مقدمة

مقدمة العهد القديم



مقدمة العهد القديم]]>مقدمة العهد القديم

 

لماذا ندرس العهد القديم

قديتصور البعض أنه ما دمنا نحن نحيا في العهد الجديد فلا حاجة بنا للعهد القديم وهذاتصور خاطئ وإليك بعض الأدلة.

1.     العهدالقديم كان كلمة الله التي أوحي بها لرجاله القديسين ليكتبوها.

‌أ.       كل الكتاب هو موحي به من الله ونافع للتعليموالتوبيخ للتقويم والتأديب (2تي 3: 16).

‌ب.   لأنه لم تأت نبوَة قط بمشيئة إنسان بل تكلم أناسالله القديسون مسوقين من الروح القدس (2 بط 1: 21).

‌ج.    لساني قلم كاتب ماهر (مز 45: 1) (الكاتب الماهرهنا هو الروح القدس) وطالما هو كلمة الله الموحي بها فيجب أن ندرسها ونشبع بها.فكيف نهمل ما أوحي به الله.

2.     طالماأن العهد القديم هو كلمة الله فيكون العهد الجديد مكملاً للعهد القديم. وكلاالعهدين هما كتاب الله المقدس، كما قال السيد المسيح ما جئت لأنقض بل لأكمل (مت17:5).

3.     يقولالقديس يوحنا اللاهوتي إن “شهادة يسوع هي روح النبوة” (رؤ 10:19). ويقولبولس الرسول “لأن غاية الناموس هي المسيح للبر لكل من يؤمن” (رو 24:10)إذاً نحن نري يسوع من خلال العهد القديم بنبواته وتعاليمه وطقوسه.

4.     هناكنبوات في العهد القديم لوقت المنتهي كنبوات دانيال وغيره (دا 17:8). إذا هناكنبوات لم تتم حتي الأن. فكيف نهمل دراسة النبوات.

5.     العهدالجديد يستشهد بالعهد القديم في عشرات من الآيات المقتبسة، فكيف نفصل العهد القديمعن العهد الجديد.

6.     قيلأننا يمكن ان نستخرج العهد الجديد من العهد القديم ونري في العهد الجديد تحقيقالعهد القديم. فالذي أوحي بالعهد القديم هو الذي أوحي بالعهد الجديد.

7.     يعتبرالعهد القديم شرح وتفسير للعهد الجديد.

‌أ.       كيف كنا سنفهم كل معاني ذبيحة الصليب إن لم نفهممعني الذبائح في العهد القديم.

‌ب.   الحروب الكثيرة في العهد القديم تشير وتشرححقيقة الحروب الروحية التي نواجهها الأن فحين تقرأ عن حرب أثارها الأعداء ضد شعبالله، فلتفهمها علي أن الأعداء هم إبليس وجنوده وشعب الله هو نحن أي كنيسة المسيح.هناك حروب ساند الله شعبه فيها وحروب حاربها الله بالنيابة عن شعبه. ولكن هناكمبدأ هام نستخلصه من هذه الحروب إن كنت أحفظ نفسى طاهراً فالله الذي معي سينصرنىفي حروبي مع إبليس فالجهاد شرط لمعونة الله.

‌ج.    الأسماء الكثيرة المدونة في الكتاب المقدس تشيرلأن اسماءنا مكتوبة في سفر الحياة.

‌د.      الأعداد الكثيرة المذكورة تشير لأن الله يعرفناواحداً واحداً.

8.     العهدالقديم الذي بين أيدي اليهود هو دليل صحة الكتاب المقدس، فالنبوات التي وردت فيهتمت في شخص المسيح تماماً وفي كنيسته كما يتضح من كتاب العهد الجديد الذي بين أيديالمسيحيين لذلك قيل أن اليهود هم أمناء مكتبة المسيحية. هم حفظوا كتاب العهدالقديم بنبواته إلي أن جاء وقت تحقيقها. هم حفظوها دون تحريف ودون أن يفهموهافكانت شاهداً علي صحة الكتاب.

9.     العهدالقديم كان ليتعرف البشر علي شخص الله. فقبل السقوط كان الله يتكلم مباشرة معأبوينا آدم وحواء. ولكن الخطية جعلت هناك حائلاً بين الله والإنسان، وجعلت الإنسانضعيفاً لا يستطيع أن يري الله وإلاّ يموت ” لا يراني الإنسان ويعيش” (خر20:33) هذا مثل من يريد أن يحدق في نور الشمس فإنه يفقد بصره. فالله يتمني أن نريمجده ونفرح به. ولكن إمكانيات الجسد البشري بسبب الخطية تمنعه من رؤية الله لئلايموت. ثم صار الله بعد السقوط يكلم الإنسان بالأحلام والرؤي (أي 4: 12-21) بعد أنكان يتكلم معهم مباشرة. ثم صار الله يكلم البشر عن طريق الكتاب المقدس. ومنه نتعرفعلي طبيعة شخص الله.

‌أ.       نري في العهد القديم حروب ودماء كثيرة، ولعناتأصابت البشر فنري غضب الله علي الخطية. فنعرف قداسة الله وبغضه للخطية.

‌ب.   علي أننا نري أيضاً لطف الله ومحبته وعنايتهوسعيه وراء الإنسان ليخلصه. وأن هناك بشر إستطاعوا أن يتلذذوا بشخص الله وعشرته.بإختصار كان العهد القديم وسيلة ليتعرف بها الإنسان علي شخص الله بعد ان فقدالإتصال المباشر مع الله نتيجة للخطية. فكيف نهمل وسيلة بها نتعرف علي شخص الله.

10. كان العهدالقديم هو المؤدب حتي يأتي المسيح (غل 24:3). فمثلاً كان اليهودي يشتهي خطيةالزنا، ولكنه يخاف من عقوبتها وهي الرجم، فكان يكبت شهوته. ولكن الشهوة تتعبه أماالمسيحي فالنعمة داخله تميت الخطية داخله (رو3:8) وبهذا نعرف فضل النعمة علينا.

 

العهد القديم هو ظل للعهد الجديد.

1.     هناكنبوات صريحة عن السيد المسيح (مثل “ها العذراء تحبل وتلد إبنا”ً).

2.     هناكشخصيات ترمز للسيد المسيح (مثل إسحق ويوسف… إلخ).

3.     هناكأحداث ترمز لقصة الخلاص (مثل خروج الشعب من مصر ودخولهم كنعان).

4.     خيمةالإجتماع ترمز لعمل السيد المسيح الفدائي وسيأتي شرحها في سفر الخروج.

 

العهد القديم يشير للمسيح

1.     نبواتصريحة تشير للمسيح وعمله الفدائي:

1: في مجئ المسيح

هو(زرع المرأة) يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه (تك 15:3)+ يعلن مجد الرب ويراه كل بشرجميعاً (أش 40: 5) + يأتي مشتهي كل الأمم (حج 7:2).

2: في وقت مجيئة

لايزول قضيب من يهوذا ومشترع من بين رجليه حتي يأتي شيلون (تك 49: 10) نبوة دانيالعن السبعين أسبوعاً (دا 9: 24-27).

3: المسيح سيكون إلهاًوإنساناً معاً

قاللي أنت إبني وأنا اليوم ولدتك (مز 7:2)

قالالرب لربي (مز 110: 1)

مخارجهمنذ القديم منذ أيام الأزل (مى 2:5)

4: في من يتناسل المسيحمنه

منالمرأة الآولي (تك 3: 15) ومن إبراهيم (تك 3:12) ومن إسحق (تك 26: 4) ومن يعقوب(تك 14:28) ومن يهوذا (تك 49: 10) ومن يسى أش 1:11 ومن داود (مز 132: 11)

5: في أنه يولد من عذراء

هاالعذراء تحبل وتلد إبناً (اش 14:7)

6: المكان الذي يولد فيه

وأماأنت يا بيت لحم أفراته وأنت صغيرة أن تكوني بين ألوف يهوذا، فمنك يخرج لي الذييكون متسلطاً علي إسرائيل (مي 2:5)

7: في أن نبياً بروح وقوةإيليا يسبقه ويعد طريقه مل1:3 + مل 5:4

8: في أنه سيبشر بالإنجيلفي الجليل أش 2،1:9

9: في أنه يكون نبياً (تث18: 15) يقيم لك الرب إلهك نبياً من وسطك من إخوتك مثلي له تسمعون

10: في أنه يثبت تعليمهبمعجزات عظيمة (أش 5:35،6) + (أش 7:42 + 2:32)

11: يدخل أورشليم علانية (زك9:9)

12: يكون فقيراً ومهاناًويبيعه أحد تلاميذه بثلاثين من الفضة (ثمن العبد) ويشتري بها حقل الفخارى أش 3:53+ مز 9:41 + 55: 12، 14 + زك 11: 12، 13

13: يحتمل الألام والموتلأجل خطايا العالم مز 22: 16، 17 + أش6:50 + أش5:53،8، 12

14: يهزأ به ويسخر بهكثيراً مز 12:22، 13، 7، 8

15: يُسقي خلاً ومرارة عليالصليب وثيابه تقسم وتلقي قرعة علي قميصه مز 21:69 + مز 18:22

16: لا يكسر منه عظم بليطعن جنبه بحربة مز 20:34

17: يموت مع الخطاة ولكنيدفن بالكرامة أش 9:53

18: يقوم من الأموات مز9:16،10+أش 10:53+ مز 6:61

19: يقوم في اليوم الثالثويقيمنا معه وبعد القيامة يحل الروح القدس هو 2،1:6 + هو 3:6

20: يصعد للسماء مز 18:68+ مز ( 3:24، 7-10 )- 10 + مز 5:47

21: حلول الروح القدس يؤ28:2

 

2.    شخصيات ترمز للمسيح:

كلشخص من الذين يرمزون للمسيح، نجد بينه وبين المسيح تشابهاً في نقاط كثيرة ولكننافي هذا البحث السريع سنأخذ أهم نقطة في هذه الرموز أو هذه المشابهات

1)             آدم                 رأس الخليقة.

2)             هابيل               البار يموت حسداً.

3)             نوح                   يرمز للمسيح رأس الخليقة الجديدة.

4)             ملكي صادق       المسيح ملك وكاهن معاً.

5)             إسحق              العريس السماوي وعروسته تذهبإليه للسماء (الكنيسة) له عروس واحدة لا تموت (فلم يذكر خبرموت(رفقة).

6)             يعقوب              العريس الذي ينزل لعروسته فيالأرض، يأخذ عروستين رمز للأمم ولليهود اللتين كون منهما المسيح كنيسته (جعلالأثنين واحداً).

7)             يوسف              البكر الذي أعطانا ميراثالأبكار ففي المسيح صرنا كنيسة أبكار (عب 23:12).

8)             موسي              المخلص والمنقذ من العبوديةللحرية (فرعون كان رمزاً لإبليس.

9)             يشوع               المسيح يعبر مع الشعب إليكنعان السماوية المسيح مات وقام ليحملنا فيه إلي السماء.

10)        هارون             المسيح رئيس كهنة يقدم ذبيحةنفسه.

11)        شمشون            المسيح كان خلاصه بقوة عجبية.

12)        داود                المسيح الملك مؤسس الملكوت.

13)        سليمان             أقنوم الحكمة وباني الهيكل(جسده أي الكنيسة).

14)        حزقيا               المسيح يموت ولكنه يقومبقوة لاهوته.

 

3.     أحداثترمز لقصة الخلاص:

1)         قصة الخروج من مصر.

رحلة الخروج

قصة الخلاص

خروف الفصح

الحية النحاسية ( من ينظر لها يشفي)

ضربة الأبكار/ غرق جيش فرعون

فرعون نفسه لم يغرق( لم يذكر أنه غرق)

عماليق يحارب الشعب

هزيمة عماليق (صلاة موسي + سيف يشوع)

عبور البحر الأحمر

المن

الماء من الصخرة

الخيمة وسط الشعب

ترحال الشعب 40 سنة

ذبائح مستمرة

عبور الأردن

كنعان

موسي

فرعون يستعبد الشعب

موسي لا يدخل أرض الميعاد

يشوع يدخل أرض الميعاد

المسيح المصلوب

المسيح المصلوب (من يؤمن به يخلص)

هزيمة الشيطان

الشيطان لم ينتهي تماماً حتي الآن

 

الشيطان مازال يحارب أولاد الله

هزيمة إبليس بالجهاد والصلاة

 

المعمودية

التناول

إنسكاب الروح القدس علي الكنيسة

المسيح وسط كنيسته

حياتنا علي الأرض

قداسات مستمرة

الموت

السماء

المسيح المخلص

الشيطان يستعبد الإنسان

الناموس لا يمكنه ان يخلص

المسيح المخلص دخل للسماء كسابق لنا

2)             تقديم إسحق ذبيحة هذه قصة الخلاص فإسحق يحملالحطب رمزاً للمسيح الحامل صليبه، ورجوع إسحق حياً رمز لقيامة المسيح.

3)             سلم يعقوب.

 

مقدمة في دراسات العهد القديم

1.     عاشإسرائيل مثل كل الشعوب القديمة حياة بدائية قبلية تعتمد علي التجوال والرعي قبل أنيستقر ويتحول من قبائل إلي شعب. وحتي بعد أن إستقر أبقي علي الكثير من العاداتالقبلية. والقبائل عادة التي تعتمد علي الرعي تسافر بقطعانها من الغنم والماعزبحثاً عن العشب والماء. لذلك كانوا يسكنون الخيام، وإستقرت كلمة الخيام كمكانللسكن في مفهومهم حتي بعد أن صارت لهم منازل ومدن يسكنون فيها، فحينما قاد يربعامبن نباط العشرة أسباط للإنفصال عن مملكة يهوذا أو كرسي الملك داود قال ” إليخيامك يا إسرائيل” (1مل 16:12) أي فلننفصل وننعزل بمملكتنا عن بيت داود.وكمجتمع رعاة كانت تشبيهاتهم من واقع ما يعيشونه، فأقوي شئ عند الرعاة هو القرن،فإتخذ القرن علامة للقوة “إرتفع قرني بالرب” (1صم 1:2) “إلهي ترسيوقرن خلاصي وملجأي” (مز2:18). والله مشبه بالراعي أيضاً (مز 23+ حز 34).

2.     عاشإبراهيم وإسحق ويعقوب ثم الأسباط حياة القبائل هذه، وما الأسباط سوي قبائل. وحياةالقبائل التي تبحث عن الماء يكون من أهم الفضائل فيها الكرم مع الضيف الذي لايجدماء ولا طعام. وهذا ما رأيناه في كرم إبراهيم ولوط مع ضيوفهما.

3.     القبيلةهي مجموعة عائلات إنحدرت من أب واحد تعيش متضامنة تحمي أفرادها، لذلك إذا إنفصلأحد عن قبيلته كان يلزم أن يلجأ لقبيلة أخري تحميه، وكانت كل قبيلة تتسمي بإسمالأب الأكبر (هذا نراه في الأسباط فيقال مثلا سبط يهوذا ونراه عند العرب فيقال بنيعلي مثلاً….) وهذا ما يعبَر عنه أبيمالك في قوله لأقرباء أمه” تذكروا أني منعظامكم ولحمكم” (قض2:9).

4.     قدتندمج قبيلة مع آخري وتتسمي بإسمها نتيجة للمصاهرة، وهذا ما نراه في إنضمامالكالبيين نسل قناز إلي سبط يهوذا (عدد 12:32 + يش 6:14) وكان القنزيين غرباء عنإسرائيل (تك 19:15) ثم دخل كالب إلي سبط يهوذا (1أي 18:2 + عد 6:13).

5.     قدتضعف قبيلة فتضطر أن تدخل ضمن قبيلة آخري وتذوب فيها، وهذا ما حدث مع سبط شمعونالذي ذاب في سبط يهوذا (يش 19: 1-9) وموسي لا يذكر سبط شمعون في بركته للأسباط(تث33) لأن شمعون لضعفه ذاب في سبط يهوذا.

6.     وقدينقسم السبط أو القبيلة إلي عشائر وكل عشيرة بها رئيس يسمي رئيس ألف أو يسمونهمشيوخ أو أمير (قض 8:8، 14+ تك 40:36-43 + يش 14:7-18).

7.     لكلقبيلة حدود يتم التعارف عليها ولكن تنشأ صراعات دائمة علي مصادر المياة من الأباركما تنازع رُعاة لوط مع رعاة إبراهيم، وإستيلاء عبيد أبيمالك علي بئر حفرها عبيدإبراهيم. وواجه إسحق نفس المشكلة (تك 7:13+21: 25 +26: 19-22).

8.     فيالحروب بين القبائل يتقاسم المنتصرون الغنائم ولقد قنَن داود هذا المبدأ وكانالنصيب الأكبر يذهب لرئيس القبيلة ثم صار يذهب إلي اللاويين أي إلي الرب.

9.     كانتالقبيلة تقوم بحماية ضيفها. ولذلك كاد لوط أن يعطي إبنتيه لأهل سدوم لكي ينقذضيفيه. وصارت مدن الملجأ تعبيراً له معني روحي ورمزي لهذا المفهوم وكانت مدنالملجاً بالنسبة لليهود طريقة للحد من الأخذ بالثار.

10. حينما تعيشعشيرة في مكان لفترة قد تتخلي عن الأسم الأصلي للسبط وتسمي نفسها بإسم مشتق منالمكان الذى عاشت فيه فنسمع عن قبيلة الجلعاديين (قض 17:5) وبعد أن صارت إسرائيلدولة إنتشرت هذه الطريقة للتسمية.

11. قلنا أنالخيمة وهي أساس السكن عند القبائل، إستمرت هي التعبير عن أماكن السكن حتي بعد أنصار لهم بيوتاً ومدناً يسكنون فيها، وإستمر هذا التشبية حتي أنهم صوروا الموت عليأنه فك أوتاد الخيمة للرحيل (أي 21:4 + أش 12:38 + 2كو 5: 1). وتم وصف السلامبالخيمة المشدودة (أش 20:33). وكثرة النسل شبهت بإتساع الخيمة (أش 2:54).

12. وحينما عاشاليهود في بيوت إزدادت الرفاهية فإزدادت الخطية. ومن هنا نري حنين الأنبياء فيالعودة للتقشف والعودة للبرية حيث الخيمة والزهد والتقشف (هو14:2-17 + هو9:12+ أش19:43 + أر 6:35 –7) ومن هنا نفهم ان هذه دعوة للتغرب عن العالم حتي تكون هناكعلاقة صحيحة مع الله.

13. كان الأخالأكبر ينتقل له الميراث ويجمع في يده كل شئ ويصير رأساً للأسرة ولذلك نجد لابانيقوم بالدور الرئيسى في زواج أخته رفقة. وكان للأخ الأكبر نصيب الضعف في الميراث(تث17:21).

14. كان يمكننظراً لتعدد الزوجات أن تكون هناك أخوات غير شقيقات لأخ (أي لهم نفس الأب لكن منأمهات مختلفات). وكان يمكن للأخ أن يتزوج أخته غير الشقيقة كما تزوج إبراهيمبسارة. وكما طلبت ثامار من أمنون أن يطلبها للزواج من أبيهما داود. وهذا ما نفهمهأن في بعض الأحيان كانت صلة القرابة تنسب للأم وليس للأب، ولكن كان هذا في أحوالنادرة. إلا أن الشكل العام هو نسب الشخص لأبيه وليس لأمه. ولكن نلاحظ إهتمامالكتاب المقدس بنسبة كل ملك من ملوك يهوذا لأمه كما لأبيه.

15. هناك فريضةعبرانية أن يفتدي أحد أفراد الأسرة فرداً آخر من نفس الأسرة ويحميه ويدافع عنهويثأر له. وهذا معروف عند كل القبائل. إلا أنه عند العبرانيين يأخذ وضعاً خاصاًبهم، فالفادي أو المخلص هو أقرب شخص للفرد المصاب أو الواقع في الأسر، فإذا إضطرالإسرائيلي أن يبيع نفسه عبداً لسداد دين فمن واجب الفادي أو المخلص أن يسرع لفكأسره وسداد دينه. وهكذا يسدد دينه لو إضطر أن يبيع منزله أو أرضه حتي لا يقعالمنزل أو الأرض في أيد أجنبية. وكان بوعز هو المخلص أو الفادي بالنسبة لراعوثونعمي عندما تخلي الفادي الأقرب عن دوره بالنسبة لهما ولعل هذا هو السبب الذي جعلكاتب السفر في أن يغفل إسم الفادي الأول إذ تخلي عن دوره وكان دور الفادي ان يشتريالحقل وأن يتزوج راعوث. وعمل الفادي هذا منصوص عليه في (لا 49:25) الذي نص علي انالعم ثم إبنه ثم باقي الأقارب عليهم أن يقوموا بالفداء. ولكن كان من حق المخلص أوالفادي أن يرفض، وكان يعلن عن رفضه بأن يخلع نعليه أمام الجماعة (تث 25: 9 + را8،7:4) ومن واجبات الفادي الثأر. وبالطبع فواضح أن هذا الفادي هو رمز للفاديالحقيقي لنا أي المسيح له المجد الذي هو أقرب لنا من أي قريب.

16. تخصصت عشائرأو قري في حرف معينة أو مهن معينة. ودعي رأس هؤلاء الحرفيين “أب” وربماهذا تفسير قوله حورام أبي (2أي 13:2) فهو أبو الصناع والمهنيين الذين يعملون فيالفضة والذهب والنحاس. لذلك فهو يدعوه حيرام فقط في سفر الملوك (1 مل 13:7) وراجع(1 أي14:4 + نح35:11 + 1 أي 21:4، 23).

17. نلاحظ انهكان منتشراً في العهد القديم تعدد الزوجات، والذي بدأ ذلك هو “لامك” مننسل قايين. أما أولاد شيث فقد إلتزموا بمبدأ الزوجة الواحدة كما هو واضح من قصةنوح فقد كان لكلا من نوح وأولاده زوجة واحدة. ثم إنتشر مذهب تعدد الزوجات (يعقوبمثلا). وكان للزوج أن يتخذ سرية. والسرية ليس لها نفس مكانة وحقوق الزوجة. وكانللرجل أن يدخل علي جاريته لو كانت زوجته عاقراً. كل هذا لزيادة النسل. فكان النسلهو أهم شئ عندهم حتي يكون للرجل مكانة وهيبة (مز 127: 3-5). لذلك كان اليهود لايفهمون معني البتولية، فكانت بركة الرب للإنسان تعني زيادة النسل. والتلمود حددعدد الزوجات بأربع للرجل العادي وثمانية عشر للملك. وبهذا كان سليمان حالة شاذة.ولكن كان تعدد الزوجات مصدر إضطراب العائلات كما حدث مع إبراهيم ثم يعقوب.

18. كانت المرأةتعيش في بيت أبيها في طاعة له، ثم تذهب إلي بيت زوجها في طاعة له. وكان الزوجومازال يسمي بعل. وكلمة بعل عبرانية وتعني سيد (خر3:21) لذلك فهموا ان المرأة هيقنية من قنايا بعلها. علي أن الزوجة كان يدفع الزوج مهراً لها أي لوالدها وتصبح لهالعمر كله، أما السرية فكان يشتريها بثمن من والدها وله أن يبيعها بعد ذلك. وكانالمهر يؤول للزوجة من والدها في حالة وفاته أو طلاقها ولعل هذا ما كانت تعنيه ليئةوراحيل أن أباهما لابان باعهما وأكل ثمنهما أي لم يعطهما حقهما في المهر عندماغادرتا بيته نهائياً، إذ كانتا لن ترياه ثانية.

19. حدد الربيين(معلمو الشريعة) سن الزواج بـ 12 سنة للبنت، 13 سنة للولد، ولصغر السن المسموح بهللزواج كان الوالدين يختارون لأبنائهم دون إستشارتهم كما أرسل إبراهيم عبدهلإختيار زوجة لأسحق. إلا أن القوانين البابلية والتي كانت تحكم عائلة رفقة كانتتحتم أن يستشير الأخ الأكبر (لابان في هذه الحالة) أخته (رفقة في هذه الحالة) إذاكان الأب متوفياً.

20. كانت جريمةالإعتداء علي فتاة عذراء تحتم الزواج منها مع تقديم مهر زائد عن المهر العادي. دونأن يكون للزوج فيما بعد حق طلاقها (خر 17،16:22+ تث 29،28:22).

21. كانوايفضلون الزواج من الأقارب (إسحق ورفقة مثلاً) ولا يفضلون الزواج من أسباط اخري ولابأجنبيات إلا أن هذا كان مسموحاً به ونجد أن نحميا تشدد جداً في فصل الزواج منأجنبيات.

22. كان الزواجمن العمة أو الخالة مباحاً. وموسي نفسه ثمرة زواج من هذا النوع. ولكنه حرم بعد هذا(لا 13،12:18+ لا19:20). وكذلك تم تحريم الزواج من أختين كما فعل يعقوب (لا18:18).

23. غالبا لميكن للزواج طقوس دينية، ولكن هناك وثيقة للزواج ووثيقة للطلاق (تث 24: 1-3+ أر8:3). حقاً لانجد في العهد القديم إشارة لوثيقة الزواج لكن لا يعقل أن يكون هناككتاب طلاق ولا يوجد وثيقة زواج. وقد عثر في جزيرة فيلة علي عقد زواج يهودي مكتوبفيه ( أنا زوجها وهي زوجتي للأبد).

24. كانت العروستستعد بلباس برقع ولا تنزعه سوي في غرفة الزوجية، وهذا يفسر لماذا وضعت رفقةبرقعاً علي وجهها عندما رأت إسحق. وبذلك أيضا خدع لابان يعقوب. وكان العريس يلبستاجاً (نش11:3+ أش 10:61) وراجع (نش 3،1:4+ 6: 7) لتري نقاب العروس. وكانت العروسأيضا تحيط بها صديقاتها منذ خروجها من منزلها إلي لحظة وصولها إلي منزل العريس (مز15:45) وتلبس أفخر الثياب وتلبس جواهرها. وكانت تنشد الأناشيد في مديح العريسوالعروس (أر9:16). وتقام ولائم وإحتفالات لمدة أسبوع (تك 27:29 + قض 12:14).

25. كانت هناكمدرستين في موضوع السماح بالطلاق فقد نص في (تث 1:24) أن الرجل له أن يطلق إمراتهإن لم تجد نعمة في عينيه، فإحدي المدارس شددت في هذا وقالت لا يطلق الرجل إمراتهإلا إذا وجدها زانية (ليست بكراً) أو إكتشف انها سيئة التدبير. والمدرسة الثانيةتساهلت تماماً حتي أنها أباحت الطلاق إذا كانت المرأة لا تجيد الطهي، أو إذا أعجبالرجل بإمراة آخري. ويكون الطلاق أمام شاهدين، ويعطي الرجل زوجته وثيقة طلاقتستطيع بها ان تتزوج ثانية. ولكننا من (ملا 16:2) نفهم ان الله يكره الطلاق. ومنتعليم السيد المسيح نفهم ان الله سمح لهم بالطلاق لقساوة قلوبهم. وإعلانا من اللهأنه يكره الطلاق لم تسجل حالة طلاق واحدة في العهد القديم راجع (مت 19: 7،8).

26.  لم يكن من حق المرأة انتطلب الطلاق، لذلك كان لو أرسلت إمرأة وثيقة طلاق لزوجها إعتبر هذا عملاً غيرمسموح به وضد الشريعة اليهودية ولذلك كان ما قاله الرب يسوع “وإن طلقت إمرأةزوجها…” جديداً علي مفاهيم اليهود. (مر12:10).

27. كانتالأرملة التي لم تنجب أولاداً ذكوراً، كان من حقها أن تتزوج من شقيق زوجها لتنجبأولاداً. وأول ولد يكون علي إسم الزوج المتوفي (تث5:25-10). راجع قصة أولاد يهوذامع ثامار وقصة راعوث.

28. كان للرجلان يبيع أي شئ يملكه حتي بناته، لكنه لا يحق له ان يبيع زوجته حتي الأجنبية التيإغتنمها في الحرب (تث 10:21، 14).

29. ساوتالشريعة في كرامة الأم كما الأب (تث 18:21-21) + “أكرم أباك وأمك”.

30. كان النسلالكثير أهم عناصر البركة (را11:4-12) + (تك 60:24 + تك 4:26 +تك 5:15 + تك 17:22 +مز 3:127-5) لذلك اعتبر العقم لعنة أو تجربة. لذلك شعرت أم صموئيل بالعار إذا لمتنجب. وكان النساء يتحايلن علي ذلك بتبني الأولاد حتى من جواريهن.

31. كان البكريحصل علي أكبر نصيب. ولكن هذه القاعدة لم تطبق في حالة إسحق الذي كان أصغر منإسماعيل، ولا في حالة يعقوب فقد كان أصغر من عيسو. وكان سليمان أصغر أبناء داودوالسبب أن الله أراد أن يشرع أن المختار من الله ليس بالضرورة هو البكر جسدياًفإسرائيل هو الإبن البكر الذي حلت الكنيسة مكانه بإتحادها بالمسيح البكر المختار.

32. إستخدمالعبرانيون أسماء دخل فيها أسم الله “إيل” مثل صموئيل أو إسم”يهوه” مثل ناثان ياهو أي يهوه أعطي، وذلك حين بدأت علاقتهم بالله. أمافي زمان إنحدار علاقتهم بالله فتسموا بأسماء الله أخري مثل البعل، فسموا أبنائهميربعل أو أشبعل (قض 1:7+ 1أي 33:8). وبعد السبى دخلت أسماء أرامية وبعد حكماليونان والرومان دخلت أسماء يونانية ورومانية، بل تسمي الشخص الواحد بإسمين مثليوحنا مرقس، شاول بولس. وكان تغير الأسماء يشير لسلطة من غير الأسم. ففرعون غيرإسم يوسف وفرعون غير إسم الملك إلياقيم وجعله يهوياقم. ونبوخذ نصر غير إسم متنياإلي صدقيا وغير أسماء دانيال والثلاثة فتية.

33. عرف الختانفي معظم شعوب الشرق ولكن كان للختان عند اليهود معني ديني هو العهد مع يهوه.والكتاب لم يطلق لفظ أغلف إلا علي الفلسطينين غالباً لأنهم كانوا لا يختتنون.وغالباً فقد كان الختان مرتبطاً بالزواج قبل أن يكون طقس ديني، لذلك يسمي العريسبالختن، وكذلك قالت زوجة موسي عنه “عريس دم” (خر 24:4-26). وبهذا المنطقأقنع أولاد يعقوب أهل شكيم أن يختتنوا قبل زواج إبنهم من دينة. وكلمة عريسبالعبرانية وكل مشتقاتها تجئ من الفعل العبراني “ختن”. وكون أن الختانسابق للناموس فواضح من أن الله أعطاه لإبراهيم كعلامة عهد وراجع أيضاً قول السيدالمسيح (يو22:7) فاليهود قد إعتبروا أن الختان قد شرعه موسي.

34. كان الختانهو العلامة الخارجية للدخول في عهد مع الله، فالدخول في عهد يتطلب دائما علامةخارجية (أر 18:34 + تك 9:15 + تك 44:31).

35. كما قلنافمفهوم الختان هو أن يصبح الرجل عريساً وبالتالي يكون له نسل وأولاد وهذه هي علامةالبركة (كثرة البنين). ومن هنا كان الختان علامة العهد مع الله لأنه حين يدخلالشخص في عهد مع الله يباركه الله وهذا ما نفهمه من (تك 28:1) أن الله بارك أدموحواء وقال لهم أثمروا واكثروا واملاوا الأرض وبهذا المفهوم نفهم النص (لا19:23،24) فالشجرة التى لا يأكلون ثمرها يسميها شجرة غلفاء ويسمي الشجرة التي لهاثمار، شجرة مختونة. وبهذا المفهوم نفهم معني الأذن المختونة والقلب المختون. ويضافلذلك أن الختان فيه قطع لجزء من الجسم وتركه ليموت فيحيا باقي الجسم (أي الأنسان)في عهد مع الله. وذلك إشارة ورمز للمعمودية التي هي موت وحياة ونقوم منها كأولادالله.

36. إهتم الأباءبجانب تعليم أولادهم القراءة والكتابة والتقاليد والأناشيد الدينية، أن يعلموهمإحدي الحرف وغالباً ما تكون هي حرفة الأب. قال أحد الربيين من لا يعلم إبنه حرفة،يربيه لكي يصير لصاً. ولذلك تعلم بولس صناعة الخيام. ولأن الأب كان له دور المعلمأساساً إعتبر الكاهن المعلم أباً فدعي يوسف أباً لفرعون لأنه كان مشيراً له (تك8:45 + قص 19:18) الذي منه نري ان الكاهن أسموه أبا لهم.

37. كانت المرأةعادة لا تذهب للتعليم، وكل ما تتعلمه في البيت هو الطهي والغسيل، وكانت المرأةعادة تضع برقعاً. وكان من العادات الإجتماعية والتقاليد أن المرأة لا تكلم غرباء،وأن يمتنع الرجل عن أن يكلم نساء، لذلك تعجب التلاميذ إذا وجدوا المسيح يتحدث معالسامرية فهي أمرأة وثانياً هي سامرية. وكان النساء يمنعن من دخول الهيكل فيما بعدرواق النساء المسموح بتواجدهن فيه. وكان النساء غير مسموحاً لهن أن يحضرن الجزءالخاص بشرح الناموس والوصايا التي يقوم بها الكتبة. وكانت المرأة ممنوعة منالتعليم.عموماً كانت المرأة في درجة أقل كثيراً من الرجل بل كان الرجل يصلي قائلاًمبارك هو الذي لم يخلقني وثنياً ومبارك هو الذي لم يخلقني إمرأة ومبارك هو الذي لميخلقني عبداً أو رجلاً جاهلاً. لذلك كان المسيح يبدأ عهداً جديداً للمرأة إذ علمالنساء وتحاور معهن، وكان منهن تلميذات له (لو1:8-3+ مر 41:15+مت 20:20). ولكن فىنفس الوقت علم المسيح تلاميذه أن لا ينظرن نظرة شهوانية للنساء، فالذي ينظر ليشتهيهو يزني في قلبه.

38. لم يعرفالعهد القديم معني البتولية، فكانت شيئاً غير مفهوم. ولما أراد يفتاح تقديم إبنتهذبيحة قالت ” اتركني شهرين فأذهب إلي الجبال وأبكي عذراويتي” فكان عدمالزواج مثل العقم، يعتبر لعنة أو وضعاً وضيعا (ً لو25:1) فالتي لا تتزوج لايحترمها المجتمع اليهودي. لذلك قد نفهم قول الأنبياء ” عذراء إسرائيل”(عا 2:5 + مرا 15:1 + 13:2) أنه تأكيد علي بؤس إسرائيل ونهايته كنهاية العذاري دونأن يتركن أولاداً. وقال الربيون “أن الرجل غير المتزوج ليس رجلاً عليالإطلاق” لذلك كانت حالة إيليا حالة شاذة وسط الأنبياء اليهود.

 

مقدمة عن أسفار موسى الخمسة

تسمىأسفار موسى الخمسة باليونانية pentateuch أي الأسفار الخمسة. وهي تمثل الجزء الأول من الكتاب المقدس فيالعهد القديم الذي ينقسم لثلاث وحدات:

أولاً:الناموس أو التوراة: ويحوي أسفار موسى الخمسة.

ثانياً:الأنبياء: وينقسم إلى قسمين. الأنبياء الأولين والأنبياء المتأخرين والقسم الأوليضم يشوع والقضاة حتى الملوك. ويضم القسم الثاني أشعياء وأرمياء وحزقيال والاثنىعشر نبياً الصغار.

ثالثاً:الكتوبيم: ومعناها الكتب وهذا بدوره ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

1.                ‌كتب شعرية مثل المزامير والأمثال وأيوب.

2.                كتب ميحيلوت مثل النشيد وراعوث والمراثيوالجامعة واستير.

3.                كتب تاريخية غير نبوية مثل دانيال وعزرا ونحمياوأخبار الأيام

وبهذاتظهر أسفار موسى الخمسة كوحدة تسمى الناموس وهي تمثل وحدة تاريخية مترابطة معاً.تبدأ بخلق العالم من أجل الإنسان ثم خلق الإنسان نفسه وإذ سقط هيأ له الله الخلاص.فإختار الله إبراهيم ونسله خلال إسحق ويعقوب وفي مصر بدأت البذرة الأولى للشعبالذي هيأه الله ليتحقق خلاله الخلاص للبشرية كلها. ثم أقيم موسى كأول قائد لهذاالشعب وليخرج الشعب من عبودية فرعون وخلاله تمتعوا بالعهد عند جبل سيناء، وأخيراًوقف بهم عند الشاطئ الشرقي للأردن ليسلمهم في يد قائد جديد هو يشوع، كأنه بالناموسيسلمنا ليسوع قائد الحياة وواهب الميراث.

 

سفرالتكوين:

يبدأالسفر ب “في البدء خلق الله السموات والأرض.. وروح الله يرف ليعطي حياة. وهذهالبداية تعطينا فكرة أن الله يريد أن يعطي حياة للبشر، بل نرى أن الله خلق الإنسانعلى صورته ومثاله وأعطاه سلطان على كل الخليقة. فالإنسان كان كسفير لله على الأرضيحمل سلطاناً وسيادة على كل ما على الأرض وما تحتها وما في البحار وما في الجو،ليس له سيد من كل الخليقة، بل هو سيد الخليقة الأرضية. وكان هذا مجداً للإنسانوإعلاناً عن إرادة الله من ناحية الإنسان ثم يعرض لنا سفر التكوين قصة السقوط،والسقوط معناه إنفصال الإنسان عن الله فلا شركة للنور مع الظلمة، وكان هذا معناهالموت، فالله هو مصدر الحياة. ولذلك ينتهي سفر التكوين بهذه النهاية “ثم ماتيوسف.. فحنطوه وَوُضِعَ في تابوت في مصر. حقاً كما يقول القداس الغريغوري”أنا أختطفت لي قضية الموت” ولاحظ أن الله لم يكن يريد الموت للإنسان.ولاحظ أيضاً أن يوسف مات في أرض مصر وهي تشير لمكان العبودية. إذاً بعد أن كانالإنسان على صورة الله فقد السلطان والحرية وصورة المجد التي كان عليها من قبل،فالله خلق آدم على صورته حراً وله سلطان، ولكن التحنيط يعطي رجاء الخلاص فهو إشارةلحياة أخرى.

 

خطةالله لخلاص الإنسان

1.                الوعد الإلهي: منذ سقط آدم والله أعطاه وعداًبالخلاص “نسل المرأة يسحق رأس الحية” ثم نجد وعود الله لإبراهيم ونرىتجدد الوعد في نسله.

2.                الاختيار: ظهر الوعد الإلهي متجلياً فيالاختيار. فلا فضل لآدم في اختياره كإنسان يحمل السيادة على الأرض كلها. ولا فضللإبراهيم ولا للشعب حتى يختارهم الله كرجال له يخرج منهم المخلص الذي يخلص العالم.

3.                العهود: كانت العهود أساسية في المجتمعاتالشرقية، كالعهد الذي أقيم بين إبراهيم وأبيمالك وبين يعقوب وحميه(تك23:21،44:31). ونجد أن الله قد رفع شأن الإنسان ودخل معه في عهود مثل قوس قزح(تك9) ثم مع إبراهيم (تك15). ثم أعطى الله علامة في جسد كل ذكر أي الختان(تك9:17-14) ثم ختم الله العهود بدم الذبائح الحيوانية إشارة إلى العهد الذي يسجلهالآب على الصليب بدم إبنه.

4.                الشريعة: إرتبطت في سيناء الشريعة والذبائح، فلاإنفصال بين الوصية والعبادة.

سفرالتكوين يقدم لنا الله كأب حنون يرعى أولاده ويدبر أمورهم المادية والروحية فهوالذي أسس لهم الأرض وما عليها ليحيوا ويشبعوا، وهو الذي يهيئ لهم الخلاص. أي أنهخلق للإنسان الأرض المادية والسماء المادية لينطلق به إلى السماء الجديدة والأرضالجديدة. وهذا السفر يعرض لنا العلاقة بين الله والبشر. ونرى في هذا السفر اللهكصديق للبشر يتمشى في الجنة ليلتقي بالإنسان. ونراه يأكل مع عبده إبراهيم، ونراهيصارع مع يعقوب. ورأينا في هذا السفر أهمية الذبائح وهي عبادة وكيف أن العبادة هيسر مصالحة مع الله. ونرى في هذا السفر العداوة المستمرة بيننا وبين الشيطان(15:3). ونرى الله يتعامل مع كل إنسان في ضعفه محاولاً أن يرفعه.

 

سفرالخروج:

انتهيسفر التكوين والشعب في مصر رمزاً لعبوديته كنتيجة مباشرة للخطية ثم جاء سفر الخروجيعلن بطريقة رمزية عن خلاص الله المجاني. فقدم لنا خروج الشعب من أرض العبودية بيدالله القوية منطلقاً نحو حرية مجد أولاد الله وجاءت القصة كلها كرمز حتى يظهر اللهعمل الشيطان ورمزه هنا فرعون الذي استعبد الشعب، حقاً هو كان يشبعهم “سمكولحم وكرات.. ” وهذا رمز للملذات الجسدية التي يعطيها عدو الخير لنا حتىننشغل بها، ولكن فرعون هذا لم يكن يعطي مجاناً، فهو كان يسخر الشعب في عبوديةقاسية بل يقتل أبكارهم وهذا بالضبط ما أراد الله لنا أن نعرفه عن إبليس أنه”كان قتالاً للناس” وأن الله وحده هو الذي يعطي بسخاء ولا يعير.

والسفركله ينطق بالفداء. وإن الدم ينقذ. والعبور في البحر إشارة إلى المعمودية والمنإشارة للمسيح الذي أعطانا جسده ودمه لنحيا. والماء الذي خرج من الصخرة إشارة للروحالقدس الذي أعطى للكنيسة. وتسبحة مريم وموسى هي صورة للكنيسة التي إمتلأت بالروحفإنطلقت تسبح وهي فرحة بحريتها ولاحظ في (8:3)

“فنزلت لأنقذهم”التي فيها إشارة واضحة للتجسد. وفي السحابة وعمود النار نرى المسيح وسط شعبهدائماً كسر إستنارتهم وكقائد لهم. ونرى محاولات إبليس أن يذكر الشعب بقدور اللحم(أي لذة الخطية) ولا يجعله يذكر العبودية ولسعات سياطها “هذا ما تسميهالكنيسة” تذكار الشر الملبس الموت” ونلاحظ في هذا السفر محاولات الشيطانفي عرضه أنصاف حلول على موسى، نقصد فرعون رمز الشيطان. ونرى في ردود موسى عليهالطريق التي يرضاها الله في حوارنا مع عدو الخير، أن لا أنصاف حلول بل ننطلق نحنونساؤنا وأولادنا ومواشينا أي كل ما لنا لمسيرة 3 أيام لنعبد الرب. إذاً المقصودأن نترك أرض الخطية والعبودية تماماً ولا نقبل بأقل من هذا.

هذاالسفر يعلن أن الله لا يريدنا عبيداً بل أحراراً. ولكن هناك شرط

الوصاياالعشر: فليس لنا استمرارية في حياة الحرية إلا بالالتزام بالوصايا. بل أن هذهالوصايا هي شروط العهد مع الله، إن التزم بها الشعب يكون لهم بركات وإن خالفوهاتنصب عليهم اللعنات وهذا يبدو بصورة واضحة في (لا26 وتث28)

وبعدالحرية وبعد أن خرج الشعب من أرض العبودية يعطيهم الله بركة عظيمة جداً هي خيمةالاجتماع ليحل الله وسطهم ويسكن بينهم.

إذاًفسفر الخروج يختتم بأمرين. استلام الشريعة وخيمة الاجتماع. وكأن العبور وهو إنطلاقإلى الحرية خلال الاتحاد مع الله والوجود الدائم معه إنما يتحقق خلال كلمة الله أوالوصية والعبادة (الخيمة). فالوصية هي القائد للنفس للدخول إلى السماويات.والعبادة هي عبور للشركة مع السمائيين في ليتورجياتهم. العبادة هي غاية العبور”إطلق شعبي ليعبدونني” خلالها نتعرف على قانون السماء (الوصية) ونتدربعلى السكنى مع الله (الخيمة السماوية)

إذاًنرى الإنسان في سفر التكوين سرعان ما فقد علاقته بالله فخسر سر حياته، ثم يأتي سفرالخروج ليعلن خلاص الإنسان بخروجه من عبودية إبليس، فرعون الحقيقي، لينطلق نحوكنعان الأبدية، خلال برية هذا العالم.

 

سفراللاويين:

بعدعبور الشعب نجد هنا الله القدوس يلتصق بشعبه خلال الحياة المقدسة التي ننعم بهاخلال السيد المسيح الذبيح والكاهن في نفس الوقت. هذا السفر هو سفر القداسة التيبدونها لا نعاين الله ولا نقدر على الاتحاد معه. هذه القداسة هي عطية الله توهبلنا خلال ذبيحة السيد المسيح الفريدة والتي كانت الذبائح الحيوانية في هذا السفررمزاً لها. هنا نرى للقداسة شقين:

الأول:دم المسيح وتعبر عنه الذبائح. وقد قام المسيح بهذا العمل وحده.

الثاني:جهاد الإنسان حتى يصير قديس ويتم هذا بأن يترفع الإنسان عن الأرضيات ولا يتلامس معدنس هذا العالم.

هوسفر الكهنوت والطقوس والشريعة والتطهيرات، هو سفر العبادة، حتى تحيا الجماعة مقدسةفي الله القدوس. والكهنة واللاويين هم أداة إلهية للخدمة، لخدمة الجماعة الذين همأعضاء فيها يعملون لحساب الجماعة وليس لحساب أنفسهم

سفرالخروج أظهر الله كإله مهوب لا يستطيع الشعب أن يقترب إليه أما هنا فنجد الله يسكنوسط شعبه ليحملوا سماته فيهم أي القداسة.

إذاكان سفر اللاويين يهتم بالإعلان عن دور الكهنة فسفر التثنية يهتم بالأكثر بأن يقدمملخصاً وشرحاً للشريعة للاستعمال الشعبي العام.

ملخصهذا السفر “إني أنا الرب إلهكم فتتقدسون وتكونون قديسين لأني أنا قدوس”(44:11). إذاً في هذا السفر نعرف كيفية الاقتراب من الله.

 

سفرالعدد:

هوسفر الجولان في البرية ورحلات الشعب فيها، بل تيهان الشعب في البرية، حتى وصولهمإلى موآب وإشرافهم على أرض الموعد. في هذا السفر نرى عمل الله مع الإنسان لتهيئتهلدخول أرض الموعد. هو سفر الجهاد في هذه الحياة بعد أن حصلنا على الحرية والولادةالجديدة والعبور بالمعمودية، هو الجهاد المصحوب بالنعمة الإلهية، ونرى فيه اللهمصاحباً شعبه كسحابة وكعمود نار. ولم يجعلهم يعتازوا شيئاً لمدة 40 سنة.

ولكننافي مقابل محبة الله نرى من الإنسان تذمر وقلة إيمان وعناد دائم وفي مقابل هذا نرىتأديب الله، ليس إنتقام بل تأديب حتى يضمن لنا الله الوصول لأرض الميعاد. هذا السفريبرز بشاعة الخطية وأنها تدان دائماً ويسقط مرتكبها تحت التأديب حتى لو كان نبياًمثل موسى. ولكننا نرى الشفاء خلال الحية النحاسية رمز الصليب. ونرى أيضاً قوةالشفاعة ممثلة في صلاة موسى ونرى أن الرحلة تستلزم النظام الكهنوتي وبتر المعتدينعليه (قورح وداثان…).

نرىفي هذا السفر سقطات الشعب وانتصاراتهم رمزاً لحياتنا في غربة هذا العالم.

 

سفرالتثنية:

يشرحفيه موسى للشعب عمل الله معهم ونعمته في اختيارهم والحفاظ عليهم. والمسيح في حربهمع إبليس إقتبس ردوده عليه من هذا السفر. هنا نرى بركات الاقتراب من الله.

 

سفريشوع:

هودخول يشوع مع الشعب إلى أرض الموعد رمز لدخولنا مع المسيح يسوعنا الأرض السماويةأورشليم السماوية في نهاية هذا العالم. وعبور الأردن هنا رمز للموت في نهايةرحلتنا أما عبور البحر الأحمر فهو رمز للمعمودية (1كو1:10،2).

 

الخطالعام:

التكوين:اللهيعطي حياة ← الخطية والسقوط ← موت وعبودية ← وعد بالخلاص.

الخروج:العبورللحرية بواسطة الدم ← المعمودية في البحر ← التناول من المن ←الله وسط الشعب ← شرط الالتزام بالوصية.

اللاويين:دمالمسيح (الذبائح رمز) يقدس ← الجهاد لنكون قديسين.

العدد:رحلة غربتنا فيهذا العالم ← سقوط وقيام.

التثنية:نعمة الله فيالحفاظ على شعبه واهتمامه بكل صغيرة وكبيرة.

يشوع:نهاية الرحلة ←نهاية حياتنا على الأرض = عبور الأردن ← أورشليم السماوية.

 

المقدمة

كاتبالأسفار الخمسة هو موسي النبي

1.     شهادةالعهد القديم:- نسمع كثيراً “كلم الرب موسي” (خر 25: 1) في الأسفارالخمسة وفي باقي العهد القديم نسمع كثيراً ” كما هو مكتوب في شريعة موسي رجلالله (عز 2:3) والله هو الذي أمر موسي أن يكتب كل هذا تذكاراً (خر 14:17) فاللهأراد أن يذكر ويسجل كل أعماله مع شعبه. راجع (عز 2:3، 18:6 + نح 1:8 + دا 13:9 +مل4:4).

2.     شهادةالعهد الجديد:- نسب المسيح والرسل الشريعة والناموس لموسي (يو5: 46-47 وراجع أع21:15 + رو 10: 5).

3.     تثارأسئلة كيف كتب موسي وكيف عرف كل هذه المعلومات

‌أ.       الكتاب كله موحي به من الروح القدس الذي ساقأناس الله القديسون لكي يكتبوا ما كتبوه راجع، (2تي16:3 + 2بط 21:1).

‌ب.   أخبار الخلقة وأخبار الآباء تناقلت عبر رجالالله الأتقياء بدون تشويه عبر أجيال نحددها كالآتي، آدم – متوشالح – سام – إبراهيم– إسحق – لاوى – قهات – موسي. والأحداث هنا تم تناقلها شفوياً من جيل إلي جيل.

‌ج.    إذا كان الله قد أظهر لموسي مثال لخيمة الإجتماععلي الجبل ليصنع مثلها راجع (خر 40:25)، فهل لا نتصور أن الله لا يظهر كل الحقلموسي سواء بصورة أو برؤيا ليكتبه شهادة للأجيال وهذا الكلام سيبقي لآخر الأيام،في الوقت الذي يظهر له الله مثالاً لخيمة سينتهي إستخدامها بعد عدة مئات منالسنين.

‌د.      موسي تهذب بكل حكمة المصريين (خر 10:2 + أع21:7) فهو قادر علي الكتابة.

‌ه.       جاءت الأسفار الخمسة تضم كثير من الكلماتالمصرية. صفنات فعنيح (تك 45:41) وأسنات (تك 45:41) وبعض اسماء المدن وإستخدملكلمة كأس الكلمة المصرية طاس. وأورد عادات مصرية معروفة مثل عزل إخوة يوسف عنيوسف والمصريين علي المائدة (تك 32:43 + تك 34:46 + 22:47) والمعلومات الجغرافيةالواردة صحيحة فهذا يقطع بأن كاتب هذه الأسفار عاش في مصر ويعرفها.

 

إسمالسفر

يدعيفي العبرية “بي راشيت” وهي الكلمة الآولى في السفر وهي عبرية وتعني”في البدء” وتسميته التكوين فمترجمة عن السبعينية وتعني الأصل أو بدايةالأمور وفي الإنجليزية Genesis ومنهاGenerate بمعنييلد أو يولد أو ينتج، “Generation” بمعني توليدأو نسل أو ذرية أو جيل أو نشوء. وهكذا جاءت نفس الكلمة في أول آية في أنجيل متي Thebook of the generation of Jesus وهي اليونانية BiBλOSΓeυσEWς.

والسفريحوي فعلاً البدايات لكل شئ فهو يحوي بداية الخليقة وبداية الجنس البشري وبدايةالزواج وبداية دخول الخطية والموت وبداية نشأة الأمم والحرف والفنون وإختراعمخترعات. وهو يحوي أيضا سلسلة الأنساب الأولى.

 

سماتالسفر وغايته

1.     كتبموسي وسجل تاريخ العالم في شئ من البساطة التي يفهمها الرجل العامي فهو ليس كتاباًعلمياً، ولكن حين تعرض للعلم لم يخطئ. وكان أن إبتعد في كتاباته عن الخزعبلات التيإنتشرت في وقته وكانت في وقتها هي النظريات العلمية السائدة. هو نظر في أعمال اللهليظهر نفعها للبشر ويظهر الله كخالق ماهر يخلق كل هذه الطبيعة حتي يتمتع بني ادمبها، ولم ينظر إلي فلسفات أو نظريات علمية في طبيعة الخلقة.

2.     كونأن الله خلق العالم فهذا يثبت أن العالم ليس أزلياً ولا أبدياً فله بداية ولهنهاية.

3.     يبرزهذا السفر أن الإنسان ليس مجرد خليقة وسط ملايين الكائنات لكن كائن فريد يحمل السمةالأرضية في الجسد والسماوية في الروح. وقد وهبه الله الإرادة الحرة دوناً عن باقيالمخلوقات فالكواكب لها قوانين تسير عليها والحيوانات تسلك حسب غريزة طبيعيه.

4.     يظهرالسفر إعتزاز الله بنا فهو ينسب نفسه للبشر ويدعو نفسه ” إله إبراهيم وإسحقويعقوب… فهو يود أن يكون إلهاً خاصا بكل إبن له”. بل هو أب للإنسان ولم يخلقهأسيراً ولا في ذل يتحكم فيه كيفما أراد، بل خلقه ليكون إبناً له، خلق لأجلهالمسكونة، وهيأ له الأمجاد الأبدية ليرفعه إلي حيث يوجد الله أبوه ليعيش الإنسانشريكاً في المجد، متنعماً بالأبوة الفائقة. إذن هو السفر الذي بدأ بشرح علاقة اللهبنا. وشرح السفر أهمية الوصية الإلهية وخطورة مخالفتها.

5.     فضحعدو الخير وأعلن خططه المهلكة وشهوته من جهة هلاك الإنسان. ووعد الله بالخلاص منهذا العدو، وفي نفس الوقت يظهر الله صداقته للإنسان، فيتمشي صوته عند هبوب ريحالنهار علي الجنة ليلتقي بالإنسان الساقط، وفي الحقل يحاج قايين الخاطئ القاتل،”وعند ثورة بابل ينزل ليري ماذا يفعل الإنسان، ويقبل ضيافة إبراهيم معملاكيه” ويصارع مع يعقوب ليصلح شيئاً ما في داخله. ولنلاحظ أن السفر يظهرقدرة الله علي الخلقة ويظهر محبة الله للإنسان ولكن إعلان قدرته سهل فالسمواتبجندها تحدث بمجد الله والفلك بمداراته يخبر بعمل يديه، أما محبة الله وحتي يظهرهاللإنسان كلفته الكثير فقد خبر بها إبنه الوحيد المتجسد علي الصليب. إذاُ هناك صراعبين الله المحب الذي لا يريد أن يهلك أي أحد بل أن يخلص كل واحد وبين الشيطان الذييتودد للإنسان بملذات العالم، وميدان الصراع هو الإنسان الذي خلقه الله حراً. بلهناك من قال أن الكتاب المقدس كله جاء ليكشف ما ورد في هذا السفر عن حديث اللهللحية ” أضع عداوة بينك وبين المرأة، وبين نسلك ونسلها هو يسحق رأسك وأنتتسحقين عقبه (15:3). فالكتاب المقدس يعلن الصراع المر بين عدو الخير والإنسان.

6.     نجدأن الخطية قد أفسدت عيني الإنسان وأفقدته القدرة علي لقاء صديقه الأعظم الله. فكانالله قد خلق الإنسان بعد أن هيأ له خلال ملايين السنين أرضاً وسماء وبحراً هي جنةبالحقيقة، بل كان الله شريكاً للإنسان في عمله ورفيقاً له يكلم الإنسان ويريدمجده. وجاءت الخطية فأقامت حاجزاً كثيفاً بين الله والإنسان فعجز الإنسان عن أنيدخل في حوار مع الله وذلك للآتى:-

‌أ.       لا شركة للنور مع الظلمة وقد إختار الإنسان طريقالظلمة أي الخطية.

‌ب.   مع زيادة حجم الخطية إزداد سمك هذا الحاجزالكثيف، فنجد أن الله بعد سقوط آدم وقايين مباشرة يأتي ليكلمهم. ولكن نجد أنالإنسان بدأ يهرب من لقاء الله، فآدم مثلاً إختبأ من أمامه خائفاً أن يفتضح مننوره، كان آدم مثل من لا يستطيع ان ينظر في نور الشمس حتي لا تحترق عيناه وكمنيفضل أن يتستر بالظلام ليتداري شكله المزري.

‌ج.    حَرصَ الله فى محبته أن يخفي نفسه عن الإنسانوكان هذا رد الله علي موسي حين طلب أن يري مجده (خر33) والسبب ” لا يرانيالإنسان ويعيش” فالله خاف علي موسي وعلي الإنسان أن يحترق ويموت عند رؤيتهوهو نار ونور والخطية أضعفت طبيعة الإنسان مثل المرض حينما يفسد صحة إنسان. فكانإحتجاب الله يظهر محبته من ناحية حتي لا يهلك الإنسان ويظهر أيضا قداسته فلا شركةللنور مع الظلمة وقد إختار الإنسان طريق الظلمة، طريق الإنفصال.

‌د.      لم يسكت الله علي هلاك الإنسان بل كان التجسدليعيد الوحدة بين الله مع الإنسان ثم الصليب لتموت طبيعة الإنسان العتيقة ويأخذطبيعة جديدة. وهذا شرحه الله في سفر التكوين حينما شرح الطريقة التي سترت آدم وهيالذبيحة ثم السلوك الحي حتي يتحقق عودة الصداقة بين الله والإنسان.

7.     فيعرض السفر لحياة الأباء البطاركة رأينا

‌أ.       الله يعمل في أولاده طالما وجد فيهم بصيصاً منالإيمان (إبراهيم/ إسحق…).

‌ب.   أبرز الله بطولاتهم الرائعة الإيمانية الحية.

‌ج.    كشف الله عن ضعفاتهم ولم يضفي عليهم مسحة منالعصمة من الخطأ وذلك:- 1-حتي لا نيأس إذا أخطانا، فقد أخطأ الآباء ولم يهلكوا.2-حتي ندرك أنه ليس صالح ليس ولا واحد والكل محتاج للمسيح الصالح وحده.

‌د.      رأينا في بركة الله لهم، ثمار الطاعة، هذهالطاعة التي كملت بطاعة المسيح.

‌ه.       عناية الله بهم خلال حياتهم وصداقته لهم.

‌و.      إستغل الله حياتهم وإستخدمهم كرموز ليشرح بهمخطته الخلاصية كما حدث في قصة إبراهيم مع إسحق وتقديمه له ذبيحة.

8.     كشفالسفر عن مفهوم البركة واللعنة، فالله الطيب الحنون الذي أعطانا نعمة الوجودوأسكننا في الجنة وخلقنا علي صورته، هو نفسه الله القدوس العادل الذي لا يتركالخطية بدون عقوبة.

البركة: عندما خلق الله الإنسانباركه بركة مجانية فهو لم يفعل شيئاً يستحق عليه البركة “وباركهم الله وقالأثمروا… (تك 28:1) ” وأعطاهم بركة السلطة والسيادة. فأصبح الإنسان مثل اللهعلي الأرض أو نائباً له وسيداً لكل الخليقة. ثم بارك نوحاً وبنيه بعد الطوفان 9:2،1 ثم بارك إبراهيم وإسحق ويعقوب (1:12-3) ورأينا البركة درجات 1- تكون مباركاً2- تصير بركة بل رأينا البشر يباركون آخرين (تك 19:14) وإبراهيم بارك إسحق… إلخوكان الله يعتمد هذه البركة. ومن أمثال هذا النوع بركة الوالدين لأبنائهم. وهناكبركة مجانية يعطيها الله، كما لآدم، وهناك بركة نتيجة عمل صالح كما بارك اللهإبراهيم لتقديمه إبنه ذبيحة. وهناك بركة الإبن البكر هذا إذا حافظ علي بكوريته بلاعيب ولم يكن كعيسو مستبيحا لبكوريته. والبكر كان يعتبر رئيساً للأسرة وسيدها وهوالكاهن للأسرة، يأخذ نصيبين من الميراث. وكان من المفهوم أن البكر سيأتي منهالمسيح، وهذه هي البركة الحقيقية للبكر. وكان الآباء يصارعون للحصول علي هذهالبركة سواء من الله أو من إنسان، بل كانوا جوعي بركة ” لا أطلقك حتيتباركني” بل يشتريها يعقوب من عيسو ويتحايل علي أبيه إسحق ليأخذها. ولا يهتمبأن يخلع فخذه بل المهم أنه قد أخذ بركة فسفر التكوين يعطينا فكرة عن البركة، أنهابركة علي أساس العلاقة التي تربط الإنسان بالله والعلاقة التي تربط الأب بأولادهوالكاهن برعيته. فالله يريد أن يبارك كل ما هو لنا بل كل ما نلمسه يتبارك. لكن هذهالبركة ممكن أن تفقد نتيجة الخطية ويأتي بدلها اللعنة.

واللعنة:شئ دخيل علي الأرض ودخيل علي الإنسان وهو نتيجة الخطية وتنقسم إلي:

‌أ.       لعنة الحية:   الحية أول كائن يلعن في الكتاب المقدس. واللهلعنها دون أن يحاكمها وصارت تأكل التراب بعد أن كانت تأكل العشب. وهناك تأملللقديس أغسطينوس فآدم من تراب وإلي تراب يعود فالحية تأكل الإنسان وإذا أرادالإنسان أن لا تأكله عليه أن لا يخطئ. وفي هذه اللعنة رأينا أول عداوة بين إنسانوحيوان بعد أن كان له سلطة علي كل الحيوانات. ومن يرفض الخطية تفشل الحية في أنتسحق عقبه. لذلك فلعنة الحية تضمنت عقوبة للإنسان وهي سحق عقبه.

‌ب.   لعنة الأرض: حينما أخطأ آدم لم يلعنه الله بلقال ملعونة الأرض بسببك فصار الإنسان يتعب ليخرج الخير من الأرض. وصارت خيراتالأرض قليلة. والبركة معناها أن الأرض تعطي بلا تعب، وأدم كان في الجنة يعمل ولكنعمله كان بلذة ولما لعنت الأرض أخرجت شوكاً وحسكاً ولكن في الأصحاح الأول لا نسمعشيئاً عن الشوك وهذا الشوك حمله عني المسيح. (راجع تك12:4) أمثلة للعنة الأرض(الدودة/ الحر….) ولم يكن ممكناً أن يلعن الله أدم لسببين:-

1)         عطية الله بلا ندامة: فالله بارك آدم والله لنيرجع في بركته وهذا ما حدث مع إسحق حينما بارك يعقوب ثم إكتشف الخدعة فقال نعمويكون مباركاً (33:27).

2)         سيأتي منه المسيح: لذلك إستبقي الله البركة معآدم وعاقبه عقوبة جزئية.

‌ج.        لعنة الإنسان: الله لعن قايين حينما قتل وطاردتهاللعنة وهو خائف وليس من يطارد. ثم ظهرت لعنة الإفناء مثل الطوفان وسدوم وعمورةلأن الخطية تفشت حتي أنه قيل “فحزن الرب أنه عمل الإنسان” فالخطية تشعلغضب الله والعكس فإذا وجد إنسان بار يستبقي الله الحياة (نوح/ لوط…) وكذلك لعنكنعان من جده نوح.

9.     أظهرسفر التكوين آثار الخطية

‌أ.               الموت:    أجرة الخطية موت والموت له أنواع:

1)             موت أبدي:           الهلاك الأبدي نتيجة الخطية. إنفصال أبديعن الله.

2)             موت جسدي:        إنفصال الروح عن الجسد.

3)             موت أدبي:           فقدان الإنسان لكرامته ولصورة اللهومثاله.

4)             موت روحي:        إنفصال الروح عن الله.

‌ب.           المرض:  وله نوعان تعب الجسد وتعب النفس.

1)             المرض الجسدي: بالتعب تأكل… بالوجع تلدين. وقبلالخطية لم يكن هناك مرض.

2)             المرض النفسي: قلق وخوف. هذا ما جعل الإنسانيعمل الخطية في الظلام. والخوف ضعف في الشخصية وأما الإنسان الروحاني فلا يخاف.ومن الأمراض النفسية الكذب وتبرير الذات “المرأة التي أعطيتني… الحية هيالسبب” ولم يقل أحد أخطات ولأن من آثار الخطية الخوف قيل في سفر الرؤيا أنالخائفون نصيبهم البحيرة المتقدة بالنار. ومن الأمراض النفسية الخجل بسبب الخطية.بل من الأمراض النفسية ما حدث لقايين وهى نوع من الهلوسة أو الشيزوفرنيا. هو صارهارباً من منظر هابيل المقتول.

‌ج.        فسدت طبيعة الإنسان البسيطة فبعد أن كان لا يعرفسوي الخير أصبح يعرف الخير والشر. ولكن صارت له أيضا طبيعة عاصية متمردة ضد الخير.وصارت له شهوة للشر سببت له صراعاً نفسياً أليماً. كانت عينيه مقفلة أما الآنفمفتوحة (نش 12:4).

‌د.          فقدان السلام:          فقد الإنسان السلام بينه وبين الله وبينهوبين الإنسان وبينه وبين نفسه. وبينه وبين سائر الحيوانات التي صارت تؤذيه.

‌ه.           اللعنة:       وقد تحدثنا عنها. وتمردت الأرض علي الإنسان. لكنالمشكلة أن الإنسان حزن لفقدان بركة الأرض ولم يحزن لأن الله حزين. عموماً الخطيةأفقدت الإنسان البركة.

‌و.          سمعنا عن العبودية: وصار كنعان عبداً لإخوته (تك 25:9) فالعبوديةلعنة من الله كما أن السيادة بركة من الله.

‌ز.         كانت هناك عقوبات عامة:     الطوفان/ سدوم وعمورة/ بلبلة الألسنةالتي ظهر فيها كراهية الله للكبرياء.

‌ح.        عقوبة نقص العمر:  فصار 120 سنة عوضاً عن ما يقرب من الـ1000 سنةلمتوشالح.

‌ط.        عقوبة السبي والهزيمة:         كما حدث لأهل سدوموعمورة مع كدر لعومر.

‌ي.        فقد الإنسان صورة الله.

10. سفر التكوينإستغرقت أحداثه 2369 سنة من آدم إلي يوسف بحسب الأسماء المذكورة وقد يكون هناكأسماء لم تذكر. وبدأ بأن خلق الله السماء والأرض وإنتهي نهاية محزنة بموت يوسف فيأرض العبودية في مصر. هكذا شاء الله أن يحيا الإنسان وإختار الإنسان الموت”أنا إختطفت لي قضية الموت” القداس الغريغوري

 

السفر واللغة العلمية

يعيبالبعض علي الكتاب المقدس وخاصة الأصحاح الأول من سفر التكوين أنه غير علمي ولايتماشي مع أحدث نظريات العلم. ولكن نشكر الله علي ذلك للأسباب الآتية.

1.     لوكتب السفر بلغة علمية لظل كتاباً مغلقاً لا يفهمه أحد لآلاف السنين.

2.     وحتياليوم لن يفهم أحد اللغة العلمية سوي قلة من العلماء.

3.     لوكتب باللغة العلمية للقرن العشرين سيصبح بالياً في القرن الحادي والعشرين.

 

وكانما كتب ليس الغرض منه العلم ولكن:-

1.     اللهيظهر بخليقته نوره وجلاله وعظمته.

2.     أنهظل يمهد للإنسان لآلاف الملايين من السنين، وحين يخلق الإنسان يجد الأرض والسمواتكجنة. فالله يظهر محبته للإنسان كأب وأم يعدان كل شئ لمولودهما الجديد المنتظر.

3.     الكتابمكتوب بلغة بسيطة يفهمها كل الناس ويفرحون بها. ولكنه لا يخطئ علمياً.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى