سفر اعمال الرسل

الإصحَاحُ الرَّابعُ وَالْعِشرُونَ



الإصحَاحُ الرَّابعُ وَالْعِشرُونَ]]>

الإصحَاحُالرَّابعُ وَالْعِشرُونَ

 

يومثلاثاء البصخة

خطابالسيد المسيح عن خراب أورشليم وإنقضاء الدهر (متى 24، 25؛ 1:26، 2)

 

مقالات ذات صلة

خطابالمسيح عن خراب أورشليم وإنقضاء الدهر مت24 + مر13 + لو5:21-38

(مت24)

الآيات(1،2): “ثم خرج يسوع ومضى من الهيكل فتقدم تلاميذه لكي يروه أبنية الهيكل.فقال لهم يسوع أما تنظرون جميع هذه الحق أقول لكم انه لا يترك ههنا حجر على حجر لاينقض.”

ثمخرج يسوع ومضى من الهيكل= هوخرج من الهيكل ليتركه لهم خراباً إذ هم نجسوه. وبعد أن أصدر حكمه المخيف بالويلاتعليهم (ص23). وكان اليهود يفتخرون بجمال الهيكل= فتقدم تلاميذه لكي يروه أبنيةالهيكل. ولكن ما قيمة جمال المباني والرب قد خرج. وبنفس المفهوم تكلم حزقيالقبل خراب الهيكل الأول على يد نبوخذ نصًّر (حز18:10،19+ 22:11،23). وهكذا هيكلالجسد إن فارقه روح الرب يباغته روح نجس (1صم14:16) لذلك نصلي “روحك القدوسلا تنزعه مني” (مز11:51) فنحن هيكل الله والروح القدس يسكن فينا (1كو16:3).وكان اليهود يتطلعون للهيكل بكونه علامة ملكهم، وعظمة أبنيته علامة عظمتهم، لهذاأراد التلاميذ بفخر أن يُروا السيد عظمة الهيكل. ولكن السيد تنبأ لهم بأن لايترك ههنا حجر على حجر لا ينقض. وكان هذا لأن اليهود إهتموا بعظمة الهيكلالخارجية وتركوا تطهير قلوبهم (أر4:7). وكان هدم الهيكل القديم إعلاناً لبدء بناءالهيكل الجديد أي الكنيسة (أر10:1). وهذا ما يعمله الروح القدس في سر المعموديةأنه يحطم الإنسان العتيق ليقيم فينا الإنسان الجديد الذي هو على صورة خالقنا. وكانالهيكل عظيماً بالفعل، فالهيكل نفسه كان صغيراً، أمّا صالاته وأروقته وأبراجه التيكانت تحيط به جعلته من أعظم المباني الفخمة في العالم. إستخدمت فيه حجارة يزيدطولها على 20قدم. وصفوف أعمدته التي قطعت من الرخام المجزع يتكون كل منها من قطعةواحدة طول كل منها أكبر من 37قدم في إرتفاعها. له ثمانية أبواب بعضها مطلي بالذهبوالبعض الآخر بالفضة. والتاسع وإسمه باب الجميل مغطى بالنحاس الجميل بصورة مدهشة.وكل هذا الجمال حطَّمه تيطس سنة 70م. ثم أراد يوليانوس الجاحد أن ينقض هذه النبوةفرفع الأساس القديم وأحضر مواد بناء جديدة فخرجت نار وإلتهمت الكل فكان أنيوليانوس تمم النبوة بالأكثر إذ رفع الأساس.

 

آية(3): “وفيما هو جالس على جبل الزيتون تقدم إليه التلاميذ على انفراد قائلينقل لنا متى يكون هذا وما هي علامة مجيئك وانقضاء الدهر.”

منعلى جبل الزيتون يظهر الهيكل واضحاً. والتلاميذ في إعجاب أشاروا للسيد عليه، فقاللهم أنه سيخرب. أخطأ التلاميذ إذ ظنوا أن خراب الهيكل هو علامة على نهاية العالم.ولم يفهموا أنه لابد ويخرب علامة على إنتهاء العهد اليهودي وأنه يبطل لتبدأالكنيسة. وكان لابد لقيام الكنيسة أن يقوم المسيح، ولكي يقوم المسيح لابد وأن يموتأي يُهدم هيكله الجسدي (يو18:2-21). ولقد عبر التلاميذ بسؤالهم عما يدور في أذهانكل البشر عن إشتياقهم لمعرفة المستقبل. ولكن السيد لم يحدد أزمنة مكتفياً بتقديمالعلامات حتى لا يخدعهم المسحاء الكذبة. وما هي علامة مجيئك وإنقضاء الدهر= التلاميذكانوا مقتنعين أن يسوع هو المسيا، وكانوا متوقعين مجده المستقبل في نهاية العالمليُدْخِل العصر المسياني الأبدي.

تصفالنبوات عادة حادثاً قريباً وترمز بهذا الوصف إلى أحداث بعيدة وهكذا جاءت نبواتالمسيح هنا لتصف خراب أورشليم على يد تيطس وفي نفس الوقت تشير لأحداث بعيدة أينهاية العالم. والرب تنبأ عن كلاهما فإمتزجت النبوتان. خصوصاً أن سؤال التلاميذكان خطأ فهم سألوا عن علامات خراب الهيكل ونهاية العالم وكان إعتقادهم الخاطئ أنالحدثين هم حدث واحد ولذلك جاءت نبوات المسيح هنا بطريقة مدهشة لكلا الحدثين فهيمتفقة مع خراب أورشليم القريب ومع أحداث نهاية العالم في المستقبل البعيد. لذلكعلينا أن نفهم كيف نطبق النبوة في كل حدث.

 

الآيات(4،5): “فأجاب يسوع وقال لهم انظروا لا يضلكم أحد. فإن كثيرين سيأتون باسميقائلين أنا هو المسيح ويضلون كثيرين.”

العلامةالأولى:- وهيقيام المضلين والمسحاء الكذبة. فاليهود رفضوا المسيح الحقيقي، وكانوا في إنتظارمسيح آخر، وهذا دفع البعض أن يدعوا أنهم هم المسيح ويخدعوا الناس بعجائب كاذبة كمافعل سيمون الساحر، وهذا حدث فعلاً قبل خراب الهيكل وسيتكرر في نهاية الأيام.

 

الآيات(6-8): “وسوف تسمعون بحروب وأخبار حروب انظروا لا ترتاعوا لأنه لابد أن تكونهذه كلها ولكن ليس المنتهى بعد. لأنه تقوم أمة على أمة ومملكة على مملكة وتكونمجاعات وأوبئة وزلازل في أماكن. ولكن هذه كلها مبتدأ الأوجاع.”

العلامةالثانية والثالثة:- حروب/مجاعات وأوبئة وزلازل. لا عجب أن يسبق مجيء المسيح كل هذه الآلام فعدو الخير كلمايدرك أن الرب قد إقترب مجيئه تزداد حربه ضد المؤمنين لكي يقتنص منهم بقدر مايستطيع، ولهذا يطلب المسيح أن نسهر فنزداد قوة على إحتمال هذه الآلام. فهدف الحروبوالأوبئة.. الخ هو إثارة رعب المؤمنين فيرتبكون خائفين على حياتهم الزمنية ولكن منيرتبك يخسر أفراحه خاصة الفرح بمجيء المسيح والمجد المنتظر. وهذا ما حدث قبل خرابأورشليم أيضاً أن كانت هناك حروب كثيرة وأخبار حروب.

 

الآيات(9،10): “حينئذ يسلمونكم إلى ضيق ويقتلونكم وتكونون مبغضين من جميع الأمملأجل اسمي. وحينئذ يعثر كثيرون ويسلمون بعضهم بعضاً ويبغضون بعضهم بعضاً.”

العلامةالرابعة:- الحربالتالية التي سيثيرها عدو الخير هي الإضطهاد لأولاد الله، فيرتد كثيرين من الذينكانت علاقتهم بالله علاقة سطحية بلا عمق مثل النباتات التي بلا جذور هذه تحترق منالشمس إذ لا تجد ماءً يرويها فهي بلا جذور عميقة، ومن لهم عمق في حياتهم الروحيةيعطيهم الروح القدس التعزية. والمرتدون من المؤمنين يسلمون إخوتهم المؤمنين، ربمامن خوفهم وربما غيرة وحسد. وربما لنقص المحبة في تلك الأيام. وربما من كثرةالضيقات مع عدم وجود تعزية (للأشرار) ما عاد أحد يحتمل إخوته.

 

الآيات(11،14): “ويقوم أنبياء كذبة كثيرون ويضلون كثيرين. ولكثرة الإثم تبرد محبةالكثيرين. ولكن الذي يصبر إلى المنتهى فهذا يخلص. ويكرز ببشارة الملكوت هذه في كلالمسكونة شهادة لجميع الأمم ثم يأتي المنتهى.”

العلامةالخامسة والسادسة:- لقدبدأ عدو الخير بخلق جو عام قابض من حروب وزلازل..الخ ليسحب المؤمن من الحياةالداخلية العميقة ثم يصوب إليه حرباً شخصية من إضطهاد لأجل المسيح ثم نجد هناالهجوم على الإيمان والعقيدة لتنحرف بعيداً عن مسار الملكوت. مثل ظهور أنبياء كذبةكما حدث فعلاً بعد صعود المسيح وحتى خراب أورشليم فقد ظهر مسحاء كذبة كثيرين جمعواحولهم أتباعاً كثيرين. وفي أيامنا الأخيرة ظهرت مئات البدع والفلسفات الملحدةالمضللة التي تشكك في الله، بل وفلسفات تتستر تحت رداء الدين. وثمار هذه الفلسفاتوالبدع الإرتداد والفتور وتبرد محبة الكثيرين. ولقد تعاظم الشر قبل خرابأورشليم وزادت جاذبية الشر ممّا أضعف إحتمال الكثيرين عن إحتمالهم للإستشهاد. إذاًفالعلامة السادسة هي الإرتداد والفتور أمّا السابعة أن تصل الشهادة للجميع. وقبلخراب أورشليم كان التلاميذ قد وصلوا فعلاً إلى غالبية العالم المعروف.

 

آية(15): “فمتى نظرتم رجسة الخراب التي قال عنها دانيال النبي قائمة في المكانالمقدس ليفهم القارئ.”

فيالعبارات السابقة حدثنا السيد عن نهاية الهيكل وخراب أورشليم بطريقة خفية، أما هنافيتحدث علانية. والمسيح هنا يدعوهم لقراءة سفر دانيال (27:9+ 11:12). ليتأكدوا منتوقف الذبيحة وبالتالي من خراب الهيكل. رجسة الخراب= هناك عدة آراءبخصوصها:-

1. تشيرللجيوش الرومانية الجبارة ومعها أصنامها التي أحاطت بأورشليم لتخربها وهذا ما أشارإليه الرب نفسه (لو20:21) في المكان المقابل في إنجيل لوقا. ونلاحظ أن الجيشالروماني حاصر أورشليم فترة ثم رأى تيطس أن أورشليم هذه لا تستحق تعطيل الجيوشالرومانية كل هذه الفترة فقرر أن يقوم بمحاولة أخيرة وإذا فشلت ينسحب. وفي ذاتليلة تسلل بعض الجنود الرومان من على أسوار أورشليم ودخلوا إلى الهيكل الملاصقللسور ووضعوا النسر الروماني على الهيكل فتنبه اليهود وطردوهم فإنسحب تيطس.وإستيقظ المسيحيين صباحاً ليجدوا النسر الروماني على الهيكل فتذكروا هذه الآيةونفذوا ما بعدها إذ هربوا من أورشليم فوراً إلى الجبال المحيطة بأورشليم وإلىلبنان وإلى بلدة إسمها بيلا. أما اليهود فأقاموا الإحتفالات بهروب الرومان. ولكنما حدث أن تيطس بعد مسيرة ساعات قليلة تقابل مع نجدة رومانية بأوامر من قيصر أنيدمر أورشليم فعاد ثانية لحصارها وكان حصاراً بشعاً وصل أن أكلت الأمهات أطفالهن.ثم قتل تيطس 1.2مليون، أمّا المسيحيين فنجوا. وهكذا حال النبوات لا يمكن فهمهاإلاّ حين يكون لها فائدة، ويأتي وقت تنفيذها.

2. تشيرهذه الرجسة إلى ما سيحدث أيام الدجال، والسيد أعطانا علامات كاملة عن هذا الدجاللنكتشفه. ويسميه السيد رجسة لأنه يأتي ضد الله ويدعي أنه الله. وهو سيدمر الأرضبالحروب والقتل. وسيقبله اليهود ويأخذونه إلى الموضع المقدس الذي يصلون فيه(2تس3:2-11). والله يطلب من شعبه أن يهرب إلى الجبال أيضاً في هذه المرة. ولكن كماقلنا فالنبوة لن نفهم كيف ننفذها إلاّ في حينه (رؤ6:12 يشير لموضع مُعَّدٌ فيالبرية حيث يعول الله الهاربين). ليفهم القارئ= يا من تقرأ إفهم وإهرب.وهذا ما حدث سنة 70م وسيتكرر في نهاية الأيام.

 

الآيات(16-20): “فحينئذ ليهرب الذين في اليهودية إلى الجبال. والذي على السطح فلاينزل ليأخذ من بيته شيئاً. والذي في الحقل فلا يرجع إلى ورائه ليأخذ ثيابه. وويلللحبالى والمرضعات في تلك الأيام. وصلوا لكي لا يكون هربكم في شتاء ولا فيسبت.”

عادالجيش الروماني لحصار أورشليم بعد ساعات يقدرها البعض بحوالي 6ساعات من إنسحابه،فلو حدث أي تباطؤ من أي مسيحي في تنفيذ ما طلبه المسيح بالهروب لكان قد قاسى آلامالحصار ثم هلك مع اليهود. والمسيح طلب من المؤمنين في أورشليم أن يتركوها إلىالجبال فالرومان سيدمروها تماماً. والذي على السطح فلا ينزل ليأخذ من بيتهشيئاً= فكانت درجات سُلَّمْ البيوت تعمل من الخارج على جوانب البيت. ولا وقتلدخول البيت ليأخذوا أمتعة تعوقهم. والذي في الحقل فلا يرجع إلى ورائه ليأخذثيابه= والثياب المقصود بها الرداء الخارجي. وويلٌ للحبالى= فهن لنيستطعن أن يسرعوا في الهرب. وصلوا لكي لا يكون هربكم في شتاء ولا في سبت ففيالشتاء يكون الجو بارداً والنهار قصير. وفعلاً كان هروبهم في الربيع. واليهودحددوا أقصى مسافة للسير يوم السبت بألفي خطوة أي نحو ميلين. والمعنى أن صلوا حتىلا تكون أمامكم عوائق تمنع هربكم. ممّا سبق نرى أن السيد المسيح يرسم صورة واضحةلكل مؤمن تشير لضرورة هربه في أسرع وقت وبلا إبطاء. وهذا الكلام له مفهوم روحيينطبق على الأيام الأخيرة التي نبه السيد في آية (12) أن فيها ستبرد محبةالكثيرين. فكيف لا تبرد محبة المؤمنين.

الذين في اليهودية= المؤمنين في الكنيسة

الذي على السطح=عالياً في الروح، كاملاً في قلبه

الذي في الحقل= يخدم لحساب المسيح

الحبالى= النفس المملوءة بالخطايا

الشتاء= البرودة الروحية

يهربوا للجبال=يطلبوا أن يعيشوا في السماويات

لا ينزل=لا يشغف بالممتلكات الزمنية

لا يرجع=مثل إمرأة لوط، ولا يرتبك بأمور الحياة

والمرضعات=من يكونوا سبب عثرة للآخرين

السبت=عاطل عن العمل الروحي

 

الآيات(21،22): “لأنه يكون حينئذ ضيق عظيم لم يكن مثله منذ ابتداء العالم إلى الآنولن يكون. ولو لم تقصر تلك الأيام لم يخلص جسد ولكن لأجل المختارين تقصر تلكالأيام.”

هذايتفق مع (دا 1:12+ يؤ2:2). وفي حصار أورشليم، كانت المجاعة قد وصلت أن أكلتالأمهات أبنائهن وإنتشرت الأوبئة من الجثث المتعفنة. هذا غير الصراعات الداخلية ضدبعضهم. ولقد قُتِلَ نحو 2مليون يهودي ما بين المجاعة وبين سيف تيطس وبيع حواليمليون كعبيد. ولكن لأجل المختارين تقصر تلك الأيام= لعل بعض اليهود بسببهذه الضيقات آمنوا بالمسيح، ولأجلهم أنقص الله مدة الحصار الذي كان حوالي 5أشهر.وقيل أن تيطس نسب نجاحه إلى معونة إلهية.

وفيالأيام الأخيرة سيصنع الدجال سمة لأتباعه (رؤ16:13) ولا يقدر أحد أن يشتري أو يبيعإلاّ من له هذه السمة. وستكون ضيقة عظمى، لذلك فستهرب الكنيسة التي رفضت السمة إلىالبرية. لم يخلص جسد= كما هلك كثيرين أيام تيطس بسيفه، هكذا في الأيامالأخيرة سيثير الوحش إضطهاداً دموياً ضد الكنيسة. والله سيقصر الأيام= حتىلا ييأس أولاده.

 

الآيات(23-27): “حينئذ إن قال لكم أحد هوذا المسيح هنا أو هناك فلا تصدقوا. لأنهسيقوم مسحاء كذبة وأنبياء كذبة ويعطون آيات عظيمة وعجائب حتى يضلوا لو أمكنالمختارين أيضاً. ها أنا قد سبقت وأخبرتكم فان قالوا لكم ها هو في البرية فلاتخرجوا ها هو في المخادع فلا تصدقوا. لأنه كما إن البرق يخرج من المشارق ويظهر إلىالمغارب هكذا يكون أيضاً مجيء ابن الإنسان.”

إنتشرالأنبياء الكذبة قبل خراب أورشليم سنة 70م. وسوف يوجدون بكثرة في أيام الدجال.والمسيح يحذرنا حتى لا ننخدع بهم، فهم سيفعلون عجائب بواسطة عدو الخير، لذلك عليناأن لا ننخدع بالعجائب ونجري وراءها، فالشيطان قادر على عمل عجائب (رؤ13:13-15). هاهو في البرية= يدعو أتباعه للإجتماع به، ويلتف حوله كثيرون. يدَّعي صورةالتقوى. والبرية أي في العلن. ها هو في المخادع= يتسلل للقلب عن طريق نشرأفكاره الخبيثة سراً. إذاً البرية والمخادع= أي لا تصدقوه إن أتى علناً أوسراً. ولكن نفهم أن البرية تشير للحياة القفرة من الإيمان والخروج عن إيمانالكنيسة. أما المخادع فتعني العمل في الظلمة بعيداً عن نور الحق.

والمسيحلن يأتي في مجيئه الثاني هكذا سراً بل كالبرق= [1] هو نور [2] لا يحتاج إلىمن يعلن عنه بل يُنظر في لحظة في العالم كله [3] يأتي من السماء [4] يأتي فجأة [5]مجيئه الثاني لن يكون معه آيات أو معجزات بل سيأتي في الأعالي من السماء يشرق علىكل المسكونة ليحملنا من أرجاء العالم ويرفعنا للسماء، وليدين كل العالم.

 

آية(28): “لأنه حيثما تكن الجثة فهناك تجتمع النسور.”

لأنهحيثما تكن الجثة فهناك تجتمع النسور= هي نبوة عن خراب أورشليم السريع حيث أسرعالجنود الرومان (وكان رمز الدولة الرومانية هو النسر) نحو فريستهم من اليهود،فاليهود صاروا في نظر الله جثة وعليهم أن لا ينتظروا مخلصاً لهم فقد عينهم اللهللهلاك، فصاروا كجثة في نظر الله وهذه الجثة سيلتهمها نسور الرومان سريعاً، وهذاما سيحدث في الأيام الأخيرة حيث يكون الأشرار كجثة تشبع من لحومها الجوارح(رؤ17:19-21). وهذا ما قيل أيضاً عن جيوش الأشرار التي تحارب شعب الله في الأيامالأخيرة (حز17:39-20). فالوحش وكل تابعيه ما هم إلا جثة في نظر الله بسبب شرورهموبسبب قبولهم لعمل الشيطان فيهم. والنسور هنا هم الملائكة الذين سيأتون مع المسيح(مت31:25). ولاحظ قوله لأنه وسبق قوله أن المسيح سيأتي كالبرق. إذاً المعنىأن المسيح سيأتي لأنه أعطى كل واحد فرصته، فمن بحريته إختار أن يكون جثة تعمل بهاالشياطين، يدينه المسيح وتهجم عليه النسور. كأن الله يقول كفى هجوماً على كنيستي.

 

آية(29): “وللوقت بعد ضيق تلك الأيام تظلم الشمس والقمر لا يعطي ضوءه والنجومتسقط من السماء وقوات السماوات تتزعزع.”

هذهالأمور ستتحقق بلاشك حرفياً قبل مجيء السيد المسيح الأخير، وإننا نسمع اليوم عنبعض الإنفجارات الشمسية وإظلام أجزاء منها (بقع شمسية) وهذا سيتزايد في فترةالدجال. ونحن نعلم أن الأرض وسماء الكواكب التي حولنا ستزول لتأتي الأرض الجديدةوالسماء الجديدة التي سيكون رب المجد شمسها (رؤ1:21+ 5:22). وروحياً فالشمس تشيرللمسيح، والقمر للكنيسة والنجوم هم جبابرة الكنيسة وقادتها. وفي أيام الدجال حينتبرد محبة الكثيرين فإن نور الإيمان ينطفئ وكثير من القادة والجبابرة يسقطونويعملون لحساب الدجال، وإذ يرتد كثيرون عن الإيمان فإن نور القمر ينطفئ. وكل خاطئالآن يقبل أفكار العالم ينطفئ نور الإيمان في قلبه. وفي هذا التفسير الروحي يكونمعنى تظلم الشمس= المسيح لم يعد معروفاً فالهرطقات والخطايا شوهت المعرفة.

 

الآيات(30،31): “وحينئذ تظهر علامة ابن الإنسان في السماء وحينئذ تنوح جميع قبائلالأرض ويبصرون ابن الإنسان آتياً على سحاب السماء بقوة ومجد كثير. فيرسل ملائكتهببوق عظيم الصوت فيجمعون مختاريه من الأربع الرياح من أقصاء السماوات إلىأقصائها.”

هذهعن الأيام الأخيرة فبعد ما سبق يأتي المسيح للدينونة وسط موكب ملائكي. والملائكةتجمع القديسين لمكانهم في السماء. وستظهر في السماء علامته قبل مجيئه وهي علامةالصليب. فيفرح المؤمنون الذين كانوا يشتهون هذه اللحظة “كما قال يوحنا آمينتعال أيها الرب يسوع” أما غير المؤمنين فينوحون= حينئذ تنوح جميع قبائلالأرض= وأسماهم قبائل الأرض إذ هم عاشوا يبحثون عن لذات الأرض وهذا في مقابلالمؤمنين الذين عاشوا حياتهم على الأرض وكأنهم في السماء (أف6:2) فهم الآن سيكملونأفراحهم السماوية. والسحاب يشير إمّا للقديسين الذين يأتون مع المسيح (عب1:12+أش1:19) وهذه الأخيرة عن العذراء مريم. وإمّا يشير لإحتجاب مجده عن الأشرار(أع9:1،11).

 

الآيات(32-34): “فمن شجرة التين تعلموا المثل متى صار غصنها رخصا وأخرجت أوراقهاتعلمون أن الصيف قريب. هكذا انتم أيضاً متى رأيتم هذا كله فاعلموا انه قريب علىالأبواب. الحق أقول لكم لا يمضي هذا الجيل حتى يكون هذا كله.”

هذهالأقوال يقولها المسيح يوم الثلاثاء صباحاً.وقد توجه إلى الهيكل صباحاً مع تلاميذهوفي الطريق رأوا التينة اليابسة والتي كانت علامة على نهاية الدولة اليهودية،وحينما رآها التلاميذ تعجبوا. والآن ومازالت هذه القصة في أذهانهم تثير تساؤلاتهمنجد المسيح يشير مرة أخرى إلى شجرة التين أنها لابد وستعود للإخضرار قبل نهايةالعالم، إشارة لأن اليهود سيعودون ويكونون ثانية مملكتهم إستعداداً لقبولهم المسيحالدجال وسيكون قبولهم للمسيح الدجال خراباً لهم ولدولتهم ولأورشليم ثانية (إذاًهذه العلامات لخراب أورشليم تنطبق على خرابها لأول مرة سنة 70م على يد تيطسوخرابها نهائياً في أيام نهاية العالم). ولكن تجمع اليهود سيكون له هدف آخر، أنهناك بقية مؤمنة ستدرك مع الأحداث أن المسيح الذي رفضوه وصلبوه هو المسيا المنتظرفيؤمنوا به، وأن هذا المسيح الدجال هو الشر نفسه مجسداً فيرفضوه ويكون إيماناليهود هو علامة النهاية (رو25:11،26). إلاّ أننا أيضاً يمكن أن نفسر قول المسيح هنا،أنه كما تعرفون أن الصيف قريب إذا لاحظتم أن أوراق شجرة التين تصبح خضراء، فأنتمسيمكنكم أن تميزوا النهاية من العلامات التي أعطيتها لكم. الصيف= الضيقةالعظيمة (آية21).

لايمضي هذا الجيل= الجيليقدر بحوالي 40-50سنة. وهذه الآية خاصة بخراب أورشليم. ولقد خربت أورشليم فعلاًبعد المسيح بحوالي 37سنة، وربما يشير هذا إلى إنقضاء سنوات قليلة بعد تكوينأورشليم والدولة اليهودية في نهاية الأزمان ليأتي المسيح الدجال إليها كعلامةللنهاية، والجيل الذي رأى تكوين إسرائيل أو عودة إسرائيل للوجود سيرى نهايتها، كماأن الجيل الذي رأي المسيح رأي خراب أورشليم على يد تيطس.

 

الآيات(35،36): “السماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول. وأما ذلك اليوم وتلكالساعة فلا يعلم بهما أحد ولا ملائكة السماوات إلا أبي وحده.”

المعنىأنه لا يصح أن نجهد أنفسنا في تحديد السنة أو الشهر الذي يأتي فيه المسيح، فالمسيحلا يريد أن يعلنه. فلنتضع ولا نحاول أن نعلم ما أغلق المسيح معرفته على الإنسان.وما طلبه المسيح منّا بدلاً من تحديد الأزمنة هو أن نسهر وتكون مستعدين (42،44)وأن لا ننخدع بأي ضلالة خارج الكنيسة.

 

الآيات(37-39): “وكما كانت أيام نوح كذلك يكون أيضاً مجيء ابن الإنسان. لأنه كماكانوا في الأيام التي قبل الطوفان يأكلون ويشربون ويتزوجون ويزوجون إلى اليوم الذيدخل فيه نوح الفلك. ولم يعلموا حتى جاء الطوفان واخذ الجميع كذلك يكون أيضا مجيءابن الإنسان.”

الطوفانأتى فهلك الأشرار ونجا نوح وهكذا ستأتي أحداث النهاية فيهلك الأشرار وينجو كل منيوجد في الكنيسة (الفلك) ثابتاً مؤمناً. ونلاحظ أن الأكل والشرب والزواج ليسوا فيحد ذاتهم شراً. ولكن المقصود أن من يستغرقه العالم بشهواته وينسى الله يهلك(في19:3+ رو18:16+ تي12:1+ رو17:14).

 

الآيات(40،41): “حينئذ يكون اثنان في الحقل يؤخذ الواحد ويترك الآخر. اثنتان تطحنانعلى الرحى تؤخذ الواحدة وتترك الأخرى.”

والمقصود أن واحد يؤخذ للمجد، وواحد للدينونة.قد يكون إثنان أصدقاء. ولكن أحدهما يحيا في قداسة، في السماويات، والآخر يحيا فيالشر تستغرفه هموم الأرض وغناها، فهو من قبائل الأرض (آية30) وحينما تأتي هذهالساعة يفترق كلٌ منهما للأبد. فهما أمام العالم سيان من ناحية المظهر ولكنهم فيطبيعتهم الروحية مختلفان. إذاً لنسهر ونهتم بحياتنا الروحية فهي التي تحدد مصيرنا.

 

الآيات(42-51): “اسهروا إذا لأنكم لا تعلمون في أية ساعة يأتي ربكم. واعلموا هذاانه لو عرف رب البيت في أية هزيع يأتي السارق لسهر ولم يدع بيته ينقب. لذلك كونواانتم أيضا مستعدين لأنه في ساعة لا تظنون يأتي ابن الإنسان. فمن هو العبد الأمينالحكيم الذي أقامه سيده على خدمه ليعطيهم الطعام في حينه. طوبى لذلك العبد الذيإذا جاء سيده يجده يفعل هكذا. الحق أقول لكم انه يقيمه على جميع أمواله. ولكن إنقال ذلك العبد الرديء في قلبه سيدي يبطئ قدومه. فيبتدئ يضرب العبيد رفقاءه ويأكلويشرب مع السكارى. يأتي سيد ذلك العبد في يوم لا ينتظره وفي ساعة لا يعرفها.فيقطعه ويجعل نصيبه مع المرائين هناك يكون البكاء وصرير الأسنان.”

الربيدعونا أن نستعد لمجيئه كعبد ينتظر سيده. ويدعو رسله وخدامه إن يكونوا أمناء علىما تسلموه من وزنات. ولنلاحظ أن كل مالنا هو أمانة إستودعها الله لنا وما نحن سوىوكلاء ولابد أن نكون أمناء. وأمّا من يحسب ما عِنَدهُ ملكاً له وإنغمس في ملذاتهبدعوى أن من حقه أن يستمتع بما عنده فمثل هذا يُحَسبْ غير أميناً فيما ائتمنه اللهعليه. العبد الحكيم= هو من يستعد لأبديته. لا يدع بيته ينقب= كانتحيطان البيوت تبنى من الطين المجفف أي الطوب اللبن، أي تبنى وتترك حتى تجف، ولذلككان من عادة اللصوص أن ينقبوا الحيطان ويدخلون. المطلوب منّا قبل أن نهتم بزيادةمواردنا المالية والإهتمام بصحتنا ومستقبلنا على هذه الأرض أن نهتم بمستقبلناالسماوي وننمو روحياً وتزداد ثمارنا الروحية وهذا لا يلغي ذاك ولكن الأولويةلحياتنا الأبدية. فيوم مغادرة العالم يأتي فجأة= السارق. السهر= الإنتباهلخلاص النفس بالتوبة. والجهاد بطول العشرة مع الله لتنمو محبتنا لله. هزيع= اليهوديقسمون الليل إلى أربع أقسام، كل قسم= 3 ساعات يسمونه هزيع. ويبدأ الهزيع الأولالساعة 6مساءً.خدمه= كل من أنا مسئول عنهم. بل كل إنسان قد يتعثر بسببتصرفاتي. يقيمه على جميع أمواله= التمتع بأمجاد السماء. يأكل ويشرب معالسكارى= ينهمك في ملذاته وشهواته. فيقطعه= أي يهلكه أبدياً.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى