اللاهوت المقارن

البدع والهرطقات



البدع والهرطقات

البدع
والهرطقات

 

قال
القديس أغسطينوس:

نحن
نشكر الهراطقة والمبتدعين على كل ما قدموه من بدع وشكوك ضد الكتاب، فجعلونا
نتعمَّق في فهم الكتاب بالأكثر، ونزداد قوّة في المعرفة، ونكتشف كنوزا ما كنا
سنكتشفها

 

1- البدعة:

هى
الشيء المبتكر غير التقليدى،أى انها ابتداع حدث او شيء او مفهوم جديد فى الدين او
العقيدة بعد الاكمال،لا لاجل نقص فى العقيدة او الدين ولكن لاسباب شخصية فردية او
للحيازة على الشهرة والصيت او لاجل عدم الفهم الكامل… ويطلق على هذا الامر ايضا
كلمة هراطقة.

 

2- الهرطقة:

هى
مفرد لكلمة هرطقات وهى دخيلة على اللغة العربية من اللغة اليونانية بمعنى انتقاء
اوانتخاب لرأى ما مع تفضيلة على غيرة من الارأء، وكانت تستعمل للدلالة على مذهب من
المذاهب الفلسفية او مدرسة فكرية كما حدث عند اليونانين المتاخرين وكذلك عند
الرومان.

اما
فى مجال الدين فاصبحت تطلق على الفرق والطوائف الفكرية المختلفة داخل الدين الواحد
واصبحت تعنى الشقاق الضار بسلامة الكنيسة والتعليم الكاذب المخالف للتعليم الرسولى
واصبحت الهرطقة جريمة شنعاء يعد مؤسسها او المنتمى اليها عدوآ لللة والكنيسة.

 

3- صفات الهراطقة

1-
سالكون حسب الجسد.

2-
يستهينون بالسيادة.

3-
جاهلون.

4-
محبون للذة.

5-
خادعون للنفوس.

6-
محبون لاجرة الاثم.

7-
عقماء.

8-
ضلوا الطريق.

       

4- اشهر الهراطقة

1- سيمون
الساحر.

2- كيرنثوس.

3- نيقولاوس.

4- امونيوس
السقاص.

5- باسيليدس.

6- كربوكراس.

7- بولس
السيموساطى.

8- أريوس.

9- مكدونيوس.

10- ميلتس.

11- نسطور.

12- اوطاخى.

13- ابوليناريوس.

 

5- أقسام البدع:

1-
الحركات
والجمعيّات التي ليس فيها حدود أو مرجعيّة روحيّة واضحة (التأمّل التجاوزيّ،
الإيزوتريك)، فيكون الانضمام إليها مزدوجاً.

2-
جماعات
لها تراتبيّة واضحة وعقائد (السبتيّون، شهود يهوه) فيترك المرء كنيسته ليلتحق
كلّيّاً بها.

3-
مجتمعات
أو حركات سرّيّة وباطنيّة تتستّر على معتقداتها وتمارس الرمزيّة في طقوسها
(الماسونيّة، روزكروا).

4-
جماعات
يكون فيها المحور الأساسيّ ونقطة الارتكاز الغورو المعصوم عن الخطأ.

5-
أفراد
يتعاطون مختلف أنواع الشعوذة والسحر والتنجيم والتبصير واستحضار الأرواح والأبراج
وكلّ ما له علاقة بكشف الغيب.

 

6- أسباب انتشار البدع:

1-
القلق
من المستقبل، ممّا يشجّع ظهور “أنبياء كذبة” يعدون بمشاريع خلاص كونيّة،
ويحدّدون مواعيد لعلامات أزمنة ونهايات العالم، فيقع بمصيدتهم كلّ إنسان يبحث عن
الاطمئنان.

2-
المشاكل
الاقتصاديّة التي تدفع الفرد، هروباً من مجتمع الاستهلاك، إلى البحث عن بديل
روحيّ.

في
عصر السرعة، هناك مَن يعرض بضاعته الروحيّة ويروّج بأنّها سريعة التناول وتحمل
أجوبة روحيّة سريعة لتساؤلاته، فنقرأ في إعلان لإحدى البدع بأنّها “تعطي
السعادة الآن وسريعاً”.

3-
سوء
التربية وتفكّك العائلة، فإنّ هاتين الحالتين تشكّلان المصدر الرئيسيّ لمعظم
المآسي الاجتماعيّة التي قد تؤدّي إلى الالتحاق ببدعة ما.

4-
الهجرة
الداخليّة من الريف إلى المدينة، والهجرة إلى خارج البلاد. وهذا ما يؤدّي إلى
الانسلاخ من الجذور وفقدان العادات الدينيّة الأصيلة، بحيث يصبح المهاجر أكثر عرضة
لجميع أنواع التأثيرات وفريسة سهلة لأهل البدع.

5-
ميل
الإنسان إلى الغرابة والظواهر الخارقة والعطش الروحيّ إلى المطلق. هذه المشاعر
الإنسانيّة قد تدفع المرء إلى اختبار كلّ شيء بهدف المعرفة وتأكيد الذات، فيقع في
الفخّ.

6-
نتائج
العولمة السائدة اليوم
من شعور الإنسان بأنّه يستطيع أن يحقّق ذاته
الروحيّة بقواه الشخصيّة. من هنا تراه يقوم بتركيب ديانة خاصّة به، مرتكزاً على
المعلومات المستقاة من هنا وهناك، فينتقي (كما في السوق) الأفكار والعقائد التي تناسبه
ويخلطها بديانته الأصليّة. فيركّب ديانة خاصّة به تقوم على تناقضات جوهريّة بسبب
جهله خصوصيّة كلّ ديانة وماهيّتها، كإدخال التقمّص في المسيحيّة، وهذا ما يخالف
عقيدة القيامة التي يقوم عليها الإيمان المسيحيّ. إنّ هذا النمط من البدع أُطلق
عليه تسميات مختلفة منها “دين آلة التحكّم عن بعد” أو “السياحة
الدينيّة” أو “سوبر ماركت الأديان”.

 

7– اضرار الهرطقات

أ- اضرار
فردية:

1- الضربات
التى تصيب من احل لنفسة ان يزيد على اقوال الله.

2- الحرم من
شركة الكنيسة.

3- الدينونة
والهلاك السريع.

ب- اضرار
اجتماعية:

1- انقسام الكنيسة
وتفرق الكلمة

2- صرف جهود
الكنيسة.

3- عثرة
الضعفاء والبسطاء.

4- تعطيل رسالة
الكنيسة من كرازة.

5- تعطيل الفكر
الواحد.

6- سبب للحزن
والكراهية.

ج- اضرار
سياسية:

1- اعطت الفرصة
للخلط بين السياسة والدين.

2- اعطت الفرصة
لتدخل الملوك والاباطرة فى شؤن الكنيسة.

3- سببت
الاضطهادات.

د- اضرار
عقيدية:

1- ثورة على
الدين ومحاولة بشرية لطبع الدين بطبع النقص البشرى.

2- اهانة للذات
الالهية اذ جعل العقول البشرية الحق فى قياس الامور الالهية.

 

8– نفع الكنيسة من الهرطقات

أ- التئام وحدة
الكنيسة فى المجامع المسكونية.

ب- ايضاح
الحقائق الايمانية.

ج- ظهور ابطال
للايمان.

د- ازدياد
الثروة الادبية اللاهوتية للكنيسة من الردود اللاهوتية على الهرطقات.

 

9- بدع معاصرة

 البدعة
(
secte) هي “ممّا أُحدث على غير مثال سابق”، أو هي، بمعنى آخر،
أمر جديد غير مألوف. والبدعة، باللغات اللاتينيّة، تعني الانفصال عن الأصل. أمّا
في علم الاجتماع الدينيّ فتتضمّن معاني سلبيّة، فيُقصد بها كلّ جماعة منغلقة على
نفسها تمارس في داخلها طرق “غسل دماغ” وتلاعباً فكريّاً عند الآخر، ممّا
يؤدّي إلى تحطيم المرء تحطيماً جسديّاً وروحيّاً واجتماعيّاً، فتمنع عنه حرّيّة التعبير
أو النقد أو مجرّد النقاش. وتقتصر مسيرة المنتمين إلى هذه البدع على تقبّل الأجوبة
الجاهزة والانتقائيّة والتلفيقيّة التي يفرضها النظام العقائديّ المُنزل، والتي
غالباً ما تخلو من العمق والمنطق السليم. وتكون هذه الجماعات، في أغلب الأحيان،
تحت سلطة “غورو” (ما يوازي المرشد الروحيّ) الذي يتصرّف مع جماعته كإله
يتحكّم بمصير كلّ فرد فيها.

هناك
أيضاً أفراد من دون أن يدخلوا رسميّاً في إحدى البدع يكوّنون لأنفسهم بدعة يبشّرون
بها، إذ يميلون إلى الانعزال والتخلّي عن الكنيسة عبر ابتداع نظام فلسفيّ أو روحيّ
خاصّ بهم، ثمّ يحاولون إقناع الآخرين به. هذه الميول البدعويّة نلحظها عند مَن
يقولون بالترائيات والانخطافات والرسائل التي يتلقونها من السيّد المسيح أو من
القدّيسين، فيما يخالف تراث الكنيسة وتعاليمها.

 

10- المذاهب الهرطوقية

تقسم
إلي ثلاثة أقسام باعتبار وجه الفساد فيها وهي:

1 – مذاهب تنكر لاهوت المسيح.

من
أهل هذه المذاهب الأبيونيون والناصريون وكل من الفريقين مال ميلاً شديداً إلي بعض
العقائد اليهودية فقال الأبيونيون أن المسيح إنما كان إنساناً واعتقد الناصريون
ذلك غير أنهم سلموا بأنه حبل به علي نوع عجيب وأنه كان له مواهب خارقة العادة.
واشتهر هذا الضلال في فرقة السوسينيين في القرن السادس عشر وبين منكري التثليث
الأقنومى في القرون المتأخرة. ومن الذين أنكروا لاهوت المسيح آريوس وفرقته والتأم
المجمع النيقوي في سنة 325م لإبطال مذهب آريوس وأجمع الذين حضروا المجمع المذكور
علي القانون النيقوي دفعاً لضلال آريوس وشرحاً لاعتقاد الكنيسة لاهوت المسيح قبل
التجسد وبعده.

2 – مذاهب تنكر ناسوت المسيح.

إن
الغنوسيين أنكروا بطرق متنوعة ناسوت المسيح كما أنكر الأبيونيون لاهوته وساقهم إلي
ذلك آرائهم في أصل الشر. فقالوا إن الله هو مصدر الخير فقط وإن الشر موجود فلابد
من أن يكون أًصله خارجاً بل مستقلاً عنه تعالي وأنه سبحانه مصدر جميع الكائنات
الروحية لأن جميعها صدرت من جوهره وإن منها صدرت كائنات أخري ومن تلك صدر غيرها
وهلم جرا وكل صادر كان دون ما صدر منه فكانت درجة انحطاط الكائنات بالنسبة إلي
بعدها عن المصدر الأصلي. وقالوا أيضاً أن الشر يصدر من المادة وأن خالق العالم ليس
الله بل روح دون الله يسمي الديميورغوس قال بعض طوائف الغنوسيين أنه إله اليهود.
وإن الإنسان مكون من روح صادرة من الله متحدة بجسد مادي ونفس حيوانية وأن تلك
الروح تدنست واستعبدت يسبب هذا الاتحاد. وأن فداءها يتم بتحريرها من الجسد لأنه
يمكنها من الرجوع إلي دائرة الأرواح الطاهرة أو الغياب في الله ولأجل إتمام هذا
الفداء أتي المسيح إلي هذا العالم وهو من أسمي الكائنات الصادرة من الله. وكان
ينبغي له أن يظهر في هيئة إنسان ولكنه كان مستحيلاً أن يصير إنساناً بدون الخضوع
للفساد والعبودية اللذين أتي لينقذ البشر منهما. ولإزالة هذه الصعوبة نشأت آراء
متنوعة.

فذهب
البعض وهم الدوسيتيون إلي أن المسيح لم يكن له جسد حقيقي ولا نفس بشرية. وإن ظهوره
جسدياً علي صورة إنسان إنما كان خيالاً أو طيفاً بدون جوهر ولا حقيقة ولذلك سموا
دوستيين (وهي كلمة يونانية مشتقة من فعل معناه يظهر أو يتراءى). فحياة المسيح علي
الأرض حسب اعتقاد هذه الفرقة من الغنوسيين كانت وهماً وأنه لم يولد بالحقيقة ولا
تألم ولا مات بل كان ذلك حسب الظاهر فقط. وذهب غيرهم إلي أنه كان ذا جسد حقيقي
ولكن أنكروا ماديته أي كونه مادياً واعتقدوا أنه كان مصنوعاً من جوهر سماوي أتي به
المسيح إلي العالم وأنه وإن ولد من مريم العذراء لم يكن من جوهرها بل كانت إناء
وضع فيه ذلك الجوهر السماوي. وذهب غيرهم ومنهم الكورنثيون إلي أن يسوع المسيح
شخصان ممتازان أما يسوع فهو ابن يوسف وهو إنسان كسائر الناس وأما المسيح فهو روح
أو قوة حل علي يسوع عند معموديته وصار مرشداً وحارساً له ومكنه من صنع العجائب وفي
وقت آلامه تركه يكابد الآلام وحده ورجع إلي السماء. وربما أن الكتاب المقدس يعلن
لنا بكل بيان أن يسوع المسيح مخلص العالم هو إنسان بالحقيقة اعتبرت الكنيسة جميع
تلك الآراء الغنوسية ضلالات ورفضتها.

ومن
مذاهب الضلال من جهة ناسوت المسيح مذهب الأبوليناريين نسبة إلي أبوليناريوس كان
أسقفاً شهيراً في لاودكية وحقيقة مذهبهم هو أن الإنسان علي رأي أفلاطون مؤلف من
ثلاثة جواهر وهي الجسد والنفس الحيوانية والروح الناطقة وأن المسيح مؤلف من ثلاثة
جواهر وهي الجسد والنفس الحيوانية واللاهوت وبذلك أنكروا أن للمسيح روحاً ناطقة
كما لسائر البشر وزعموا أن اللاهوت أخذ في المسيح مكان الروح الناطقة في الإنسان.
ومما قادهم إلي هذا القول صعوبة تصور اتحاد طبيعتين كاملتين في شخص واحد. فقالوا
إذا كان المسيح الله أو الكلمة الإلهي لابد أن يكون ذا عقل غير محدود وإرادة قادرة
علي كل شئ وإذا كان إنساناً كاملاً لابد أن يكون ذا عقل محدود وإرادة بشرية فكيف
يمكن أن يكون شخصاً واحداً والحالة هذه. نعم إن ذلك مما لا يدركه العقل البشري ولكن
لا مناقضة فيه ولذلك فند التعليم الأبوليناري في مجمع مسكوني عقد في القسطنطينية
سنة 381م ورفض ثم تلاشي بعد قليل.

3 – مذاهب تنكر وحدة شخص المسيح في طبيعتين ممتازتين غير ممتزجتين أو
مختلطتين.

 اشتهر
من هذه المذاهب اثنان وهما مذهب النساطرة ومذهب الافتيخيين.

أ
– المذهب المعروف في تاريخ الكنيسة بالنسطوري وهو أن للمسيح أقنومين. فإنه لما ثبت
كمال الطبيعتين في المسيح وقع اختلاف في النسبة بينهما فقال أصحاب هذا المذهب أن
الكلمة الإلهي حل في الإنسان يسوع المسيح واتحد به اتحاداً مشابهاً لحلول الروح
القدس في المؤمن ولذلك لم يمتز المسيح عن الذين حل فيهم روح الله إلا في كونه قد
حصل علي كمال اللاهوت الذي حل فيه وشخصيته كانت بشرية محضة تحت تسلط اللاهوت الذي
كان بمنزلة شخصية أخري مستقلة. وكان نسطور القائل بهذا المذهب أديباً مشهوراً ذا
تقوي حقيقية وكان أولاً راهباً في أنطاكية ثم صار بطريركاً في القسطنطينية ونشأ
الجدال علي هذا الموضوع من محاماته عن القول بأنه لا يحق لمريم العذراء أن تسمي أم
الله كما سماها البعض. فقال إن العذراء تسمي أم المسيح ولا يجوز تسميتها بأم الله
لأنه أنكر اتحاد اللاهوت والناسوت في شخص المسيح وقال إن اللاهوت إنما حل فقط في
الناسوت. واعتقاد جمهور المسيحيين أن لاهوت المسيح غير مولود ولا مخلوق لكن في شخص
المسيح طبيعتين إحداهما إلهية وعلي ذلك يجوز تسمية العذراء بأم الله متجسداً في
شخص يسوع المسيح فهي من وجه واحد جائزة ومن وجه آخر تجديف. وأما ما عناه نسطور حسب
تقريره فكان أن الله منزه عن أن يولد وعن أن يموت وذلك صحيح باعتبار جوهر اللاهوت
المجرد عن الناسوت وأما في حال التجسد فيجوز أن نقول أن شخص المسيح مولود من مريم
العذراء وبهذا المعني فقط يحتمل تسمية العذراء أم الله. ولكن نسطور لكونه أنكر
بحسب زعم مقاوميه وحدة شخص المسيح حكم عليه في مجمع أفسس المسكوني الثالث سنة 431م
وأخيراً عزل ونفي ومات سنة 440م ورحل تابعوه إلي الشرق إلي بلاد الفرس ونظموا
أنفسهم جماعة مستقلة لا تزال إلي عصرنا الحاضر.

ب
– أما ضلال الأفتيخيين فعكس مذهب النساطرة. فإنهم أنكروا أن للمسيح طبيعتين وقالوا
أن له طبيعة واحدة فقط ناتجة من اتحاد اللاهوت بالناسوت وحكم عليهم في مجمع
خلكيدون سنة 451م.

وبعد
ذلك بنحو 200 سنة اجتهد الإمبراطور هراكليوس (الذي مات سنة 641م) أن يرد
الأفتيخيين إلي الكنيسة بوضعه قولاً متوسطاً بين الفريقين حاصله أن المسيح وإن كان
ذا طبيعتين ممتازتين لم يكن له إلا مشيئة واحدة. ودفعا لهذا القول صرح المجمع
المسكوني السادس الذي التأم في القسطنطينية سنة 681م أن التعليم الصحيح المقبول في
الكنيسة بناء علي تعليم الكتاب هو أن المسيح شخص واحد ذو طبيعتين ممتازتين وهما
اللاهوت والناسوت وبالنتيجة أن له مشيئة بشرية محدودة ومشيئة إلهية غير محدودة
وغير متغيرة.

 ومنذ
صدور هذا الحكم من ذلك المجمع توقف النزاع في هذه المسألة ولم يحدث فيها تغيير بعد
ذلك وجميع الكنائس اليونانية واللاتينية والإنجيلية قبلت الحكم علي نسطور الذي
أنكر وحدانية شخص المسيح والحكم علي أفتيخس الذي أنكر تمييز الطبيعتين والحكم بأن
الحصول علي الطبيعة البشرية يقتضي الحصول علي المشيئة البشرية وجعلت كل ذلك من
قواعد إيمانها.

تعليم
الكنيسة الإنجيلية في هذا الموضوع حسب ما ورد في إقرار الإيمان لمجمع وستمنستر؟

كان
لبعض الباحثين في أثناء القرون المتوسطة آراء متنوعة في شخص المسيح لكن لم يقاوم
أحد قانونياً أحكام مجمعي خلقيدونية والقسطنطينية. وفي وقت الإصلاح عول المصلحون
علي تعليم الكنيسة الأولي كما يتبين من قوانين الإيمان المتنوعة عندهم ورفضوا
صريحاً جميع ما رفضته تلك الكنيسة من الضلالات في شخص المسيح كالأبيونية والغنوسية
والأبولينارية والنسطورية والأفتيخية وغيرها وعلموا كل ما علمته المجامع الأولي
الستة المسكونية وما قبلته الكنيسة كلها بدون زيادة ولا نقصان. ويؤيد ذلك ما جاء
في قانون إيمان وستمنستر وهو ” أن ابن الله الأقنوم الثاني في الثالوث وهو
الإله الحق الأزلي من جوهر الآب ومعادل له لما جاء ملء الزمان أخذ لنفسه طبيعة
الإنسان مع خواصها الجوهرية وصفاتها العامة ولكن بلا خطية فحبل به بقوة الروح
القدس في مستودع العذراء مريم ومن جسدها وبذلك اتحدت طبيعتان صحيحتان كاملتان
متميزتان اتحاداً غير منفصل في شخص واحد بدون تحويل ولا تركيب ولا اختلاط وذلك
الشخص إله حق وإنسان حق بل مسيح واحد والوسيط الوحيد بين الله والإنسان” (ف 8
ر 2).

 والخلاصة
أن التعليم البسيط البليغ الخلاصى الذي يعلمنا إياه الكتاب المقدس والكنيسة بوجه
العموم هو أن ابن الله الأزلي صار إنساناً باتخاذه لنفسه جسداً حقيقياً ونفساً
ناطقة وهكذا كان ولا يزال إلي الأبد إلهاً وإنساناً

 

11فئات الهرطقات

قسم
العلامة القبطى المتنيح الأنبا أغريغوريوس الهرطقات إلى فئتين
هما هرطقات
روحية اخلاقية

و
هرطقات
لاهوتية ايمانية
كالتالى:

(أولاً) هرطقات روحية اخلاقية:

وهى
تعاليم منحرفة لا تؤمن بالتقوى المسيحية وتعدها الكنيسة إنحرافاً عن طريق القداسة
والجهاد القانونى
، مثل: (إستغلال النساء والمتع
الجنسيه فى الدين)
ومنها:

أ- تعليم
بلعام بن بعور.

أشار
السيد المسيح إلى تعليمه بلعام الردئ فى إنذاره إلى أسقف براغامس فقال: ”
ولكن عندى عليك قليل أن عندك هناك قوماً متمسكين بتعاليم بلعام الذى كان يعلم
بالاق أن يلقى معثرة أمام بنى إسرائيل أن يأكلوا ما ذبح للأوثان ويزنوا ”
رؤيا 2: 14

ويبدوا
أن بلعام قد علم بالاق ورباه، فأوعز إلى بالاق بأن خير وسيلة للعن الشعب
الإسرائيلى هى إضلاله والسعى فى إنحراف أخلاق الشعب الإسرائيلى وذلك بإستغلال
تأثير النساء والجنس، ونجح فى إسقاط الشعب الإسرائيلى فى الزنى وعبادة الأوثان
معاً ووصلوا إلى النتيجة التى كانوا يخططون إليها وهى أن غضب الرب على شعبه.

ويقول
الكتاب المقدس بعد أن أورد محاولة باراق مع بلعام فى أن يلعن شعب إسرائيل فأقام
الشعب فى بلدة شطيم، وإبتدأ الشعب ينى مع بنات موآب، ثم دعوا الشعب إلى ذبائح
آلهتهن، أكل الشعب وسجدوا لآلهتهن وتعلق شعب إسرائيل ببعل (إله وثنى) فغور فحمى
غضب الرب على إسرائيل عدد 25: 1- 3

وإستبقى
الشعب نساء المدينيات أحياء فقال لهم موسى: ” هل أبقيتم كل أنثى حية؟ إن
هؤلاء كن لبنى إسرائيل حسب كلام بلعام سبب خيانة للرب فى أمر فغور فكان الوباء فى
جماعة الرب.” عدد31: 15- 16

وأشار
إلى هذه الواقعة هوشع النبى فقال بلسان الوحى: ” رأيت آبائكم كباكورة على
تبنة فى أولها، أما هم فجاؤهم إلى بعل فغور ونذروا أنفسهم للخزى وصاروا رجساً كما
أحبوا ” هوشع 9: 10

وأشار
إليها داود الملك والنبى فى سفر المزامير بقوله: ” وتعلقوا ببعل فغور وأكلوا
ذبائح الموتى، وأغاظوه بأعمالهم فإقتحمهم الوباء ” مزمور 106: 28- 29

وأشار
إلي ما حدث بولس الرسول قائلاً: ” ولا تزن كما زنى إناس منهم فسقط فى يوم
واحد ثلاثة وعشرون ألفاً ” 1 كورنثوس 10: 8

وقد
كان محور تعليم القديس بطرس عن المعلمين والأنبياء الكذبة هو إتباع طريق بلعام فى
إستعمال النساء والجنس كوسيلة لجر البشر عن الطريق المستقيم هؤلاء المعلمين الكذبة
قد تركوا الطريق المستقيم فظلوا تابعين طريق بلعام بن بعور الذى أحب أجرة الإثم. 2
بطرس 2: 15

ويؤكد
يهوذا الرسول هذا المبدأ ويقول عن الذين إنحرفت أخلاقهم: ” ويل لهم لأنهم
سلكوا طريق قايين وإنصبوا إلى ضلالة بلعام لأجل أجرة ” يهوذا: 11 وهنا يضيف
الرسول قايين الذى قتل هابيل أخاة أى أن إنحراف التعليم والفكر الغير طاهر والبعيد
عن الحق الإلهى إنما يقودان الإنسان بعيداً عن الطريق المستقيم ويكون هدف الذين
إتبعوا هؤلاء المعلمون الكذبه هو قتل الأبرياء من الناس والإنغماس فى الشهوات
الجسدية تحت أى مسمى ظاهرى يضفى الصفة القانونية للزنى هذا هو ما فعله بلعام
وقايين قاتل أخاه.

وقال
موسى النبى: ” لا يدخل عمونى ولا موآبى فى جماعة الرب، حتى الجيل العاشر، ولا
يدخل منهم أحد فى جماعة الرب إلى الأبد.. لأنهم إستأجروا عليك بلعام بن بعور من
فتور آرام النهرين لكى يلعنك، ولكن لم يشأ الرب أن يسمح لبلعام.” تثنية 23:
3-5

ويعتقد
ان كلمة فجور العربية قادمة من كلمة فغور الذى هو إله وثنى ذكره الكتاب المقدس
بإسم بعل فغور

 

ب- بدعة
النيقولاوين.

هم
أتباع نيقولاوس الشماس. وقد أكد المؤرخون ومنهم يوسابيوس صاحب كتاب تاريخ الكنيسة
يوسابيوس – تاريخ الكنيسة – كتاب 3 ف 29 أن: ” النيقولاويين هم أتباع
نيقولاوس أحد الشمامسة السبعة الذين وقع الإختيار عليهم فى الكنيسة الأولى ليقوموا
على خدمة الموائد، وكان دخيلاً أنطاكياً كما ذكر سفر أعمال الرسل


فحسن هذا القول امام كل الجمهور فاختاروا استفانوس رجلا مملوّا من الايمان والروح
القدس وفيلبس وبروخورس ونيكانور وتيمون وبرميناس ونيقولاوس دخيلا انطاكيا. ”
أعمال 6: 5

وقد
أفصح السيد المسيح عن كراهيته لهذه الهرطقة فقال لأسقف أفسس: ” ولكن عندك هذا
أنك تبغض أعمال النيقولاويين التى ابغضها انا أيضاً ” رؤيا 2: 6 كما قال
لأسقف برغامس: ” هكذا عندك أنت أيضاً قوم متمسكون بتعاليم النيقولاويين الذى
ابغضه فتب وإلا فإنى آتيك سريعاً وأحاربهم بسيف فمى. ” رؤيا 2: 15- 16

وإعتقد
بعض العلماء ومنهم فيترنجا
Vtringa فى العصور القديمة والعالم هنجستنبرج Hangstenberg فى العصور الحديثة أن النيقولاويين هم من يتبعون تعاليم بلعام أو
تفكيرهما يقتربان من بعضهما البعض وقد أسسوا نظريتهما على أن كلمة نيقولاوس وكلمة
بلعام بالعبرانية لهما معنى واحد – ولكن بالرجوع للآية فى سفر الأعمال التى ذكر
فيها إسمه دل على أنه كان دخيلاً أنطاكياً وقد يكون إسمه ليس بالمعنى العبرانى كما
أن السيد المسيح يكلم أسقف برغامس فى سفر الرؤيا عن أن هذين المذهبين متميزين
الواحد عن الآخر.

تعاليم
النيقولاويين وفكرهم وأعمالهم:


أباحوا كل ما يذبح للأوثان.


شجعوا على العبادة الوثنية.


أتهموا أنهم أنكروا البر الإله وأنه هو الذى خلق العالم ونسبوا الخلق إلى قوى
أخرى.


نادوا بمبدأ الإختلاط بالنساء الإختلاط غير المقيد بالزوجية وعاشوا حياة خليعة
مستهترة.

والدارس
لهذه البدعة روايتين مختلفنين عن سبب نشأة هذه البدعة فيرى أبيفانيوس فى كتابه –
الرد على الهراطقة أن: ” نيقولاوس كان متزوجاً من إمرأة على جانب كبير من
الجمال وكان هائما بحبه لها، فلما أصبح مسيحياً وتعلم أن حياة العزبة أو العزوبة
(البتولية) تقود إلى القداسة أكثر من حياة الزوجية هجر زوجته وإتفق معها ‘لى أن
يعيشا مفترقين، ولكنهما عادا بعد حين وعدلا عن حياة الفرقة وإستانفا حياتهما
الزوجية معاً، إما لأنهما إقتنعا بأن إفتراقهما كان خطأ، او لأنهما لم بقوبا أن
يعيشا الواحد منهما منفصلاً عن الآخر، فلما رأى نيقولاوس أن سلوكه منتقداً أراد أن
يبرر نفسه فأخذ ينادى بتعاليم مضادة للحق والطهارة.. واسلم ذاته لحياة الشر
والخلاعة.. وإقتدى به غيره فتكونت فتكونت منه ومنهم طائفة تبعت تعاليمه وسيرته

ولم
يكن ابيفانيوس هو الوحيد له هذا الرأى ولكن ايده بعض آباء الكنيسة غير من أمثال
ايريناوس الرد على الهراطقة ك1: ف26, ف 3 وأيرنيموس وايلاريوس وترتليانس
وأغريغوريوس النيسى وأغريغوريوس الكبير وغيرهم

أما
إكليمنضس الإسكندرى فله رواية أخرى كتاب 3 من المتفرقات
Stromata
ف4: ” قيل أنه كان لهذا الرجل إمرأة صغيرة السن وجميلة فلما وبخه الرسل على
غيرته الشديدة عليها، بعد صعود المخلص أنه إستحضر إمرأته أمام المؤمنين، وطلب منها
أن يتخذها كل منهم خليلة له ”

وقد
قيل أنه فعل هذا لمبدأ كان ينادى به وهو: ” يجب على كل إنسان أن يذل الجسد
One ought to abuse the flesh وسار أتباعه على منواله ومبادئة بلا قيد فى كل شئ بدون تفكير او
مناقشة وإرتكبوا الفسق.. أما عنى أنا (أكليمنضس) فإنى أفهم أن نيقولاوس لم يعاشر
غير زوجته.. كذلك فيما يتصل بأولاده.. إن بناته كبرن وهن فى حالة البتولية، وإبنه
ايضاً إحتفظ بعقته، فلما حدث أنه أتى بزوجته التى كان يحبها ويغار عليها وجعلها فى
وسط الجميع أمام الرسل، كان ذلك منه جحوداً بأهوائة، وكان ضبطاً لنفسه فى مواجهة
اللذات التى يسارع الناس بشوق إليها، وفكره قاده إلى أن يقول: أذل الجسد
abuse the flesh.. لأنى أعتقد أنه طبقاً لأمر المخلص لم يشأ أن يخدم سيدين، اللذة
والرب، على أى حال يقول متياس أيضاً قد علم هذا التعليم: أن يحارب الجسد وأن يذل
وأن لا يستسلم بأى نوع من أجل اللذة، بل أن تنمى النفس بالإيمان والمعرفة ”
أكلمنضس – الموشيات.. كتاب 3: ف4 – فقرة 25 وما يليها

من
النصوص الكتابية السابقة يتضح أن السيد المسيح يبغض أعمال وعقيدة النيقولاويين
وأنه سيحاربهم بسيف فمه أى بالكلمة ومن دراسة فكر هذه الشيعة أو البدعة أو الهرطقة
وسواء أكان الخطأ خطأ نيقولاوس نفسه طبقاً لواية أبيفانوس.. أو خطأ أتباعه
وتلاميذه طبقاً لرواية اكليمنضس السكندرى.. فإن النيقولاوية أصبحت مذهباً وبدعه
وشيعة لها أتباع ولهذا على الكنيسة رعاة وشعباً أن:

من
يتبع المسيح يجب أن يتجنبهم، ومن كان راعياً يجب أن يناهضهم ويقاومهم وإلا فمن
يؤمن بالمسيح ويصادقهم كمن يضع نفسه مع من يبغضه السيد، أما الرعاة الذين لا
يحذرون شعبهم من شرهم سيحاسبون ويقاومونهم على وزنتهم الذى هو تعليم الشعب وتوعيته
ومقاومة الهرطقات والبدع فى اليوم الأخير لأن سيدهم دعى معلماً.

وكانت
النتيجة لمقاومة الكنيسة شعباً ورعاة أن قضت علي هذه البدعة نهائياً، لأن من رسالة
الكنيسة أن تحمى المؤمنين من شر الهرطقات والهراطقة وأصحاب الفكر الغريب وتعلن
براءة تعليم المسيح من تعاليم الهراطقة.

 

(ثانياً) هرطقات لاهوتية ايمانية:

أ- بدعة اريوس:
انكار ازلية السيد المسيح

ب- بدعة
مقدونيوس: انكار لاهوت الروح القدس.

ج- بدعة نسطور:
انكار ان تسمى العذراء بوالدة الالة.

د- بدعة اوطاخى:
ذوبان الطبيعة البشرية فى الطبيعة الالهية

و- بدعة انبثاق
الروح القدس: من الاب والابن.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى