اللاهوت المقارن

الفصل الأول



الفصل الأول

الفصل الأول

تاريخ بدعة الخلاص في لحظة وخطورتها

2- تاريخ هذه البدعة

الكنيسة طوال القرون الخمسة عشر الأولى في
اعتقادها بالكهنوت والأسرار الكنسية والتقاليد، ما كانت تؤمن مطلقاً بأن الخلاص
يتم في لحظة فالخلاص يتم بدم المسيح، ولكن عن طريق الأسرار المقدسة التي وضعها
الله في كنيسته بالروح القدس العامل فيها، والتى يمارسها رجال الكهنوت.

 

واستمر الأمر هكذا، إلى قيام البروتستانتية
بقيادة لوثر، في بداية القرن السادس عشر للميلاد.

 

مارتن لوثر كان راهباً كاثوليكيا، وكان كاهنا.
ثم اصطدم بالكنيسة الكاثولكية، رغبة في اصلاح الأخطاء التي كانت سائدة وقتذاك.
فحرمته الكنيسة وقطعته من الكهنوت. وهنا بدأت المشكلة في دورها الخطير.. الذي
ينبنى أساسا وقبل كل شئ، على كيف تعيش البروتستانية بدون كهنوت، وبالتالى في
موضوعنا هذا كيف ينال الناس الخلاص، بعيدا عن عمل الكهنوت؟

 

لوثر وجماعته في حياته ومن بعده ما كانوا
يستطيعون أن يمارسوا أى عمل من أعمال الكهنوت. الكنيسة قطعتهم من الكهنوت،
فليقطعوا هم أيضا الكهنوت من كل أعمال الكنيسة! وهكذا أنكروا الكهنوت، وأنكروا
سلطة الكهنوت، ونادوا بأنه لا يوجد سوى كاهن واحد في السماء وعلى الأرض هو يسوع
المسيح. وقد قمنا بالرد على هذه النقطة في كتابنا (الكهنوت).

 

كذلك قامت البروتستانتية بالغاء كل ما وضعه رجال
الكهنوت بسلطانهم الكهنوتى. وقالوا إنهم يعتمدون على الإنجيل وحده: لا قوانين
كنسية، ولا قرارات مجامع مقدسة، ولا تقاليد كنسية، ولا أقوال آباء..

 

ولم توافق البروتسسانتية أن تكون الكنيسة وسيطة
في نوال الخلاص، ولا في أية علاقة بين المؤمن وإلهه واعتبرت هذه العلاقة مجرد
علاقة فردية، ولا دخل للكنيسة ولا للكهنوت فيها..!

 

وكما ألغت هذه الوساطة على الأرض، ألغت أيضا في
عقيدتها كل وساطة أخرى في السماء، أعنى كل شفاعة القديسين الذين انتقلوا، وعلمت
أبناءها أنه لا فرق بينهم وبين هؤلاء القديسين، فكل المؤمنين قديسون حسب تسميتهم
في العصر الرسولى.. وخلطت بين الشفاعة الكفارية والشفاعة التوسلية، حسب فهمها
للآية التي تتحدث عن الفداء قائلة إنه لا يوجد سوى وسيط واحد وشفيع واحد بين الله
والناس هو يسوع المسيح (1تى 2: 5)

 

ولم يعد في البروتستانتية اكرام للقديسين ولا
للملائكة ولا للعذراء، ولم تعد الكنيسة تبنى بأسمائهم.

 

ومع إنكار الكهنوت وكرامة القديسين، ومع إنكار
القوانين والتقاليد، تطور الأمر إلى إنكار تعليم الكنيسة، فلم يعد ملزما لأحد.
وأصبح لكل أحد الحق في أن يفسر الكتاب كما يشاء!! بلا ضابط من سلطة كنسية.

 

ومع أن بعض العقلانيين ظنوا أن هذا الأمر كان
تحريراً للعقل البشرى من كل سلطة كنسية، ليفكر كما يشاء، حتى أسموا قيام
البروتستانتية بحركة التحرير! وإلا أنه كان من نتيجة هذه (الحرية) قيام عشرات
المذاهب البروتستانتية، ويقول البعض بل مئات. ويوجد في مصر منها 28 مذهبا.. والسبب
في ذلك هو عدم التقيد بضوابط من التقاليد الكنسية أو التعليم الكنسى، وعدم وجود
سلطة كنسية تؤاخذ أو تقوم من ينحرف في تفكيره اللاهوتى..

 

ونفس خلفاء لوثر لم يلتزموا بكل تعليمه، ووجد من
هو أشد منه إنكاراً للتعليم الكنسى، مثل كلفن وزوينجل وآخرين.

 

إنه اخرجهم من الخضوع للكنيسة ورؤساتها، فلما
كان يستطيع أن يلزمهم بالخضوع له ولكل تعليمه. ويوجد حالياً من البروتستانت من
يعارض لوثر في بعض الأفكار اللاهوتية. وأصبحت الكنيسة اللوثرية مجرد واحدة من
الكنائس البروتستانتية المتعددة، تختلف عن بعضها في الفكر.

 

المهم أن هيبة الكنيسة كقيادة، زالت في الفكر
البروتستانتى.

 

وبدأت العقلانية في الكنيسة تناقش كل شئ. وتقبل
ما تقبله، وترفض ما يعن لها رفضه.

 

وبالتالى أخذت البروتستانتية تتدرج حتى أنكرت
الأسرار.

 

أخذت تناقش أولا ما هو تعريف السر؟ ثم ما عدد
الأسرار؟ إلى أن انتهت إلى انكار الأسرار. ومادام الكهنوت هو الذي يمارس خدمة
الأسرار، ولا كهنوت في البروتستانتية، اذن ما معنى وجود الأسرار ما لزومها؟!

 

ولعل البعض يقول: هناك معمودية في البروتستانتية..

 

نعم، هناك معمودية. ولكنها ليست سراً كنسيا، ولا
يمارسها كهنوت. وليست لها الفاعلية التي نعتقدها فيها..! هذه خلافات ثلاثة جوهرية..

 

كان المسيحيون في الكاثوليكية قبل لوثر معتادين
أن يعمدهم رجال الكهنوت في الكنيسة. والإيمان بالمعمودية أصبح راسخا في النفوس مدى
خمسة عشر قرناً، ولا يمكنه نزعه، وتسنده آيات من الإنجيل.. فما العمل مع عدم وجود
كهنوت في البروتستانتية؟

 

الحل هو وضع الشيخ محل الكاهن. وفى ترجمة الكتاب،
تترجم كلمة كاهن بشيخ. ويمكن للشيوخ أن يعمدوا. ولا مانع من أن يأخذوا لقب (قس)،
دون أن يعنى هذا اللقب أية صفة أو اختصاصات كهنوتية!

 

ولكن هل يخلص الناس في المعمودية في التفكير
البروتستانتى؟

 

كلا، فالبروتستانتية تنادى بأن الخلاص بالإيمان
وحده. وهذا خلاف رابع بيننا وبينهم في المعمودية.

 

وأخذ البروتستانت يشدون جدا على موضوع الإيمان.
وأصبحوا يرددون في اجتماعاتهم عبارة (آمن فتخلص) كما لو كانت هذه هى الآية الوحيدة
المتعلقة بالخلاص في الكتاب المقدس!! بل ركزوا على الإيمان، حتى أصبحوا يقولون: (آمن
فقط.. فتخلص)

 

والإيمان شعور في القلب، يرون أنه يمكن أن يتم
في لحظة. وبالتالى يمكن للإنسان أن يخلص في لحظة، طبعاً بدون كنسية، ولا أسرار،
ولا معمودية، ولا كهنوت‍‍‍‍‍!!

 

وهنا تحولت الفكرة إلى بدعة، نحاول الآن
مناقشتها، لنرى ما مدى خطورتها على إيمان الكنيسة كله..

 

3- خطورة هذه البدعة

ببدعة الخلاص في لحظة، لا مانع من أن يحيا الناس
حياة روحية توصلهم إلى الخلاص الابدى، بعيدا عن عمل الكنيسة، بعيدا عن عمل الكهنوت
وعن السلطان الكنسى..!

 

حياة أساسها الإيمان وحده، وهو داخل القلب..
وأساسها النعمة، وهى من الله. ومع التركيز على الإيمان والنعمة، تصبح حياة الإنسان
مجرد علاقة فردية بينه وبين الله، وتختفى كلمة الكنيسة، وكلمة الكهنوت، وكلمة
الأسرار، من حياة الإنسان الروحية. وسنضرب لذلك أمثلة عديدة:

المعمودية

التوبة

سر المسحة

الأسرار اختبارات

البنوة لله

الخلاص

خلط!

محاولة للتبرير

 

4- المعمودية

تبعاً لبدعة الخلاص في لحظة، لا يتحدثون عن عمل
المعمودية في نوال الخلاص، لأن المعمودية لا تتم في لحظة. إذن يكون الخلاص في
مفومهم عن طريق الإيمان وحده.

 

ويتدرج الأمر إلى مفهوم المعمودية، فينكرون
فاعليتها. وينسبون كل فاعلية المعمودية إلى الإيمان.

 

هل المعمودية تمنحك الولادة الثانية، حينما تولد
من الماء والروح (يو 3: 5). كلا، إن الولادة الجديدة فى مفهومهم تكون بالإيمان،
فأنت بالإيمان تصير ابنا لله!

 

هل المعمودية تمنح التبرير والتجديد؟ إنك
بالإيمان كما يقولون تنال التبرير والتجديد! مجرد أن تنظر إلى المسيح وهو مصلوب،
تتبرر في لحظة!

 

هل تنال في المعمودية الخلاص، ومغفرة الخطايا،
وفيها تغسل من خطاياك؟ كل هذا في نظرهم تناله بالإيمان.. تناله في (لحظة) إيمانك!

 

لا مانع إذن من أن تبقى المعمودية، على أن
يجردوها من كل فاعليتها، وتصبح مجرد جسد بلا روح، مجرد علامة، أو مجرد إشهار
للإيمان، أو إعلان للإيمان، كما يقول الإخوة البلاميس..!

 

وهم يقولون إنهم نالوا المعمودية! ونفذوا وصية
المسيح فيها.. وتسأل: ما هى فاعلية تلك المعمودية التى ليس بها الخلاص، ولا
التبرير، ولا المغفرة، ولا الولادة من الله؟! ويبقى سؤالك بلا جواب..!

 

وإن كان الإيمان به وحده يخلص الإنسان، فما قيمة
هذه المعمودية إذن التي قد خلص الإنسان بدونها؟! وما معنى قول الرب: (من آمن
واعتمد خلص) (مر 16: 16)

 

ولا تجد لهذه الآية صدى في قلب الذين يؤمنون
بالخلاص في لحظة!.! ومادام الخلاص في نظرهم بالإيمان وحده، إذن لا علاقة له
بالكنيسة والكهنوت والأسرار..!

 

وماداموا يركزون على الإيمان، ولا يعمدون إلا من
يؤمن:

 

لذلك هم في المعمودية، ينكرون عماد الأطفال بحجة
أنهم لم يصلوا بعد إلى الإيمان الواعى!

 

ويبقى الأطفال هكذا في نظرهم بلا إيمان، وبلا
معمودية. وتسأل إذن كيف يخلصون، إن كان الإنسان لا يخلص بدون معمودية؟! (مر 16: 16)
ويضيع الأطفال في زحمة هذه الأسئلة!!

 

وكناحية من التساهل، يقول البعض: لا مانع من
تعميد الأطفال ولكنهم لا ينالون الخلاص إلا في ,, لحظة تفجر مفاعيل المعمودية في
قلوبهم..،،

 

وما فائدة هذه المعمودية إذن إن كانت لا تفيدهم
إلا إذ تفجرت مفاعيلها حينما يكبرون؟! وإن ماتوا قبل هذا، هل يكونون قد نالوا
الخلاص أم لا؟‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‌‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍!

 

5- التوبة

يرون أنه إن تاب الشخص، يخلص فى لحظة توبته!

وطبعاً بلا اعتراف،

وبلا كاهن،

وبلا تحليل..

والتوبة هى مشاعر شخصية، لا علاقة للكنيسة بها.
يقولون للشخص:

الق نفسك عند أقدام المسيح، فتخرج من هناك
مبرراً، وقد أشرق على قلبك نور، وصرت أبيض من الثلج.

 

وقد محا الله كل خطاياك فى لحظة، في تلك الجلسة
المنفردة التي جلستها عند قدميه!

 

تعال إذن لتحكى اختبارك!

 

ولا مانع من أن تنشر هذه (الاختبارت الروحية)
وفى مجلة تحمل اسم الارثوذكسية، لكى يقلدها الناس، ويسيروا على نهجها، ويختفى
بالتدريج من أذهانهم اسم الكاهن والتحليل والكنيسة والأسرار.

 

والذى نال الخلاص في جلسته هذه المنفردة مع الله،
حسبما يقولون، ما حاجته إذن إلى الكنيسة وأسرارها؟!

 

إنه يستغنى عنها طبعاً، بهذه العلاقة الفردية
المباشرة!

 

وفى التركيز على الإيمان وحده وفاعليته، يقولن
لمن يخطئ:

 

آمن فقط أن الله قد رفع عنك خطيئتك، فتشعر أنها
قد ارتفعت عنك في لحظة، ويمكنك سلام قلبى يفوق كل عقل.. بدون اعتراف، وبدون كنيسة،
وبدون كهنوت.

 

وإن أعترفت على الله هكذا يقولون فالله هو الذي
يغفر لك وليس الكاهن.

 

 وفى
لحظة اعترافك على الله ستخلص، وتشعر انك خلصت من خطاياك!

 

هذه هى مشكلة (الخلاص في لحظة) التي يحاولون بها
الغاء الكنيسة، وهدم كل أسرارها المقدسة.. ليس فقط المعمودية والكهنوت والإعتراف..

 

إنما حتى سر المسحة المقدسة أيضاً، التي بها
نقبل الروح القدس..

 

6- سر المسحة

يمكن لأى مؤمن في نظرهم أن يضع عليك اليد فتنال
الروح القدس بل يمكن لأى امرأة تضع عليك اليد، فتنال الروح، بل وتنال الملء
بالروح! وتستطيع أنت أيضاً بهذا أن تمنح الروح لآخرين!

 

إذن لم تعد المسحة المقدسة سراً من أسرار
الكنيسة، إنما أمكن تأميمها هى أيضا، فلم تعد عملا ً من أعمال الكهنوت، كان يقوم
بها الرسل فقط عند بدء قيام المسيحية (أع 8: 14، 15) وأصبحت بهذا الوضع مجرد موهبة،
يمنحها لك الذين نالوها من قبلك، ولا دخل للكنيسة في ذلك..!

 

وجماعة الإخوة البلاميس، يرون أن نوال الروح
القدس يتم بالإيمان! ففى إيمكانك تفيض من قلبك ينابيع الروح.. وبهذا لا تكون
محتاجاً إلى المسحة المقدسة من الكنيسة، لأنك تنال الروح من الله مباشرة، أيضاً
بالعلاقة الفردية، وفى لحظة!!

 

7- الأسرار اختبارات

إنهم لا ينظرون إلى الأسرار من حيث مفعولها
السرى في الإنسان، إذ ينال بها نعمة غير منظورة بفعل الروح القدس وبخدمة الكهنوت..

 

إنما ينظرون إلى كل سر، على اعتبار أنه اختبار!

 

ولا يسمون الأسرار أسرارا، وإنما يسمونها
اختبارات!

 

يقولون إن هناك اختبارين هامين يجب أن يحتازهما
الإنسان، وهما التبرير والتقديس.

 

ويضعون هذين الاختبارين في موضع سر المعمودية
وسر الميرون، دون الإشارة اطلاقا إلى هذين السرين، ولا إلى علاقتهما بالكنيسة
وبالكهنوت!!

 

والحياة مع الله في نظرهم هى مجرد اختبارات..

 

الولادة الجديدة مثلاً، ليست عندهم سرا من أسرار
الكنيسة تتم في المعمودية، إنما هى اختبار! ويسألون: هل حصلت يا أخى على اختبار الولادة
الجديدة؟ تعال كلم الناس عن اختبارك، وكيف ولدت؟

 

ويبدو بالطبع، أن هذه الولادة الجديدة، لا علاقة
لها مطلقاً بالمعمودية. وتضيع أسرار الكنيسة عندهم وتتحول إلى اختبارات!

 

ويقول لك أحدهم: تعال احك اختبارك: كيف نلت
الروح؟ كيف نلت الملء؟ تعال لتقول لنا اختبارك: كيف خلصت؟ كيف أشرق عليك المسيح
بنوره؟

 

ويبدو من كل هذا أن قبول الروح ليس من أسرار
الكنيسة، إنما هو اختبار!

 

وأن الخلاص ليس هو الإيمان ونوال المعمودية على
يد كاهن في الكنيسة.

 

إنما الخلاص في مفهومهم هو مجرد اختبار شخصى،
نتيجة لألقاء نفسك عند قدمى المسيح، ربما في حجرتك المغلقة، ولا علاقة للكنيسة بكل
هذا.. ويتم هذا الخلاص في غرفتك في لحظة، أو في لحظة سماعك إحدى العظات! ويصرخ
السامع ويقول مجداً.. ويكون قد خلص وقتها!!

 

كل من يحدثك، أو يطلب منك أن تتحدث عن (اختبار)
خلاصك.. قل له بصراحة: إن لغتك تظهرك..

 

8- البنوّة لله

يرون انها تتم في لحظة الإيمان، فى لحظة قبولك
فادياً ومخلصاً!!

 

ويعتمدون على فهم خاطئ لقول الكتاب: (أما كل
الذين قبلوه، فاعطاهم سلطانا أن يصيروا أولاد الله) (يو 1: 12) أما شرح هذه الآية
فسنجده في هذا الكتاب لاحقاً.

 

وهذه البنوة لله، تتم هكذا كما يقولون، بدون
المعمودية، بدون الكنيسة، بمجرد علاقة الفردية بينك وبين الله!

 

ولذلك هم يسألونك أن قابلتهم: هل خلصت؟ هل قبلت
المسيح مخلصاً وفادياً؟ كما لو أنك لم تكن مسيحياً على الاطلاق.

 

والبعض يقدم لك تعهداً وربما في الإنجيل لكى
توقعه، تقول فيه إنك قد قبلت المسيح مخلصاً!!

 

وهم لا يكتفون بهذه البنوة التى نلتها بالإيمان،
وإنما:

 

عليك أن تطالب بحقوقك كابن، وكوريث مع المسيح!

 

وهكذا تصير في لحظة قبولك للمسيح، ابناً لله،
ووراثاً مع المسيح، وصاحب حقوق تطالب بها!

 

وهنا يفقد المؤمن اتضاعه.. يفقد شعور الإنسحاق
وعد الاستحقاق. وبعد أن كان إنساناً محكوما عليه بالموت، يصبح في لحظة مطالباً
بحقوق له كوريث..

 

وبعد أن كان في خورس الموعوظين، يجد نفسه مدعواً
لأن يقف على منبر الكنيسة وكابن، يحكى اختباره فى نوال البنوة والميراث مع المسيح!

 

9- الخلاص

إنهم يضعون قاعدتين للخلاص: الخلاص بالدم،
والخلاص قد تم!

 

الخلاص قد تم على الصليب. وأنت قد نلته بدم
المسيح، في لحظة إيمانك بالمصلوب. وهذا الخلاص الذي نلته أبدى، لا يمكن أن تفقده
مهما سقطت.

 

لذلك عليك أن ترتل ترتيلة (مغسولين بالدم
الكريم).. أو ترتيلة (إنى واثق بالدم، أنا واثق..) وما دمت قد نلت الخلاص، عليك أن
تحيا في بهجة هذا الخلاص إلى الأبد، هذا الخلاص المجانى، الذي نلته بمجرد الإيمان!
هكذا يعتقدون..

 

وفى الإيمان بعدم فقدان هذا الخلاص مهما سقط
المؤمن، يخلطون بين عبارة (المؤمينن) وعبارة (المختارين) وكأنهما كلمة واحدة!

 

ونحن يمكننا أن نقول تعليقاً على هذا، إن كل
المختارين هم مؤمنون بلا شك. ولكن ليس كل المؤمنين مختارين. فقد يرتد بعضهم بعد
إيمانه..

 

وسنكتب لك في هذا الكتاب بمشيئة الرب شرحا
لموضوع الاختبار، والفكر البروتستانتى فيه، والرد عليه..

 

ثم أن موضوع الخلاص في لحظة، يتحير فيه المنادون
به في معنى هذه اللحظة ومتى تكون؟ المكتفون بالإيمان! والذين يقولون إنهم أرثوذكس،
يقولن إن الخلاص في لحظة المعمودية.

 

وواضح أن القول بالخلاص في لحظة الإيمان يلغى
فاعلية المعمودية فيه. القول بالخلاص في لحظة المعمودية، يلغى أن الخلاص يتم بالإيمان
وحده..

 

ويبقى السؤال في حيرة. أية اللحظتين هى الأصح!
يزيد الحيرة إن الإيمان عملياً لا يتم في لحظة! والمعمودية عملياً لا ينالها
الإنسان في لحظة!!

 

10- خلط!

والذين ينادون بالخلاص في لحظة، يخلطون بين
الخلاص والتوبة والتغير..

فقد يتوب إنسان عن خطية بشعة تتعبه، فيعتبرونه
قد خلص!

وهكذا يخلطون بين الخلاص الذي يسمونه (التبرير)،

وبين التوبة التي يدخلونها تحت عنوان (التقديس).

ويستخدمون هذه العبارات:

التبرير التقديس التجديد التمجيد الخلاص..

تماماً بنفس معناها الموجود فى الكتب
البروتستانتية!

 

11- محاولة للتبرير

والعجيب أن الذين ينادون بالخلاص في لحظة، على
الرغم من كل هدمهم لعقائد الكنيسة، يحاولون أن يقدموا تبريراً لذلك:

 

فيقولون إنهم بهذا، يسهلون للناس طريق الخلاص.
فيقولون للناس إن الخلاص ليس صعباً، هو يتم في لحظة!

 

ولكن السيد المسيح لم يفعل هكذا. وإنما قال لنا
في صراحة: (ما أضيق الباب وأكرب الطريق الذي يؤدى إلى الحياة. وقليلون هم الذين
يجدونه) (مت 7: 14).

 

وكذلك آباؤنا الرسل، كلمونا بنفس الأسلوب،
وشرحوا لنا الحروب الروحية (أف 6) وقالوا لنا إن عدونا إبليس يجول مثل أسد زائر
يلتمس من يبتلعه (1بط 5: 8).

وقالوا أيضاً: (سيروا زمان غربتكم بخوف) (1بط: 17).

وقالوا أيضاً: (إن كان البار بالجهد يخلص،
فالفاجر والخاطئ أين يظهران؟!) (1بط 4: 18).

وهوذا بولس الرسول يقول:

(بضيقات كثيرة ينبغى أن ندخل ملكوت الله) (أع 14:
22).

ويوبخ أيضاً قائلاً: لم تقاوموا بعد حتى الدم،
مجاهدين ضد الخطية) (عب 12: 4)

 

إن التسهيل قد يقود البعض أحيانا إلى الاستهتار،
وإلى عدم الجهاد، مادموا يعتقدون أنهم قد خلصوا وانتهى الأمر! وانه ما عليهم أن
يعملوا شيئاً، فالنعمة تعمل كل شئ!!

وبعد

سنحاول أن نرد على كل النقاط التى يثيرها
المتحدثون عن [ الخلاص في لحظة ] سواء في نبذاتهم أو كتبهم. مع الرد على مصادرهم
الرئيسية التي أخذوها منها، أعنى الكتب البروتستانتية، وبخاصة الكتب البلموسية،
فهى معلمهم الأول..!

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى