اللاهوت المقارن

21- تفسير آية لا تُغفَر له في العالم، ولا في الدهر الآتي



21- تفسير آية لا تُغفَر له في العالم، ولا في الدهر الآتي

21- تفسير آية لا تُغفَر له في العالم، ولا في
الدهر الآتي

محاولة
أخرى يستخدمها أخوتنا الكاثوليك لثبات المطهر، هي قوله عن الذي يجدف على الروح
القدس إنه “لا تغفر له في هذا العالم، ولا في الدهر الآتى” (متى12: 32).

 

ويستنتجون
من هذا وجود مغفرة في الدهر الآتى، ويقولون إن هذه المغفرة تتم في المطهر!!

 

وورد
حول هذه الآية في ملحق الترجمة اليسوعية الكتاب المقدس (طبعة سنة 1951 ص488).
“وفي هذا القول إشارة إلى أن من الخطايا ما يغفر في الدهر الآخر، وهو برهان
قاطع على وجود المطهر. وذلك أن الخطية لا تغفر في السماء، حيث لا يدخل أدنى دنس،
ولا في الجحيم يتطهر فيه الإنسان من الخطايا العرضية التي لا تستوجب جهنم، ولا
يدخل صاحبها السماء ما لم يتطهر منها.

 

نلاحظ
أن الرب قال ” في الدهر الآتى “، ولم يقل في المطهر. كلمة الدهر تدل على
زمان، وليس على مكان.

 

أما
المغفرة في هذا الدهر فتتضح من قول الرب ” كل ما تربطونه على الأرض يكون
مربوطاً في السماء. وكل ما تحلونه على الأرض يكون محلولاً في السماء” (متى18:
18). وقوله ” من غفرتم له. ومن أمسكتم خطاياه أمسكت” (يو20: 23). وفي
العلاقات الشخصية “اغفروا يغفر لكم” (لو6: 37).

 

ولكن
ما معنى المغفرة في الدهر الآتي:

 

لا
يعنى المطهر إطلاقاً، فالسيد لم يذكر كلمة مطهر في كلامه. ولم يوجد أحد من الآباء
الأول، فسر هذه الآية على أنها مغفرة في المطهر، فلم تكن عقيدة المطهر الكاثوليكية
قد ظهرت بعد..

 

فلذلك
كل تفاسير الأباء الأول لا تسند عقيدة المطهر.

 

لا
في هذه الآية، ولا في كل الآيات الأخرى التي يحاول الكاثوليك الاعتماد عليها..
وكذلك كل ما ورد في التقاليد القديمة.

 

وإنما
المغفرة في الدهر الآتى تفسر على أمرين.

 

1-
أولهما حالة إنسان لم تتح له فرصة لنوال مغفرة على الأرض:

 

كإنسان
كان في غربة، ولم يجد كاهناً يعترف عليه وينال منه حلاً. ولكنه كان تائباً. هذا
ينال المغفرة في الدهر الآتى، أو تعلن له تلك المغفرة التي لم يسمع ألفاظها بأذنيه،
وإن كان أحسها في قلبه.أو سائح من السواح
hermit- anchorite
كان يعيش في وحدة لا يرى فيها وجة إنسان، لمدة سنوات من هذا العالم. هذا ينال
المغفرة أو تعلن له في الدهر الآتى. أو إنسان أساء إلى شخص، وندم على ذلك، وعزم من
كل قلبه أن يذهب إليه ويصالحه ويعتذر إليه، ونسمع منه قد غفر له إساءته. ولكنه مات
قبل ذلك أثناء غربة أو سفر. هذا ينال هذه المغفرة في الدهر الآتى.

 

2-
النوع الثاني إنسان حرم من الكهنوت ظلماً، ومات محروماً. هذا ينال المغفرة في
الدهر الآتى.

 

وما
أسهل أن يقع هذا الظلم، من أشخاص أو حتى من مجامع. ويحدث إما أن الكنيسة تراجع
نفسها في الأمر وتحاليل الشخص بعد موته، بعد سنوات أو في دهر آت. وإما أن الله
الذي يحكم للمظلومين، يغفر لهذا الشخص في الدهر الآتى، مادام قد حرم ظلماً..

 

3-
وعلى العموم فإن المغفرة في الدهر الآتى لا تكون بمظهر.

 

تكون
مغفرة من مراحم الله، التي تقبل التوبة، والتى ترفع ظلماً قد وقع، والتى تعرف ظروف
الإنسان، كالغربة مثلاً، أو السياحة في الجبال. فيغفر الرب بتحويل خطية هذا التائب
إلى دم المسيح، دون أن يدخله إلى المطهر، أو يعرضه لعذاب.. فالمغفرة والتعذيب لا
يتفقان!

 

4-
أما من يجدف على الروح القدس، فلا يغفر له هذا الدهر، ولا في الدهر الآتى.

 

وهكذا
نكون قد قدمنا تفسيراً لهذه الآيه، بدون التعرض إطلاقاً لموضوع المطهر الذي لم
يتعرض له الرب نفسه. ولا يجوز آيات الكتاب فوق ما تعنى، ولا أن يفرض عليها شخصي،
ما كان صاحبة ليفرضه لو عاش في القرن الحادي أو الثاني عشر، قبل مجمع ليون ومجمع
فلورنسا.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى