اللاهوت النظري

منهج الجدلية المادية



منهج الجدلية المادية

منهج
الجدلية المادية

كارل
ماركس

ان
الجدل المادى قائم بمحض تعريفه على النزعة المادية، بينما يقوم الجدل الهيجلى على
النزعة المثالية فى المعرفة. ان اول من دافع عن هذا المذهب هو بدون شك ” كارل
ماركس،” و” فردريك انجليز ” ونحن نجد وصفا تاريخيا لهذه النزعة
المادية فى كتاب بعنوان راس، المال وهذا الكتاب متاثر

بنظرية
” لينين ” عن الصله بين المادية والنزعة التجريبية والنقدية فى الفلسفة

والاتجاه
المادى: هو بالطبع اتجاه وضعى اى هو يؤمن بوجود العالم المحسوس ولا يسلم بوجود
عالم اخر يفوق العالم الحسى. ولذا وجب علينا ان نذكر ان العالم الذى يعينه المذهب
المادى ليس العالم الذى تعيش فيه فى الحاضر فقط وانما هو العالم فى الماضى بالعالم
كما سيكون فى المستقبل.

 المعرفة
المادية: لابد وان تكون ادراك للمادة فى الحاضر والماضى والمستقبل ولكن الامر الذى
لا شك فيه اننا لا نعلم كل شىء عن الماضى ولا يمكن ان نتبا بالمستقبل اذن فالمعرفة
قاصدة على الحاضر فقط والمعرفة الكلية العامة الشاملة غير ممكنة من وجهة النظر
المادية وهذا هو ما يتعارض مع وجهة النظر المثالية فى المعرفة والانسان فى هذا
العالم هو جزء من هذا الكل وهو لا يستطيع معرفة اكثر من الجزء من هذا الكل وهو
لايستطيع معرفة اكثر من الجزء المحيط به والمعرفة التى تطالب بها مذهب الجدل
المادى هو المعرفة العلمية ويسلم اصحاب هذا المذهب ببعض القوانين كما سلم ارسطو من
قبل بقوانين ىالعقل فى المعرفة. نحن نجد ثلاثه قوانين يقوم عليها مذهب الجدل
المادى وهى:

 الاول:
قانون التنازع وهو قانون التدخل والوحدة بين الاضداد.

 الثانى:
قانون التحول من الكم الى الكيف ومن الكيف الى الكم.

 الثالث:
وهو الخاص ينفى النفى.

ومعنى
القانون الاول

ان
الاشياء الموجودة فى العالم تخضع لمبدا التنازع والتضاد ومعنى ذلك انه عندما نحلل
طبيعة المادة نجد ان هذه المادة ليست متجانسة ولكنها عبارة عن تركيب من عناصر
متضادة. وكذلك القوى الموجودة فى الطبيعة لا تتجه كلها فى اتجاهات مضادة فعلم
الكيمياء الحيوية وعلم الطبيعة.. الخ من سائر العلوم الاخرى تبين هذا الاتجاه
المتضاد فى تركيب وتكوين الاشياء. ونحن نستطيع ان نقارن بين النظرية المادية
ونظرية هيرقليطس فى التغير المستمر. فالتغير عند هيرقليطس هو تغير يسير من الشىء
الى الضد. وهو يفسر ان العالم يخضع لمبدا الخير ولمبدا الشر لمبدا النور ولمبدا
الظلام. اذن ففكرة التضاد وهذه ليست جديدة على التفكير الفلسفى. ولكن ماهو جديد فى
المذهب المادى انه يقوم على اسس علمية وانه يبرهن بالعلم على هذه الاضاد. اما عن
التوازن الموجود فى العالم فيفره المذهب المادى بالوحدة والتداخل بين عناصر متضاده
والوحده والتوازان والتداخل هى ظروف ناتج عن التضاد الاول.

 اذن
فالعنصر الاساسى فى تركيب المادى وفى وجود الموجودات كلها وهو التضاد لا احده
شوينا المذهب المادى تطبيق هذا القانون لى الحياة الاجتماعية التى تسير من ضد الى
اخر وسنتاول هذا الشرح فيها بعد.

 والذى
يعينا فى النظرة المادية ان كل شىء يتغير ويعنى ذلك ان كل شىء له تاريخ وكل ما له
تاريخ له ابتداء ونهاية اما الابتداء فهو دائنا نتيجة شى سابق واما النهاية فهى
ابتداء الحالة لا حقه وحتى الافكار خضع لقانون التنازع والتضاد اذ نصار الافكار
ليفسر فطرية كما يقول ديكارت وليست مثل ازليه كما يقول افلاطون وليست قوالب امه
وشامة للانه ايه كلها كما يقول كنت ولكن الافكار مرتبطة دائما بالعالم الخارجى.
وتعريف الفكرة لايكون كالتصور الارسطى انما يكون بارجاع هذه الفكرة المضادة لها.
والعناصر التى تتركب منها افكارنا هى دائما عناصر متضادة، اذا نظرنا الى تعريف
الانسان عند ارسطو نجد انه يقول عنه انه حيوان عاقل. وهذا التضاد فى نظر المذهب
المادى تجمعه فكرة الانسان وكذلك القيم الاخلاقية من خير وشر، فهى ايضا لا تخلو من
عناصر متضادة فالخيرية بظروف معينه. اذن ففكرة الخير هذه تجمع بين الضدين بين
التحديد وعدم التحديد.

 

اما
عن القانون الثانى

 الخاص
بتحويل الكيف الى كم والكم الى كيف هو قانون علمى اصيل فالعلم يهتم بالدراسة
الكيفية للاشياء فحتى علم الطبيعة او علم الهيئة والفلك كل هذه العلوم تقوم على
اساس تطيبق الرياضة والهندسة والجبر على اساس الطبيعة. وما هو جديد فى الجدل
المادى هو تطبيق هذا القانون لا فى الناحية العلمية فحسب بل فى الواحى الانسانية
والاجتماعية.

 فعلم
النفس التجريبى الحديث قائم على احصاءات وعمليات هندسية وعلم الاجتماع فقد حاول
اصحاب المذهب المادى ان يجعلون كاساس لهذا العلم وعلم الاقتصاد وهو اساس قيام
المجتمع. ودراسة الحياة الاجتماعية هى دراسة الحالات الاقتصادية الخاصة بمجتمع
معين

 

اما
عن القانون الثالث

 الخاص
بالنفى فليس معناه ان نفى النفى هو اثبات اى ان الاشياء تنتقل من مرحله اولى ثم
تنتقل الى مرحلة ثالثه هى عبارة عن نفى للمرحلة الثانية وتكون بالتالى هى العودة
الى المرحلة الاولى السابقة. انما تفسير هذا القانون من وجهه النظر المادية: ان
الكيف حين يتحول يتحول الى كم فان الكم نفسه يتحول الى الكيف وهذا الكيف عبارة عن
نفى للكيف القديم. ويقوم المذهب المادى بنقد المنطق الصورى عند ارسطو. فالمنطق
المادى يختص بالاشياء لا بالصور المجردة لهذه الاشياء وهو من حيث اهتمامة
بالموجودات شبيه بالمنطق الهيجلى. ولكن النزعة التى تسود عند هيجل. ولكن النزعة
التى تسود عند هيجل هى نزعه مثاليه بينما النزعة فى الجدل المادى هى نزعة مادية
مثالية بينما النزعة فى الجدل المادى هى نزعة مادية صرفة يحاول اصحاب المذهب
المادى تحليل التفكير الانسانى على اساس المجتمع بين الاشياء فمثلا عندما يقول شخص
معين انا الان رجل ولكن عندما كنت طفلا. فنجد فى القضية الجمع بين محمولين متضادين
فهذا الانا يحمل عليه صفات الرجوله وصفات الطفوله ولكن هل معنى هذا ان المنطق
المادى لايسلم بقوانين العقل الثلاثه التى دافع عنها ارسطو وهما قانون الهوية او
الذاتيه. وقانون التناقض والقانون الثالث المرفوع.

 يقول
اصحاب المذهب المادى ان قوانين ارسطو المختلفة المتفرعة انما هى تعبر عن جانب واحد
من الوجود لا الوجود كله فاذا قلت مثلا:

 أ
هى أ وهو قانون الذاتيه. واذا قلت بالتالى ان: أ هى لا أ وهو قانون التناقص. فكل
مايريده اصحاب المذهب المادى هو الجمع بين قانون الذاتيه وقانون التناقص. والقول
بان الا تكون الا اذا كانت فى الوقت نفسه لا أ. وفى هذه الحالة نجع ونضم القانون
الثالث المرفوع الى القانونسن السابقين فاذاتيه فى نظر الجدل المادى ليست ذاتية
مطلقة او ذاتيه عامة ولكنها مرحلة من مراحل التاريخ وكل التاريخ ما نعلم داخل فيه
التغير ةالتطور فالتغير والتضاد هو اذن الاساس فى وجود الاشياء وكل وحدة وكل توازن
لا تكون الا بين الضاد. وما لذاتيه تلا نوع من هذه الوحدة ومن هذا التوازن. والذى
يهم فى المنطق المادى هو اتصال هذا المنطق بالعلوم. فكل تقدم فى التفكير العلمى هو
تقدم فى المنطق الانسانى عامة.

 اكتشف
هيجل حقيقة التناقض فى الواقع، والمنطق والتاريخ وشك ان كارل ماركس الذى اكتشف
المتناقضات التى يزخر بها المجتمع الصناعى الحديث قد تاثر بهيجل كما تاثر بغيره من
المفكرين ويعترف ماركس نفسه ان هناك دراسات عديدة قد سبقت فلسفته العقلية والعلمية
فى تفسير الواقع.

1-
هناك دراسات اقتصادية عديدة ظهرت فى انجلترا فى نهاية القرن الثامن عشر، وقام بها
ادم سميث وريكارد وبتى. وعرضت الكثير من المشاكل الاقتصادية التى يعانى منها
المجتمع الصناعى الحديث.

2-
الفلسفات المادية التى ظهرت فى فرنسا خلال القرن الثامن عشر واوئل التاسع عشر
والتى دعا اليها هولباخ، وديدرو وهلفتيوس وفيورياح فى المانيا. وغيرهم من علماء
الرياضة والطبيعة والحياة.

3-
الدراسات التى قام بها المؤرخون الفرنسيون من امثال تيرى وجيزو عن الصراع بين
الطبقات فى المجتمعات وبخاصة اثناء الثورة الفرنسية.

4-
نقد الحياة الاجتماعية كما عرضة روسو فى مؤلفاته واراء ملتوس فى السكان.

5-
نظريات دارون فى التطور، وما يستتبعه من نظريات مادية فى تفسير وتطور حياة
الكائنات الحية.

6-
انتشار الاراء الاشتراكية الفرنسية وبخاصة، اراء سان سيمون فى الاقتصاد السياسى
الحديث وبرودون عن مشاكل الطبقة العاملة والمستقبن السياسى لطبقة البروليتاريا
وفورية عن مصير الانسان فى المجتمع الصناعى

7-
ولكن من المؤكد ان اكبر اثر يمكن ان نسجله فى هذه الفلسفة، هو اثر هيجل لانه هو
وحده الذى استطاع من قبل، ان يكشف عن معنى التناقض فى الطبيعة والانسان والتاريخ.
ولاشك ان عام 1813 عام ظاهريات الروح يعتبر عاما تاريجيا فى تصور الفكر للعالم
تصورا جديدا.ز

وسوف
نحاول ان نقدم هنا عرضا لفلسفة ماركس بوصفها فلسفة للحضارة الصناعية.

من
اعبث ان نحاول تفسير فلسفة ماركس، بعيدا عن المجتمع الصناعى الذى نبعث منه وتاثرت
بمشاكله وضاياه. ومهما كان تاثر ماركس بالجدل الهيجلى فان هذا التاثر الفلسفى
ارتبط بتاثر ماركس بالحضارة الصناعية فى عصره.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى