عهد قديم

الأصحاح التاسع عشر



الأصحاح التاسع عشر]]>الأصحاح التاسع عشر

 

نجدهنا خطاب أيوب ضد بلدد وفيه كالعادة يشكو من سوء معاملتهم، ثم يصف حالته المرةولكننا نجد في هذا الإصحاح تحول أيوب من أفظع شعور بالهجر والرفض إلي أعظم كلماتمعبرة عن إيمان، فيه رأي محامي إلهي يتولي الدفاع عن قضيته ويسمعه حكم البراءة ومما يعزيويفرح إنتصار الإيمان في النهآية.

الأيات1-7:- “فاجابايوب وقال، حتى متى تعذبون نفسي وتسحقونني بالكلام، هذه عشر مرات اخزيتموني لمتخجلوا من ان تحكروني، وهبني ضللت حقا علي تستقر ضلالتي، ان كنتم بالحق تستكبرونعلي فثبتوا علي عاري، فاعلموا اذا ان الله قد عوجني ولف علي احبولته، ها اني اصرخظلما فلا استجاب ادعو وليس حكم”.

 حتيمتي تعذبون نفسي= بإتهاماتهم أنه شرير افقدوه ما كان له من قليل تعزية بدلاًمن أن يعزوه هم. أخزيتموني= عيرتموني وأطلقتم علي صفات شريرة.

وقولهعشر مرات= أي مراراً وتكراراً، مرات كثيرة. تحكروني= اي استحوا منهإذ كان في نكبته وجعلوا أنفسهم غرباء عنه (حسب الترجمة الإنجليزية). وهبني ضللت حقاً عليَ تستقر ضلالتي= لنفترض أنني أخطأت عن طريق جهل أو أخطأت فعلاً( هو يشعر أنه لم يخطئ)ومن الجهل أن يظن إنسان أنه معصوم من الخطأ، فعاقبة خطاياي واقعة عليَ ولا دخل لكمبهذا، ولا تزيدوا ألامي بتعييراتكم. إن كنتم بالحق تستكبرون عليَ فثبِتوا عليَعاري= هل لكي تتعظموا علي وتتفوقوا وتثبتون صدق كلامكم وأنكم المنتصرون فيالمناقشة تريدون وتصرون أن ما حدث لي هو بسبب خطيتي فتثبتون عاري، هل هذا طريقمقبول مع متألم مثلي. ويجب أن تعلموا لماذا أصرخ فأنا متألم من الوجع الذي أصابنيبه الله، فالله هو الذي فعل هذا بي فالله قد عوَجني= عوجني= هدمني(إنجليزيةويسوعية). ومهما صرخ فالله لا يستجيب. ووصل لحالة عدم الرجاء في عفو الله.

الأيات8-22:- “قد حوط طريقي فلا اعبر وعلى سبلي جعل ظلاما، ازال عني كرامتيونزع تاج راسي، هدمني من كل جهة فذهبت وقلع مثل شجرة رجائي، واضرم علي غضبه وحسبنيكاعدائه، معا جاءت غزاته واعدوا علي طريقهم وحلوا حول خيمتي، قد ابعد عني اخوتيومعارفي زاغوا عني، اقاربي قد خذلوني والذين عرفوني نسوني، نزلاء بيتي وامائييحسبونني اجنبيا صرت في اعينهم غريبا، عبدي دعوت فلم يجب بفمي تضرعت اليه، نكهتيمكروهة عند امراتي وخممت عند ابناء احشائي، الاولاد ايضا قد رذلوني اذا قمتيتكلمون علي، كرهني كل رجالي والذين احببتهم انقلبوا علي، عظمي قد لصق بجلدي ولحميونجوت بجلد اسناني، تراءفوا تراءفوا انتم علي يا اصحابي لان يد الله قد مستني، لماذاتطاردونني كما الله ولا تشبعون من لحمي”.

 يكررأيوب شكواه لعلهم يشفقوا عليه. وشكا من علامات غضب الله فقال أضرم عليَ غضبه=وماذا تكون نار جهنم إلا غضب الله. وحسبني كأعدائه= مع أن الله إعتبره كاملاًوكان يتفاخر به كأحد أحبائه وكثيراً ما نشك في محبة الله بينما قلب الله يكونمملوء محبة نحونا، وكل تدبيره لصالحنا ونحن لا نعلم. وهو شعر بعداء الله نحوه فيأن الله حوط طريقي فلا أعبر= اي ليس لي طريق للنجاة، فالله يمنع عنه أيمنفذ.

أزالعني كرامتي= ثروتي وسلطتي. . . حتي أبنائي أماتهم وهم تاج رأسي.وشكا من أنه تحطم نهائياً بلا أمل في رجوع= قلع مثل شجرة رجائي= كأن الشجرةقلعت من جذورها لكي لا تنبت ثانية. معاً جاءت غزاته= هو إعتبر أن السبئيين.. . الخ مرسلين من الله وشكا من قسوة أقاربه وكل معارفه السابقين= قد أبعد عنيإخوتي= فهم إبتعدوا لأنهم إزدروا بي بسبب قروحي. أقاربي قد خذلوني=بينما توقع أيوب منهم أن يقفوا بجانبه في شدته وجدهم قد تخلوا عنه. كرهني كلرجالي= بسبب حالي وقروحي. وحتي خدمه ما عادوا يحترموه أو يطيعوه= نزلاءبيتي وإمائي يحسبونني أجنبياً= عاملوه كأنه غريب ورفضوا الإستجابة له. بلعاملوه بغلظة= بفمي تضرعت إليه، عبدي دعوت فلم يجب. بل حتي إمرأتهإشمئزت من رائحة فمه= نكهتي مكروهة عند إمرأتي. وخممت عند أبناء أحشائي=صرت شيئاً مقززاً عند أبناء أحشائي. وأبناء أحشاؤه ربما أحفاده أو أولاد عبيدهالذين ولدوا في بيته، لأن أولاده ماتوا كلهم. وشكا من إنحلال جسده= عظمي قد لصقبجلدي. ونجوت بجلد أسناني= هو مثل شائع، فالأسنان ليس لها جلد. فيكونالمعني أنه نجا لكنه نجا بحياته فقط بعد ما خسر كل شئ. ويدعوهم أن يتراءفوا عليه ولا يدينوه فيكفيه دينونة الله= لماذاتطاردونني كما الله= أي لماذا تجعلون أنفسكم كالديان الله. لماذا لا تشبعونمن لحمي= أكل لحم الإنسان تعبير يعني النميمة، لأن النمام يتلف صيت خصمه كوحشيفترس لحمه.

الأيات23-29:- “ليت كلماتي الان تكتب يا ليتها رسمت في سفر، ونقرت الى الابد فيالصخر بقلم حديد وبرصاص، اما انا فقد علمت ان وليي حي والاخر على الارض يقوم، وبعدان يفنى جلدي هذا وبدون جسدي ارى الله، الذي اراه انا لنفسي وعيناي تنظران وليساخر الى ذلك تتوق كليتاي في جوفي، فانكم تقولون لماذا نطارده والكلام الاصلي يوجدعندي، خافوا على انفسكم من السيف لان الغيظ من اثام السيف لكي تعلموا ما هو القضاء”.

 نجد أيوب هنا كقيثارة ينفخ فيها الروح القدس فتعزف، وربما لم يفهم أيوبكل ما قاله، لكنه تعزي وتنبأ، ولعل كل ما فهمه أن الله سيبرأه أمام أصدقائه. هناأيوب كان له شركة الصليب، ومن يشترك مع المسيح في إحتمال الألم والصليب تنفتحعيناه علي أسرار وأمجاد السماء. ففي هذه الكلمات نجد كلام عن المسيح وعن السماء.هنا نجد أيوب مسوقاً بالروح القدس الذي أنار بصيرته ووضع في فمه كلاماً بكيفيةأذهلته، وبعد هذه الكلمات هدأت نبرة إنفعال أيوب كثيراً. حقاً هو إشتكي من آلامهبعد ذلك لكن النبرة هدأت وعاصفة الغضب سكنت. والروح القدس وحده هو الذي يعطي هذاالعزاء للمتألم. ولقد راي أيوب رؤيا يقينية أراد تسجيلها للأجيال القادمة= ليتكلماتي الآن تكتب. ياليتها رسمت في سفر= أي كتاب. والله حقق له ذلك وكتبكلماته في الكتاب المقدس لتحفظ عبر الأجيال. ومعني كلام أيوب هنا: لقد قلت كلاماًكثيراً بلا معني وأما ما سأقوله الآن كلام خطير ليته يجد طريقه لكل إنسان بأنيسجل. نقرت إلي الأبد في الصخر. . . كانت طريقة الكتابة علي الصخر بأن تنقرالكتابة علي الصخر بقلم جديد ثم يسكب الرصاص المنصهر في مكان النقر فيثبت الكلام لفتراتطويلة. أما أنا فقد علمت أن وليي حي= وليي= فاديَ وهذه إشراقة سماوية عليأيوب وسط أحزانه، لقد سبق أيوب وصور الله علي إنه خصم، أما الأن فهو يري المسيحوليه الحي، الذي حتي وإن مات أيوب سيشهد له هذا الولي ويبرره ويشهد ببره، والوليكان له أن يقتص من الجاني، والجاني هنا هو إبليس الذي هزمه ولينا المسيح لينقذنامن يده. والولي بحسب ناموس موسي هو الذي له الحق بأن يفك(يفدي) ما باعه أخوه أورهنه (لا 25:25). ولقد بيع ميراثنا السماوي بسبب الخطية ونحن عاجزون عجزاً كاملاًعن فكه (فدائه). والمسيح هو ولينا القادر أن يفك، ولقد وفي الدين عنا ووفي عدلالله عن الخطية. وفك الرهن وسوي الميراث. وأيوب يري أن وليه حي لا يموت حتي وإنمات هو فهو قادر أن يسوي المسألة، ولو تركه أصحابه وتخلوا عنه وإتهموه باطلاًفالله يأخذ بيده وينصره. هل يوجد ما يعزي أيوب بقدر هذه الرؤيا العجيبة، أن هنالكفادياً معداً للإنسان الساقط، وهو يسوع المسيح،الذي وإن ترك أيوب كل أحبائه

والآخرعلي الأرض يقوم= الآخر تعني إما اليوم الأخير، أوفي زمن متأخر بمعني فيما بعد. وبعد ذلك فهمنا من بولس الرسول أن المسيح جاءمتجسداً علي الأرض في ملء الزمان. غل 4: 4،5. وفي العهد القديم كان يسمي وقت ظهور المسيح”اليوم الأخير” والمسيح جاء وتجسد ومات وقام علي الأرض ليفك الدين الذيعلينا. وبعد أن يفني جلدي هذا وبدون جسدي أري الله= هذا ما فعلهالمسيح بفدائه وقيامته أن أعطي لنا إمكانية أن نري الله بعد أن نموت، فالمسيحصالحنا مع الآب السماوي. نلاحظ أن أيوب هنا كان خاضعاً لعمل الروح القدس. ففكرةالقيامة بهذه الصورة لم تكن واضحة بل هو تساءل قبل ذلك “إذا مات إنسانأفيحيا”. والجسد الممجد الذي سنحصل عليه بعد القيامة يمكنه أن يري الله. فنحنفي هذا الجسد لا يمكننا أن نراه “لا يراني الإنسان ويعيش”. ولعل أيوب فيرؤيته رأي شئ عبر عنه بقوله“الذي أراه أنا لنفسى، وعيناي تنظران وليسأخر”= لقد رأي وليه ورأي ما سيفعله وفهم أن ما يراه أكيد، رآه بنفسه ولميحكيه له أحد. ففرح وتهلل فقال= إلي ذلك تتوق كليتاي في جوفي= أي بعد أنرأيت ما رأيت فكل مشاعري داخلي، (فالكلي مركز العواطف هي والقلب والأحشاء) أصبحتمتجهة لهذا اليوم الذي يأتي فيه هذا الولي.

وبعدالذي رآه وجه تحذيراً لأصحابه حتي يهدئوا هجومهم عليه وعلمهم ماذا يقولون الآن لماذانطارده= ونهاجمه ونحزنه ونغيظه بإنتقاداتنا. وذلك لأن أيوب تأكد أن الله سوف يبررهأمام أصدقائه وسيكتشفون بعد ذلك صدق أيوب= والكلام الأصلي يوجد عندي= ربمايشير لرؤيته التي رآها أنها حقيقية وأصبح عنده الآن رؤية واضحة

خافواعلي أنفسكم من السيف= اي سيف عدل الله. لأنالغيظ من أثام السيف= أي غيظهم وكلامهم الشرير ضد أيوب من الأثام التي تستحقعقوبة السيف أي غضب الله. فعليهم أن يخافوا ويكفوا عن ظلمهم لأيوب، فإذا لم تكفواعن إتهاماتكم فسوف يأتي سيف غضب الله وستعلمون أنه قاضي عادل وقد حكم عليكم=لكي تعلموا ما هو القضاء.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى