س، جمقالات

لماذا سمح الله بأن يحدث لي هذا؟

لماذا سمح الله بأن يحدث لي هذا؟

موقف الله من أمور عثرة الفهم – سماح الله بان يحدث لي هذا

لماذا سمح الله بأن يحدث لي هذا؟

موقف الله من أمور عثرة الفهم

هذا السؤال اجتهد مؤمنون كثيرون وخطاة أيضاً أم يجيبوا عليه.

ولكن ليس من عادة الله أن يسرع بأن يفسر الأمور التي يفعلها.

وإذا كنت تعتقد أن الله ملزم بأن يفسر أفعاله لنا فمن الأفضل أن تتأمل الأجزاء الكتابية التالية: مجد الله لإخفاء الأمر (أم 25: 2)

كما أنك لست تعلم ما هي طريق الريح كذلك لا تعلم أعمال الله الذي يصنع للجميع (جا 11: 5) أحكام الله بعيدة عن الفحص وطرقه غير قابلة للاستقصاء (رو 11: 33)

لأنه من عرف فكر الرب فيعلمه (1 كو 2: 16) فإننا ننظر الآن في مرآة في لغز.

لكن حينئذ وجهاً لوجه. الآن اعرف بعض المعرفة.

ولكن حينئذ اعرف كما عرفت (1 كو 13: 12) أنه من الخطأ أن نظن أننا سنكون دائماً فاهمين ما الذي يصنعه الله.

أو ما هي العلاقة المباشرة بين آلامنا وبين خطته.

فإننا عاجلاً أم آجلاً لابد أن نصل في يوم من الأيام إلى نقطة فيها يبدو لنا كما لو كان الله قد فقد السيطرة أو الاهتمام بأمور البشر. وهذه فكرة خادعة.

ولكنها ذات تأثير خطير على سلامة الإنسان الروحية والعقلية. وبالحقيقة فإن الألم ليس في حد ذاته هو مصدر الخطر. بل الحيرة والتشويش هما اللذان يحطمان الإيمان.

فالنفس البشرية قادرة على تحمل أعظم الشدائد حتى مواجهة ألم الموت ولكن بشرط أن تكون ملابسات القضية مفهومة. فإن الكثيرين من الشهداء والأسرى السياسيين وأبطال الحروب واجهوا الموت بكل شجاعة وثقة وذلك لأنهم كانوا يفهمون قيمة التضحية التي يقومون بها وكانوا مقتنعين بها. لكن على العكس من ذلك. فإن المؤمنين الذين يقعون في الحيرة والتشكك من جهة الله لا يتمتعون بمثل هذا العزاء. فإن [فقدان المعنى] هو الذي يجعل حالتهم غير محتملة. وفي الواقع فإن اكتئابهم يفوق أحياناً الحزن الذي يشعر به غير المؤمنين الذين لم يتوقعوا شيئاً ولم ينالوا شيئاً. وفي حالة الارتباك هذه من الشائع أن نسمع من أشخاص مؤمنين كلمات تدل على التوتر العنيف والغضب أو حتى التجديف. لأن المؤمن متوقع ومتعشم في الله فكلمة السر هنا هي كلمة (التوقع) فإن التوقع هو الذي يهيئ الطريق إلى التشكك.

فليس هناك مأساة في الاختبار البشري أعظم من أن يبني الإنسان حياته بأكملها على مفهوم لاهوتي معين. ثم يرى هذا المفهوم وهو ينهار في لحظة ألم أو ضيق مفاجئ. فالشخص يواجه في هذه الحالة أزمة تزعزع الأساسات. إذ أن الله الذي تحبه وتعبده وتخدمه أصبح فجأة إلهاً صامتاً وبعيداً وغير مبال في أكثر الأوقات حرجاً.

فأيوب تعرض لسلسلة من الخسائر المروعة والمتتالية خلال بضعة ساعات لكن جميع هذه المآسي مع بشاعتها لم تسبب له القدر الأعظم من التوتر

إذ قال: ” عرياناً خرجت من بطن أمي وعرياناً أعود إلى هناك. الرب أعطى والرب أخذ فليكن اسم الرب مباركاً ” (أي 1: 20 و21)

لكن السبب الرئيسي الذي جعل أيوب يُصاب بأشد الإحباط هو (عجزه عن أن يجد الله) هذه هي النقطة الرئيسية في القصة.

وقد عبر أيوب عن شدة كربه بهذه الكلمات ” من يعطيني أن أجده فآتي إلى كرسيه! أحسن الدعوى أمامه وأملأ فمي حججاً. فاعرف الأقوال التي بها يجيبني وأفهم ما يقوله لي. ها آنذا اذهب شرقاً فليس هو هناك. وغرباً فلا أشعر به. شمالاً حيث عمله فلا أنظره. يتعطف الجنوب فلا أراه “. (أي 23: 2 9)

ولابد أن الملك داود كان يشعر بنفس مشاعر أيوب حين سأل الرب بشغف عظيم قائلاً: ” إلى متى يارب تنساني كل النسيان؟ إلى متى تحجب وجهك عني؟ ” (مز 13: 1) ”

هل إلى الدهور يرفض الرب ولا يعود للرضى بعد؟

هل انتهت إلى الأبد رحمته؟ ” (مز 77: 7 و8)

ويسوع نفسه سأل عن السبب الذي من أجله تركه الله في ساعاته الختامية فوق الصليب.

فمن الواضح أن الرب يسمح لمعظم المؤمنين أن يجتازوا في أودية مظلمة روحياً ومعنوياً بهدف اختبار إيمانهم في بوتقة النار.

لماذا؟ لأن الإيمان يأتي على رأس قائمة الأولويات في نظر الله. وقد قال أنه ” بدون إيمان لا يمكن إرضاؤه ” (عب 11: 6)

وما هو الإيمان؟ أنه الثقة بما يرجى والإيقان بأمور لا تُرى (عب 11: 1).

فإن هذا الإصرار على الإيمان مع غياب الأدلة. ومع بقاء الأسئلة بدون إجابة. هذا الإيمان هو محور علاقتنا مع الله. ولن يفعل الله شيئاً أبداً لكي يلغي حاجتنا إلى الإيمان. بل أنه في الواقع سيقودنا بصفة خاصة في الامتحان لكي يزرع فينا هذا الإيمان ويعلمنا الاعتماد عليه. إن المؤمنين الذين يفقدون الله في فترات الارتباك الروحي يشبهون الغصن الذي يُقطع من أصل الشجرة ستجد بعد يومين أن أوراقه بدأ لونها يتغير من أخضر إلى بني ثم يبدأ الورق يتساقط ثم يجف العرق ويسقط. فالمؤمنون الذين يحرمون أنفسهم من الرعاية والقوة قد يبدون في البداية أنهم متماسكون ولكن جرحهم في الواقع هو جرح قاتل وسرعان ما سيذبلون في حرارة الشمس فإنهم ينقطعون عن الكنيسة ويفارقون الكتاب المقدس والصلاة. فإنه في الحقيقة ليس هناك بين البشر أتعس من الشخص الذي يشعر فبالاغتراب عن الله بسبب أنه لم يعد يفهمه أو يثق فيه. ” أنا الكرمة وأنتم الأغصان. الذي يثبت فيِّ وأنا فيه هذا يأتي بثمر كثير…. إن كان أحد لا يثبت فيِّ يُطرح خارجاً كالغصن فيجف فيجمعونه ويطرحونه في النار فيحترق ” (يو 15: 5 و6)

الخطر الاكبر

الخطر الأكبر الذي يواجه الأشخاص الذين يختبرون الألم هو أن الشيطان يستخدم ألمهم لكي يجعلهم يشعرون بأن الله متربص بهم. ويا له من فخ مميت! فعندما يبدأ الشخص يشعر أن الله القدير يبغضه ولا يهتم به.

فإن الدمار الكامل أصبح على الأبواب. ثق أن الله الذي عَلق الكون كله في الفضاء هو يستطيع أن يتعامل بسهولة مع الأثقال التي تعيي كاهلك. كثيراً نظن أننا نعرف ما الذي نحتاج إليه في لحظات الأزمة ولكن الله غالباً ما يكون له رأي آخر. وقد يستحسن الرب ألا يمنحنا طلبة معينة قد نظن أنها في منتهى الأهمية وفي لحظات معدودة ينهار العالم من حولنا ويبدأ الذعر يطاردنا ويبدأ القلب يخفق معبراً عن القلق الداخلي: أين الله؟ لماذا تحولت السماء إلى القتام والصمت؟ ما الذي فعلته لكي استحق هذا الترك؟ ألم أخدمه بقلب كامل؟ ما الذي ينبغي أن أفعله لكي أستعيد رضاه؟

ثم مع تراكم الخوف والإحباط تنسحب الروح الإنسانية وتنكمش في تشكك وارتباك. أنه لم يوجد في الحياة حالة مؤلمة أكثر من حالة الإيمان المحطم فإن هذه الحالة في الواقع تنشأ من جوف الجحيم. وأن جميع المؤمنين بدون استثناء يجتازون في وقت من الأوقات في مرحلة فيها يبدو الله وكأنه يخذلهم. وقد يحدث هذا الاختبار بعد إيمانهم بفترة قصيرة وربما بعد أن يخدم الله بأمانة بسنوات عديدة تبدأ الحياة فجأة تتبعثر وتفقد جميع الأشياء معناها وتبدوا الأمور غير عادلة بالمرة ويكون رد الفعل الطبيعي هو هذا ” يارب هل هذه هي الطريقة التي تعامل بها خاصتك؟ لقد كنت أظن أنك ستعتني بي.

ولكن يبدوا أنني كنت مخطئاً. لن أستطيع فيما بعد أن أحب إلهاً كهذا “. يا له من سوء فهم عظيم. والكتاب المقدس في سفر الخروج حيث يأمر الله موسى بأن يطلب من فرعون أن يطلق بني إسرائيل. ففعل موسى كما أمره الرب. فما كان من فرعون إلا أن استشاط غضباً وزاد في تعذيبه للشعب فأصبح يضربهم ويستخدم العنف معهم ليرغمهم على المزيد من العمل. وقد أرسل الشعب التماساً للحاكم لكي يرحمهم قليلاً لكن فرعون اتهمهم بالكسل وأمرهم بالعودة إلى أعمالهم وإلا…. فغادر الرجال القصر في ضيق وكرب شديدين وذهبوا مباشرة إلى موسى وهارون وقالوا لهما: ” ينظر الرب إليكما ويقضي! لأنكما أنتنتما رائحتنا في عين فرعون وفي عيون عبيده حتى تعطيا سيفاً في أيديهم ليقتلونا “.

وقد كان من الطبيعي أن يشعر موسى بأن الله قد وضعهُ في مأزق ثم تخلى عنه. وقال: ” يا سيد لماذا أسأت إلى هذا الشعب؟ لماذا أرسلتني؟ فإنه منذ دخلت إلى فرعون لأتكلم باسمك. أساء إلى هذا الشعب. وأنت لم تخلص شعبك. ” (خر 5: 22)

ويمكننا اليوم أن نرى كيف أن موسى أساء فهم الأشياء التي كان الله يعملها ولكن من منا يستطيع أن يلومه فقد كان يبدوا أنه قد وقع ضحية لخدعة قاسية لكن تمسك موسى بإيمانه حتى بدأ يفهم الخطة….

إن معظمنا لا يستطيعون أن يتصرفوا بنفس الحكمة. فإننا نحاول أن نخرج من المأزق بأي ثمن قبل أن تتضح الصورة الكاملة ولكننا للأسف نظل بعد ذلك لفترة طويلة نعاني من الألم والإحباط ويعاق الإيمان بسبب هذا الاختبار المرير ولا نستطيع نسيانه بسهولة. وأن الشيطان كما نعلم ” أسد زائر يجول ملتمساً من يبتلعه هو ” (1 بط 5: 8)

إن هدفه المحدد هو أن يفشلنا وأن يشوه الحق. فهو دائماً يظهر في أعظم لحظات الإحباط لكي يهمس بأفكاره الخبيثة ويزيد من عذاب المؤمن المجروح. لذلك يجب علينا أن نعترف بأن رجال الله يواجههم المحن ونستعد للتعامل مع هذا النوع من الاختبارات ولا نعتمد على قدرتنا الشخصية في فهم ظروف الحياة التي بلا تفسير ” على فهمك لا تعتمد ” (أم 3: 5)

ولا نضغط على الله لكي يوضح لنا وجهة نظره. حتى لا ينهار كل شيء. إن التجارب والآلام هي من مكونات الحياة البشرية. فجميع كتبة الوحي المقدس وجميع عمالقة الإيمان اجتازوا في آلام مشابهة. انظر مثلاً إلى يوسف الصديق فلقد ظلت حياته كلها ممزقة إلى أن جاء يوم لقاءه المجيد بأسرته بعد سنوات عديدة. لقد كان مكروهاً من إخوته الذين فكروا في قتله قبل أن يبيعوه كعبد. وأثناء وجوده في مصر اتهموه باطلاً بأنه قد حاول اغتصاب امرأة فوطيفار فألقوا به في السجن وكان مهدداً بالإعدام. وليس لدينا أي إشارة إلى أن الله قد شرح ليوسف ما الذي كان يفعله خلال هذه السنين العديدة المؤلمة. ولا كيف أن الأمور ستؤول في النهاية للصالح. ولكن كان متوقعاً منه كما هو متوقع أيضاً منك ومني أن يعيش أيامه يوماً بيوم مكتفياً بما لديه من فهم غير كامل. والشيء الذي جعل الله يُسر من يوسف هو أمانته حتى عندما لم تكن الأمور مفهومة ” لا تهتموا بالغد يكفي اليوم شره “. (عب 11: 35 39) ”

هؤلاء لم يكن العالم مستحقاً لهم. تائهين في البراري والجبال ومغاير وشقوق الأرض. فهؤلاء كلهم مشهوداً لهم بالإيمان لم ينالوا المواعيد “. اقرأ هذه العدد الأخير مرة أخرى ولاحظ أن هؤلاء القديسين كانوا يعيشون في انتظار وعد لم يتحقق حتى يوم مماتهم. فإنهم لم يحصلوا أبداً على الفهم الكامل. ولكن كان لديهم فقط الإيمان ليسندهم ويثبتهم في وقت محنتهم. فمن أين إذاً أتينا بمفهوم أن المسيحية هي قطعة من الحلوى؟
على العكس تماماً ” في العالم سيكون لكم ضيق ” (يو 16: 33)

هذا هو التوقع الحتمي الذي يقدمه لنا الكتاب ومع ذلك فعلى ما يبدوا أننا مصممون على كتابة نصوص أخرى. وهذا يجعلنا بلا شك فريسة لخداع الشيطان. إن ما يقلق حقاً هو أن مؤمنين كثيرين يشعرون بأن الله مُلزم بأن يمنحهم رحلة هادئة أو على الأقل تفسيراً كاملاً عن جميع الصعوبات التي تصادفهم في حين أننا ينبغي ألا ننسَ أن الله قبل كل شيء هو الله.

أنه كلي القداسة والقدرة. ليس له أن يعطي حساباً لأحد. هو ليس العبد الذي يطيع أوامرنا بل نحن عبيده. والهدف الأساسي من وجودنا هو أن نمجده ونكرمه ومع ذلك فأنه أحياناً يصنع المعجزات العظيمة من أجلنا. وأحياناً يُسر بأن يفسر لنا معاملاته في حياتنا. أحياناً يكون حضوره واضحاً كما لو كنا نلتقي معه وجهاً لوجه. ولكن في أوقات أخرى عندما يكون كل شيء غير مفهوم وعندما نشعر أن الأوضاع التي نجتازها [ غير عادلة ] وعندما نشعر أننا نجلس بمفردنا تماماً في غرفة انتظار الله. فإنه يكون لنا بكل بساطة [ ضع ثقتك فيه ].

فحتى لو كان الله يبدوا بعيداً جداً وغير مبال بأمورنا. فإنه في الواقع قريب جداً إلى حد أننا نستطيع أن نلمسه. وأروع تصوير لهذا الحضور غير المرئي نجده في قصة تلميذي عمواس…. إذ كانوا منذ ثلاث أيام قد رأوا سيدهم مصلوباً بصورة بشعة فكانوا في غاية الاكتئاب. كانت كل أملهم قد ماتت فوق هذا الصليب الروماني. وكل الأشياء العظيمة التي كان يسوع قد مات بها وعملها أصبحت الآن تبدو غير صحيحة. لقد تكلم بسلطان عجيب ولكنه الآن ميت ومدفون في قبر مستعار. لقد قال أنه ابن الله. ولكنه سمعوه يصرخ في ساعاته الأخيرة قائلاً: ” إلهي إلهي لماذا تركتني “. (مت 27: 46)

لذلك كان التلاميذ واقعين في حيرة ليس لها مثيل. فما هو إذاً معنى الوقت الذي قضوه مع ذلك الشخص الذي قال عن نفسه أنه المسيح؟ ولكن الشيء الوحيد الذي خفيّ عن إدراكهما هو أن يسوع نفسه كان يسير معهما على نفس الطريق المترب في هذه اللحظة عينها. وأنهما كانا على وشك الحصول على أعظم أخبار يمكن لأذن أن تسمعها. ولكن في تلك اللحظة كان كل ما يرونه أمامهم هو مجرد مجموعة من الحقائق لا يوجد بينها أي تناغم أو انسجام. لقد كانوا في حقيقة الأمر يعانون من مشكلة الإدراك.

زر الذهاب إلى الأعلى