عهد قديم

الإصحاح الخامس عشر



الإصحاح الخامس عشر]]>الإصحاح الخامس عشر

 

لمنسمع من الشعب قبل العبور سوى الصراخ والأنين والشكوى. ولكنهم سبحوا فوراً عقبخروجهم للحرية، سبحوا في فرح لخلاصهم من العبودية. والنفس التي مازالت مستعبدةللخطية بالقطع لا تستطيع التسبيح أما من تحرر من الخطية فلا يستطيع أن يكف عنالتسبيح لذلك يقول المزمور (137) “على أنهار بابل (حيث كان الشعب في السبي)هناك بكينا على الصفصاف علقنا أعوادنا.. كيف نرنم ترنيمة الرب في أرض غريبة”

وهذهأول ترنيمة في الكتاب المقدس وقد كتبها موسى بالتأكيد فهي تشبه أشعار المصريينفالله يستغل إمكانيات أولاده ومواهبهم. وهنا الله استغل ثقافة موسى وترمز هذهالتسبحة لتسبحة المفديين في السماء، إذ خلصهم الله وعبر بهم من العالم إلى السماء(رؤ3:15) لهذ1 وضعتها الكنيسة في التسبحة اليومية بكونها الهوس الأول وكلمة هوستعني تسبحة، لتؤكد لأولادها ضرورة التسبيح لله وتقديم الشكر المستمر من أجل عملهالخلاصي معنا. وكنيستنا تهتم بالتراتيل والتسابيح والمزامير والألحان وتعلمنا ذلكلنشكر الله على أعماله العظيمة معنا. فعلينا أن نسبح الله إذا حصلنا على أي نعمة،ونسبحه فوراً كما فعل الشعب إذ سبحوا الله حالما خرجوا، لنسبحه قبل أن نفتر وننسى.

 

(آية1): “حينئذ رنمموسى وبنو إسرائيل هذه التسبيحة للرب وقالوا أرنم للرب فانه قد تعظم الفرس وراكبهطرحهما في البحر.”

مقالات ذات صلة

آرنمللرب= فالرب هو موضوع تسبيح موسى. فهو مصدر قوته (آية2). ومن شعر أن الرب قوتهلابد وأن يكون الرب تسبحته ونشيده. ومن شعر أن الرب خلاصه فلابد أن يعظم اسمه=فإنه قد تعظم. وموسى شعر أن الرب خلاصه ونجاته لذلك هو يعبده ويسبحه إذ هو إلههوإله آبائه (آية2). وعظمته ظهرت في أعماله. ومن الذي يرنم؟ هو الشعب المفدي الذياعتمد في البحر. والآن من الذي يسبح؟ الشعب المفدي بدم المسيحي والمعمد والتائب(فالتوبة معمودية ثانية). ونحن بالمعمودية إذ ندفن مع مسيحنا المصلوب ونقوم معه فيجدة الحياة ينفتح لساننا الداخلي لنسبح الرب ونشكره. الفرس وراكبه طرحهما فيالبحر= ونحن نسبح المسيح الذي تمجد بالصليب حيث داس إبليس وكل قواته، ليعتق الذينسبق فأسرهم. وكان هذا الجزء من الترنيمة هو القرار الذي يردده الشعب مع مريم (راجعآية21).

 

(آية2): “الرب قوتيونشيدي وقد صار خلاصي هذا الهي فأمجده إله أبي فارفعه.”

إلهأبي= أي أن مراحم الرب من جيل إلى جيل. هي كانت لأبائنا وهي لنا.

 

(آية3): “الرب رجلالحرب الرب اسمه.”

الربرجل الحرب= هو الغالب في الحروب التي يثيرها أعداء شعبه وهو قدير في ذلك وهي تشيرللإله المتجسد الذي حارب وغلب بالصليب. الرب إسمه= أي يهوه أسمه.

 

(آية5): “تغطيهماللجج قد هبطوا في الأعماق كحجر.”

اللجج=الماء الكثير. هبطوا.. كحجر= القديس يكون كسحابة خفيفة فهو يشتاق للسماويات(أش1:19 هذه عن العذراء + عب1:12). أما الأشرار فهم كالرصاص ثقيل ومنجذب لأسفل(زك7:5،8). فالروح يشتهي ضد الجسد والجسد يشتهي ضد الروح فمن يستجيب للروح يصيرسماوي ينتمي إلى فوق وأما الجسداني ينتمي إلى أسفل ويغرق والبحر يشير للعالمبخطاياه وأمواجه تشير لاضطراب العالم ومن يستجيب لشهوات جسده يغرق في أمواج هذاالعالم ويهلك.

 

(آية6): “يمينك يا ربمعتزة بالقدرة يمينك يا رب تحطم العدو.”

يمينكيا رب= اليمين تشير للقدرة والقوة. معتزة بالقدرة= ممجدة بقدرتها والمسيح هو قوةالله (1كو24:1). إذن الابن هو يمين الرب الذي حطّم العدو بصليبه.

 

(آية8): “وبريح انفكتراكمت المياه انتصبت المجاري كرابية تجمدت اللجج في قلب البحر.”

بريحانفك= قد تشير للرياح التي شقت البحر ثم جمعته ثانية ليغرق المصريين وريح الأنفتشير للغضب الإلهي على أعدائه. تراكمت المياه= أي وقفت كسد على الجانبين. تجمدتاللجج= وقفت المياه عن الجريان وصارت كجسم صلب.

 

(آية9): “قال العدواتبع أدرك اقسم غنيمة تمتلئ منهم نفسي اجرد سيفي تفنيهم يدي.”

قالالعدو= هذا كان تصور فرعون حينما وجد الشعب أمام البحر وهو وجيشه من وراء أن الشعبصار في قبضة يده وأنه سيفترس الشعب. وهذا هو تصور إبليس عن المسيح إذ تصور أنهيمسك به على الصليب. وهذا هو تصوره عن الشهداء وعن كل من في ضيقة أنهم سيكونونغنيمة له بسبب ضعفهم. فعمل إبليس هو الإرهاب المستمر حتى يخيفنا لعل أحد يستسلمفيقع في قبضته.

 

(آية11): “من مثلكبين الآلهة يا رب من مثلك معتزاً في القداسة مخوفاً بالتسابيح صانعاً عجائب.”

منمثلك= ليس لله شبيه في قدرته وحبه وفي طبيعته هو الغير مدرك وغير منظور ولا متغير.معتزاً في القداسة= الرب كلي القداسة وكل الخلائق تمجد قداسته مخوفاً بالتسابيح=أي تسبحه الخليقة في خوف.

 

(آية12): “تمد يمينكفتبتلعهم الأرض.”

تبتلعهمالأرض= ربما حدث زلزال فتح الأرض وابتلع أعداداً منهم (مز18:77) وهذا حدث بعد ذلكمع قورح وجماعته ولكن المقصود غالباً هو البحر والأرض كناية فالأرض تشمل الماءواليابسة، وقيلت هكذا كنبوة عن عمل المسيح ضد إبليس. والأرض تبتلع كل من وضع رجاؤهفيها ويشتهيها غير ناظر للسماويات.

 

الآيات(13-18): “ترشد برأفتك الشعب الذي فديته تهديه بقوتك إلى مسكن قدسك. يسمعالشعوب فيرتعدون تأخذ الرعدة سكان فلسطين. حينئذ يندهش أمراء أدوم أقوياء موآبتأخذهم الرجفة يذوب جميع سكان كنعان. تقع عليهم الهيبة والرعب بعظمة ذراعك يصمتونكالحجر حتى يعبر شعبك يا رب حتى يعبر الشعب الذي اقتنيته. تجيء بهم وتغرسهم في جبلميراثك المكان الذي صنعته يا رب لسكنك المقدس الذي هيأته يداك يا رب. الرب يملكإلى الدهر والأبد.”

هينبوة عن عناية الله بشعبه بعد خروجهم من مصر وحتى يصلوا إلى أرض الميعاد مسكنقدسه، أي حيث يسكن الرب في هيكله وسط شعبه. والله هو الذي قادهم برأفته ليس عناستحقاق لهم= ترشد برأفتك. يسمع الشعوب فيرتعدون= (راجع يش9:2-11 + عد21). فهذاحدث فعلاً لكنه نبوة عن فزع مملكة إبليس من عمل المسيح. حتى يعبر الشعب الذيإقتنيته= أي اشتريته فالله اشترانا بفدائه العجيب. وتكرار موسى حتى يعبر شعبك هوإعلان ان غاية العمل هو الخلاص والعبور إلى الأبدية. وربما ترديدها مرتين هوللإعلان عن أن الله سيقبل الأمم مع اليهود (أي أن العبور للشعبين). تغرسهم في جبلميراثك لقد أقيم الهيكل فعلاً على جبل المريا. والله لا يغرس شعبه في أماكن شريرةوفاسدة بل على جبل أي في السماويات. وعلى جبل يعني أنه على أساس راسخ قوي شامخ.الله يريدنا أن نسكن في الأعالي. وقوله ميراثك لأن الله اقتني الشعب لذاته. المقدسالذي هيأته يداك= هذه تشبه الحكمة بنت بيتها (أم3:9). فهذا الأمر يخص تجسد المسيح،فإن الرب أخذ له جسداً ليس من زرع بشر بل بالروح القدس ومن بطن العذراء. الرب يملكإلى الدهر= عكس فرعون الذي هلك أمامهم.

(آية19): “فان خيلفرعون دخلت بمركباته وفرسانه إلى البحر ورد الرب عليهم ماء البحر وأما بنو إسرائيلفمشوا على اليابسة في وسط البحر.”

وبنوإسرائيل فمشوا على اليابسة وأولاد الله قادرون أن يعيشوا وسط العالم بتقلباته وأمواجهوهم كأنهم على يابسة.

 

(آية20): “فأخذت مريمالنبية أخت هرون الدف بيدها وخرجت جميع النساء وراءها بدفوف ورقص.”

لانعرف لمريم سوى هذا التسبيح فلم يذكر لها أي عمل آخر في الكتاب. ومن نبوة ميخا(مي4:6) نفهم أن مريم كانت من القادة. وأنه لعمل عظيم أن يقود أحد شعب الله ويعلمهالتسبيح. أخت هارون= فموسى تربي في القصر وظلت مريم تدعى أخت هرون طوال فترة غيابموسى في القفر ثم هربه في البرية بالإضافة إلى أن هرون هو الأكبر سناً وأن موسىيميل لإنكار ذاته. بدفوف ورقص= كان الرقص يستخدم في التسبيح وداود رقص أمام تابوتالرب. ولكن هذا بطل لأن الرقص استخدم استخداماً دنيئاً.

 

الآيات(22-25): “ثم ارتحل موسى بإسرائيل من بحر سوف وخرجوا إلى برية شور فسارواثلاثة أيام في البرية ولم يجدوا ماء. فجاءوا إلى مارة ولم يقدروا أن يشربوا ماء منمارة لأنه مر لذلك دعي اسمها مارة. فتذمر الشعب على موسى قائلين ماذا نشرب. فصرخإلى الرب فأراه الرب شجرة فطرحها في الماء فصار الماء عذباً هناك وضع له فريضةوحكما وهناك امتحنه.”

ماأن عبر الشعب وفرح وتهلل حتى بدأت التجارب والآلام، إذ شعروا بالعطش فتذمروا علىموسى، إذ وجدوا ماءً مراً لا يقدر أن يرويهم. وأرشد الرب موسى عن شجرة ألقاها فيالمياه فصارت حلوة. وكان هذا هو أول دروس مدرسة الإيمان وقد فشل الشعب في فهمالدرس أن الله يستطيع كل شئ. كان هذا امتحان= هناك إمتحنه والله لا يمتحن شعبهليعرف إن كان سيجتاز الإمتحان وينجح أو أنه لن يجتازه فيرسب فالله يعلم مقدماً نتيجةالامتحان. لكن الله كان قد اظهر قوته للشعب في معجزات عديدة والآن فالله يُثَّبِتْلهم أنه قادر على كل شئ (هذه هي التمارين التي تعطى للطالب ليقوم بحلها بعد أنشرحت له النظرية، ويكون هذا لتثبيت النظرية في ذهن الطالب) والشجرة كانت ترمزللصليب الذي حول مرارة حياتنا إلى عذوبة وعوض ما نحمله من أعمال الإنسان القديمنتمتع بالطبيعة الجديدة التي صارت لنا في المسيح يسوع.

وإنتعقدت المشاكل أمامنا فلنسبح للمسيح أن يتدخل فيها فيحول ما هو للموت إلى ما هوللحياة وإن عشنا بمنطق الصليب لا يصبح فينا مرار داخلي بل سيكون كل شئ حلو فيحياتنا فنحن إن قبلنا أن نحمل الصليب مع المسيح لن نتذمر وتتحول ألامنا إلى عذوبةوتسبيح.

ولنلاحظأن أول ضربات موسى كانت تحويل الماء إلى دم وأول معجزات البرية تحويل الماء المرإلى ماء عذب وأول معجزات المسيح تحويل الماء إلى خمر (رمز الفرح). وهل يمكن وسطهذا العالم بآلامه أن يكون هناك فرح؟! هذا هو سر الصليب. فمن يقبل أن يحمل الصليبوراء المسيح تتحول حياته إلى عذوبة لأنه سيقبل داخله فرحة القيامة سيكون كل جهادوتغصب وألم له طعم القيامة. هي حياة الرجاء في الأمور العتيدة ومن إنشغل بالحياةالأبدية فحتى الآلام ستكون لها طعم آخر.

 

(آية26): “فقال أنكنت تسمع لصوت الرب إلهك وتصنع الحق في عينيه وتصغي إلى وصاياه وتحفظ جميع فرائضهفمرضاً ما مما وضعته على المصريين لا أضع عليك فإني أنا الرب شافيك.”

إنسمعوا لصوت الله يحول لهم مرارة الحياة إلى عذوبة فيقيهم من الأمراض التي ضرب بهاالمصريين لعنادهم. وإن مرضوا يشفيهم. والله استغل درس تحويل الماء المر إلى ماءعذب ليشرح أنه قادر على تحويل الماء المر في حياتنا أو أي مرارة في حياتنا لعذوبة.هو قادر أن يحميهم ويحمينا من آلام العالم وإن أصابتهم هذه الآلام قادر أن يشفيهمويشفينا منها. ولكن إن سلكوا بالعصيان فسيعاملهم كما عامل المصريين.

 

(آية27): “ثم جاءواإلى ايليم وهناك اثنتا عشرة عين ماء وسبعون نخلة فنزلوا هناك عند الماء.”

إيليمبها تعزيات كثيرة نخيل وماء كثير. فالله يسمح لنا بأن نعبر من مارة إلى إيليم أيخلال جهادنا في حياتنا ننتقل من فترة آلام إلى فترة تعزيات إستعداداً لفترة آلامأخرى وبعدها تعزيات أخرى وهكذا وفي كل مرحلة ينمو الإيمان تدريجياً. وفتراتالتعزية هي عربون لأفراح السماء، كما أن إيليم هي عربون لكنعان المتجه إليهاالشعب، فهذا النخيل وعيون الماء هي عربون الأرض التي تفيض لبناً وعسلاً. وإن سمحالله ببعض الآلام خلال الرحلة فهذه ليست النهاية بل من المؤكد أن هناك أفراح تعقبالآلام. فهناك إيليم بعد كل مارة. وتشير ال12 عين ماء للإثني عشر تلميذاً والسبعيننخلة للسبعين رسولاً (فالعبور كان من العهد القديم للعهد الجديد) ويشيروا للإثنيعشر سبطاً والسبعين شيخاً بمعنى أن الله ملتزم ومتكفل بكل واحد في شعبه يعولهويشبعه ويعزيه.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى