابتًا. ومن أشهر الترجمات الآرامية للكتاب المقدّس: ترجوم أونكيلوس لاأسفار
موسى الخمسة وحدها، وترجوم يوناثان لبقية أسفار العهد القديم” (اليهود و
اليهودية والصهيونية د.عبد الوهاب المسيري ج5).

(3)
Chuck Missler, The Creator Beyond Time and Space, Until
Shiloh Come.

(Pseudepigrapha)
(4
) كلمة سودو من
سيودوإبيجرفيا اليونانية، وتعنى المنسوبة خطأ لغير مؤلفه.

 (5) Chuck Missler, The Creator Beyond Time
and Space, Until
Shiloh Come.

(6) Ibid.

(7) Ibid. & Jerusalem Talmud, Sanhedrin,
filoi 24,

(8) عن
كتاب ” أما إسرائيل فلا يعرف ” للقمص روفائيل البراموسي ص 54 و55.

(9) مدراش من الكلمة العبرية درش، أي
استطلع أو بحث أو درس أو فحص أو محص. والكلمة تُستخدم للإشارة إلى تفسير العهد
القديم.

(10)” أما إسرائيل فلا يعرف
” ص55.

(11) المرجع السابق.

(12) أنظر (2ملوك 16/6؛ 25/25؛ عزرا
4/12؛ 4/23؛ 5/5….إلخ).

(13)
Chuck Missler, The Creator Beyond Time and Space, Until
Shiloh Come.

(14)
Jos. Jewish Wars2: 8
.

(15) عن كتاب ” محاكمة يسوع المسيح” للفقيه الإنجليزي
فرنك ج باول ترجمة إبراهيم سلامة. ص33.

(16)
Antiq. 23: 9
.

(17) Chuck Misster, Until Shiloh Come &
Jerusalem Talmode, Sanhedrie, filio 24.

(18) أنظر علي سبيل المثال، غير الكتب
التي سنذكرها في حينها؛ كتاب ” تحفة الأريب في الرد على أهل الصليب ”
للقس إنسلم تورميدا، تقديم وتحقيق ونعليق دكنور محمود على حماية، وكتاب ”
أشهد للمسيح والمسيح يشهد معي…!” لأحمد أبو الخير، وكتاب حقيقة النصرانية
من الكتب المقدسة لعلى الجوهري، وكتاب ” محمد نبي الإسلام في التوراة
والإنجيل والقرآن” المستثمار محمد عزت الطهطاوى. وذلك إلي جانب الملفات التي
وضعت على شبكة الإنترنت على مواقع مثل ” ابن مريم، وللمسيحيين فقط، والمسيحية
في الميزان، والحوار الإسلامي المسيحي، والأجوبة الجلية في الرد على المسيحية، و
Answering Christianity، ومواقع كل من: جمال بدوي، وقيس علي، وصابر علي،
وسيف الله وغيرهم!!.

(19) كتاب ” الأجوبة الفاخرة عن
الأسئلة الفاجرة في الرد على اليهود والنصارى” الإمام شهاب الدين القرافي
دراسة وتحقيق مجدي محمد الشهاوي، ص 200.

(20) كتاب ” إظهار الحق ” ج
2ص 213، والبشارات، بحوث في بشارات الكتب المقدسة بالنبي محمد (ص)؛ بشارة يعقوب
عليه السلام بالنبي محمد
arabic.islamicweb.com/christianity/-

(21) كتاب ” إظهار الحق ” للشيخ رحمة الله الهندي ج 2، ص
211-214.

(22) كتاب ” محمد فى الكتاب
المقدّس ” للبروفيسور عبد الأحد داود – ترجمة فهمي شمّا ص 79-85.

(23) كتاب
” الكنز المرصود في قواعد التلمود ” ص 84،85.

(24) كتاب ” معركة هرمجدون ونزول
عيسى والمهدي المنتظر بين النفي والإثبات في التوراة والإنجيل والقرأن ” ص
48-51.

(25) ” إظهار الحق ” الطبعة
التي قام بتحقيقها، هامش ص 518-519.

(26) كتاب ” نبوّة محمد فى
الكتاب المقدّس” ص 43-46. أنظر تعليقه على كتاب ” التوراة
السامرية” ص 398، 399.

(27) كتاب ” محمد نبي الإسلام في
التوراة والإنجيل والقرآن ” ص15،16.

(28) كتاب ” هيمنة القرآن المجيد
على ما جاء في العهد القديم والجديد ” إعداد د. مها محمد فريد عقل أستاذ
بكلية الطب بنات جامعة الأزهر ص116.

(30) كتاب ” الإتقان في علوم
القرآن ” للعلامة جلال الدين السيوطي، ج3، النوع السابع والأربعون في ناسخه
ومنسوخه، ص 27، 28
.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى