اللاهوت المقارن

الحوار بين الأنجليكان والكنائس الأرثوذكسية الشرقية



الحوار بين الأنجليكان والكنائس الأرثوذكسية الشرقية

الحوار
بين الأنجليكان والكنائس الأرثوذكسية الشرقية

الأنبا
بيشوى

 

اللجنة
الرسمية الدولية للحوار بين الأنجليكان

والكنائس
الأرثوذكسية الشرقية
*

إتشميازين المقدسة، أرمينيا، 5-10 نوفمبر 2002

كريستولوجى

 

مقدمة

فى
عام 1990 كان بإمكان المنتدى
Forum الثانى لممثلى الكنائس الأرثوذكسية الشرقية والكنائس الأنجليكانية
الذين اجتمعوا فى دير الأنبا بيشوى بوادى النطرون فى مصر أن يقدموا العبارة
التالية: الله كما ينكشف لنا فى حياة وتعليم وآلام وموت وقيامة وصعود يسوع
المسيح يدعو شعبه إلى الوحدة معه. وإذ يعيش شعبه الخاص بالروح القدس فإنهم أعطوا
السلطان أن يعلنوا هذه البشارة للخليقة كلها.

 

كما
تمكن المنتدى أيضاً من أن يقترح أن التوصل إلى إتفاقية كريستولوجية بين الأرثوذكس
الشرقيين والأنجليكان الآن هو أمر ممكن، آخذين فى الاعتبار العمل اللاهوتى
التفصيلى الذى قام به ممثلو العائلتين الأرثوذكسيتين فيما بين عامى 1964 و 1971
والذى نتج عنه نص إتفاقية عام 1989، والعمل الذى تم فى حوار برو أورينتا غير
الرسمى، وأيضاً فى تاريخ التقارب الكريستولوجى بين الكنائس الأنجليكانية والكنائس
الأرثوذكسية الشرقية. والآن علينا أن نضيف إلى ذلك نص الاتفاقية بين الكنائس
المصلحة والكنائس الأرثوذكسية الشرقية دير بيرجن، نذرلاند (هولاندا) 13 سبتمبر
1994.

 

وقد
تناولنا هذا العمل فى الاجتماع الأول للجنة الرسمية الدولية للحوار بين الأنجليكان
والأرثوذكس الشرقيين فى إتشميازين المقدسة بأرمينيا من 5-10 نوفمبر 2002، التالى
لاجتماع اللجنة التحضيرية الذى عقد فى ميدهرست بانجلترا من 27-30 يوليو 2001. وقد
تم ذلك فى روح الخدمة للمسيح القائم والبشرية التى جاء ليفديها. إن عملنا يدرك
حضور المسيح مع الذين يعانون فى تاريخ الإنسانية المأساوى، ويعبر عن الأمل فى
إنسانية جديدة والأمل فى المجد حينما نشترك مع المسيح فى القداسة. وإن رغبتنا
للاتحاد بالمسيح فى داخلنا كانت هى امتيازنا فى هذا العمل الفاحص والمتعاون لنمسك
بشخص يسوع المسيح معاً (1 يو 1: 1).

 

بعد
الاستماع إلى الأوراق المقدمة فى اجتماعنا ودراسة بعض الوثائق المناسبة أمكننا أن
نتفق على النص التالى:

 

1.
نحن نؤمن أن ربنا وإلهنا ومخلصنا يسوع المسيح هو ابن الله الوحيد الذى تجسد وتأنس
فى ملء الزمان من أجلنا ومن أجل خلاصنا. الله الابن المتجسد، الكامل فى لاهوته
والكامل فى ناسوته، مساو للآب فى الجوهر بحسب للاهوته ومساو لنا فى الجوهر بحسب
إنسانيته. لأن هناك اتحاداً قد تم إنشاؤه من طبيعتين. لذلك فإننا نؤمن بمسيح واحد
وابن واحد ورب واحد. [على أساس صيغة إعادة الوحدة 433 م].

 

2.
متتبعين تعليم أبونا المشترك القديس كيرلس السكندرى يمكننا أن نعترف معاً بأنه فى
الطبيعة الواحدة المتجسدة لكلمة الله، تستمر طبيعتان متمايزتان فى الوجود بغير
إنفصال أو تقسيم أو تغ
يير أو إختلاط.

 

3.
وفقاً لهذا المعنى الخاص بالاتحاد غير الممتزج، فإننا نعترف أن القديسة العذراء هى
والدة الإله، لأن الله الكلمة تجسد وتأنس، ومنذ اللحظة الأولى للحبل به وحّد بنفسه
هذا الناسوت التام الذى اتحذه منها بلا خطية. أما بخصوص العبارات الخاصة بالرب فى
البشائر والرسائل، فإننا نعى أن اللاهوتيين يفهمون بعضها بطريقة عامة على أنها
تطبق على شخص واحد، وبعضها الآخر يميزونها على طبيعتين، ويشرحون أن ما يناسب
الطبيعة الإلهية يخص لاهوت المسيح أما ما هو من النوع المتضع فيخص ناسوته. [على
أساس صيغة إعادة الوحدة 433 م، أى رسالة البطريرك يوحنا الأنطاكى إلى البابا كيرلس
السكندرى، والتى رد عليها البابا كيرلس السكندرى مقتبساً منها هذه الفقرات].

 

4.
أما بخصوص الأربعة صفات التى تستخدم لوصف سر الاتحاد الأقنومى وهى: “بغير امتزاج”
(اختلاط)
asyngchtos) “بغير تغير” (atreptos) “بغير
إنفصال” (
achoristos) و”بغير تقسيم” (adiairetos) فإن الذين يتكلمون بيننا عن طبيعتين فى المسيح هم محقون فى ذلك
طالما أنهم لا ينكرون وحدتهما غير المنفصلة وغير المنقسمة: وهكذا فإن الذين
يتكلمون بيننا عن طبيعة واحدة للكلمة المتجسد فإنهم محقون فى ذلك طالما أنهم لا
ينكرون استمرار الوجود الفعّال (الديناميكى) للطبيعة الإلهية والطبيعة الإنسانية
فى المسيح بغير تغيير وبغير اختلاط. ونحن ندرك محدودية كل اللغة اللاهوتية وما
تستخدمه أو استخدمته من التعبيرات الفلسفية. ولا تستطيع أن نحيط ونحدد سر عطاء
الله التام لنفسه بتجسد الكلمة الإلهى باتحاد لا ينطق به ولا يعبر عنه وسرى بين
اللاهوت والناسوت، الذى نسجد له ونعبده.

 

5.
يتفق كلا الجانبين على رفض التعليم الذى يفصل أو يقسم الطبيعة الإنسانية، كلا من
نفس وجسد المسيح، عن طبيعته الإلهية، أو ينقص اتحاد الطبيعتين إلى مستوى الاتصال
ويحد الوحدة إلى وحدة أشخاص، وبالتالى ينكر أن شخص يسوع المسيح هو شخص واحد مفرد
لله الكلمة. “يسوع المسيح هو هو أمساً واليوم وإلى الأبد” (عب 13: 8)
كما يتفق كلا الجانبين على رفض التعليم الذى يمزج الطبيعة الإنسانية فى المسيح
بالطبيعة الإلهية، فتمتص الأولى فى الأخيرة، وبالتالى تنقطع عن الوجود. لذلك فإننا
نرفض كلا من هرطقة نسطور وأوطاخى.

 

6.
فى التقليد الأنجليكانى للقرن السادس عشر يشهد ريتشارد هوكر بمطابقة مستمرة لهذه
الأمور. ففى الكتاب الخامس لقوانين السياسة الكنسية
Laws of Ecclesiastical Polity، الجزء 5 ه، يؤكد على السر الضرورى فيما يخص شخص المسيح بقوله: “ليس
فى مقدور الإنسان أن يعبِّر بصورة تامة، أو أن يتصور، كيف حدث (التجسد)”.
“فى المسيح حقيقة الله والجوهر الكامل للإنسان ترسخا فى توافق تام فى كل
العالم حتى زمان نسطور”. ويجادل هوكر بقوله أن الكنيسة بحق دحضت أى تقسيم فى
شخص المسيح. “المسيح هو شخص إلهى وإنسانى فى آن واحد، ومع ذلك فهو إذن ليس
شخصين فى واحد، كما أن هاتين (الطبيعتين) ليسا بمعنى واحد، لكن شخصاً إلهياً لأنه
هو شخصياً ابن الله، وإنسان، لأنه كان له بالحقيقة طبيعة أبناء البشر”. (
Laws 52.3) “بناء عليه يكون ما يلى ضد نسطور، أنه ليس هناك شخص ولد من
العذراء لكن ابن الله، ليس شخص آخر بل ابن الله الذى تعمد، ابن الله أدين، ابن
الله وليس شخص آخر صلب. هذا الواحد يشير إلى العقيدة المسيحية بأن القيمة المطلقة
وغير المحدودة لابن الله هى نفسها أساس كل ما نؤمن به بخصوص الحياة التى عاشها
المسيح والخلاص الذى تألم فيه كإنسان فى عقيدتنا” (
Laws, 52.3). فى الرأى التالى لتعليم القديس كيرلس يدافع هوكر من رسالة
القديس كيرلس على وحدة شخص المسيح، بينما يدحض أى تفسير أوطاخى لهذه الوحدة.
فيقتبس هوكر من رسالة القديس كيرلس إلى نسطور وهو يصدّق على قول القديس كيرلس فيما
يلى: “لقد حيكت طبيعتاه الواحدة فى الأخرى، وفى قربهما هذا كانا غير قابلتين
للاختلاط والتفريق. فإن التحامهما لم يلغى الفرق بينهما. لم يصر الجسد إلهاً لكنه
استمر جسداً، رغم أنه أصبح الآن جسد الله” (
q. Laws 53.2).

 

7.
إننا نتفق على أن كلمة الله تجسد بأن وحَّد الطبيعة الإلهية غير المخلوقة بطاقاتها
ورغباتها الطبيعية، مع الطبيعة الإنسانية المخلوقة بطاقاتها ورغباتها الطبيعية.
وبأن وحدة الطبائع طبيعية أقنومية حقيقية وتامة. وأن التمايز بين الطبيعتين هو فى
الفكر فقط. فذاك الذى يريد ويعمل هو دائماً الأقنوم الواحد للكلمة المتجسد بإرادة
شخصية واحدة. وفى التقليد الأرمينى للقرن الثانى عشر كتب نرسس صاحب النعمة
graceful ما يلى: “إننا لا نظن أن الإرادة الإلهية تضاد الإنسانية
والعكس. كما إننا لا نفكر أن إرادة الطبيعة الواحدة كانت مختلفة فى الأوقات مختلفة،
فأحياناً تكون الإرادة إلهية حينما كان يريد أن يبين قدرته الإلهية، وأحياناً كانت
الإرادة إنسانية حينما كان يريد أن يظهر تواضعه الإنسانى”.

 

8.
إن الوحدة التامة بين اللاهوت والناسوت فى الكلمة المتجسد، أساسية لخلاص الجنس
البشرى. “لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكى لا يهلك كل من
يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية” (يو 3: 16). فقد أخلى ابن الله ذاته وصار
إنساناً خالياً تماماً من الخطية حتى يحول إنسانيتنا الخاطئة إلى صورة قداسته. هذه
هى البشارة التى نحن مدعوون لنحياها ونعلنها.

 

9.
كما أننا نتنبه إلى اهتمامات الكنائس الأرثوذكسية الشرقية بخصوص كريستولوجية
الكنيسة الأشورية فى المشرق، كما تتضح من حواراتهم الرسمية وغير الرسمية مع
الكنائس الأخرى. فهناك اهتمام خاص يقلق الأرثوذكس الشرقيين بأن الأشوريون يعتبرون
شخص وتعاليم كل من ديودور الطرسوسى وثيئودور المبسويستى ونسطور أرثوذكسية،
وبالتالى يوقرونهم فى ليتورجيات كنيستهم.

واهتمامات
الأرثوذكس أيضاً اتجهت بصفة خاصة إلى تقرير مؤتمر لامبث 1998، الذى أشار إلى الموافقة
على كريستولوجية الكنيسة الأشورية على أساس تقارير وقرارات مؤتمر لامبث
and 20.21 08.63/64 لعامى 1908 و1920. فقد لاحظنا أن تقرير مؤتمر
لامبث لعام 1930 لم يذكر عام 1998. بينما لجنة الكنائس الشرقية فى كنيسة أنجلترا
قامت بأعمال كريستولوجية تمهيدية بين عامى 1908 و 1912 بخصوص الكنائس الأرثوذكسية
الشرقية والكنيسة الأشورية، لكن هذه الأعمال لم تصل إلى نص إتفاق كرستولوجى.
وبخصوص الكنيسة الأشورية فإن مؤتمر لامبث فى تقريره لعام 1930 ذكر ما يلى: “لم
يكن ممكناً، لظروف سياسية وغيرها، أن نحصل على النص المعتمد رسمياً الموصى به فى
عام 1920، هل بسبب أن السلطات الكنيسة الحالية فى الكنيسة الأشورية لازالت متمسكة
بموقف عام 1911”. لذلك فإن الأنجليكان يطالبون اللجنة الدائمة الأنجليكانية
الخاصة بالعلاقات المسكونية (
IASCER) أن تأخذ فى الاعتبار هذه التحفظات اللاهوتية للأرثوذكس الشرقيين
فى أى عمل كريستولوجى مع الكنيسة الأشورية فى المشرق، والتى وفقاً لتقارير مؤتمر
لامبث لعام 1988 سوف تكون فى المناقشات المحلية والإقليمية. وأى نتيجة لهذه
المناقشات يجب أن يتم تقييمها بواسطة
IASCER، ومؤتمرات لامبث فى المستقبل فى ضوء هذه الاتفاقية الكريستولوجية.

 

10.
إننا نقدم هذا النص إلى سلطات الكنائس الأرثوذكسية الشرقية والأنجليكان للنظر وعمل
اللازم.

 

نيافة الدكتور جيوفرى روول                      نيافة
المطران بيشوى

الرئيس
المشارك الأنجليكانى       الرئيس المشارك للأرثوذكس الشرقيين



*   الترجمة
العربية لنص الاتفاقية الكريستولوجية مع الأنجليكان

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى