اللاهوت المقارن

24- تفسير الصديق يسقط سبع مرات ويقوم



24- تفسير الصديق يسقط سبع مرات ويقوم

24- تفسير الصديق يسقط سبع مرات ويقوم

من
الآيات التي يستخدمها بعض الكاثوليك في محاولة لإثبات المطهر، قول الكتاب في سفر
الأمثال:


الصديق يسقط سبع مرات ويقوم” (أم24: 16).

صدقوني
لقد تعجبت جداً، حينما قرأت في كتاب (المطهر) للأب لويس برسوم مجرد استخدام هذه الآية،
وأيضاً تحليله لها بقوله:

 


إن السقوط الذي تذكره الآية، هو السقوط في بعض الهفوات.. والنقائص الصغيرة.. التي
تعيب ولاشك الإنسان الصديق.. إلا أنها لا فقده برارته (بره) ” إلى أن يقول:

 


والآن لنفرض أن الموت قد داهم هذا الصديق، قبل أن يكفر عن كل سقطاته السبع التي
أرتكبها في يومه.. فماذا يكون مصيره؟ ترى أيزج به الله في جهنم النار؟! كلا بالطبع،
لأنه بار وصديق، وواضح أن سقاته غير قاتلة. فماذا إذن؟ أيعفو عنه، ويدخله من فوره
السماء والحياة الأبدية؟! الجواب كذلك كلا. لأن عدالة الله تطالب بحقها كاملاً
لآخر فلس ” ثم يقول: “وبالتالي، فلا مناص من الإلقاء به في سجن مؤقت،
حتى يؤدي ما بقي عليه من دين! وهذا السجن المؤقت هو المطهر “!

 

الرد:

تصوروا
يا أخوتي أن الصديق البار، الذي لا يزال محتفظاً ببره، لابد أن يلقى في النار،
ويكابد عذاب المطهر، ويدخل سجناً مؤقتاً من أجل بعض هفوات، لابد أن يكفر عنها،
ويؤدى ما بقى عليه من دين!!

 

هل
هذه هي البشارة المفرحة التي نادى بها الإنجيل؟ هل هذه هي بشرى الملاك وقت ميلاد
المسيح ” ها أنا أبشركم بفرح عظيم، يكون لكم ولجميع الشعب، أنه قد ولد لكم
اليوم مخلص هو المسيح الرب” (لو2: 10، 11).

 

وإذا
كان الصديق البار، سيدخل النار من أجل هفوات، إن دهمه الموت فجأة، إذن فجميع الناس
سيذهبون إلى النار!!

 

أتستطيع
أن نقول إن هذه هي عقيدة المسيحية؟! أين إذن عقيدة الخلاص الذي قدمه المسيح؟! وأين
الكفارة والفداء؟ وما عمل الدم الكريم المسفوك على الصليب؟ هل كل هذا ينسى تماماً،
ولا يبقى سوى أن الإنسان لابد أن يكفر بنفسه عن أعماله، لابد أن يدخل النار، حتى
عن الهفوات!!!

 

إن
هذا المطهر ليس فقط يعطى أسوأ صورة للحياة بعد الموت.. بل آسف إن قلت: إنه يسئ إلى
صورة الله نفسه.

 

الله
الحنون العطوف الطيب، الذي قال عنه الرسول ” الله محبة” (1يو4: 7). الله
الذي أعطانا المحبة التي تطرح الخوف إلى خارج” (1يو4: 18). الله الذي يقول
حتى في العهد القديم ” هل مسرة اسر بموت الشرير- يقول السيد المسيح الرب- إلا
برجوعه عن طرقة فيحيا” (حز18: 23).

 

الله
المحب هذا، يصورونه لنا بأنه يفاجئ بالموت إنساناً باراً وصديقاً ليلقيه في نار
المطهر من أجل هفوات!!!

 


أبهتي أيتها أن تكون هذه المسيحية التي بشر بها المسيح، وبشر بها الرسل والآباء..
والمسيحية التي قال فيها السيد المسيح الرب ” ما جئت لأدين العالم، بل لأخلص
العالم” (يو12: 47). والتي قال فيها المرأة المضبوطة في ذات الفعل ” ولا
أنا أدينك. أذهبي ولا تخطئي أيضاً” (يو8: 11).

 

هل
كل ذلك دفاع عن العدل الإلهي؟! اطمئنوا، العدل الإلهى قد وفي حقه على الصليب..
ومادام الإنسان قد تاب خطاياه إلى حساب المسيح، فيمحوها بدمه، ولا تبقى عليه دينونة
بعد. إن الله ليس مخيفاً بهذه الصورة، التي يقدمها هذا الأب الكاثوليكي للناس..
وعدله ليس سيفاً نارياً مسلطاً على رقاب الناس، يهددهم بالنار وبالعذاب والعقوبات،
حتى على الهفوات. وصفات الله لا يتعارض مع بعضها البعض، ولا تنفصل عن بعضها البعض
فهو عادل، وهو أيضاً رحيم، والصفتان غير منفصلين، بحيث يقول: عدل لله، عدل رحيم
كما أن رحمته عادلة، استوفت على الصليب. والعجيب أن هذه الآيه التي أستخدمها
المؤلف، لا تقول فقط إن الصديق يسقط سبع مرات، بل تقول ” ويقوم”. وقد
أغفل المؤلف كلمة ” ويقوم”. فهو سبع مرات، لأن كل إنسان معرض للسقوط.

 

ولكنه
في كل مرة يسقط، يقوم مباشرة، لأنه صديق. وفي قيامة من سقطته، ينال المغفرة
بالتوبة (أع3: 19).

 

ولا
يبقى عليه دين، لأن الله نقل عنه خطيئته، فلا يموت (1صم12: 13).. نقلها إلى حساب
الحمل الذي يحمل خطايا العالم كله.. فهو لا يكفر عن خطاياه السبع، لأن الكفارة
وجودة هناك على الجلجثة هناك، تستطيع أن تمحو خطايا الكل..

 

وهذا
البار الصديق أما نفعته الصلاة على الراقدين في شئ؟!

 

وإن
كانت هذه الصلاة لا تشفع حتى في هفوات وسهوات الأبرار والصديقين، فما لزومها إذن؟!
وما نفعها لغيرهم ممن لم يصلوا إلى مستواهم براً وصدوقية؟! أما يكون هذا التفسير
المطهرى هجوماً على هذه الصلاة، يشجع أخوتنا البروتستانت على إنكارها، ويصبح عثرة
لهم.

 

رحمة
بطقوس الكنيسة أيها الأخوة. رحمة بصلواتها. ولا تبنوا عقيدة بهدم عقيدة أو عقائد
أخرى..

 

كل
هذه التفسيرات الخاطئة في موضوع المطهر كانت عثرة لأخوتنا البروتستانت.

 

فثاروا
على الأعمال جملة، وعلى أنواع الإمانة. بل حتى على بعض ثمار التوبة من إنسحاق وحزن
ودموع وإذلال في المزمور الخمسين ” أردد لى بهجة خلاصك” (ع12). ومع أننا
لا نوافق على بهجة الخلاص بدون الندم والانسحاق النفس وإذلالها، إلا أننى أقول:

 

إن
هذا الإتجاة البروتستاتنى، هو رد فعل للمطهر و(للغفرانات).

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى