عهد قديم

الإصحَاحُ الأَوَّلُ



الإصحَاحُ الأَوَّلُ]]>

الإصحَاحُ الأَوَّلُ

 

خلقةالعالم

آية1 “في البدء خلق الله السماوات والأرض

فيالبدء :

هىكلمة تشير لمعنيان:

1.                تشير للوقت الذي بدأ الله فيه خلقة الأشياء، أىحينما بدأت تدور عقارب ساعة الزمان فالله أزلى أبدى، غير زمنى. ولكن الخليقة زمنيةتقاس بالزمن فحينما بدأت الخليقة بدأ معها الزمان. وكلمة فى البدء تعنى الحركةالأولى للخلقة وبداية الزمن.

2.                نضع أمامنا هذه الآيات     ” أنا من البدء…” (يو25:8)

“به كان كل شئ…”(يو3:1)

“فيالبدء كان الكلمة” (يو1:1)

“بكر كل خليقة…”(كو 15:1)       

“هوقبل كل شئ وفيه يقوم الكل” (كو 17:1)

“الذى كان من البدء…”(1يو1:1 + 1يو2: 14،13)

“الذىهو البداءة…” (كو 18:1)

لذلكرأى كثير من الآباء أن فى البدء = فى المسيح يسوع ويكون المعنى أن فى المسيح يسوعخلق الله السموات والأرض. أو فى كلمة الله خلق الله…

 

خلق:

هذايثبت أن الله هو الذى خلق العالم. وهذا الكلام موجه لليهود الذين عاشوا وسط الجوالوثني فى مصر وسمعوا عن آلهة كثيرة وبهذا يعلموا أن إلههم الواحد هو خالق السمواتوالأرض فلا يعبدوا هذه المخلوقات (الملائكة أو الشمس أو النار…) وهي تعنى أنالعالم مخلوق وليس أزلى وهذا ثابت علمياً الآن:-

1.                قانون إضمحلال الطاقة :  فالشمس تزداد فيها البقع المظلمة حسبقانون.

2.                العناصر المشعة : تفقد إشعاعيتها مع الوقت ثمتتحول الى رصاص.

3.                إستمرار تغير الكون.

فلوكان العالم أزلى لكانت الشمس قد إنتهت والعناصر المشعة كلها تحولت لرصاص ولأخذالعالم شكل ثابت لا يتغير.

وكلمةخلق بالعبرية كما بالعربية برأ ومنها خالق = بارى وخليقة = برية وهي تعنى إيجادالشئ من العدم. والله خلق من عدم كل شئ فى اليوم الأول ثم بدأ عبر الأيام الستةيستعمل ما خلقه فى أن يصنع كل شئ مما خلقه من العدم والكلمة جاءت هنا بصيغة المفرد.

 

الله:

جاءبصيغة الجمع فكأنه يقول ” فى البدء خلق الألهة السموات والأرض وبالعبريةفالمفرد آل أو آلوه والمعنى الواجب التعظيم والخشوع والإحترام والجمع بالعبريةآلوهيم. وهذا يشير للثالوث الأقدس الذى خلق :-

الآب:   يريد وهو الذات الذىيلد الإبن وينبثق منه الروح القدس.

الإبن:   هو فى البدء الذى يصنعكل شئ ويُكَون كل شئ.

الروحالقدس :    كان يرف علىالمياه ليبعث حياة (اية 2).

 

السموات:

يشيربولس الرسول أنه أختطف للسماء الثالثة. والسموات الثلاث:-

1.                الأولى:  سماء العصافير ويوجد بها طبقة الهواء.

2.                الثانية:   سماء الكواكب. وكلا السماء الأولى والثانيةسموات مادية.

3.                الثالثة:   السماء الروحية التى يستعلن فيها مجد الله وفيهامساكن الملائكة وفيها عرش الله وميراث القديسين حيث يسكنون مع الله.

وكلمةسماء عموماً تشير لكل ما سما وعلا. والسماء الأولى والثانية الماديتان هما اللذانسيزولان مع الأرض لتوجد سماء جديدة وأرض جديدة وبالطبع فلن تزول السماء الثالثةالروحية. ولكن لماذا صمت الكتاب عن خلقة السماوات:-

1.                الكلام فى الكتاب موجه للبشر وهم لن يفهموا ماهو خاص بالسموات. وهذا ماعناه المسيح فى كلامه مع نيقوديموس (يو 12:3).

2.                بولس نفسه لم يستطع أن يصف ما فى السماء فقال”ما لم تره عين ولم تسمع به أذن” لأن لغة السماء مختلفة تماماً عن لغةالبشر على الأرض.

واللهخلق السماء قبل أن يخلق الأرض:

1.                ذكرت السماء قبل الأرض فى هذه الآية.

2.                راجع أى 1:38-7 فالملائكة كواكب الصبح رنموا حينخلقت الأرض.

3.                وكلمة السموات هنا تشير لخلقة الملائكة ثمالكواكب في مساراتها.

 

الأرض:

كلمةأرض هنا تشير أنها كانت في حالة جنينية. والكلمة المستخدمة هنا تشمل أول حرف وأخرحرف في العبرية ( ما يناظر الألف والياء) وهذا ما دعا العلماء لأن يقولوا أنالكلمة هنا تعنى أن الله خلق كل المواد أولاً والتى سوف يستخدمها فى الأيام الستةفى خلقة العالم.

وعبارة”فى البدء خلق السموات والأرض” تحتمل معنيين:

1.                هي عبارة موجزة تعلن أن الله خلق السموات والأرضوباقى الإصحاح يشرح التفاصيل.

2.                أن هذه العبارة تشير لأن الله خلق الموادالأولية في صورة غير كاملة ثم تأتى باقى آيات الإصحاح لتشرح كيف إستخدم الله هذهالمواد الأولية (المشار لها هنا بكلمة الأرض) ليصنع منها أرضنا الجميلة. وهذاالرأى هو الأرجح. وتصبح كلمة الأرض هنا بمعنى المواد الأولية التى سيصنع الله منهاالأرض.

 

أية2 “وكانت الأرض خربة وخالية وعلى وجه الغمر ظلمة وروح الله يرف على وجهالمياه

وكانت الأرض خربة وخالية:

الأرضهنا هو كل ما ينتمى للمادة. وهو ما يسمى الهيولى وهى المادة الأولية اللامتشكلةالمفروض أنها سبقت الشكل الحالى للكون وبالإنجليزية CHAOS. وكلمة خربةوخالية بالعبرية توهو وبوهو وبالإنجليزية Without form & void أى مشوشةعديمة الشكل ومقفرة. لا تصلح للحياة فارغة من كل جمال، يكسوها الظلام. والترجمةالسبعينية ترجمتها “غير منظورة وغير كاملة”.

وعلىوجه الغمر ظلمة:

الغمرفى العبرية تشير لمعنى العمق والتشويش. وكلمة غمر مستخدمة لأن المياه كانت تغمر كلشئ بعمق. والظلمة نشأت من أن حرارة الأرض الشديدة جداً فى بدايتها جعلت المياهتتبخر وتكون ضباب وأبخرة منعت النور عن وجه الأرض.

وروح الله يرف على وجه المياه:

كلمةروح وكلمة ريح هى كلمة واحدة فى العبرية واليونانية ومن عادات اللغة اليهودية أنهمإذا قالوا روح الله فمعناها ريح عظيمة وإذا قالوا رئيس من الله تك 6:23 إذا هورئيس عظيم، وقول راحيل مصارعات الله قد صارعت أى مصارعات عظيمة، سبات الرب وقععليهم أى سبات عظيم. وهكذا فهم اليهود الآية أن هناك ريح عظيمة هى نفخة الربلإعلان بدء الخليقة (مز 6:33 + أي 13:26). وهكذا كان تشبيه المسيح يو 8:3 ونحنالمسيحيين نفهم هذه الآية على أن الروح القدس هو الذى كان يرف على المياه ليعطىحياة وليكون عالم جميل. وما يربط كلا المعنيين ما حدث يوم الخمسين يوم حل الروحالقدس على الكنيسة فصار صوت كما من هبوب ريح عاصفة (أع 2:2).

وتعبيريرف إستخدم في تث 11:32 + أش 5:31 + مت 37:23 والمعنى المقصود بالكلمة يحتضن. وكأنالروح يشبه طائراً يحتضن بيضاً ليهبه حياة خلال دفئه الذاتى.ولا يزال الروح القدسيحل على مياه المعمودية ليقدسها فيقيم من الإنسان الذى أفسدته الخطية وجعلت منهأرضاً خربة وخاوية، سموات جديدة وأرضاً جديدة.

ويقولالعلامة ترتليان لقد أنجبت المياه الأولى حياة، فلا يتعجب أحد إن كانت المياه فىالمعمودية أيضاً تقدر أن تهب حياة. والروح القدس هكذا يحتضننا ويريد أن يعمل فيناليصيرنا نوراً للعالم، يعمل فينا نحن المادة التى بلا جمال ولا قداسة ليخلق فيناما هو حسن ومقدس. (راجع أيضاً حزقيال 37).

 

الآيات3-5: وقال اللهليكن نور فكان نور ورآى الله النور أنه حسن وفصل الله بين النور والظلمة ودعا اللهالنور نهارا والظلمة دعاها ليلاً وكان مساء وكان صباح يوماً واحداً

 

اليومالأول

هناكرآيين بخصوص الأيام الستة

أولاً:      أنها أيام حقيقية كلمنها 24 ساعة وأصحاب هذا الرأى يقولون الله قادر على كل شئ.

ثانياً:      أنها حقبات زمنية لانعرف مقدارها فقد تطول لتصبح آلاف الملايين من السنين وهذا هو الأرجح للأسبابالآتية:

1.                الأيام ليست أيام شمسية فالشمس لم تكن قد خلقتفى اليوم الأول وحتى اليوم الثالث.

2.                اليوم السابع بدأ ولم ينتهى حتى الآن. حقاً إنيوماً عند الرب كألف سنة 2 بط 8:3.

3.                فى تك 4:2 “يوم عمل الرب الإله الأرضوالسموات” هنا أدمجت الستة أيام فى يوم. فكلمة يوم هنا لا تعنى بالقطع اليومالمعروف الآن بـ 24 ساعة.

4.                وحتى الآن ففى القطبين اليوم ليس 24 ساعة.

5.                الكتاب المقدس يستخدم كلمة اليوم بمعانى مختلفةبمفهوم أوسع من اليوم الزمنى:-

‌أ.                               يقصد به الأزل… أنت إبنى أنا اليوم ولدتك مز 7:2+ عب 5:1.

‌ب.                           يقصد الكتاب بقوله عن الله “القديم الأيام”دا 9:7 أنه أزلى.

‌ج.                            يقصد به الأبدية… “يوم الرب” أع20:2.

 

ولماذاكان يقول كان مساءه وكان صباح؟

(ولاحظ أنه قبل خلقة الشمسلم يكن هناك مساء وصباح بالمعنى المفهوم الآن).

1.     تعبيرمساء وصباح هو تعبير يهودى عن اليوم الكامل. فاليوم يبدأ من العشية ثم الصباح.وهكذا نفعل نحن الآن فى الكنيسة فيوم الأربعاء مثلاً يبدأ من غروب الثلاثاء وينتهىبنهاية صباح الأربعاء ثم يبدأ يوم الخميس من غروب الأربعاء وهكذا.

2.     المساءهو ما قبل خروج العمل للنور والصباح هو ما بعد خروج العمل.

3.     فياليوم الأول خلق الله النور فكان بعد خلق النور صباح هذا اليوم وما قبل خلقة النورمساء اليوم الأول.

4.     فياليوم السابع إستراح الله، والله إستراح بعد الفداء الذى صنعه المسيح وكان ما قبلمجئ المسيح شمس البر هو مساء اليوم السابع وما بعد المسيح صباح هذا اليوم.

5.     كاناليهود يسمون المساء “عرب” من غروب فى العربية والكلمة فى العبرية تعنىمزيج أو خليط والمقصود به إختلاط النور مع العتمة. وكانوا يسمون الصباح”بقر” أى شق أو إنفجر لأن النور هنا شق جلباب الظلام. ولسبق الظلمة علىالنهار بدأوا اليوم بالمساء.

6.     اليومالثامن هو الأبدية بعد القيامة العامة حيث النور الدائم وحيث تستمر حياتنا للأبدفى هذا النور ولكن حياتنا بدأت في مساء هذا العالم وستكمل فى صباح الأبدية. وهناكيفصل الله بين النور (أبناء النور) والظلمة (أتباع إبليس سلطان الظلمة).

 

خلقةالنور:

هناكنظرية تسمي نظرية السديم. والسديم هو كتلة غازية هائلة الحجم ذات كثافة متخلخلة.وغازاتها ذات حركة دوامية. وهى تحتوى على كل مقومات الطاقة والمادة. ومادة السديمخفيفة جداً فى حالة تخلخل كامل ولكنها أى ذرات هذا السديم تتحرك بإستمرار من الوضعالمتباعد حول نقطة للجاذبية في مركز السديم وبإستمرار الحركة ينكمش السديم فتزدادكثافته تدريجياً نحو المركز وبالتالى يزداد تصادم الذرات المكونة له بسرعات عظيمةوهذا يؤدى لرفع حرارة السديم. وبإستمرار إرتفاع الحرارة يصبح الإشعاع الصادر منالسديم إشعاعاً مرئياً فتبدأ الأنوار فى الظهور لأول مرة ولكنها أنوار ضئيلةخافتة، فسفورية. وهذا يفسر ظهور النور فى اليوم الأول وخلقة الشمس فى اليومالرابع، ففى اليوم الأول لم تكن الشمس قد أخذت صورتها الحالية، بل أخذت هذه الصورةفى اليوم الرابع. وفى السموات الآن أعداداً هائلة من هذه السدم. ” قد يكونأول مصدر للنور الشمس ذاتها فى حالتها السديمية الأولى أو أى سدم سمائية أخرى.

 

وهذاالسديم كثير الإنفجار والإنكماش. ونتيجة لهذا الإنكماش نشأ فراغات متخلخلة وحركةالغازات الدوامية سببت تمزيقاً أدى إلى تكوين ما يشبه الأذرع الخارجة عن جزئهاالمركزى وبزيادة التخلخل إنفصلت هذه الأذرع متكاثفة بعيداً عن الجزء الأم.

وكانأن الأجزاء المنفصلة كونت الكواكب المعتمة ولكن بفعل الحركة ظلت هذه الكواكب دائرةفى فلك الجزء المركزي.

وبإستمرارالإقتراب بين الذرات وإستمرار تصادمها أدى هذا لإرتفاع كبير فى درجة الحرارة وأدىلتفاعلات نووية (كما هى حالة الشمس الآن). وهكذا كانت كل الكواكب مثل الشمس لكن معالأيام بردت الكواكب مثل الأرض قبل الشمس لصغر حجمها بالمقارنة مع الشمس وبعد أيامكثيرة ستبرد الشمس أيضاً وتتحول لكوكب مظلم. وكانت دورة الكواكب (الأرض/المريخ… إلخ)أسرع من الشمس فهى وصلت للسخونة والبرودة أسرع من الشمس لصغر حجمها بالمقارنة معالشمس.

تفسيرأباء الكنيسة لظهور النور قبل خلقة الشمس

عللتوما الإكوينى (1225-1274) نور اليوم الأول بأنه نور الشمس التى لم تكن قد إتخذتهيأتها قبل اليوم الرابع للخليقة وفسره ذهبى الفم (344-407) بأنه كان نور الشمسالتى كانت فى اليوم الأول عارية من الصورة وتصورت فى اليوم الرابع.

 

بدءظهور النور على الأرض

كانتالأرض محاطة بغيوم كثيفة تحجز النور عنها وعندما بدأ ينقشع هذا الضباب بدأ النوريظهر. وكان هناك مناطق بها غيوم كثيفة حجزت النور أما المناطق التى إنقشع عنهاالضباب فصارت منيرة. هذا هو أول معنى لفصل النور عن الظلمة. وأيضاً بدأ ظهور النورحينما تكون الغبار حول الأرض الذى تنكسر عليه الأشعة فيظهر النور. هنا نقف أمامقول بولس الرسول “لم يتكون ما يرى مما هو ظاهر” عب 8:3.

واللهفصل بين النور والظلمة:

فإذاأشرق النور لا تصير هناك ظلمة. وبداءة كان هناك مناطق منيرة ومناطق مظلمة ثم عينالله الشمس لهذا بعد ذلك فبشروقها يكون نور وبغروبها يكون ظلام وهذا ناشئ عن دورانالأرض والشمس.

واللهكانت أول أعماله خلقة النور لنرى نحن أعماله فنسبحه كما تسبحه ملائكته. والنور هوبكر خلائق الله. والمسيح البكر كان هو نور العالم. والعكس هو الشيطان سلطان الظلمةالذى أعماله تكون ليلاً حيث يسرق وينهب أما الله فأعماله فى النور فكلها حب وعطاءوكلها حسن وجميل.

وقالالله:

المسيحهو كلمة الله وقوته ويده، به صنع كل شئ (مز 9:33) وكلمة قال هنا لا تعنى أن اللهتكلم ليسمعه أحد بل هو أراد فنفذ كلمته (الأقنوم الثانى) إرادته. فالمسيح كلمةالله به كان النور فهو النور الحقيقى. راجع كو1: 16،17

ورأيالله النور أنه حسن:

لميقل هذا عن الظلمة. فالله لم يخلق ظلمة، بل أن الظلمة ناشئة عن غياب النور، هيحرمان من النور، بل بظهور النور إنفضحت الظلمة وعرفت. لكن الظلمة جعلها الله نتيجةلدوران الأرض، والإنسان المتعب من العمل نهاراً يحتاج إلى الليل لينام ويعطى جسدهراحة أما فى الأبدية فلا تعب ولا حاجة للظلمة أبداً. وكون أن الله يجد الشئ حسنفهذا ليس راجعاً فقط لشكله وجماله بل لأنه كاملاً ونافعاً ومناسباً. وكان أن اللهخلق كل شئ حسن ولكن الإنسان بفساده أفسد إستخدام الخليقة الصالحة. وبعد أن جاءالمسيح ليجدد طبيعتنا الساقطة وكأنه يخلقها من جديد لا نعود نرى في العالم شيئاًشريراً.

ودعاالله النور نهاراًً والظلمة دعاها ليلاًً:

هناالله يعلم الإنسان أن يدعو الأشياء بأسمائها ويميزها حتي لا يسقطوا تحت الويلالنبوى ” ويل للقائلين للشر خيراً وللخير شراً الجاعلين الظلام نوراً والنورظلاماً أش 20:5″ فالله فصل بين النور والظلمة لكى نقبل النور كأبناء للنورونرفض الظلمة فلا نسقط تحت ليل الجهالة المهلك. وفصل النور عن الظلمة يشير لفصلالملائكة عن الشياطين بعد سقوطهم فصاروا ظلمة، وفصل القديسين فى السماء وهم فىأحضان إبراهيم عن الأشرار في الجحيم مثل الغنى وبينهما هوة عظيمة.

وكانأول أعمال الله هو النور ورأت الملائكة فمجدته أي 7:38. وهكذا فى بداية الخليقةالجديدة حينما قام المسيح من القبر المقدس إنطلق منه نور مازال ينطلق حتي اليوم فىبعض الأوقات لأن الرب أشرق علينا بنوره الألهي. وهكذا فى المعمودية ننعم بالنور الإلهى،نور قيامته عاملاً فينا، كأول عمل إلهى فى حياتنا. ولذلك نسمى المعمودية “سرالإستنارة” فنوهب روح التمييز بين النور والظلمة “أف 8:5”

 

الآيات6-8: “وقالالله ليكن جلد فى وسط المياه وليكن فاصلاً بين مياه ومياه. فعمل الله الجلد وفصلبين المياه التى تحت الجلد والمياه التى فوق الجلد وكان كذلك. ودعا الله الجلدسماء وكان مساء وكان صباح يوماً ثانياً

 

اليومالثانى

 

الجلد:

الكلمةالعبرية هى “رقيع” وتعنى أى شئ مبسوط وممتد (أش 22:40).

وتشيرالكلمة لغطاء ممتد أو خيمة مبسوطة. والكلمة اللاتينية Firmamentum والإنجليزية Firmament وتعنى دعامةأو أساس ثابت (ربما من نفس مصدر كلمة Firm أى ثابت ومتين).

والقديسباسيليوس فسر كلمة جلد بأن الهواء هو جسم له صلابة (أى كثافة وشدة) فيستطيع أنيحمل السحاب فوقه. إذن الجلد هو الجو المحيط بالأرض. ونرى هنا أن موسى لم يأخذبالرأى القديم أن الهواء هو فراغ وعدم فموسى لا يردد ما يسمعه من الناس بل منالروح القدس. والجلد إذن هو سماء الطيور، وليس سماء الكواكب. وطريقة تحقيق ذلككانت بأن الأرض كانت فى غليان مستمر وبخار فكانت محاطة بغلاف بخارى كثيف. وفىالفترة بين اليوم الأول والثانى أى الحقبة الأولى والثانية أخذت درجة الحرارةتهبط، وبالتالى هدأ البخار وبدأ الجو يصير صحواً. أما تسمية الجلد سماء فذلك منقبيل إطلاق الكلمة على ما هو سام ومرتفع.

 

كيفتكون الجلد

كانجو الأرض مدفوناً تحت سطحها. وتشمل خاماته الأولية والمواد الطيارة الحبيسة فيالبلورات أو الداخلة في تركيب الجزيئات الثقيلة في الأيام الأولي لتكوينها… وكلهذه الخامات تحررت من البراكين مع الرماد والحمم وتحررت من الينابيع والنافورات معمائها وأملاحها وغازاتها… وهكذا تكون جو الأرض بعد أن هدأت الغيوم وخرجت الغازات.

 

المياهالتي تحت الجلد والمياه التي فوق الجلد:

هناقدم المياه التي تحت لأنها الأصل والمنشأ لما فوق وهذا الجلد يفصل ما بين المياهالتي من فوق أي السحب، والمياه التي من أسفل أى البحار وقد حمل هذا مفهوماًروحياً. فحينما يستنير الإنسان (بعمل نور المعمودية – اليوم الأول) عليه أن يحملداخله الجلد الذى يفصل بين مياه ومياه فيتقبل مياه الروح القدس العلوية واهبةالحياة (يو 14:4) ويسمو فوق المياه التي هي أسفل، مياه البحر المالحة التى من يشربمنها يعطش أكثر. وإذ يرتبط المؤمن بالمياه العليا التي هي فوق في السماوات يصيرسماوياً، ويطلب الأمور المرتفعة العلوية، فلا يكون له فكر أرضى بل سماوى (كو1:3)ونلاحظ أنه لم يقل هنا أنه حسن. ولعل هذا راجع أن السماء لم تكن قد إكتملت زينتهابالكواكب والنجوم أو لأن عمل اليوم الثاني والثالث كان متصل حيث إجتمعت المياهمعاً في اليوم الثالث ولما تم العمل قال إنه حسن فى اليوم الثالث. وهناك رأى يقولأن اليهود كانوا ينظرون إلى الهواء كمسكن للشياطين (أف2:2) بهذا المفهوم لم يقلهنا أنه حسن فالجلد مسكن الشيطان. لذلك فحين علق المسيح على الصليب حاربهم فىعرينهم. ولذلك قال بولس الرسول ” سنخطف جميعاً معهم في السحب لملاقاة الرب فيالهواء 1تس 17:4″ فإن كانت الشياطين تقطن الهواء، فالرب قد غلبهم في عرينهموسيحملنا في ذات الموضع كأبناء الميراث عوضاً أن كنا أبناء المعصية. والهواء يشيرلخروج النفس من الجسد خلال الموت لتنطلق في الهواء. وبعد أن كانت النفس قبل المسيحتنطلق من الجسد فتجد الشياطين تحاصرها فى الهواء، أصبحت تقابل الرب في الهواء.

 

الأيات9-13:“وقال الله لتجتمع المياه تحت السماء إلى مكان واحد ولتظهر اليابسة وكان كذلك.ودعا الله اليابسة أرضاً ومجتمع المياه دعاه بحاراً ورأى الله ذلك أنه حسن. وقالالله لتنبت الأرض عشباً وبقلاً يبزر بزراً وشجراً ذا ثمر يعمل ثمراً كجنسه بزرهفيه على لأارض وكان كذلك. فأخرجت الأرض عشباً وبقلاً يبزر بزراً كجنسه وشجراً يعملثمراً بزره فيه كجنسه ورأى الله ذلك أنه حسن. وكان مساء وكان صباح يوماً ثالثاً “.

 

اليومالثالث

أية9: “وقال الله لتجتمع المياه تحت السماء الى مكان واحد ولتظهر وكان كذلك”

حينبردت الأرض ظهرت القشرة الأرضية وحين بردت أكثر أدى هذا إلي تقلص القشرة الأرضيةوتشققها فنشأت المجارى العميقة ومنها المحيطات والبحار والأنهار وكل مجتمع البحارمتصل بعضه ببعض، أما البحار المعزولة الآن فجاءت نتيجة عوامل طبيعية مختلفة.ونلاحظ أن ¾ مساحة الأرض عبارة عن مياه لتكون كمية البخر كافية لتكوين سحاب كافىليروى الأرض ويرطب جوها.

أية11: “ودعا اللهاليابسة أرضاً ومجتمع المياه دعاه بحاراً ورأى الله ذلك أنه حسن”

نجدهنا خلقة النبات ولم يخلق الله النبات إلا بعد أن خلق مستلزمات نموه من أرض وحرارةمعقولة وأنوار. وخلقة النباتات لازمة فى هذه الحقبة قبل خلقة الحيوان والإنسان،فجو الأرض الأن مشبع بغازات كربونية والنبات يمتص هذه الغازات ويخرج بدلاً منهاأكسوجين فيتنقى جو الأرض. وحين يخلق الله الحيوان يجد النبات غذاء له ويجد أيضاًالجو نقى فيستطيع الحياة.

وموسىقد رتب بالوحى الإلهى ترتيب ظهور الحياة النباتية (عشب فبقل فشجر) والعشب مثلالطحالب والحشائش القصيرة والبقل يشمل نباتات الحبوب (قمح/ ذرة/ فول……) والنباتاتحتى تنمو فى اليوم الثالث قبل شمس اليوم الرابع فلهذا إحتمالات:

1.     اللهقادر أن ينبت النبات دون شمس فهو خالق الكل.

2.     ربماأستفادت النباتات من حرارة الأرض الذاتية ومن الأنوار السديمية أو من الشمس ذاتهاقبل أن تأخذ صورتها الحالية أو دورتها الحالية بينها وبين الأرض.

3.     انيكون الله إكتفى بالحشائش لتنقية الجو وأعطى للأرض إمكانية الإنبات فى هذا اليومثم أنبتت الأرض البقول والأشجار في أيام لاحقة. ونجد في (تك8:2) أن الرب الأله غرسجنة ليسكن فيها آدم فربما تكون فى هذه المرحلة أن النباتات بدأت تأخذ شكلهاالمعروف. وأما نباتات اليوم الثالث فكانت شئ خاص لتنقية الجو.

الترتيبالذى أعلنه موسى للخليفة وهو أعشاب/ بقل/ شجر/ حيوانات مائية/ طيور/ حيواناتأرضية/ إنسان، يتفق مع الترتيب الذى تضعه علوم الحياة الحديثة.

ولاحظأن اليوم الثالث هو الذى ظهرت فيه الأرض المثمرة بعد أن كانت مدفونة لمدة يومينتحت الماء. واليوم الثالث هو يوم قيامة المسيح.

والأرضتشير للإنسان (خرج الزارع ليزرع… وبعض البذور وقعت على أرض صالحة فأعطت ثمراً).وكون الأرض غارقة تحت مياه البحر فهذا يشير لغرق الإنسان وموته فى خطايا وشهواتالعالم. وتوبة الإنسان تجعله يقوم مع المسيح فيكون له ثمر. فالأرض الصالحة طالماكانت مدفونة فلا فائدة منها (الأرض هنا تشير لحياتنا أو لوزناتنا) (مت 8:13 +25:25) راجع تك 27:27. إذن فى إنبات الأرض علامة على قيامة الجسد، فكما تخرج الأرضحياة بأمر الرب، هكذا بأمره يرد الحياة لجسدنا المائت.

 

الآيات14-19: وقال اللهلتكن انوار في جلد السماء لتفصل بين النهار والليل وتكون لآيات وأوقات وأيام وسنين.وتكون أنواراً في جلد السماء لتنير على الأرض وكان كذلك. فعمل الله النورينالعظيمين النور الأكبر لحكم النهار والنور الأصغر لحكم الليل والنجوم. وجعلها اللهفي جلد السماء لتنير على الأرض. ولتحكم على النهار والليل ولتفصل بين النوروالظلمة ورأى الله ذلك أنه حسن. وكان مساء وكان صباح يوماً رابعاً”

 

اليومالرابع

آية14: “وقال الله لتكن أنوار في جلد السماء لتفصل بين النهار والليل وتكونلآيات وأوقات وأيام وسنين “

 

أنوار

هنابالعبرية مأوروت وتعنى حوامل نور أو نيرات والمقصود بها الشمس والقمر والنجوم أماكلمة نور في الإصحاح الأول فهى بالعبرية أور ومقصود بها مجرد إشعاع أو ضياء قديكون سببه أنوار السدم أو أى مصدر كهرومغناطيسى أو كيميائى أو أنه نور الشمسالسديم الأم التى ستشكل الشمس فيما بعد.

 

جلدالسماء:

هذاغير جلد الأرض (أية 6) الذى يفصل بين مياه ومياه. فجلد السماء هو الذى يحملالكواكب.

حتىاليوم الرابع كان نور الشمس أو الشمس ذاتها فى حالة هيولية ولم تأخذ الشمس صورتهابعد. وكان هذا اليوم هو يوم ترتيب العالم الشمسى وفيه توالى الليل والنهار، كما هومعروف إلى يومنا هذا. وأخذ الفلك شكله المعروف. وهل يمكن أن ننسب حفظ الكواكب فيمداراتها بهذا الإعجاز للصدفة!! حقا فالسموات تحدث بمجد الله. وهناك تأمل روحى فإنالشمس تشير للمسيح، شمس البر الذى قدمه الآب لنا ليحول ظلمتنا إلى نور. والقمريشير للكنيسة التى لا تضئ من نفسها بل ينير عليها المسيح فتضئ والكواكب همالقديسون سواء علي الأرض أو فى السماء كل له موضعه في الفلك ويضئ.

 

تكونلآيات:

فالشمسلها موعدها تشرق فيه كل صباح وهى تشرق وتغرب بحسب قانون معروف وحين يكسر هذاالقانون فيكون بطريقة معجزية أو آية وهذا حدث 3 مرات:

1.         يوم صلبالمسيح حدثت ظلمة علي الأرض ولم يكن وقت كسوف.

2.         بصلاة يشوعتوقفت الشمس ليكمل حربه ضد عدوه يش 12:10.

3.         رجوع الظلعلى المزولة كعلامة لتأكيد شفاء حزقيا الملك 2 مل 11:20.

 

وأوقات:

الكلمةفى العبرية تشمل الأعياد والمناسبات التى أمر الله بها أش 13:66 وقد حدد الناسمواسم الزراعة وهجرة الطيور بحسب الوقت الذى يحدده مكان الشمس وفصول السنةومواسمها (ربيع/ شتاء…) كل هذا راجع للشمس.

 

وأياموسنين:

هناكتقويم شمسى وتقويم مبنى على دورة القمر وتقويم مبنى على الكواكب (الشعرى اليمانية)وهم بالترتيب السنة الميلادية ثم السنة العربية ثم السنة القبطية.

آية16 :”فعمل اللهالنورين العظيمين النور الأكبر لحكم النهار والنور الأصغر لحكم الليل والنجوم “

النورينالعظيمين:

أىالشمس تنير صباحاً والقمر ينير ليلاً.

 

الآيات20-23:“وقال الله لتفض المياه زحافات ذات نفس حية وليطر طير فوق الأرض على وجه جلدالسماء. فخلق الله التنانين العظام وكل ذوات الأنفس الحية الدبابة التى فاضت بهاالمياه كأجناسها وكل طائر ذى جناح كجنسه ورأى الله ذلك أنه حسن. وباركها اللهقائلاً أثمرى وأكثرى وأملائى المياه في البحار وليكثر الطير على الارض. وكان مساءوكان صباح يوماً خامساً

 

اليومالخامس

آية20: “وقال الله لتفض المياه زحافات ذات نفس حية وليطر طير فوق الأرض على وجهجلد السماء “

لتفضالمياه:

كلسمكة تضع آلاف من البيض فيفيض الماء سمك. وهناك كائنات مجهرية منها ألاف مؤلفة فينقطة ماء واحدة. وكما خرج من الماء أحياء مائية هكذا تلد مياه المعمودية كائناتحية حسب النعمة. وأخذت السمكة رمزاً للمسيحية فكلمة سمكة بالقبطية”إخثيس” خمسة حروف كل حرف منها يبدأ كلمة من الجملة “يسوع المسيحإبن الله مخلصنا” ولأن السمك يعيش فى الماء ولا يموت هكذا فالمسيحى يحيا فىالعالم ولا يموت روحياً.

زحافات:

ترجمتفي الإنجليزية حيتان ولكن أصل الكلمة العبرى يشير لكل الأسماك الضخمة.

آية21: “فخلقالله التنانين العظام وكل ذوات الأنفس الحية الدبابة التى فاضت بها المياهكأجناسها وكل طائر ذى جناح كجنسه ورأى الله ذلك أنه حسن “

كأجناسها:

كلحيوان وكل طير بل كل نبات يخرج ويلد كجنسه ولا برهان على نشوء جنس جديد من يوم خلقالله هذه الأجناس كلها.

آية22: “وباركها الله قائلاً أثمرى وأكثرى وأملائى المياه في البحار وليكثرالطير على الارض “

وباركها:

أىأعطاها الله قوة للتوالد والإثمار.

 

الآيات24-31:  “وقال الله لتخرج الأرض ذوات أنفس حية كجنسها بهائم ودباباتووحوش أرض كأجناسها وكان كذلك. فعمل الله وحوش الأرض كأجناسها والبهائم كأجناسهاوجميع دبابات الأرض كأجناسها ورأى الله ذلك أنه حسن. وقال الله نعمل الانسان علىصورتنا كشبهنا فيتسلطون على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى البهائم وعلى كل الأرضوعلى جميع الدبابات التى تدب على الأرض. فخلق الله لإانسان على صورته على صورةالله خلقه ذكراً وأنثى خلقهم. وباركهم الله وقال لهم أثمروا وأاكثروا وأاملأواالأرض وأخضعوها وتسلطوا على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى كل حيوان يدب. وقالالله أنى قدأاعطيتكم كل بقل يبزر بزراً على وجه كل الأرض وكل شجر فيه ثمر شجر يبزربزراً لكم يكون طعاماً. ولكل حيوان الأرض وكل طير السماء وكل دبابة على الأرض فيهانفس حية أعطيت كل عشب أخضر طعاماً وكان كذلك. ورأى الله كل ما عمله فإذاً هو حسنجداً وكان مساء وكان صباح يوماً سادساً

 

اليومالسادس

فياليوم الخامس كانت خلقة المخلوقات المائية والطيور التى تطير في الهواء: جلدالسماء

وفياليوم السادس خلق الله الحيوانات التى تعيش على الأرض وخلق الإنسان الذى يعيش علىالأرض وقد خلقهم الله بعد أن هيأ كل شئ لإمكانية حياتهم.

بهائم:

الحيواناتالمستأنسة التى يستخدمها الإنسان.

دبابات:

التىتدب على الأرض (حيات/ سحالى/ ديدان) أو ماله أرجل قصيرة كالفأر.

وحوش:

هىالوحوش المفترسة ويرى بعض القديسين أن هذه الوحوش لم تحمل روح الشراسة إلا بعدسقوط الإنسان. فالديناصورات كانت من آكلات الحشائش. فكما أخرجت الأرض شوكاً وحسكاًهكذا إنعكست طبيعة العصيان على بعض الحيوانات فصارت شرسة ومفترسة. وهذا تفسير لأنالأرض صارت ملعونة بسبب آدم.

أية26: “وقال الله نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا فيتسلطون على سمك البحر وعلىطير السماء وعلى البهائم وعلى كل الأرض وعلى جميع الدبابات التي تدب على الأرض”

أخيراًتوج الله خليقته الأرضية بخلق الإنسان ولم يخلقه أول المخلوقات لسببين:-

1.     حتىلا يظن الإنسان نفسه شريكاً لله فى الخلق فيتضع أى 4:38.

2.     اللهخلقه بعد أن أعد له كل شئ ليعيش في جنة غرسها الله له. بعد خلق المسكن خلق الساكن.والله لم يخلق الإنسان كخليقة وسط مخلوقات بلا حصر وإنما نلاحظ فرقين أساسيين

1)                                                                نعمل الإنسان:

 لم يقل الله كالعادةليكن إنسان فكان إنسان. هذا التعبير المستخدم قد يشير للمشورة الثالوثية لخلقةالإنسان أو يشير لإهتمام الله العجيب بالإنسان الذى قال عنه “لذاتى مع بنىآدم” (أم 31:8) وقد تشير أن الإنسان خلق على شكل ثالوث فهو كائن عاقل حى.”يلذ للثالوث الأقدس أن يعمل معاً بسرور من أجل هذا الكائن المحبوب

عموماًفخلقة الأنسان هى عمل الثالوث الأقدس. الآب يريد والإبن يخلق والروح يعطى حياة.لذلك ففى الخلقة الجديدة بالمعمودية ظهر الثالوث الأقدس (عيد الظهور الإلهى)فالإبن فى الماء والروح القدس على هيئة حمامة والآب يقول “هذا هو إبنى الحبيبالذى به سررت” إعلاناً عن فرحة الآب بعودة البشر إلى حضنه في إبنه الوحيدبتقديس الروح القدس.

2)                                                                علي صورتنا كشبهنا:

لاحظأن الله لم يقل على صورنا فالله ثالوث فى واحد والله وضع صورته فينا علامة ملكهلنا كما يضع الملك صورته على العملات النقدية والإنسان هو أقرب خليقة الله لصورةالله مع الإحتفاظ بالفارق الضخم بين الله والإنسان. ونحن صورة الله ليس بحسب الجسدلكن بحسب الروح، فالجسد مأخوذ من تراب الأرض، أما الروح فهى نسمة حياة نفخها اللهفي أنف الإنسان (تك2: 7). ولأننا كبشر لسنا مثل الله أضاف بقوله كشبهنا. ولكن لمتقال هذه الكلمة عن المسيح فهو صورة الله وهو بهاء مجده ورسم جوهره (عب 3:1). وهوالذى قال “من رآنى فقد رآى الأب” لذلك لم يقال أن المسيح يشبه الله فهوالله نفسه. ونحن نشبه الله في الآتى:

1.      الإنسانله طبيعة ثالوثية مثل الله فالله كائن عاقل حى وهكذا الإنسان مع الفارق فالله أزلىواجب الوجود هو الخالق، والإنسان مخلوق أعطاه الله حياة من محبته (هذا من ناحيةالذات). والله بعقله خلق كل شئ والإنسان بعقله بالكاد يفهم شئ مما خلقه الله (هذامن ناحية العقل) والله بروحه يعطى حياة والإنسان بروحه يحيا هو ولكن لا يعطى حياة(هذا من ناحية الروح).

2.      الإنسانيشبه الله في صفاته

‌أ.       الحرية والإختيار: الله وضع أمامه شجرة معرفةالخير والشر وشجرة الحياة وخيره بينهما. ومعنى كشبهنا أن حرية الله مطلقة بينماحرية الإنسان محدودة.

‌ب.   القداسة: راجع أف 24:4. وكشبهنا تعنى أن اللهقدوس قداسة مطلقة بينما الإنسان يسعى ليكون قديساً.

‌ج.    الحكمة والمنطق: وهذا لم يوجد في أى خليقة آخرى.وكشبهنا تعنى أن حكمة الله لا نهائية بينما الإنسان حكمته محدودة.

‌د.      سلطان: فيتسلطون على سمك البحر وعلى طير السماء…تك 26:1 لكن سلطان الإنسان كان محدوداً (فليس له سلطان علي الكواكب مثلاً….) فهوليس إلهاً.وهذا معنى كشبهنا.

‌ه.       المعرفة: آدم أعطى أسماء للحيوانات (تك 19:2)بعد أن أفهمه الله صفاتها.

‌و.      المحبة: محبة الله لا نهائية لكن محبة الإنسانمهما كانت فمحدودة.وهذا معنى كشبهنا.

‌ز.     الخلود: راجع رو 12:5 فالله خلق الإنسان ليحياللأبد ليس ليموت وأما الموت فدخل كعقوبة مؤقتة.

ولاحظانه لم يقل على صورتنا ومثالنا، فنحن نعم على صورة الله فى الصفات التي ذكرناهاولكن نحن نشبهه. فصفات الله مطلقة، أما صفاتنا فنسبية فالله حر حرية مطلقة أماالإنسان فله حرية داخل دائرة معينة لا يتعداها كلاعب الكرة الذي إذا أتته الكرة هوحر أن يعطيها لأي لاعب أخر ولكن ليس حراً ان يضرب أي لاعب مثلاً. وفي القداسة،فقداسة الله مطلقة فهو المتسامي والمرتفع عن الأرضيات والخطايا أما الإنسان فهوالساعي نحو القداسة. ومن ناحية السلطان فسلطان الله مطلق أما سلطان الإنسانفمحدود.وهذا معنى كشبهنا.

فالإنسانصار ممثل لله يحمل صورته وهو كشبهه فصار له سلطان علي كل المخلوقات هو يحكم ويسيطربإسم الله علي كل الخليقة. ولكن بعد الخطية فقد الإنسان هذه الصورة وهذا الشبهففقد سلطانه علي الحيوانات…. وغيرها ولكن نسمع أن قديسين كان لهم هذا السلطان عليالحيوانات لما عادت لهم هذه الصورة (الأنبا برسوم العريان).

اللهخلق الإنسان علي صورته ليقبل خالقه صديقاً له، يتجاوب معه لا علي مستوي المذلةوالضعف وإنما علي مستوي الحرية والحب والصداقة. وليكون وارثاً لله مع المسيحوشريكا معه في المجد الأبدي يجري وراءه ليضمه إليه لا ليحطمه وجود الله لا يقومعلي اهدار حياة الإنسان وكرامته، وإنما نزل الله إلينا لكي يرفعنا إليه، صار إنسانليصير الإنسان إله.

الذينهم علي صورة الله الأن لهم سلطان علي شهواتهم. راجع غل 19:4، ايو 2:3.

أية27:  “فخلق اللهالانسان على صورته على صورة الله خلقه ذكرا وانثى خلقهم “

ذكراًوأنثي خلقهم:

حواءلم تكن قد خلقت حتي الأن. ولاحظ أنه لم يقل خلقهما. وهذا بإعتبار ما سيكون فحواءكانت في آدم والأولاد كانوا في آدم. وهكذا الكنيسة في المسيح. فكلمة خلقهم هناتشير للجنس البشري كله. وتشير لبركة سر الزواج وللوحدة التي خلق الله العالم بهافالكل من واحد (آدم) وكان يجب ان تسود المحبة لكن الخطية دمَرت صورة الوحدة. لهذاأتي المسيح ليعيد صورة الوحدة (يو 21:17). والكنيسة واحد مع المسيح فهي جسده.

آية28: “وباركهم الله وقال لهم اثمروا واكثروا واملاوا الارض واخضعوها وتسلطواعلى سمك البحر وعلى طير السماء وعلى كل حيوان يدب على الارض “

باركهم:

هناهي بركة روحية وبركة جسدية للزواج ليزيد عددهم ويملأوا الأرض لذلك كل من يفكر فيأن سقطة آدم هي أنه عاشر زوجته حواء يكون خاطئاً فهل تخرج بركة من خطية. والله قاللهم أثمروا قبل أن يسقطا. إذا علاقة الزوج بزوجته عطية وليس خطية. ولكن قبل السقوطكان الإنجاب يتحقق لا كثمرة للشهوة وإنما كجزء من مجد الزواج الذي أسسه الله. لقد خلقالله آدم وحواء لينجبا حتي لو لم يسقطا في العصيان. ولكن الشهوة أتت كثمرة من ثمارالخطية والعصيان.

آية29، 30:

29 “وقال الله اني قداعطيتكم كل بقل يبزر بزرا على وجه كل الارض وكل شجر فيه ثمر شجر يبزر بزرا لكميكون طعاما 30و لكل حيوان الارض وكل طير السماء وكل دبابة على الارض فيها نفس حيةاعطيت كل عشب اخضر طعاما وكان كذلك “

الإنسانخلق كنباتي لا يأكل اللحوم. والله أعطي له تصريح بأكل اللحوم بعد الطوفان.

 

أية31:  “وراىالله كل ما عمله فاذا هو حسن جدا وكان مساء وكان صباح يوما سادسا

حسنجداً:

فكلالخليفة قد تمت، لا بل الإنسان موضع سرور الله قد خلق.

فخلقالله الإنسان علي صورته…. وباركهم… أملاوا الأرض وأخضعوها وتسلطوا

الإنسانكالعملة المطبوع عليها صورة ملك البلاد، والإنسان مطبوع عليه صورة الله واللهمحبة، لذلك قال المسيح “أحبوا أعدائكم” فمن إمتلأ قلبه محبة للكل حتياعدائه يصير عملة قابلة للتداول في السماء (أي يدخل الملكوت فيخلص)، ومن لا يعرفالمحبة يصبح خارج الملكوت (عملة براني) ايو 10:3-16 +7:4-10. ونحن نحيا في العالملنجاهد في الصلاة والصوم…الخ لنمتلئ من الروح القدس، ومن يمتلئ من الروح يمتلئمحبة رو5:5 + غل 22:5. وفي النهاية من يغلب في جهاده ويمتلئ محبة يصبح عملة قابلةللتداول في السماء أي يخلص. وقطعاً فمن يوجد فيه صورة الملك مطبوعة فهو مِلْكْ لله” أنا لحبيبي وحبيبي لي” ونحن خلقنا علي صورة الله لنصير قادرين عليالحب والصداقة مع الله “لذاتي مع بني آدم”. لقد صارت الخطية سبباًلفقدان الإتصال مع الله، فأرسل لنا الله أنبياء هم أقرب الناس له وهم قادرين أنيوصلوا للإنسان إرادة الله ومحبة الله وصداقته للإنسان، وهناك أية كانت تعبر عنإشتياق الإنسان لتجسد المسيح، فيصير الأتصال بالله مباشرة سهلاً ولتدخل النفس فيعلاقة الحب هذه مع المسيح ” ليتك كأخ لي الراضع ثدييي أمي (تجسد) فأجدك فيالخارج وأقبلك فلا يخزونني (نش 1:8) وفي علاقة الحب هذه لذة للنفس ولذة لله.

ومنهو علي صورة الله يباركه الله: وباركهم. والبركة هنا نوعان:

1.                أملأوا الأرض:

كثرةعددية وهذه للحيوان( آيه 22 ) وللإنسان( آيه 28).

2.                تسلطوا(آية 26، 28 ).

وهذهللإنسان فقط. فالسلطان هو بركة خاصة للإنسان فقط. ولكن لمن؟ لمن هو علي صورة الله.

لذلكنفهم ضمناً أن من يكون علي صورة الله يكون له سلطان علي شهوته، وعلي الخطيةعموماً، وكلما إبتعدنا عن صورة الله نفقد هذه البركة… وأنت تسود عليها تك 7:4.

 

ولكنكيف نحصل علي صورة الله؟ :

1.                بالمعمودية

2.                بعمل الروح القدس الذي يجددنا يوما فيوم لنصيرعلي صورة الله رو 5،14:6 + غل19:4 + كو10:3.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى