عهد قديم

الإصحاح الثامن



الإصحاح الثامن]]>الإصحاح الثامن

 

آية (1): “وقال له رجالافرايم ما هذا الأمر الذي فعلت بنا إذ لم تدعنا عند ذهابك لمحاربة المديانيينوخاصموه بشدة.”

كان سبط إفرايم له قوتهبين الأسباط، وحين إنقسمت إسرائيل إلى مملكتين دعيت إحداهما (الشمالية وهى الكبرى10 أسباط) إفرايم. وكان الإفرايميون يحتلون أفضل الأراضى. ومعنى كلامهم هنا هوعتاب لجدعون لماذا لم يستدعيهم لقتال مديان، وظاهر كلامهم الشجاعة والغيرة على مجدالله ولكن حقيقة مشاعرهم هى معركة على الزعامة فإفرايم خاف أن تصبح الزعامة لمنسى.

 

الآيات (2،3):فقال لهمماذا فعلت الان نظيركم أليس خصاصة افرايم خيرا من قطاف ابيعزر. ليدكم دفع اللهاميري المديانيين غرابا وذئبا وماذا قدرت أن اعمل نظيركم حينئذ ارتخت روحهم عنهعندما تكلم بهذا الكلام.”

مقالات ذات صلة

يظهر هنا حكمة جدعونوتواضعه فقد أجاب بلطف شديد أنه لم يفعل شئ بجانب ما فعله إفرايم = ماذا فعلت الأننظيركم. اليست خصاصة إفرايم خيراً من قطاف أبيعزر = الخصاصة هى ما يبقى فى الكرمبعد قطفه وهو قليل جداً. وهو يقصد أبيعزر عائلته هو. أى فى تواضع أن أقل ما عندإفرايم أفضل من عائلة جدعون. وقد قدمهم أنهم أتوا برأس غراب وذئب. “الجواباللين يصرف الغضب (أم 15 : 1)” لقد كان من الممكن لجدعون أن يوبخهم بشدةقائلاً “وأين كنتم طوال سبع سنوات الذل” لكنه لم يفعل فيخسرهم بل هوبحكمة اكتسبهم لجانبه. بل معنى كلامه أنه هو قام بعمل الإستعداد للمعركة وهم الذينحاربوا.

 

الآيات (4،9): “وجاء جدعونإلى الأردن وعبر هو والثلاث مئة الرجل الذين معه معيين ومطاردين. فقال لأهل سكوتأعطوا أرغفة خبز للقوم الذين معي لأنهم معيون وأنا ساع وراء زبح وصلمناع ملكيمديان. فقال رؤساء سكوت هل أيدي زبح وصلمناع بيدك الان حتى نعطي جندك خبزا. فقالجدعون لذلك عندما يدفع الرب زبح وصلمناع بيدي ادرس لحمكم مع أشواك البريةبالنوارج. وصعد من هناك إلى فنوئيل وكلمهم هكذا فأجابه أهل فنوئيل كما أجاب أهلسكوت. فكلم أيضا أهل فنوئيل قائلا عند رجوعي بسلام اهدم هذا البرج.”

تابع جيش جدعون ملكىمديان وأعيوا من الجوع فطلبوا طعاماً من أهل مدينتى سكوت ثم فنوئيل. فكان كل المطلوبمن سكوت وفنوئيل رمزاً لإشتراكهم فى المعركة بعض الخبز لكنهم جبنوا عن ذلك. فهمتصوروا عدم إمكانية هزيمة المديانيين فخافوا أن يساعدوا جدعون لئلا ينتقم منهممديان بعد ذلك على هذه المساعدة. وبينما جدعون ورجاله يحاربون مديان لحساب الجماعةيبخل سكوت وفنوئيل بالخبز عليهم عوضاً عن مساعدتهم فى تلك الحرب، هؤلاء يمثلونالمستسلمون للعبودية والمثبطين لهمم الذين يعملون. بل هم سخروا من جدعون “هلأيدى زبح وصلمناع بيدك” هؤلاء إستهانوا بإله إسرائيل وبرجل الله لذلك همغالباً من عابدى البعل. لذلك كان تهديد جدعون (الوديع أمام إفرايم) لهم مرعباً.فهو كقاض لإسرائيل عليه أن يؤدب هؤلاء حتى لا تحل اللعنة على الشعب كله. ولاحظ فىتهديد جدعون لأهل سكوت قوله أدرس لحمكم مع أشواك البرية =فالشوك هو رمز للخطية فهومن لعنات الخطية. فالخطية التى ننفذها بأجسادنا ستكون سبباً لهلاكنا. وكان تهديدجدعون لأهل فنوئيل هو هدم برجهم = فيبدو أنهم كان لهم برجاً حصيناً يحتمون فيه فلميخافوا من تهديدات جدعون، هم صاروا كأهل بابل يبنون برجاً يحميهم وهذا البرج يمثلكبريائهم. وإذا فهمنا كلمة فنوئيل = رؤية وجه الله فيكون أهل فنوئيل ممثلين لمنحصل على قدر من الروحيات فتكبر وإنتفخ وظن نفسه محصناً فى برج بينما أهل سكوتيمثلون الجسدانيين. وكلاهما يهلك.

 

الآيات (10-12): “وكان زبحوصلمناع في قرقر وجيشهما معهما نحو خمسة عشر ألفا كل الباقين من جميع جيش بنيالمشرق والذين سقطوا مئة وعشرون آلف رجل مخترطي السيف. وصعد جدعون في طريق ساكنيالخيام شرقي نوبح ويجبهة وضرب الجيش وكان الجيش مطمئنا. فهرب زبح وصلمناع فتبعهماوامسك ملكي مديان زبح وصلمناع وأزعج كل الجيش.”

طريق ساكنى الخيام =غالباً كان طريق غير معتاد ولم يتوقع المديانيون أن يسلكه جدعون، وفوجئوا به فحدثلهم تشويش مرة أخرى وإرتعدوا (ربما كان طريق الخيام هو طريق يسكنه العربان الذينظنهم مديان حماية لهم ضد جدعون). كان العدو فى البداية ذو قوة 135,000. والأن هوعدو هارب مذعور. زبح = ذبيحة فهو يذبح للأصنام. صلمناع = الإله المظلم. قرقر =مسطح حتى الأرض.

المسيح جدعوننا الحقيقىهزم إبليس الإله المظلم وأتى به لمستوى الأرض (لو 10 : 19) لاحظ هزيمة ملكى مديانفى البرية. ويسوع صعد ليجرب من لإبليس فى البرية وليهزمه.

 

الآيات (13-17): “ورجع جدعون بن يواش من الحرب من عند عقبة حارس. و امسك غلاما من اهل سكوت و ساله فكتبله رؤساء سكوت و شيوخها سبعة و سبعين رجلا. و دخل الى اهل سكوت و قال هوذا زبح و صلمناعاللذان عيرتموني بهما قائلين هل ايدي زبح صلمناع بيدك الان حتى نعطي رجالك المعيينخبزا. و اخذ شيوخ المدينة و اشواك البرية و النوارج و علم بها هل سكوت. و هدم برج فنوئيلو قتل رجال المدينة.”

 

الآيات (18-21): “وقال لزبحوصلمناع كيف الرجال الذين قتلتماهم في تابور فقالا مثلهم مثلك كل واحد كصورة أولادملك.فقال هم اخوتي بنو أمي حي هو الرب لو استحييتماهم لما قتلتكما. وقال ليثر بكرهقم اقتلهما فلم يخترط الغلام سيفه لأنه خاف بما انه فتى بعد. فقال زبح وصلمناع قمأنت وقع علينا لأنه مثل الرجل بطشه فقام جدعون وقتل زبح وصلمناع واخذ الأهلة التيفي أعناق جمالهما.”

غالباً قتل المديانيونإخوة جدعون يوم إجتمعوا فى وادى يزرعيل (6 : 33) قبل المعركة مع جدعون. وهنا يحققجدعون مع الملكين ويثبت عليهما تهمة القتل فهو غير متعطش للدماء ولا يحكم على أحدإلاّ بعد أن يفحص أمره. وجدعون طلب من إبنه الفتى أن ينفذ حكم الإعدام فيهماليعلمه القتال ويعطيه ثقة ضد الأعداء. قم أنت وقع علينا = لأن القاتل يكون فوقالمقتول.وهم طلبوا من جدعون أن يقتلهم هو فضربة جدعون القوى المحنك فى الحرب ستكونقاضية فى الحال، أمّا ضربة الفتى الصغير الخائف المتردد فستكون عذاباً لهم فهوسيضطر أن يضربهم عدة مرّات لتردده ممّا سيعذبهم كثيراً. ولقد أخذ جدعون الأهلةالتى فى أعناق جمالهما = هؤلاء الملوك الوثنيين عابدى القمر كانوا يصنعون هذهالأهلة كأحجبة لتحفظهم وإستيلاء جدعون عليها رمز لأنه سيطر على ألهتهم وهزمها.

 

الآيات (22-23):”وقال رجال إسرائيل لجدعون تسلط علينا أنت وابنك وابن ابنك لأنك قد خلصتنا منيد مديان. فقال لهم جدعون لا أتسلط أنا عليكم ولا يتسلط ابني عليكم الرب يتسلطعليكم.”

نجد هنا أول محاولةلإقامة نظام ملكى أى الإبن يرث ملك أبيه. ولقد نجح جدعون أيضاً فى هذا الإختبار إذطلب أن يكون الملك لله، لأن جدعون كان سالكاً بالروح فلم تغريه السلطة بل قبل أنيكون خادماً للشعب. ولاحظ أن شعب إسرائيل نسب الإنتصار لجدعون ” لأنك قدخلصتنا “. وجدعون رفض هذا ونسب الفضل لله فى الإنتصار وإذا كان الله هو الذىإنتصر فليتسلط الله على الشعب = الرب يتسلط عليكم. جدعون هنا يرفض الكرامة الزمنيةوهى ضربة توجه دائماً لرجال الله. وبالرغم من رفض جدعون للملك حاول إبنه بعد ذلكأن يملك. ولنسأل أنفسنا “إن كان إسرائيل قد طلبوا من جدعون أن يملك عليهم إذخلصهم من مديان فهل لا نملك المسيح علينا وهو خلَّصنا من عدو أشَّر.

 

الآيات (24-27):ثم قال لهمجدعون اطلب منكم طلبة أن تعطوني كل واحد أقراط غنيمته لأنه كان لهم أقراط ذهبلأنهم اسماعيليون. فقالوا أننا نعطي وفرشوا رداء وطرحوا عليه كل واحد أقراطغنيمته. وكان وزن أقراط الذهب التي طلب ألفا وسبع مئة شاقل ذهبا ما عدا الأهلةوالحلق وأثواب الأرجوان التي على ملوك مديان وما عدا القلائد التي في أعناقجمالهم. فصنع جدعون منها افودا وجعله في مدينته في عفره وزنى كل إسرائيل وراءههناك فكان ذلك لجدعون وبيته فخا.”

نجح جدعون فى رفضهالملك ولكنه سقط هنا فى إختبار أخر:

فقد كان للمديانيينأقراطاً ذهبية كالإسمعيليين، وكانوا يتصورون أن الأقراط لها قوى خرافية لذلكيصنعون الألهه منها (خر 32 : 2) هكذا صنع هرون العجل الذهبى. وقد طلب جدعون أنيعطيه الشعب الأقراط ليصنع منها تماثيلاً وأفوداً كذكرى لإنتصاره. والأفود هوملابس الكهنة. فربما أقام جدعون نوع من العبادة المحلية قريباً من بيته بدلاً منالذهاب لخيمة الإجتماع فى شيلوه (أفرايم) المنافسة لهُ. وبما هو إشتهى الكهنوت(بينما لم يشتهى الملك) فإرتدى الأفود فى تقديمه ذبائح أمام هذا التمثال بل جذبالشعب لهذه العبادة الوثنية = وزنى كل إسرائيل وراءهُ الزنا هنا هو زنا روحى بمعنىعبادة الأوثان. أو يكون الأفود هو نوع من الحلل التى تستخدم فى العرافة ولكن هذهايضاً عادات وثنية. خلاصة الموضوع أن سقطة جدعون أنه أقام نوعاً من العبادة فى مقرإقامته كان سبباً لغواية الناس بعيداً عن الله فلم يذهبوا لخيمة الإجتماع. وياليتجدعون قد سأل الرب فى هذا ولو فعل لما سقط وأسقط معهُ الشعب. والأفضل ان نعبد اللهكما يريد هو لا كما نريد نحن. أو كما نتصور نحن أو نشتهى. ولكن كثير من الدارسينيرون أن جدعون تاب عن سقطته بدليل إلى:

1.    بولس حسبه من رجال الإيمان (عب 11 : 32).

2. قول الكتاب أنه مات بشيبة صالحة (8 : 32). ولكنهذه الأفود وهذه العبادة الوثنية ربما إستمر فيها أولاده وكانت سبباً فى نهايتهمالمحزنة على يد أبيمالك (9 : 5).

 

آية (28): “وذلمديان أمام بني إسرائيل ولم يعودوا يرفعون رؤوسهم واستراحت الأرض أربعين سنة فيأيام جدعون.”

لاحظ تكرار رقم 40 معالقضاة ومع صموئيل وشاول وداود وسليمان.

 

الآيات (29-31): “و ذهب يربعلبن يواش و اقام في بيته. و كان لجدعون سبعون ولدا خارجون من صلبه لانه كانت له نساءكثيرات. وسريتهالتي في شكيم ولدت له هي أيضا ابنا فسماه ابيمالك.”

سريته = تسمى هكذا فهويتزوج بها سراً عن زوجته وأولادها لا يرثون. أبيمالك = معنى إسمه أبى يملك، وهكذاأسمته أمه لتحرضه أن يطلب شيئاً من ميراث أبيه وعظمته. وهذا اقام بدور شرير متفقاًمع أهل والدته من شكيم ضد إخوته السبعين ليتسلط هو على إسرائيل.

 

الآيات (32-35): “و مات جدعونبن يواش بشيبة صالحة و دفن في قبر يواش ابيه في عفرة ابيعزر. وكان بعدموت جدعون أن بني إسرائيل رجعوا وزنوا وراء البعليم وجعلوا لهم بعل بريث آلها. و لم يذكر بنواسرائيل الرب الههم الذي انقذهم من يد جميع اعدائهم من حولهم. و لم يعملوا معروفا معبيت يربعل جدعون نظير كل الخير الذي عمل مع اسرائيل.

بعل بريث = سيد العهد.كأنهم عاهدوا البعل أن يعبدوه وكأن البعل يعدهم بأن يحميهم، أوهم تعاهدوا معالكنعانيين على عبادة البعل إله الكنعانيين.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى