عهد قديم

الإصحاح الخامس والثلاثين



الإصحاح الخامس والثلاثين]]>الإصحاح الخامس والثلاثين

 

الأيات1-8:- “فاجاباليهو وقال، اتحسب هذا حقا قلت انا ابر من الله، لانك قلت ماذا يفيدك بماذا انتفعاكثر من خطيتي، انا ارد عليك كلاما وعلى اصحابك معك، انظر الى السماوات وابصرولاحظ الغمام انها اعلى منك، ان اخطات فماذا فعلت به وان كثرت معاصيك فماذا عملتله، ان كنت بارا فماذا اعطيته او ماذا ياخذه من يدك، لرجل مثلك شرك ولابن ادم برك”.يعاتب أليهو هنا أيوب علي خطأين له في كلامه

1.      أنه يبرر نفسه أكثر من الله، بمعني أن أيوب تصور أنه قدم لله الكثير، بلأكثر كثيراً مما قدمه الله له، وفي الموازين أصبح أيوب دائناً لله، وأن أعمال أيوبالبارة كافأه الله عليها بأقل مما يستحق، وجازاه علي شروره بأكثر مما يستحق.

2.      إعتباره أن علاقته بالله لا تفيده شيئاً.

أناأبر من الله= هذه شرحها في نقطة (1). بماذاأنتفع أكثر من خطيتي. . نقطة (2) وراجع 30:9، 31+ 15:10.

مقالات ذات صلة

بماذاأنتفع أكثر من خطيتي= قلت ماذا يفيدني وأيشئ أنفع لي من أن أخطأ. (حسب ترجمة اليسوعيين). أي ماذا سيعود عليَ بالنفع لوتطهرت من خطيتي، وإن كنت خاطئاً فالويل لي، ولكن إن كنت باراً فماذا أستفيد (مز13:73، 14) والمقصود بالنفع هنا، النفع المادي كالصحة والثروة. ولكن هنا خطأ فيالحساب فعطايا الله ليست كلها مادية، بل عطاياه أساساً روحية. وهذا ما توصل إليهكاتب مزمور 73 (راجع 23:73-26). ولكن خطأ أيوب في حساباته أنه نظر إلي الخيراتالجسدية ورأي أنها تعطي أحياناً للأشرار وليس للأبرار فحسب هذا ظلماً وليس بحكمعادل. وعموماً فمثل هذا التفكير أي وجوب مجازاة البار علي الأرض بخيرات مادية هوتفكير يهودي بعيد عن الروح المسيحية. وأنها لأنانية أن يظل الإنسان يطلب خيراتمادية، فالمسيحي يجب أن يكون صورة للمسيح الذي جاء يبذل نفسه ويطلب ما للأخرين ولايطلب ماله.

وفي(4) أليهو يرد علي كل من يقول هذا أيوب أو أصحابه

وفي(5) أليهو يثبت أن الله أعلي من الجميع فالسموات فوق الجميع، فالله أعظم من جميعخلائقه ولا يحتاج لأحد منهم، ولا يطمع في أحد منهم، لذلك لن يظلمهم. أما ملوكالأرض فهم قد يظلمون رعاياهم ليربحوا منهم.

وفي(7، 6) يطلب أليهو من أيوب أن يغير طريقه تفكيره فأيوب يتصور أن الله يراقبالإنسان وحين يخطئ يعاقبه. وأليهو يقول أن أخطأ الإنسان فالله لن ينقص. ولو كانالإنسان باراً فهذا لا يزيد الله شيئاً. وهذا رد من أليهو علي تفكير أيوب ماذاأنتفع لو تطهرت من خطيتي. فالله يهتم بأن الإنسان يتوب ليس لأن هذا في مصلحة اللهبل في هذا خير الإنسان والله يحب البشر.

وفي(8) شرورنا وبرنا لا يتأثر بهما الله، بل نحن نتأثر بهما، فالله أسمي من أننصل إليه سواء بشرورنا أو ببرنا. والله كقاضٍ عادل يكافئ الأعمال البارة ويجازيعلي الأعمال الشريرة. فالخطية عقوبتها فيها ومن يخطيء كمن يلعب بالنار والنار سوفتؤذيه. ومن يحيا في البر سيتمتع بحمآية وبركة الله. والله حين أعطي الوصاياللإنسان لم يكن يريد أن يتحكم فيه، بل كان يطلب الخير له.

الأيات9-13:- “منكثرة المظالم يصرخون يستغيثون من ذراع الاعزاء، ولم يقولوا اين الله صانعي مؤتيالاغاني في الليل، الذي يعلمنا اكثر من وحوش الارض ويجعلنا احكم من طيور السماء، ثميصرخون من كبرياء الاشرار ولا يستجيب، ولكن الله لا يسمع كذبا والقدير لا ينظراليه”.

 كانأيوب قد قال إن المظلوم يصرخ والله لا يستجيب له. وأليهو هنا يقدم تفسير رائعلماذا لا يستجيب الله لصراخ بعض المظلومين. وربما يشرح معلمنا يعقوب نفس المنطقبقوله “تطلبون ولستم تأخذون لأنكم تطلبون ردياً يع 3:4. فأليهو يبرر الله فيأنه لا يستجيب بأن الخطأ ليس في الله ولكن فيمن يصرخ. والسؤال الآن هل هناك صراخ بطريقةصحيحة، وصراخ آخر بطريقة خاطئة؟ وهنا نقول أن الله سمح بالألم لأن هناك خطية ما فيهذا الشخص، يريد الله أن يتوب عنها فتكون له حياة، فإذا صرخ الخاطئ المتألم طالباًأن يرفع الله عنه التجربة دون أن يقدم توبة عن خطاياه، فالله لا يستجيب لأن الألمأو التجربة التي سمح بها الله لم تؤتي ثمارها بعد. وهذا ما قاله هوشع النبي 14:7 “ولا يصرخون إليَبقلوبهم حينما يولولون علي مضاجعهم، يتجمعون لأجل القمح والخمر ويرتدون عني”أي هم يصرخون في المجاعة وحينما يتوفر لهم القمح والخمر يرجعون عن الله مرتدين كماقال أحدهم “صام وصلي لأمر ما، فلما إنقضي الأمر لا صام ولا صلي” فاللهبحكمته طالما يري الإنسان مازال بعيداً غير تائب، لا يرفع الألم عنه حتي يتوب وإلافماذا كانت فائدة التجربة. الله مستعد دائماً أن يسمع وينقذ، إذا كان المظلوم يصرخفي قلبه طالباً الله= أين الله صانعي. ولنلاحظ أن المظلوم لو عاد لله بقلبهوصلي بأمانة لوجد تعزية كافية حتي تُرفع الضيقة، والضيقة ترفع حين تؤتي ثمارها.فالتائب حين يذكر أن الله صانعه يذكر أن الله مسئول عنه، عينه عليه دائماً:-

1-عينه عليه ليدبر أموره. . فيطمئن        2- عينه عليه يراه وهو يخطئ…. فيتوب.

ولاحظالصرخة التي يسمعها الله أين الله صانعي مؤتي الأغاني في الليل= في الترجمةاليسوعية “أين الله الذي صنعني الذي ينعم بالترنيم ليلاً”= أي وسط ليلألامنا وأحزاننا، إلهنا قادر أن يعطي تعزيات سماوية فنسبحه بأغاني وتسبيح. والليلفيه إشارة للحزن والخوف والضيق. وفي وسط الضيقة الله قادر أن يعزي (أع 25:16)فأليهو يصور الله هنا أنه إله خير صنع الإنسان وأعطاه أن يفرح ويتعزي حتي فيالضيقة.

الذييعلمنا أكثر من وحوش الأرض ويجعلنا أحكم…=الوحش أو الطير إذا تألم فهو يصرخ ويعوي ولكنه لا يقول “أين الله صانعي، ومنيصرخ بدون أن ينتبه لله صانعه، أي دون أن يقدم توبة يشابه صراخ الوحوش والطيور،ولكن الله أعطانا حكمة أكثر من كل خليقة، وبهذه الحكمة يجب أن ندرك أن الله صانعخيرات ولا يمكن أن يسمح بألم أو ضيقة إلا لو كان بعدها بركة وخير. لذلك فمن له هذهالحكمة فليصرخ لله تائباً، مسبحاً وشاكراً. وهذه هي الصرخة المقبولة. ومهما صرخالمظلوم من كبرياء الأشرار دون أن يكون تائباً فالله لا يستجيبهذا مفهوم آية (13). فالله لا يسمع كذباً= الله لن يستجيب لصراخ غيرالتائب الذي يصرخ لرفع التجربة دون توبة.

الأيات14-16:- “فاذا قلت انك لست تراه فالدعوى قدامه فاصبر له، واما الان فلانغضبه لا يطالب ولا يبالي بكثرة الزلات، فغر ايوب فاه بالباطل وكبر الكلام بلامعرفة“.

 بعدهذا الدرس من أليهو، يوجه أليهو الكلام لأيوب مقدماً له نصيحة ذهبية= فأصبر له=وعلي كل من يصلي أن لا ييأس من رحمة الله بل بصبر ينتظر يوم يرفع عنه هذه التجربة.وأليهو هنا يوبخ أيوب علي قوله أنه لا يري عدل الله= إنك لست تراه= هناأيوب قد تسرع فعدل الله يأتي ولكن علينا أن نصبر فالله ليس متسرعاً كالبشر بل هوطويل الأناه، وهو وحده الذي يعرفالوقت المناسب لرفع التجربة. وطول أناة الله ليست فقط في طول المدة التي بعدهاترفع التجربة، بل أيضاً تظهر طول أناة الله في أنه إحتمل الكلام الصعب الذي قالهأيوب= فلأن غضبه لا يطالب بينما لو كان الله متسرعاً كما يطلب البشر لجازيأيوب وعاقبه عقاباً شديداً علي كل ما تفوه به. وكثيراً ما نطالب الله في أن يجازيويعاقب من سبب لنا ألماً وظلماً، علي أن يكون هذا علي وجه السرعة. ولكن هل بنفسالسرعة سنقبل أن يعاقبنا الله لو أخطأنا في حق الأخرين. يجب أن نعلم أن الله ليسكالبشر. ولكن أيوب إستغل طول أناة الله وأنه لم يعاقبه فتطاول عليه وتكلم كلاماًصعباً= فغر أيوب فاه بالباطل. وكبَر الكلام= قال كلاماً صعباً بلا معرفة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى