عهد قديم

الإصحاح الثاني



الإصحاح الثاني]]>الإصحاح الثاني

 

الأيات 1-6:- “و كانذات يوم انه جاء بنو الله ليمثلوا امام الرب وجاء الشيطان ايضا في وسطهم ليمثلامام الرب، فقال الرب للشيطان من اين جئت فاجاب الشيطان الرب وقال من الجولان فيالارض ومن التمشي فيها، فقال الرب للشيطان هل جعلت قلبك على عبدي ايوب لانه ليسمثله في الارض رجل كامل ومستقيم يتقي الله ويحيد عن الشر والى الان وهو متمسكبكماله وقد هيجتني عليه لابتلعه بلا سبب، فاجاب الشيطان الرب وقال جلد بجلد وكل ماللانسان يعطيه لاجل نفسه، ولكن ابسط الان يدك ومس عظمه ولحمه فانه في وجهك يجدفعليك، فقال الرب للشيطان ها هو في يدك ولكن احفظ نفسه”.

 لقد كان الشيطانواثقاً في نفسه أن أيوب سيجدف في المرة الأولي بعد كل الضربات التي أصابه بها،لكنه علي العكس بارك الله وكان هذا برهاناً علي أمانة أيوب وعلي كذب الشيطانوإفترائه، لذلك نجده هنا يجرب مرة أخري. فهو المشتكي علي البشر أمام الله نهاراًوليلاً رؤ 10:12. كان يجب أن يخجل من المرة الأولي ولكن لنعلم أنه لن يكف عن ذلكحتي يطرح في البحيرة المتقدة بالنار والكبريت وحتي هذا اليوم فخبثه لن يهدأ، لذلكنجده هنا يوعز لله بأن يسكب غضبه علي أيوب نفسه.

ونري هنا التصوير لمحكمةسمائية الله هو القاضي والشيطان هو المدعي الذي يوجه الإتهام لأيوب. ونجد الشيطانفي كذب يقول أتيت من الجولان في الأرض كأنه لم يدبر كل هذه المؤامرات ضدعبد الله البار أيوب. ومن هنا نفهم القول بأن إبليس يجول يصنع شراً أما الله، فقيلعن المسيح يجول يصنع خيراً

ونجد هنا القاضي يدافععن المتهم “لأنه ليس مثله في الأرض رجل كامل. ويدين الشيطانقائلاً هيجتني عليه لأبتلعه بلا سبب. ولم يعترف الشيطان بأنه أخطأ بل قال جلدبجلد= كان هذا مثل شائع، فقد كانت الجلود عامة الإستعمال في المعاملاتالتجارية. وكل ما للإنسان يعطيه لأجل نفسه= أي لأجل حياته، والمعني أن أيوبمستعد أن يفرط في جلد غيره حتي أبنائه طالما جلده هو سليم.

مقالات ذات صلة

وهذا القول صحيح إلي حدبعيد فكثير من الناس إن لم يكن معظمهم يفضلون حياتهم وسلامتهم أكثر من أقرب الناسإليهم حتي أبنائهم. ونلاحظ أن الشيطان قد حول صبر أيوب وإحتماله لكل الخسارة التيوقعت عليه إلي تهمة جديدة وهي أنه غير مهتم بكل الخسائر التي لحقت به طالما أنالضربات لم تمس جلده هو شخصياً وبهذا يتهمه بالأنانية ويتضح في هذا كذبه لكنه هوكذاب وأبو الكذاب (مصدر كل كذب) وإستغل هذا ليطلب أن يجربه في عظمه ولحمهأي الأجزاء الحساسة والتي في آلامها تكون مؤلمة جداً. والله سمح للشيطان بهذا= هاهو في يدك فلا سلطان له علي البشر إلا بسماح من الله، ونلاحظ أن التصريح محدودبأن يحفظ نفسه أن يوجه له النكبات لكن ليس إلي الموت فكان الشيطان يطمع فيأخذ نفسه أي يدفعه لآلام الإحتضار متصوراً أن هذه الآلام يمكنها أن تدفعه لأن يجدفوهو يموت فيفقد آخرفرصة للتوبة ويموت في حالة تجديف ويهلك. ولكن الله لم يسمح بأن تصل الآلام لدرجةالموت ولنلاحظ أن الحياة هي في يد الله وليست في يد إنسان أو شيطان. ومعني السماحالذي أعطاه الله للشيطان أن يصيب أيوب بمرض غير مميت. ولنلاحظ أن الله سمح للشيطانأن يجرب أيوب ثانية لأن مرض أيوب الدفين كان لم يظهر بعد.

الآيات 7-10:- “فخرجالشيطان من حضرة الرب وضرب ايوب بقرح رديء من باطن قدمه الى هامته، فاخذ لنفسهشقفة ليحتك بها وهو جالس في وسط الرماد، فقالت له امراته انت متمسك بعد بكمالكبارك الله ومت، فقال لها تتكلمين كلاما كاحدى الجاهلات االخير نقبل من عند اللهوالشر لا نقبل في كل هذا لم يخطئ ايوب بشفتيه”.

 ضربه بقرح ردئ= قيل أن مرضه هو الجذام وقيل أنه الحمرةفي أعنف درجاتها وهي مؤلمة جداً وتقض مضجع المصاب بها فكم وكم لو أصابت الجسم كلهويقال أنها دمامل عنقودية في كل الجسم مع قروح وإلتهابات في كل الجسم. ومن أعراضمرضه 1) الحكة (8:2) هيئة وجهه تغيرت (12:2) ولحمه دوَد وكانت القروح يلتصق بهاالتراب وتتشقق ويخرج منها القيح (5:7) ومن آلامه لا ينام وإن نام تكون أحلامه مريعة(14:7) ولا يستطيع أن يتنفس (15:7) ولا يقدر أن يمشي (27:13) ورائحته كريهة(17:19) مع حرارة في عظامه (30:30) مما غير شكل وجهه (12:2) وجعل الأولاد يضحكونعليه (18:19)

أخذ لنفسه شقفة= أي يحكجسده بقطعة من أناء فخاري مكسور. ولنلاحظ

أن لعازر وجد راحته فيالسنة الكلاب التي جاءت لتلحس قروحه، أما أيوب فلم يجد. ونضيف علي آلام أيوب أنأولاده وخدمه هلكوا جميعاً وزوجته تخلت عنه.

جالس وسط الرماد= تقولالترجمة السبعينية أنه جلس علي مزبلة خارج المدينة وعموماً فالرماد علامة حزن كأنمن يجلس علي الرماد يفعل ذلك لأنه يتصور أنه لا يزيد عن هذا الرماد. والرماد علامةحزن وأيضاً علامة توبة يونان 6:3 + أي 6:42 + أش 5:58.

آية 9:- “فقالتله امراته انت متمسك بعد بكمالك بارك الله ومت”.

 للشيطان أدواته التييستعملها ليحارب الأبرار فيسقطون في التجديف ومنها:-

أ-       الناس الأشرارمثل السبئيين والكلدانيين.

ب-     الطبيعة (الناروالريح). بل هو وضع في فم الذي أنبأ أيوب بخبر الصدمة أن النار هي نار الله.

حـ-    حرب الشيطانالفكرية وتشكيكه أيوب أن الله لا يحبه أو أن الله يضطهده.

د- ولقد إستخدم الشيطانأصدقاء أيوب ليزيدوا من ألمه. وأصقاء أيوب يحبون الله ولكنهم يجهلون طرقه فكانواسبب ألام لأيوب حين إتهموه أنه خاطئ ويستحق ما جرى له. كان أصدقاء أيوب أتقياءوكلامهم فيه كثير من الصحه ولكن تطبيقه على أيوب كان خطأ فهم حكموا عليه ظلماًوكانت أحكامهم خاطئة لأنهم تصوروا أن معرفتهم كاملة “هلك شعبى من عدمالمعرفة” فعجزوا عن تعزية أيوب بل هم أثاروه فأخطأ. ولنتعلم أن لا نوبخ خاطئبينما هو يتألم من نتائج خطيته فالمسيح ما وبخ خاطئاً واحداً بل أعلن محبتهللجميع. خصوصاً أننا قد ندين من هم أبرياء.

هـ-    أخر من إستخدمهمالشيطان ليدفع أيوب للتجديف كانت زوجته (موضوع هذه الآية ). وربما تركها الشيطاندون أن يتسبب في موتها كما حدث لأبنائهما حتي تتعب أيوب وتنغص عليه عيشته بللتجربه هي الأخري وتحرضه علي التجديف. ولنفهم أن الشيطان قد يستخدم أقرب الناسلنا، وكما جرب آدم عن طريق حواء وكما جرب المسيح عن طريق بطرس مت 22:16، 23.

بارك الله ومت= كلمة باركتحمل معنيين 1) الدعاء بالخير للأخرين 2) الدعاء بالشر ضد الأعداء. وبهذا نفهم أنكلمة بارك الله ومت تحمل المعني الثاني أي جدف علي الله ومت (وهكذا ترجمتهاالترجمة الإنجليزية واليسوعية) ويكون المعني أن الله لن ينفعك بشئ إن طلبته، وأنتمائت لا محالة بسبب أمراضك فماذا يجديك أن تصرخ قائلاً يارب.كف عن أن تبارك الرب وجدف عليه فهو سبب ألامك المميتة.

وهناك تفسير أخرفالكلمة “بارك” قد تحمل معني السخرية والنفور كما يصرخ إنسان في إنسانآخر قائلاً “مع السلامة” وذلك ليطرده. ويكون المعني المقصود إنكر اللهوأتركه حتي لو أدي تجديفك عليه أن تموت فموتك خير من حياتك وأنت تتألم هكذا. وهكذاإبليس دائماً يحاول أن يوحي بأفكار قاسية عن الله فيوحي للإنسان بأن الله يسربشقائه وتعاسته وهذه أفكار خاطئة لكن هدفها أن يجدف الإنسان علي الله وهذا هو هدفإبليس. وقد يستخدم إبليس طريقاً آخر ليصل لنفس الهدف نلمسه من قول زوجة أيوب وهوالهزء بمن يتمسك بكماله. والأرجح أن زوجة أيوب كانت تقية لكنها لم تحتمل التجربة(الفقر وخسارة أولادها)

تتكلمين كإحديالجاهلات=لاحظ أنه لم يقل لها أنك جاهلة بل هو حتي في ألمه الشديد كان لسانه عفاً. وإكتفيبأن يؤنبها علي فكرها

أألخير نقبل من عندالله والشر لا نقبل= أيوب إعتبر أن الله ضابط الكل هو المسئول عنحياته وهكذا علينا أن نشكر الله علي الخير الذي يأتينا ولا ننزعج من الشر الذييأتي علينا فنحن في يده ولا يأتي علينا شر إلا بسماح منه يو 11:19. ولنلاحظ أنإحتمال أيوب الآلام بصبر هو إنتصار علي إبليس ولذا تعتبر آلام الإستشهاد التي تمثلالإماتة التامةللجسد هي نصرة نهائية علي إبليس ولذلك يعتبر الإستشهاد حرب ضد إبليس

الأيات 11-13:- “فلماسمع اصحاب ايوب الثلاثة بكل الشر الذي اتى عليه جاءوا كل واحد من مكانه اليفازالتيماني وبلدد الشوحي وصوفر النعماتي وتواعدوا ان ياتوا ليرثوا له ويعزوه، ورفعوااعينهم من بعيد ولم يعرفوه فرفعوا اصواتهم وبكوا ومزق كل واحد جبته وذروا ترابافوق رؤوسهم نحو السماء، وقعدوا معه على الارض سبعة ايام وسبع ليال ولم يكلمه احدبكلمة لانهم راوا ان كابته كانت عظيمة جدا”. مضي وقت بين الأحداثالأليمة السابقة التي حدثت لأيوب، وخلال هذا الوقت وصلت الأنباء لأصدقاء أيوبفسافروا إليه، وهم بحق أصدقاء أوفياء لم يعرفوه فقط فيغناه بل تركوا بيوتهم ليعزوا صديقهم المتألم ويبدو أنهم في طريقهم إلي أيوب توصلوالفكر مشترك أن الله لم يكن ليجازي أيوب بكل هذا الشر إن لم يكن أيوب شريراً جداً.وإتضح من كلام الأصدقاء الثلاثة أنهم كانوا علي درجة عالية من الحكمة والصلاح.وربما كانوا من نسل إبراهيم وإحتفظوا بشئ من ثمار إبراهيم الصالحة. وعموماً إمتازتبلادهم بالحكمة

أليفاز التيماني = كان من نسلتيمان حفيد عيسو (تك 11:36)

بلدد الشوحي = كانينتسب لشوح الذي ولدته قطورة لإبراهيم (تك 2:25)

صوفر النعماتي = يقال أنهصفوا حفيد عيسو (تك 11:36)

والصديق الحقيقي يعرفوقت الشدة. وهكذا المسيح صديق البشرية أتاها في شدتها وهو أتيليعزينا فكان خير معزي. ولكن مشكلة أصحاب أيوب أنهم كانوا معزون متعبون ولنثق أنالمعزي الحقيقي هو الروح القدس.

ولم يعرفوه= فالقروحشوهت شكله. وبكوا= بكاءً مع الباكين فأن يذهب أحد ليعزي آخر، لا يكونالمطلوب كلمات فقط بل مشاعر صادقة “وهكذا المسيح الذي في كل ضيقتنا تضايق. ذرواتراباً= أرادوا أن يتذللوا مع صديقهم لم يكلمه أحد بكلمة= من ذهولهموحزنهم لم يجدوا ما يقولونه، أوهم إختنقوا من شدة إنفعالهم، عموماً في بعض الأحيانيكون السكوت خير من الكلام بل أبلغ، وهم إكتفوا أولاً بأن يسمعوا منه عن متاعبه

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى