علم المسيح

خلص آخرين واما نفسه فلم يقدر ان يخلصها (مت 27: 42)



خلص آخرين واما نفسه فلم يقدر ان يخلصها (مت 27: 42)

خلص آخرين واما نفسه فلم يقدر ان يخلصها (مت 27: 42)

سؤال: إذ كان هو
المسيح فلماذا لم يخلص نفسه، حين كان الشعب واقفين ينظرون والرؤساء يسخرون منه
معهم قائلين: قد خلص آخرين فيلخص نفسه إن كان هو مسيح الله المختار حقاً. فلماذا
لم يخلص نفسه إذا كان إلهاً؟.

التعليق:
إن
صلب السيد المسيح لم يكن مجرد غلطة رهيبة، أو إساءة للعدل شنيعة، أو مهزلة قضائية
مروعة، فليس الرومان من قتلوا المسيح، ولا اليهود، بل أن المسيح هو من “وضع
حياته” وقد أكد أن له سلطاناً أن يفعل ذلك وأن يسترد حياته أيضاً (يو10: 17-18)..
فلم يكن صلب المسيح حادثاً عرضياً، بل إنه الحدث المركزى فى التاريخ كله. إنه
المفتاح الذى لابد منه لفهم المسيحية على حقيقتها، كما أنه المفتاح للأجوبة على
الأسئلة الاساسية “من أنا؟ من أين جئت؟ إلى أين أنا ذاهب؟ ولماذا؟ “.

“كان المجتازون
يجدفون عليه وهم يهزون رؤوسهم قائلين: يا ناقض الهيكل وبانيه فى ثلاثة أيام خلص
نفسك، أن كنت ابن الله فانزل عن الصليب. وكذلك رؤساء الكهنة أيضاً وهم يستهزئون مع
الكتبة والشيوخ قالوا: خلص آخرين وأما نفسه فما يقدر أن يخلصها. إن كان هو ملك
إسرائيل فلينزل الآن عن الصليب فنؤمن به. قد اتكل على الله فلينقذه الآن إن آراده.
لأنه قال أنا ابن الله” (مت 27: 39-43)، وأيضاً (مر 15: 29-33، لو 23: 35 –40).

إن هذا الادعاء ليس
بجديد؛ فقد قاله المجدفون والمستهزئون للسيد المسيح نفسه، وقد قاله الشيطان للمسيح
وقت التجربة (مت4: 3، 6).

إن المدعين هنا
“علقوا تصديقهم أن المسيح ابن الله على نزوله عن الصليب، ولكن إن كانت كل
المعجزات التى أتاها لم تبرهن لهم على صحة تلك القضية، فكيف تثبتها هذه المعجزة
الوحيدة. نعم إن المسيح لم يفعل لهم هذه المعجزة التى طلبوها، ولكن أتاهم بأعظم
منها، وهى قيامته من القبر، لأن الانتصار على الموت بعد حدوثه هو أعظم من الهرب
منه بنزوله عن الصليب، وأكثر الناس كهؤلاء المجدفين يرغبون فى مخلص لا صليب له..
ظنوا عدم تخليصه نفسه هو نتيجة عجزه واستنتجوا من هذا العجز أن كل ما أظهره من
المعجزات هو خداع وسحر لم ينتفع بها فى أشد الحاجة إليهما. فما أبعد ظنهم عن
الحقيقة، لأن علة عدم تخليص نفسه هو إرادته أن يخلص الآخرين “.والتساؤل هنا: هل
لو خلص
المسيح نفسه ونزل من على الصليب كان اليهود
يؤمنون؟

أقول بكل تأكيد: لا.
فلقد سبق أن أوضح السيد المسيح ذلك فى مثل الغنى ولعازر (لو 16: 19-31)؛ فعندما
طلب الغنى من إبراهيم أن يرسل لعازر إلى إخوته الخمسة، حتى لا يأتوا إلى موضع
العذاب، قال له: عندهم موسى والأنبياء ليسمعوا منهم. وعندما قال له: إذا مضى إليهم
واحد من الأموات يتوبون، قال له: إن كانوا لا يسمعون من موسى والأنبياء ولا إن قام
واحد من الأموات يصدقون.

بل إن قيامة لعازر من
الموت كانت، سبباً فى تآمر الفريسيين على المسيح لا سبباً فى إيمانهم به، وعند موت
السيد المسيح “القبور تفتحت وقام كثير من أجساد القديسين الراقدين وخرجوا من
القبور بعد قيامته،ودخلوا المدينة المقدسة، وظهروا لكثيرين”(مت27: 52-53).

وليس فى الكتاب ما يفيد
أن شخصاً واحداً آمن نتيجة لقيامتهم.

إن الأعمى لا ينفعه
تغيير الألوان ما دام لا يقدر أن يرى، والذين يحكمون على أنفسهم بالعمى الروحى لا
ينفعهم المزيد من الشهود ماداموا لا يريدون أن يؤمنوا “.

لقد قالوا، أو ربما
وعدوا، أنهم سوف يؤمنون به لو نزل من على الصليب، لكننا نقول بكل إيمان نحن نؤمن
به مسيحاً لأنه لم ينزل من على الصليب.

ثم نحن بدورنا نتساءل
لماذا لم يخلص المسيح نفسه؟… ونجيب:

أ – لأنه لهذا قد جاء،
وقد سبق وأخبر بذلك كثيراً (مت 16: 17،20.. الخ).

ب- لأن فى الصليب
إعلاناً لمحبة الله المتجسدة (يو3: 16).

ج- لأنه مسيح بالصليب؛
فقد أتى ليبذل نفسه فدية عن الآخرين.

د – لأنه لا يفعل
معجزاته إرضاء لرغبات الآخرين، وهو خاضع لأوامرهم وشهواتهم الكاذبة، بل يفعلها فى
الوقت المناسب ولهدف معين.

كما أننا
نتسأل هل أراد االمسيح أن يخلص نفسه ولم يقدر؟

سؤال: يعود البعض
ويتساءلون: ماهى الوسيلة التى كان من الممكن أن يلجأ إليها المصلوب فى ذلك الوقت،
والتى تتناسب مع عدله وعظمته للنجاه من الصليب؟ وما هى النتيجة التى تعود على
البشرية بعد ذلك؟

التعليق:
لو
أراد السيد المسيح النجاة من الصلب والموت، لكان هناك آلاف الوسائل التى كان فى
إمكانه استخدامها دون اللجوء للطرق التى لا تليق بعظمته وجلاله، والتى تؤدى
بالبشرية إلى الضلال. فكان يرفع إلى السماء بصورة جلية واضحة أمام الجميع، كما

فعل
مع أخنوخ (تك5: 24)، وإيليا (2مل2: 5-11).. فيتمجد الله أمام الجميع، ولا يقع
الشعب فى ضلاله كبرى.. ولكن أرادة الله كانت أن يقدم المسيح ذاته فداء للبشرية.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى