عهد قديم

الإصحاح السادس العاشر



الإصحاح السادس العاشر]]>الإصحاح السادس العاشر

 

الآيات (1-3):ثم ذهبشمشون إلى غزة ورأى هناك امرأة زانية فدخل إليها. فقيل للغزيين قد أتى شمشون إلىهنا فأحاطوا به وكمنوا له الليل كله عند باب المدينة فهداوا الليل كله قائلين عندضوء الصباح نقتله. فاضطجع شمشون إلى نصف الليل ثم قام في نصف الليل واخذ مصراعيباب المدينة والقائمتين وقلعهما مع العارضة ووضعها على كتفيه وصعد بها إلى راسالجبل الذي مقابل حبرون.”

ذهب شمشون إلى غزة =ذهب إلى أكبر مدنهم واثقاً فى قوته غير خائف ودخل إلى إمرأة زانية = هذا الجبارالذى قتل ألاف ينهزم من شهوته. فكان قوياً جسدياً لكنه كان ضعيفاً أمام شهوته.وهذه السقطة لشمشون سقطة فظيعة. حقاً كل قتلاها أقوياء (أم 7: 26). ثم قام فى نصفالليل = ربما قام إستجابة لروح الله الذى فيه، الذى عمل فيه للتوبة فأدرك أن هذاالمكان لا يليق بنذير مثله. ما حدث من شمشون كان خطية لكن من الناحية الرمزية يرىالقديس أغسطينوس أنه يرمز لما عمله المسيح بعد صلبه  30 فهو قام محطماً أبواب الهاوية وصعد للسماء ويشبه أغسطينوس البيتبالجحيم أى بيت الزانية وهناك أعداء محيطين بالبيت ليمسكوه. ولكن لم يستطع أحد أنيمسك المسيح فى الجحيم فخرج نازعاً الأبواب أى محطماً أبواب الهاوية للأبد. ثم صعدشمشون للجبل كما صعد المسيح للسماء. وكان الأعداء المحيطين بالبيت كالحراس حولالقبر لم يستطيعوا أن يمنعوا القيامة بل هم لم يروا المسيح أصلاً.

 

الآيات (4-5): “وكان بعد ذلكانه احب امرأة في وادي سورق اسمها دليلة. فصعد إليها أقطاب الفلسطينيين وقالوا لهاتملقيه وانظري بماذا قوته العظيمة وبماذا نتمكن منه لكي نوثقه لإذلاله فنعطيك كلواحد ألفا ومئة شاقل فضة.”

مقالات ذات صلة

رأينا شمشون يخطئمراراً عديدة والروح القدس يرشده ويقوده حتى لا تهلكه الخطيئة، فكانت قوته لاتفارقه لأنه يتجاوب مع نداء الروح القدس. لكن أمام إصرار الإنسان على مقاومة الروحالقدس يبدأ صوت تبكيت الروح ينخفض رويداً رويداً ” لا تحزنوا الروح…. لاتطفئوا الروح” وهذا ما حدث مع شمشون إذ سقط فى حب دليلة (ومعنى إسمها مدللةأو معشوقة). لم يعد شمشون يتجاوب مع صوت الروح فى داخله فإنهار تماماً. ودليلة هذهعاشت كزانية أحبها الرجال وأخيراً يأتى إليها شمشون ليسقط فى حبها فيفقد مجد نذرهويحرم من بصيرته ويصير سخرية للعدو. والمسيح أرسلنا للعالم كنور وكملح نسعى كسفراءولكن إذا إنغمسنا فى شرور العالم وإشتركنا فيها نصير سخرية وهزءاً من العالم.ودليلة لمحبتها فى المال أغراها أقطاب الفلسطينيين بالمال لتوقع بشمشون.

 

الآيات (6-14):فقالت دليلةلشمشون اخبرني بماذا قوتك العظيمة وبماذا توثق لاذلالك. فقال لها شمشون إذاأوثقوني بسبعة أوتار طرية لم تجف اضعف وأصير كواحد من الناس. فاصعد لها أقطابالفلسطينيين سبعة أوتار طرية لم تجف فأوثقته بها. والكمين لابث عندها في الحجرةفقالت له الفلسطينيون عليك يا شمشون فقطع الأوتار كما يقطع فتيل المشاقة إذا شمالنار ولم تعلم قوته. فقالت دليلة لشمشون ها قد ختلتني وكلمتني بالكذب فاخبرنيالآن بماذا توثق. فقال لها إذا أوثقوني بحبال جديدة لم تستعمل اضعف وأصير كواحد منالناس. فأخذت دليلة حبالا جديدة وأوثقته بها وقالت له الفلسطينيون عليك يا شمشونوالكمين لابث في الحجرة فقطعها عن ذراعيه كخيط. فقالت دليلة لشمشون حتى الآنختلتني وكلمتني بالكذب فاخبرني بماذا توثق فقال لها إذا ضفرت سبع خصل رأسي معالسدى. فمكنتها بالوتد وقالت له الفلسطينيون عليك يا شمشون فانتبه من نومه وقلعوتد النسيج والسدى.”

سألت دليلة شمشون عن سرقوته 3 مرات لأنها ظنت مثل أقطاب الفلسطينيين أن قوة شمشون نتيجة عمل سحرى إن أبطلفقد قوته. وشمشون عَرِف غرضها منذ المرة الأولى لذلك خدعها. ولكن عوضاً عن أنيتركها إستمر فى حبها فلقد صار مستعبداً لشهوته بالكامل وشهوته أعمته حتى أن 3مرّات ينكشف فيها خداعها كانوا غير كافين لأن تنفتح عيناه ويهرب من هذا المكان.سبعة أوتار طرية لم تجف = أى سبعة حبال من الكتان أو غيره من النباتات. فتيلالمشاقة = هو ما يسقط من الكتان عند مشقه أو تمشيطه ليُغزل ثم يستخدم كفتائلللسرج. السدى = هى الخيوط الطويلة التى تستخدم فى ألة النسيج وأمّا الخيوط العريضةفتسمى اللحمة. ولاحظ أنه فى المرة الثالثة إقترب من موضوع شعره فالخاضع لشهوتهيقترب للسقوط رويداً رويداً. والعجيب أنه فى الثلاث مرّات كان الفلسطينيون يهجمونعليه فهل لم يفهم ؟! إذا الخطية تعمى العيون…. لهم عيون ولا يبصرون وأذان ولايسمعون. ونلاحظ أن سر قوته ليس شعره إنما فى الروح الذى عليه والروح فارقهلإستغراقه فى شهوته.

 

آية (15): “فقالتله كيف تقول احبك وقلبك ليس معي هوذا ثلاث مرات قد ختلتني ولم تخبرني بماذا قوتكالعظيمة.”

كيف تقول أحبك وقلبكليس معى = ماذا لو وجه المسيح لنا هذا السؤال. إذاً علينا أن نعطى القلب لله، كلالقلب ونعترف أمامه بكل شىء ونطلب منه أن يُغيرنا.

 

الآيات (17،16): “ولماكانت تضايقه بكلامها كل يوم وألحت عليه ضاقت نفسه إلى الموت. فكشف لها كل قلبهوقال لها لم يعل موسى رأسي لاني نذير الله من بطن أمي فان حلقت تفارقني قوتي واضعفوأصير كأحد الناس.”

ضاقت نفسه إلى الموت =إذ إنحنت نفسه لشهوات جسده الشريرة تضيق نفسه منجرفة نحو الموت. وإذا كان رأسنا هوالمسيح فحلق رؤوسنا إشارة لأننا فقدنا نعمة المسيح. فمن يستسلم لشهوات جسده فهويُخدع ويحرم من النعمة.

 

الآيات (18-21): “ولمارأت دليلة انه قد اخبرها بكل ما بقلبه أرسلت فدعت أقطاب الفلسطينيين وقالت اصعدواهذه المرة فانه قد كشف لي كل قلبه فصعد إليها أقطاب الفلسطينيين واصعدوا الفضةبيدهم. وانامته على ركبتيها ودعت رجلا وحلقت سبع خصل رأسه وابتدأت بإذلاله وفارقتهقوته. وقالت الفلسطينيون عليك يا شمشون فانتبه من نومه وقال اخرج حسب كل مرةوانتفض ولم يعلم أن الرب قد فارقه. فأخذه الفلسطينيون وقلعوا عينيه ونزلوا به إلىغزة وأوثقوه بسلاسل نحاس وكان يطحن في بيت السجن.”

نام شمشون على ركبتىدليلة مستغرقاً فى شهواته مغلقاً أذنيه عن صوت روح الله فى داخله، ليستيقظ ويجدنفسه أسيراً فى يد أعدائه. وهكذا مع كل إنسان فإبليس يجعله ينام مطمئناً فى خطيتهشاعراً أنه فى أمان حتى يفقده كل كرامته وكل قوته ويصير أسيراً. فمن يترك اللهيتركه الله. ولنفهم أن شمشون إعتقد أن القوة التى فيه هى من نفسه فسقط وفقد قوته،إذاً لنعلم أن أية قوة فينا مصدرها الله وليس برنا الذاتى. ولاحظ قول شمشون….أخرج حسب كل مرة = فهو يُحسبَ أنه بقوته يغلب ولكن هذه المرة كان الرب قد فارقه.لذلك لم يقل الكتاب فى هذه المرة “حل عليه روح الرب” شمشون مثل حواء سقطلأنه دخل فى نقاش وحوار مع إبليس ولم يغلق باب الحوار معهُ كما فعل يوسف “كيفأصنع هذا الشر العظيم وأخطىء إلى الله “. ولاحظ أنهم قلعوا عينيه لكنه هو كانقد فقد بصيرته الروحية نتيجة لشهوته من قبل وأنهم ربطوه بسلاسل لأنه هو ربط نفسهبسلاسل الشهوة من قبل وأهانوا كرامته لكنه هو أهان نفسه مع زانية قبل أن يهينوا همكرامته أمام الجميع، هم ساقوه كحيوان ليجر الطاحونة لأنه عاش فى شهوة حيوانية منقبل. لعلّ شمشون وهو يطحن والأولاد بل الجميع يسخر منه كان يلعن اللحظات التىإعتبرها لذيذة على ركبتى دليلة. فهذه اللذة العابرة أنزلته لدرجة أقل من الحيوانولعلنا نتذكر عاقبة الخطية قبل أن نسقط فيها فسنوثق بسلاسل ونهان. ولكن لنذكر أنأبواب التوبة مفتوحة لمن يريد، فكيف نحب يسوع وقاتله أى الخطية. فالخطية هى قاتلةيسوع فلنتركها ونختار يسوع. حجر الرحى = عمل الحيوانات وهذا منتهى الإذلال لمنكانوا يرتعبون من قوته. ولنلاحظ أن عدونا الشيطان يسخر من الخطاة بشدة عندمايفقدون نعمة المسيح ويجعلهم كالحمير يدورون فى طاحونة فاقدين نظرهم موضوعين فى سجنوأسر. الكارثة أن نفقد معية الرب.

 

آية (22): “وأبتدأشعر رأسه ينبت بعد أن حلق.”

إبتدأ شعر رأسه ينبت =مرة أخرى ليست القوة فى الشعر ولكنه وهو فى السجن يفكر فى قوته السابقة ويندم علىما خسره تاب، مثل الإبن الضال الذى تذكر فى حظيرة الخنازير مجد بيت أبيه. فكونالكتاب يذكر أن شعر رأسه ينبت فهذا يشير لأفكار التوبة وقرار التوبة الذى بدأ ينبتفى رأسه وأنه بدأ يستجيب لصوت تبكيت الروح القدس فبدأت قوته تعود لهُ كما عادللإبن الضال الخاتم والحلة.

 

الآيات (23-31): “وأماأقطاب الفلسطينيين فاجتمعوا ليذبحوا ذبيحة عظيمة لداجون إلههم ويفرحوا وقالوا قددفع إلهنا ليدنا شمشون عدونا. ولما رآه الشعب مجدوا إلههم لأنهم قالوا قد دفعإلهنا ليدنا عدونا الذي خرب أرضنا وكثر قتلانا. وكان لما طابت قلوبهم انهم قالواادعوا شمشون ليلعب لنا فدعوا شمشون من بيت السجن فلعب أمامهم وأوقفوه بين الأعمدة.فقال شمشون للغلام الماسك بيده دعني المس الأعمدة التي البيت قائم عليها لاستندعليها. وكان البيت مملؤا رجالا ونساء وكان هناك جميع أقطاب الفلسطينيين وعلى السطحنحو ثلاثة آلاف رجل وامرأة ينظرون لعب شمشون. فدعا شمشون الرب وقال يا سيدي الرباذكرني وشددني يا الله هذه المرة فقط فانتقم نقمة واحدة عن عيني من الفلسطينيين.وقبض شمشون على العمودين المتوسطين اللذين كان البيت قائما عليهما واستند عليهماالواحد بيمينه والأخر بيساره.و قال شمشون لتمت نفسي مع الفلسطينيين وانحنى بقوةفسقط البيت على الأقطاب وعلى كل الشعب الذي فيه فكان الموتى الذين أماتهم في موتهاكثر من الذين أماتهم في حياته. فنزل اخوته وكل بيت أبيه وحملوه وصعدوا به ودفنوهبين صرعه واشتاول في قبر منوح أبيه وهو قضى لإسرائيل عشرين سنة.”

ظن أقطاب الفلسطينيينأن إلههم داجون هو الذى أسلم لهم شمشون (داجون نصفه الأعلى إنسان والأسفل على شكلسمكة). والله سمح بتسليم شمشون ليد الفلسطينيين ليتأدب فيحسب من رجال الإيمان (عب11 : 32) وليكون فى موته أكثر إيلاماً للفلسطينيين من حياته. وفى إحتفالهم بإلههموكانوا يقدمون له ذبائح أتوا بشمشون ليلعب مثل بهلوان. ولكن شمشون كانت التوبة قدأرجعته إلى الله فرجع الله إليه، وعادت لهُ قوته. وكانت صلاة شمشون (آية 28). هىتوبة وندم وحنين إلى خدمته السابقة. والأن عرِف شمشون أن الله هو سر قوته ولم يعديخرج لينتفض متكلاً على ذاته، بل هو الأن يصلى ليعطيه الله قوة. لقد أثمر التأديبتوبة والتوبة أثمرت بصيرة روحية كانت الشهوة قد أضاعتها. وشمشون تظاهر بالتعب أمامالغلام الماسك يده وقال له دعنى المس الأعمدة وكان هذا الغلام يقوده للرقص وللعب.وبسط شمشون يديه

 31 كما بسط المسيح ذراعيه على الصليب. وكما غلب شمشون أعدائه بموتههكذا المسيح  32 فألامشمشون صارت هلاكاً لمضطهديه (آية 30). والمسيح بموته تهشمت مملكة الموت. فبيتالإله داجون يرمز لمملكة الشيطان. والمسيح بموته قلب مملكة إبليس رأساً على عقبكما قلب شمشون هيكل داجون وهو فيه وكسره وأهلك كل أقطاب الفلسطينيين. وهناك فارِقْفشمشون مات وهو يصلى طالباً الإنتقام والمسيح مات وهو يصلى طالباً الصفح، وإلاّأننا يمكن أن نقول أن المسيح طلب الصفح للبشر والإنتقام من إبليس. وموت شمشون لايعتبر إنتحاراً فهو لم يطلب الموت نفسه يأساً بل موت الأعداء فهو مثل من يحارب.ونلاحظ أن هناك عمودين لهيكل داجون وهناك عمودين تستند عليهما مملكة إبليس هماالطمع والملذات (1تى 6 : 10) محبة المال أصل لكل الشرور + (أم 7 : 26). كل قتلاهاأقوياء. وحينما أتى أهل شمشون ليدفنوه يأخذوا جثته لم يجسر الفلسطينيون على منعهمبعد الدمار الذى حدث لهم.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى