رسائل القديس أموناس

ابذلوا طاقاتكم لتخرجوا من التجارب منتصرين – وسيلة اجتياز التجارب – الرسالة التاسعة

ابذلوا طاقاتكم لتخرجوا من التجارب منتصرين – وسيلة اجتياز التجارب
الرسالة التاسعة للقديس أموناس تلميذ الأنبا أنطونيوس الكبير

إني أعلم أنكم تجاهدون بقلوبكم وقد دخلتم في تجارب كثيرة. ولكن أن احتملتموها بصبر فستنالون الفرح. لأنكم إن لم تواجهوا التجارب الخفية أو الظاهرة فلن تتقدموا أكثر في درجتكم الحالية. لأن جميع القديسين كلما كانوا يسألون لكي يزداد إيمانهم كانوا يلاقون التجارب (ولكن لا يطلبوها). لأنه كلما ينال إنسان بركة من الرب عندئذ تشتد عليه التجارب من العدو الذي يريد حرمانه من البركة التي نالها من الرب. لأن الشياطين إذ تعلم أن النفس عندما تنال البركة تنمو وتتقدم فهي تصارعها إما خفية أو علانية. هكذا عندما نال يعقوب بركة أبيه فقد بدأ يلاقي تجربة أخيه عيسو: لأن الشر ملأ قلبه ضد يعقوب فأراد أن يحرمه من البركة. لكنه لا يملك القوة ضد الحق لأنه مكتوب: ” لا تستقر عصا الأشرار على نصيب الصديقين ” ( مزمور 125: 3 )، ولهذا لم يفقد يعقوب البركة التي نالها بل قد ازدادت يوماً بعد يوم. هكذا أنتم أيضاً ابذلوا طاقاتكم لتخرجوا من التجارب منتصرين. لأنه ينبغي على كل مَن نال البركات أن يحتمل التجارب. وأنا أيضاً أبوكم قد احتملت تجارب كبيرة سواء خفية أو ظاهرة وتحملتها وتضرعت بالرجاء والرب أنقذني.

لهذا في ظروفكم يا أحبائي طالما أنكم قد نلتم بركة الرب فاعدوا أنفسكم لاستقبال التجارب حتى تجتازوها، حينئذ تتقدمون كثيراً وتزدادون في الفضائل وتنالون فرحاً عظيماً من السماء لم تختبروه من قبل.
ووسيلة اجتياز التجارب هي أن تصبروا وتصلوا إلى الله من كل قلوبكم مقدمين الشكر ومظهرين الصبر في كل شيء حتى تعبر التجربة عنكم. لأن إبراهيم كذلك جُرب وأخذ مجداً. لأنه مكتوب : ” كثيرة هي أحزان الصديقين ومن جميعها ينجيهم الرب ” ( مزمور 34: 19 ). ويقول يعقوب الرسول في رسالته: ” أعلى أحد بينكم مشقات فليُصلِ ” ( يعقوب 5: 13 ).
أنظروا كيف أن جميع القديسين عندما يُجربون كانوا يطلبون الرب. مكتوب كذلك : ” الله أمين الذي لا يدعكم تُجربون فوق ما تستطيعون ” ( 1 كورنثوس 10: 13 ).

والآن بسبب استقامة قلوبكم فإن الله يعمل فيكم لأنه لو لم يكن يحبكم لِما سمح بإدخالكم في التجارب: ” لأن الذي يحبه الرب يؤدبه وكأب بابن يُسرّ به ” ( مزمور 3: 12، عبرانيين 12: 6 )، فالتجارب إذن نافعة للمؤمنين، أما الذين لم يتذوقوا التجارب فإنه تعوزهم الخبرة فهم يلبسون مسوح الرهبان ولكنهم ينكرون معناها. ويقول القديس الأنبا أنطونيوس: [ لا يستطيع أحد أن يدخل ملكوت الله دون تجارب ]، أما بطرس الرسول فيقول في رسالته: ” الذي به تبتهجون مع أنكم الآن إن كان يجب تحزنون يسيراً بتجارب متنوعة لكي تكون تزكية إيمانكم وهي اثمن من الذهب الفاني مع أنه يُمتحن بالنار ” ( 1 بطرس 1: 6، 7 ). ويقال عن الأشجار أنها بقدر ما تصطدم بالريح بقدر ما تتأصل جذورها في الأرض وتنمو. هكذا بالنسبة لاحتمال التجارب. وفي كل الأمور استرشدوا بمعلميكم كي تنموا وتتقدموا.

ويجب أن تعلموا أنه في بداية الحياة الروحية يمنح الروح القدس الناس فرحاً حين يرى قلوبهم نقية. لكن بعد أن يعطيهم الفرح والتعزية فإنه يعود فيتخلى عنهم (يختفي قليلاً عنهم مع أنه حاضر). وهذه علامة على فاعليته وعمله في كل نفس تبحث عن الله وتخافه. فهو يذهب عنهم ويبقى قريباً منهم ليراقب إن كانوا سيبحثون عنه أم لا، لأن البعض بعد أن يتركهم الروح يتخاذلون ويقعدون دون أن يتحركوا فلا يسألوا الله أن يرفع عنهم الضيقة ويعطيهم الفرح والتعزية التي سبق أن عرفوها. وهكذا فإنه بسبب إهمالهم يُحرمون من التعزية الإلهية. لهذا يصيرون جسدانيين يلبسون زي الرهبان وينكرون معناه. هؤلاء هم عميان لا يبصرون ولا يدركون عمل الله فيهم.

أما إذا لاحظوا هذا الثقل غير المألوف، بعكس الفرح اللي كان لهم من قبل، ثم سألوا الله بدموع وأصوام فإن الرب إذ يرى أنهم يسألونه باستقامة من كل قلوبهم منكرين كل إرادتهم الذاتية فإنه بنعمته يهبهم فرحاً أعظم من الأول ويثبتهم أكثر. هذه هي العلامة التي يهبها الروح لكل نفس تطلب الرب .

عن كتاب رسائل القديس أموناس ص 37 – 40
العيد المئوي لكنيسة السيدة العذراء بالفجالة
1884 / 1984
تعريب : القمص متياس فريد + الشماس عزيز ناشد

___________
ملحوظة هامة جداً :
سنجد في كل كتابات الأب أموناس أو القديسين المحنكين والمرشدين الروحانيين أنهم لا يذكروا طلب التجارب، لأنه مكتوب ” لا تدخلنا في تجربة ” لذلك ينبه بعض الآباء على أننا لا نطلب التجارب، أما أن أتت فلنشكر الله ونسير وفق إرشادات القديس أموناس …

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى