اللاهوت المقارن

الكتاب المقدس والتقليد



الكتاب المقدس والتقليد

الكتاب
المقدس والتقليد

“أكتب إليكم واعظاً أن تجتهدوا لأجل الإيمان
المسلم مرة للقديسين” (يهوذا 3)

تؤمن
كنيسة روما أن الكتاب المقدس موحى به من الله، وأنه معصوم من كل خطأ، إذ أنه كلمة
الله. ولكنها تؤمن أيضاً أن التقليد مساو لقيمة الكتاب المقدس من الناحية المرجعية.

بعد
صعود المسيح بمئات السنين كان الكتاب المقدس هو الدستور الوحيد لإيمان كل
المسيحيين. ولكن على مر القرون وجدت كنيسة روما حاجتها لإدخال بعض القوانين والنظم
التي تخدم مصلحتها، فلجأت عام 1546 إلى إعلان مساواة هذه القوانين (المعروفة
بالتقليد) للكتاب المقدس. والتقليد بحد ذاته ليس ضرورياً لإسناد “الإيمان
المسلم مرة للقديسين” لأن الإيمان المسيحي الحقيقي موضوع بطريقة مبسطة جداً
في كلمة الله. ولكنه ضروري لدعم تعاليم الدخيلة في الدين المسيحي.

مقالات ذات صلة

ففي
سنة 1546 التي أعلنت فيها روما مساواة التقليد والكتاب المقدس، أعلنت أيضاً أن كتب
الأبوكريفا هي جزء من كلمة الله بالرغم من أن اليهود، الذين أخذت الكنيسة منهم
أسفار العهد القديم، لم يعتبروها كذلك، ولا نظروا لها نفس نظرتهم للتوراة التي
يقبلونها موحاة من الروح القدس. وهذه الكتب المزادة على الكتاب تحتوي على بعض
الأساطير والخرافات، وتتناقض وروح باقي الأسفار الإلهية، لأنها غير موحى بها وليست
جزءاً من كتاب الله.

لاحظ
إلى من سلم الإيمان، “أكتب إليكم واعظاً أن تجتهدوا لأجل الإيمان المسلم مرة
للقديسين”. وهذا يعني إلى كل الذين يؤمنون بالمسيح رجالاً ونساء على حد سواء،
وإلى كل الذين يحبون الرب ويحفظون وصاياه وذلك لأن رسالة يهوذا لم تكتب إلى جماعة
أو كنيسة معينة بل هي لكل المؤمنين على مر العصور. وكانت نتيجة الجهود التي بذلها
المسيحيون الأولون في حفظ الإيمان المسلم إليهم أن قدموا إلى العالم كتاب العهد
الجديد، الذي ساهم عدد من المبشرين والرسل في كتابته في مدة ال95 سنة التي تلت
مولد المسيح. وهكذا نرى أن إيمان الأخوة الأولين كان بالكتاب المقدس باعتباره كلمة
الله الموحى بها.

كان
طلب القديس يهوذا أن “يجتهدوا لأجل الإيمان المسلم مرة للقديسين”. وهذا
الإيمان هو كيان الإنجيل الحقيقي الظاهر في خطة الخلاص، التي أعلنت لهم من خلال
كتابات الرسل والتلاميذ الموحى بها من الروح القدس، التي أعلنت لهم من خلال كتابات
الرسل والتلاميذ الموحى بها من الروح القدس، والتي يتضمنها الآن العهد الجديد. وهي
الحقيقة الوحيدة للإيمان المسيحي. وبما أن هذا الإيمان سلم مرة واحدة للقديسين،
وهو إيمان كامل غير منقوص ومتضمن في كلمة الله التي هي الكتاب المقدس، فيلزم أن
نقبل هذا الكتاب كحكم نهائي لإيماننا، ولا يمكن بأي طريقة أن نقبل شيئاً يزيد أو
ينقص من كلمة الله الكاملة.

ولكن
كنيسة روما تقول إن الكتاب المقدس يأمرنا أن نتمسك بالتقليد وذلك باعتمادها على
هذه الآية: “فاثبتوا إذاً أيها الأخوة وتمسكوا بالتعاليم التي تعلمتموها،
سواء كان بالكلام أم برسالتنا”. (2 تسالونيكي 2: 15) لماذا إذاً لا نقبل
التقليد؟ إن الجواب على هذا السؤال واضح وبسيط، وهو أن التقليد الموجود حالياً هو
تقليد اصطنعته كنيسة روما على مر العصور وفيه ما يناقض الكتاب المقدس.

لقد
أدان المسيح تقاليد البشر حين قال لليهود: “وأنتم أيضاً لماذا تتعدون وصية
الله بسبب تقليدكم؟” (متى 15: 3) وفي مكان آخر: “وباطلاً يعبدونني وهم
يعلمون تعاليم هي وصايا الناس. لأنكم تركتم وصية الله وتتمسكون بتقليد الناس”
(مرقس 7: 7، 8) وقال الرسول بولس: “انظروا أن لا يكون أحد يسبيكم بالفلسفة
وبغرور باطل حسب تقليد الناس حسب أركان العالم وليس حسب المسيح” (كولوسي 2:
8).

إن
المثل الأعلى للحياة المسيحية متضمن في كلمة الله المكتوبة بالروح القدس، وكل ما
يتناقض مع هذه الكلمة لا أساس له. لأن الكتاب لا يمكن أن يكون غير كاف أو
متناقضاً، وبالتالي فهو دستور الحياة المسيحية الوحيد. والله يحثنا أن ندرس الكتاب
وأن نقلب صفحاته عسى أن نسلك في النهج القويم في كل حين، كما قال المسيح:
“فتشوا الكتب لأنكم تظنون أن لكم فيها حياة، وهي التي تشهد لي” (يوحنا
5: 39). ويقول بولس: “كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع للتعليم والتوبيخ
للتقويم والتأديب الذي في البر، لكي يكون إنسان الله كاملاً متأهباً لكل عمل صالح”
(2 تي 3: 16، 17).

وقال
لتلميذه تيموثاوس:

“تعرف
الكتب المقدسة القادرة أن تحكمك للخلاص بالإيمان الذي بالمسيح يسوع” (2 تي 3:
15). فالكتب المقدسة هي الوحيدة التي تكمنا للخلاص. “وكان هؤلاء أشرف من
الذين في تسالونيكي، فقبلوا الكلمة بكل نشاط فاحصين الكتب كل يوم: هل هذه الأمور
هكذا؟” (أعمال 17: 11) إن المسيحي يستطيع أن يحصل على هذه الدرجة السامية من
الأخلاق عن طريق دراسته للكتاب المقدس.

“إلى
الشريعة وإلى الشهادة. إن لم يقولوا مثل هذا القول فليس لهم فجر” (أشعيا 8:
20) وعندما تتكلم الكنيسة الرومانية عن التقاليد المناقضة لكلمة الله وشريعته فليس
لها فجر.

قال
يسوع “السماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول” (متى 24: 35).

“يبس
العشب، ذبل الزهر، وأما كلمة إلهنا فتثبت إلى الأبد” (أشعيا 40: 8) سوف تزول
التعاليم والتقاليد ولكن كلمة الله تثبت إلى الأبد.

“فتشوا
في سفر الرب واقرؤوا” (أشعيا 34: 16)

“طوبى
للذي يقرأ وللذين يسمعون النبوة ويحفظون ما هو مكتوب فيها، لأن الوقت قريب”
(رؤيا 1: 3).

إن
الله يبارك الذين يقرؤون كلمته المقدسة كل يوم. وبهذا العمل وبإرشاد الروح القدس
نتعلم الحق، ونشعر بقرب وجود الله منا ورعايته لنا التي تتجدد في كل مطلع نهار.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى