اللاهوت المقارن

4- التعليم الحالى لكنيسة المشرق الأشورية



4- التعليم الحالى لكنيسة المشرق الأشورية

4
التعليم الحالى لكنيسة المشرق الأشورية

على
الرغم من الاتفاقية الكريستولوجية الموقعة بين إحدى كنيستى المشرق الأشوريتين
(كنيسة البطريرك دنخا) وكنيسة روما الكاثوليكية، والتى لنا عليها الكثير من
التحفظات، فإن هذه الكنيسة الأشورية استمرت فى توقير والدفاع عن التعليم
الكريستولوجى لديودور الطرسوسى وثيئودور الموبسويستى ونسطور بطريرك القسطنطينية فى
ليتورجياتها. هذه الحقيقة واضحة فى نصوص ليتورجياتهم وفى الأوراق المقدمة من
مطارنتهم ولاهوتييهم فى الحوارات اللاهوتية التى عقدت ونشرت فى الآونة الأخيرة.
وفى نفس الوقت استمروا فى مهاجمة وإدانة المجمع المسكونى الثالث فى أفسس 431م
والقديس كيرلس السكندرى.

 

أ)      قال المطران
الأشورى باواى سورو
Bawai Soro، وهو السكرتير العام للجنة العلاقات الكنسية وتطور التعليم
فى كنيسة المشرق الأشورية، فى مقالته الافتتاحية بمركز نحو الوحدة
Centro-Pro Unione فى روما، فى المؤتمر الذى رتبه أخوة
الكفارة الفرانسيسكان
the
Franciscan Frairs of the Atonement
،
بمشاركة الجمعية المسكونية للمباركة العذراء مريم، والذى انعقد فى 26 أكتوبر 1998
عن المريمية فى الحوار المسكونى بين الكنيسة الكاثوليكية وكنيسة المشرق الأشورية،
والذى تم نشره فى المجلة نصف السنوية لمركز نحو الوحدة فى خريف 1998 وفى مجلة
الكاثوليك الدولية بتاريخ مايو 1999 صفحة 224، 225، قال فى بداية حديثه ما نصه
[1]:

 

The condemnation of Nestorius
and his teachings at the Council of
Ephesus (431) declared a fissure in the lives of our Churches
for centuries. Today this seemingly insurmountable theological rupture has been
overcome by the Common Christological Declaration of November 1994. No longer
will the cries of Theotokos be used as a source of division; and now the
appellation Christotokos can finally have its proper dignity
.

 

This centuries long antagonism between the Greco-Roman Church and the
Church of the East grew out of a dispute which arose over the proper employment
of Mariam terminology, namely, Theotokos and Christotokos, in describing the
Incarnation of our Lord Jesus Christ. Of course, it was an
ecclesio-political dispute between the Sees of
Alexandria and Constantinople that eventually manifested itself in the theological
contention and personality clash between Cyril of
Alexandria and Nestorius of Constantinople, at the Council of Ephesus (431). This dispute
ignited one of the most disruptive and destructive controversies in
Christendom, which spread throughout the entire Church in the
Persian Empire. This horrible history indicates the importance of our subject matter
and the need to treat differing views with charity and the need to seek
understanding of the divergent formulations used by different peoples in
different cultures and places.”

 

وترجمته
كما يلى:

“إن
إدانة نسطور وتعاليمه فى مجمع أفسس 431 أبرز شقاً فى حياة الكنائس لقرون. واليوم
وبواسطة هذا الإعلان الكريستولوجى المشترك فى نوفمبر 1994 تم تخطى هذا التمزق اللاهوتى
الذى كان يبدو كما لو كان لا يقهر. لن تعد صرخات الثيئوتوكوس تستخدم كمصدر للانقسام،
والآن التسمية خريستوتوكس ستنال أخيراً كرامتها الواجبة.

 

عداء
القرون هذا بين الكنائس اليونانية-البيزنطية وبين كنيسة المشرق، نتج عن خلاف نشأ
بسبب تطبيق التسميات الخاصة بمريم وبالتحديد ثيئوتوكوس وخريستوتوكوس، فى وصف تجسد
ربنا يسوع المسيح. بالطبع كان هذا الخلاف كنسى-سياسى بين كرسى الإسكندرية وكرسى
القسطنطينية، ظهر أخيراً فى صورة نزاع لاهوتى واحتدام شخصى بين كيرلس بطريرك
الإسكندرية ونسطور بطريرك القسطنطينية فى مجمع أفسس 431
. هذا الخلاف أشعل
واحدة من أكثر الصراعات تمزيقاً وهدماً فى المسيحية، وانتشر فى كل كنائس
الإمبراطورية الفارسية.
هذا التاريخ الرهيب يدل على أهمية موضوعنا والحاجة إلى
معالجة وجهات النظر المخالفة بمحبة، والحاجة إلى السعى نحو فهم الصياغات المختلفة
التى يستخدمها أشخاص مختلفون فى حضارات وأماكن مختلفة.”

 

ب)    قدم نفس
هذا المطران الأشورى باواى سورو ورقتين فى الحوار السريانى الثالث الذى عقد فى
يوليو 1997 فى شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية ونظمته مؤسسة برو أورينتا
الكاثوليكية، دافع فيهما عن شخص وتعليم كل من نسطور وثيئودور الموبسويستى:

 

1.           
نسطور[2]

فى
صفحة 6 تحت عنوان “نسطور اللاهوتى – فكر ومضمون” كتب المطران
الأشورى باواى سورو ما يلى بخصوص نسطور:

“فى
كتابه بازار هيراكليدز الدمشقى
[3] قدّم نسطور العديد من العبارات اللاهوتية التى توضح فكره بصورة
متسعة وتشهد لإيمانه بالرب القائم. وفى صموده على أساسه اللاهوتى، وضع نسطور ست
إنكارات وتأكيدين
[4] أول التأكيدات هو ما يلى: “إن أساس هذه الوحدة هى فى أشخاص
اللاهوت والناسوت المجتمعين، أى فى الشخص المعلن للمسيح المتجسد، الذى يعنى شخص
الاتحاد.”
[5]

 

وفى
صفحة 9 من نفس الورقة كتب ما يلى:

“حينما
يتكلم نسطور عن أخذ وإعطاء شخصى الطبيعتين، فإن الديناميكية متبادلة
ومنعكسة بالتمام، ونتيجة هذا التبادل هو الوحدة المطلقة، التى تجعل من شخصى
اللاهوت والناسوت
واحداً فى شخص يسوع المسيح.”
[6]

 

2.           
ثيئودور الموبسويستى[7]

فى
صفحة 6 من ورقته اقتبس من كتابات ثيئودور الموبسويستى ما يلى:

“هنا
[فى حالة المسيح] إذا كان كل منهما [أى الطبيعتين]
* إبناً ورباً بالطبيعة، فإنه من الممكن أن نقول ابنين وربين، وفقاً
لعدد الأشخاص
، لكن الواحد هو ابن ورب بالطبيعة والآخر ليس إبناً ولا رباً
بالطبيعة، نحن نؤمن أن الأخير أخذ هذه (الصفات) خلال وحدة عن كثب مع ابن الله
الوحيد الكلمة، وبهذا نتمسك بأن هناك ابن واحد؛ ونفهم بأن الواحد الذى هو بالحقيقة
ابن ورب هو الذى يملك هذه (الخواص) بالطبيعة، ونضيف فى فكرنا الهيكل الذى سكن فيه
والذى سوف يبقى فيه دائماً وبدون انفصال نتيجة للاتحاد غير المنفصل بينه وبين
[الهيكل] وبسببه نؤمن أنه هو
[8] نفسه ابن ورب.[9]

 

كما
إننا حينما نقول “آب، وابن، وروح قدس” فإننا بذلك نسمى اللاهوت الذى
يتعين أن نبدأ منه الدين وأن نعتمد، هكذا أيضاً إن قلنا “ابن” فإننا
نشير إلى الطبيعة اللاهوتية للابن الوحيد بينما بحق نتضمن أيضاً فى فكرنا الإنسان
[10] الذى اتخذ لصالحنا والذى فيه عرف الله الكلمة وكرز به وهو
الآن فيه، بينما الآب والروح القدس ليسا بعيدين عنه، لأن الثالوث لا ينفصل،
ويتكون من طبيعة واحدة غير مادية وغير محدودة.”
[11]

 

يتضح
جداً من هذا التعليم أن ثيئودور علّم بشخصين فى يسوع المسيح، الواحد هو ابن (الله)
ورب بالطبيعة والآخر ليس ابن (الله) ولا رب بالطبيعة. وهو يضيف الثانى إلى الأول
فى الفكر فى وحدة أشخاص (الاتحاد البروسوبونى أى الشخصانى) الذى يجعل الأخير يأخذ
صفات الأول من خلال هذا الاتحاد الكثيب. أى أن الرجل يسوع يأخذ كرامة كونه
يدعى ابن (الله) ورب.

 

لقد
كنت مراقباً فى جلسات الحوار الذى تم فى شيكاغو وتناقشت مع المطران باواى سورو عن
مفهوم الأشخاص فى المسيح وكيف يكون التمايز بينها فى الفكر فقط. فقال
“كما أنكم (الأرثوذكس الشرقيين) تقبلون اتحاد طبيعتين فى طبيعة واحدة متجسدة
لله الكلمة والتمايز بين الاثنين هو فى الفكر فقط، هكذا نحن أيضاً نعتبر أن هناك
شخصان يكونان شخص الاتحاد الواحد والتمايز بينهما فى الفكر فقط.” وهنا قلت له
بما أننا لا نذيب الطبيعتين بعد الاتحاد هكذا لا تستطيعون أنتم أن تذيبوا الشخصين
فى شخص واحد بعد الاتحاد، فيستمر الشخصان فى الوجود فى الوحدة حتى وإن كان التمايز
بينهما فى الفكر فقط. وبالتالى فإنه سوف يكون فى السماء أربعة أشخاص بدلاً من
ثلاثة أشخاص الثالوث القدوس.

 

الحوار
كله بالإضافة إلى المناقشات تم تسجيلها على شرائط فيديو وأحتفظ بها فى مكتبى.
وجدير بالذكر أن المطارنة واللاهوتيين الأشوريين قاموا بتقديم الآراء النسطورية فى
يوليو 1997 بعد توقيع الاتفاقية الكريستولوجية المشتركة مع كنيسة روما الكاثوليكية
فى نوفمبر 1994.

 

وفى
نفس الورقة كتب المطران باواى سورو ما يلى:

“إن
علاقة ثيئودور بكنيسة المشرق كانت أصلاً نتيجة لاستخدام تفاسيره الإنجيلية كقواعد
للتفسير الكتابى فى مدرسة نصيبين. هذه الأقوال وغيرها تمت ترجمتها للسريانية
واستمرت معيارية فى مدرسة نصيبين التى تأسست فى نهاية القرن الخامس. وكان يتم
إعداد لاهوتيى ودارسى الكنيسة الفارسية لللقيام بعملهم بجعلهم يتعرفون بدقة على
أساليب وتحاليل ثيئودور، وحينما أعلن منشور يوستنيان إدانة ثيئودور عام 543، قوبل من
الأساقفة الفرس بازدراء تام. وفى مجمع 544 الذى رأسه الكاثوليكوس مار آبا الأول
أكد الأساقفة ولاءهم وتقديرهم “لمفسر الأسفار”
[12] وجعلوا كتاباته القاعدة الرسمية للتعليم الأرثوذكسى. هذا التأكيد
تم تدعيمه لاحقاً بواسطة إصدار حرومات ضد من يسب الرجل أو كتاباته.”
[13]

 

بالإضافة
إلى ذلك، فإنه فى الحوار السريانى الأول لبرو أورينتا فى فيينا يونيو 1994، قدم
المطران باواى سورو ورقة مشتركة مع الخورى إبسكوبس م. ج. برنى
M. J. Birnie بعنوان “هل لاهوت كنيسة المشرق نسطورياً؟”

 

فى
هذه الورقة شرح كيف أن الكنيسة الأشورية على الدوام تذكر نسطور وأيضاً ديودور
الطرسوسى وثيئودور الموبسويستى فى صلواتها وتحتفل بهم فى أعياد خاصة. وقال أنه إذا
كان السؤال المطروح هو بخصوص توقير كنيسته لنسطور واستمرارها فى ذلك فإن الإجابة
واضحة. وأقتبس ما يلى مما كتب:

 


إن ليتورجيات الكنيسة تذكر نسطور بصورة غير منقطعة فى صلواتها، مع ديودور الطرسوسى
وثيئودور الموبسويستى فى ليطانياتها
litanies. ويبرز التقويم “تذكار المعلمين اليونانيين الثلاثة”،
وقائمة الآباء “الغربيين” تتضمن وتؤكد على نفس اللاهوتيين الثلاثة. وإذا
كان السؤال هو “هل توقّر كنيسة المشرق نسطور وتستمر فى استخدام مفرداته
اللاهوتية؟ فالجواب واضح.”



[1]
Magazine Catholic International, May 1999, p.224, 225

[3]
Nestorius, The Bazar of Heracleides, ed. G.R. Driver and Leonard
Hodgson (Clarendon Press: Oxford, 1925). Along with Sipioni and Chestnut, I
consider the LH to be an authentic work of Nestorius. Much of the argument in
The Bazaar of Heracleides is in the form of a dialogue between (1) Nestorius
and an imaginary opponent Superianus, (2) Nestorius and Cyril. The book reveals
a strong personality and helps us to know the man and his teaching
.

[4]
Ibid., xxxii.

[5]
Bazar, 23, 89, 218, 245f., 260-261.

[6]
Ibid, 166-167

*  ملاحظة
هامة
:علينا أن نلاحظ أن هذا الشرح بين الأقواس [ ] هو إضافة أضافها المطران باواى
سورو حتى يعطى إنطباع أن ثيئودور كان يكتب بخصوص الطبائع، بينما من الواضح أن
ثيئودور كتب عن الأشخاص إذ أنه قال “لأن كل منهما كان ابن ورب بالطبيعة”
وتعبير “كل منهما كان ابن” لا توافق الطبيعة لأن “ابن” ليس
طبيعة بل شخص.

[8]
it is difficult to connect this pronoun with its proper antecedent subject,
he (the Word) or temple. The thrust of his argument would lead one to believe
that, because of the union, we may believe the temple also to be, in the union,
both son and Lord.”

[9]
Theodore, VIII, 90-91

[10]
i.e., the complete and unimpaired human nature

[11]
Ibid.,VIII, 92

[12]
Synodicon Orientale, J.-b chabot (Paris, 1902), p.550

[13]
Ibid., pp. 138,176-178, 210-211.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى