علم

الرسالة الخامسة



الرسالة الخامسة

الرسالة
الخامسة

أنطونيوس
إلى أبنائه الأعزاء، الإسرائيليين القديسين في جوهرهم العقلي ([1]).
ليس هناك حاجة إلى ذكر أسماءكم الجسدية التي ستفنى لأنكم أنتم أبناء اسرائيليون.
حقاً يا أبنائي، أن الحب الذي بيني وبينكم ليس حباً جسدياً لكنه حب روحاني الهي.

معرفة نعمة الله:

ولهذا
السبب لا أمل من الصلاة إلى الهي ليلاً ونهاراً من أجلكم، كي تتمكنوا من معرفة
النعمة التي قد عملها الله من نحوكم. لأنه ليس في وقت واحد فقط الله خلائقه، لكن
منذ بداية العالم وضع الله ترتيباً لكل خلائقه، وهو في كل جيل يوقظ كل شخص بواسطة
فرص عديدة وبواسطة النعمة. والآن يا أبنائي لا تهملوا الصراخ إلى الله ليلاً
ونهاراً لتستعطفوا صلاح الآب، وهو في سخائه ونعمته سوف يهبكم معونة من السماء
معلماً إياكم، لكي تدركوا ما هو صالح لكم.

مقالات ذات صلة

قدموا أنفسكم ذبيحة لله في كل قداسة:

حقاً
يا أبنائي إننا نسكن في موتنا، ونمكث في منزل اللص، ونحن مكبلون برباطات الموت،
فالآن إذاً، لا تعطوا نعاساً لعيونكم ولا نوماً لأجفانكم (مز 132: 4)، حتى تقدموا
أنفسكم ذبيحة لله في كل قداسة لكيما تروه، لأنه بدون قداسة لا يستطيع أحد أن يرى
الرب كما يقول الرسول (عب 12: 14). حقيقة يا أحبائي في الرب، لتكن هذه الكلمة
واضحة لكم. وهي أن تفعلوا الصلاح وهكذا تنعشون القديسين وتعطون بهجة للطغمات
الملائكية في خدمتهم، وفرحاً لمجيء يسوع، لأنهم لا يكفون عن التعب في خدمتنا حتى
هذه الساعة، وأنا أيضاً الفقير البائس الساكن في جسد من تراب ستمنحون فرحاً لروحي.

حقاً
يا أولادي أن مرضنا وحالتنا الوضيعة هي سبب حزن لجميع القديسين. وهم يبكون وينوحون
لأجلنا أمام خالق الكل، ولهذا السبب يغضب الله من أعمالنا الشريرة بسبب تنهدات
القديسين، وأيضاً فإن تقدمنا في البر يعطي فرحاً لجموع القديسين، وهذا يجعلهم
يرفعون صلوات أكثر بابتهاج وتهليل عظيم أمام خالقنا. وهو نفسه خالق الجميع، يفرح
بأعمالنا بشهادة قديسيه ويمنحنا مواهب نعمته بلا كيل.

محبة الله لنا:

لذلك
عليكم أن تعرفوا أن الله يحب خلائقه بصورة دائمة، اذ أن جوهرهم خالد ولن يتحلل مع
أجسادهم، وقد رأى الله كيف أن الطبيعة العاقلة قد انحدرت كلية إلى الهاوية، وماتت
كلية، وان ناموس العهد الذي فيهم قد جف وتوقف. ومن صلاحه افتقد البشرية بواسطة
موسى. وأسس موسى بيت الحق وأراد أن يشفي الجرح العظيم وان يرجعهم إلى الاتحاد
الأول، ولكنه لم يستطع أن يفعل هذا فابتعد عنهم. ثم ايضاً جوقة الانبياء الذين بنوا
على أساس موسى ولم يستطيعوا أن يشفوا الجرح العظيم الذي لأعضائهم. ولما رأوا أن
قواهم خارت اجتمع ايضاً شعوب القديسين بنفس واحدة وقدموا صلاة أمام خالقهم قائلين:
“أليس بلسان في جلعاد؟ فلماذا لم تعصب بنت شعبي؟ داوينا بابل فلم تشف دعوها
ولنذهب كل واحد إلى أرضه” (ار 8: 12، 51: 9).

مجيء المسيح وموته لأجل خلاصنا:

وجميع
القديسين طلبوا صلاح الآب من جهة ابنه الوحيد، لأنه إن لم يأت بنفسه هنا فإن أحداً
من كل الخلائق لم يكن يستطيع أن يشفي جرح البشر العظيم. من أجل هذا تكلم الآب في
صلاحه قائلاً: “وأنت يا ابن آدم فهيئ لنفسك آنية أسر وأذهب إلى الأسر
بإرادتك” (حز 12: 3 وايضاً ار 46: 19). أن الآب “لم يشفق على ابنه
الوحيد بل بذله لأجل خلاصنا أجمعين” (رو 8: 32)، “وهو مسحوق لأجل آثامنا
وبجلداته شفينا” (اش 53: 5). وهو قد جمعنا من كل أطراف العالم صانعاً لقلوبنا
قيامة من الأرضيات معلماً إيانا اننا بعضنا أعضاء البعض (أف 4: 25). كونوا حريصين
يا أبنائي لئلا تنطبق علينا كلمة بولس بأن لنا صورة التقوى ولكننا ننكر
قوتها” (2تي 3: 5) والآن ليمزق كل واحد منكم قلبه أمام الله ويبكي أمامه
قائلاً “ماذا أرد للرب من أجل كل احساناته لي” (مز 116: 12). وانني أخشى
ايضاً يا أولادي لئلا تنطبق علينا هذه الآية “ما الفائدة من دمي إذا نزلت إلى
الحفرة” (مز 30: 9).

ضرورة بغضة طبيعة العالم والصلاة لأب
الكل
:

حقاً
يا أبنائي انني اتحدث اليكم كما إلى حكماء لكي تفهموا ما أقوله لكم وهذا ما أشهد
به لكم: أن من لا يبغض كل ما يختص بطبيعة المقتنيات الأرضية ويزهدها مع كل أعمالها
من كل قلبه ويبسط يدي قلبه إلى السماء إلى أب الكل فلن يستطيع أن يخلص.

مجيء الروح القدس الينا ليسكن فينا:

أما
إذا تمم ما قد قلته فإن الله يتراءف على تعبه ويمنحه ناره غير المرئية التي ستحرق
كل الشوائب منه، وسوف تتطهر روحنا؛ وعندئذ سيسكن فينا الروح القدس ويمكث يسوع
معنا، وهكذا سنكون قادرين أن نسجد للآب كما يحق. لكن أن بقينا متصالحين مع طبائع
العالم، فإننا نكون أعداء لله ولملائكته ولجميع قديسيه.

لا تهملوا خلاصكم وتمثلوا بأعمال
القديسين
:

والآن
يا أحبائي أتوسل اليكم باسم ربنا يسوع المسيح، ألا تهملوا خلاصكم وإلا تحرمكم هذه
الحياة السريعة الزوال من الحياة الأبدية، ولا يحرمكم هذا الجسد الفاسد من مملكة
النور التي لا تحد ولا توصف، ولا هذا الكرسي الهالك أن ينزلكم عن كراسي محفل
الملائكة. حقاً يا أبنائي إن قلبي مندهش وروحي مرتعبة، لأننا أُعطينا الحرية أن
نختار وان نعمل اعمال القديسين، ولكننا قد سكرنا بالأهواء والشهوات – كالسكارى
بالخمر – لأن كل واحد منا قد باع نفسه بمحض ارادته وقد صرنا مستبعدين باختيارنا،
ونحن لا نريد أن نرفع عيوننا إلى السماء لنطلب مجد السماء، وعمل كل القديسين، ولا
أن نسير في إثر خطواتهم.

لذلك
افهموا الآن انه سواء أكانت السماء المقدسة أو الملائكة أو رؤساء الملائكة أو
العروش أو السلاطين أو الشاروبيم أو السيرافيم أو الشمس أو القمر أو النجوم أو
البطاركة أو الأنبياء أو الرسل أو ابليس أو الشيطان أو الأرواح الشريرة أو قوات
الهواء.. أو (بدون أن نقول أكثر) سواء رجل أو إمرأة كل هؤلاء في بدء خلقتهم نشأوا
من مصدر واحد كلهم، وهو الثالوث كلي القداسة الآب والابن والروح القدس. وبسبب سلوك
بعضهم الشرير صار من الضروري أن يعطي الله اسماء لكل نوع منهم طبقاً لأعمالهم.
وأولئك الذين تقدموا كثيراً أعطاهم مجداً فائقاً.

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى