اللاهوت الطقسي

ب – هيكل هيرودس:



ب – هيكل هيرودس:

ب – هيكل هيرودس:

دام بناء هيكل زربابل أكثر من 500 سنة! ولكن تمّ
تخريب الهيكل مرة أخري علي يد أنطيوخوس السلوقي ملك سوريا (175
163 ق. م) الذي
نهب كل ذخائره وأقام مذبحاً للإله زيوس فوق المذبح
النحاسي في الهيكل نفسه (وذلك في سنة 167 ق.م)،فكان هذا إشارة إلي أول رجسة خراب
أشار إليها دانيال النبي (11: 31 و32)
ويصغي إلي الذين تركوا
العهد المقدس.وتقوم منه أذرع وتنجِّس المقدس الحصين وتنزع المحرقة الدائمة وتجعل
الرجس المخرب.والمتعدون علي العهد يغويهم بالمتملقات”.

لكن في ديسمبر 164 ق.م، قام يهوذا المكابي وبقية
الثائرين بتطهير الهيكل وترميمه وإعادة تكريسه، وذلك بعد مرور ثلاث سنوات منذ أن
أقام فيه الوثنيون ذبيحتهم (مكابيين الأول 4: 52
59).وجعل هذا
اليوم تذكاراً سنوياً يعيِّد له اليهود باستمرار وهو المدعو
حنُّوكَّا أي عيد التجديد ، الذي جاء
ذكره في إنجيل يوحنا (10: 22).

وحينما بدأ يتصدع هيكل زربابل حتى أصبح مهدداً
بالسقوط في عهد هيرودس الكبير ملك اليهود، وكان هذا يريد أن يضفي علي نفسه مجد
سليمان، كما كان يريد أن يتودد إلي اليهود الذين كانوا يكرهونه ويرفضونه كملك
عليهم لأنه كان أدومياً (1) فبدء في خريف سنة 20 ق.م.في
السنة الثامنة عشرة من ولايته في ترميمه من جديد وتوسيعه واكتمل بناؤه سنة 64 م.علي
يد هيرودس أغريباس بحسب يوسيفوس المؤرخ اليهودي(2) وقد جاء في إنجيل يوحنا
هكذا:
فقال اليهود
في ست وأربعين سنة بني هذا الهيكل أفأنت في ثلاثة أيام تقيمه.وأما هو فكان يقول عن
هيكل جسده” (2: 20 و21).ورقم الستة والأربعون هو زمان زيارة المسيح للهيكل،
فحتي في أيام المسيح لم يكن بناء الهيكل قد كمل بعد.

وأخبار هذا الهيكل مدونة في تاريخ يوسيفوس، فقد
وسعت مساحة هذا الهيكل ضعف ما كانت عليه قبلاً إذ بلغت حوالي مساحته 35 فداناً
وكان محاطاً بإفريز مرتفع علي حافة الجبل وبُني من أحجار ناصعة البياض، طول الحجر
الواحد 6 متر، وعرضه 3 متر، وارتفاعه 2متر،كما يقول يوسيفوس (3) وارتفع سطحه أكثر من
ارتفاع سطح هيكل سليمان بنسبة 2: 3.وكان التخطيط رائعاً أسفر عن مجموعة من الأبنية
الضخمة الجميلة، التي فاقت كل ما سبق إقامته من أبنية هناك.وقد استخدمت في بنائه
مقادير عظيمة من الرخام الفاخر والفسيفساء الثمينة والأخشاب العطرية النادرة، وقد
وشيت جدرانه من الداخل بالذهب والفضة وطُعمت بالأحجار الكريمة وقد قام ببناء
القدس ألف كاهن من المدربين تدريباً خاصاً،وفي مدة ثمانية عشر شهراً
(11- 10 ق.م)، كانت تحيط به ثلاثة أسوار شاهقة، وكان مكونا من ساحتين كبيرتين
أحدهما خارجية والأخرى داخلية وكانت الساحة المنبسطة التي تحيط بالساحة الداخلية
تعرف بدار الأمم وعلي أطراف الساحة الخارجية كانت هناك أروقة أنيقة تقوم
علي أعمدة مزدوجة من الرخام وتغطيها سقوف من خشب الأرز الثمين.وكانت ترتكز علي
مائة واثنين وستين عاموداً كل منها من الضخامة بحيث لم يكن يمكن لأقل من ثلاثة
رجال متشابكي الأذرع أن يحيطوا بدائرته.وقد كانت الأروقة القائمة في الجهة
الجنوبية من الهيكل مخصصة للملوك، ومن ثم كانت أكثر ضخامة وفخامة.أما في الجانب
الشرقي فكان يقع رواق سليمان وهو يطل علي وادي قدرون.وقد كان رب المجد يسوع يتمشي
في الهيكل في رواق سليمان عندما احتاط به اليهود
يطلبون منه أن يقول لهم جهراً إن كان هو المسيح (يوحنا 10: 23) (انظر
أيضا أعمال الرسل 3: 1- 11 و12- 26 و5: 12 و25)
.وفي الشمال الغربي للهيكل بني
هيرودس قلعة أنطونيا لتطل عليه،والتي كان يقطنها
عساكر الرومان مع قائدهم.كما بني لنفسه قصراً كبيراً علي السور الغربي للهيكل.

 

كان للهيكل تسع بوابات ضخمة، وقد ازدانت هذه
الأبواب كلها بزخارف من عناقيد العنب الضخمة المصنوعة من الذهب الخالص، أربعة منها
في الجنوب، وأربعة في الشمال، ومن الشرق كان هناك الباب الجميل (أعمال الرسل 3:
2و 10)
،وهو المدخل الرئيسي للهيكل الذي يدخل منه جميع شعب إسرائيل، وحتى رجال
الكهنوت لاويون وكهنة، ورغم أن الأبواب كانت مزخرفة بالذهب إلا أن الباب الجميل
الذي كان مصنوعاً من النحاس الكورنثي اللامع والمزخرف فاق في جماله جميع تلك
الأبواب، ولشدة ثقله كان يلزم تعاون عشرين رجلاً لفتحه وإغلاقه.

وكان يتكون من ثلاث ساحات كل ساحة تعلو ما
يسبقها
،فكان
الصعود إلي الباب الجميل (المدخل الرئيسي) خلال 12 درجة رخامية والذي يؤدي إلي دار
النساء
، وإلي الغرب يرتفع 15 درجة أخري إلي بوابة نيكانور(1) التي تؤدي إلي دار
إسرائيل
، وهو الرواق الذي يتجمهر فيه الإسرائيليون العلمانيون للعبادة والصلاة،
وإلي الغرب كانت دار الكهنة التي ترتفع بمقدار درجتين التي كان يوجد بها
مذبح المحرقة والمرحضة، وفي الجزء الغربي منه يوجد باب بسلالم صاعدة أربع عشرة
درجة حيث الهيكل ويسمي ” البيت “
Naos)) وهو بناء بالغ البهاء يكاد يكون كله من الذهب الخالص. وهو يتكون
من قسمين الأول القدس، حيث يكهن الكهنة، فيه مائدة خبز الوجوه عن يمين الداخل،والمنارة
الذهبية علي يسار الداخل، ثم مذبح البخور الذهبي بين الاثنين أمام الحجاب الذي
يؤدي إلي القسم الثاني وهو قدس الأقداس (المحراب)، الذي كان فارغ تماماً، وعبارة
عن صخرة ضخمة كان رئيس الكهنة ينضح عليها بدم ذبيحة الكفارة في يوم الكفارة.

وقد ذكر أن واجهة وجه الهيكل كان مربعاً
طوله مائة ذراع (45 متر)، وكان مغشي بالذهب ويبلغ عرض مدخله عشرين ذراعاً (9متر)،
وارتفاعه أربعين ذراعاً (18متر)، تتعرش فوفه النجمة الذهبية، والهيكل طابقان علي
ما يقول يوسيفوس والسفلي به 38 غرفة في ثلاثة صفوف أما العلوي فلم تكن به غرف
البتة.



(1)
الأدوميون هم نسل عيسو وقد أخضعهم يوحنا هركانس المكابي وألزمهم أن يختتنوا أو
يتركوا البلاد.

(2). Jos. ( B.T ) 1.21(16).l = Ant.XV II (14.1)

(3)Jos., Ant., XV , 11,3.

(1) سُمي كذلك نسبة إلي
الرجل اليهودي الذي تبرع بنفقات طلي مصراعي الباب بالذهب الخالص.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى