علم

الرسالة الثالثة



الرسالة الثالثة

الرسالة
الثالثة

معرفة النفس ومعرفة الله:

الإنسان
العاقل الذي أعد نفسه لكي يتحرر (يخلص) بظهور ربنا يسوع يعرف نفسه في جوهره
العقلي، لأن الذي يعرف نفسه يعرف تدابير الخالق وكل ما يعمله وسط خلائقه.

يا
أعزائي المحبوبين في الرب (أنتم) أعضاؤنا والورثة مع القديسين. نتوسل (لأجلكم)
باسم يسوع، أن يعطيكم الله روح التمييز، لكي تدركوا وتعرفوا عظم المحبة التي في
قلبي من نحوكم، وتعرفوا انها ليست محبة جسدية بل روحية الهية. لأنه لو أن الأمر
بخصوص اسمائكم الجسدية لما كانت هناك حاجة لأن أكتب اليكم بالمرة لأنها (هذه
الأسماء) مؤقتة. لكن إذا عرف انسان اسمه الحقيقي فسوف يرى (يعرف) ايضاً اسم الحق.
ولهذا السبب ايضاً عندما كان يعقوب يصارع طوال الليل مع الملاك كان لا يزال اسمه
يعقوب، لكن عندما أشرق النهار دعي اسمه اسرائيل أي “العقل الذي يرى
الله” (تك 32: 24-30).

افتقاد الله لخلائقه دائماً:

وأعتقد
انكم لا تجهلون أن أعداء الفضيلة يتآمرون دائماً ضد الحق. لهذا السبب فقد افتقد
الله خلائقه ليس مرة واحدة فقط، بل من البدء كان هناك البعض مستعدين لأن يأتوا إلى
خالقهم بواسطة ناموس عهده المغروس فيهم، هذا الناموس (الداخلي) الذي علمهم أن
يعبدوا خالقهم باستقامة. ولكن بسبب انتشار الضعف وثقل الجسد والاهتمامات الشريرة
جف وتوقف الناموس المغروس (في البشر) وضعفت حواس النفس، حتى أن البشر اصبحوا غير
قادرين أن يجدوا انفسهم على حقيقتها بحسب خلقتهم، أي كجوهر (طبيعة) عديم الموت لا
يتحلل مع الجسد. ولذلك فهذا الجوهر (النفس) لم يتمكن من التحرر (الخلاص) بواسطة
بره الذاتي. ولهذا السبب سكن الله معهم (البشر) حسب صلاحه بواسطة الناموس المكتوب،
لكي يعلمهم (الناموس) كيف يعبدون الآب كما يجب. الله واحد، أي انه جوهر واحد عاقل.
وانتم تفهمون هذا، يا أحبائي، انه في كل مكان حيث لا يوجد توافق وانسجام، يحارب
البشر بعضهم بعضاً ويقاضون (في المحاكم) بعضهم البعض.

مجيء المسيح للشفاء والخلاص:

وقد
رأى الخالق أن جرحهم يعظم وأنه يحتاج لرعاية طبيب – ويسع نفسه هو خالقهم وهو نفسه
الذي يشفيهم، ولذلك أرسل أمام وجهه السابقين. ونحن لا نخاف أن نقول إن موسى واضع
الناموس هو أحد سابقيه، وإن نفس الروح الذي كان مع موسى كان يعمل ايضاً في جماعة
القديسين (جوقة الأنبياء) وانهم جميعاً صلوا لإبن الله الوحيد. ويوحنا ايضاً هو
أحد سابقيه ولهذا السبب فإن الناموس والأنبياء كانوا إلى مجيئ يوحنا “وملكوت
الله يُغصب والغاصبون يأخذونه بالقوة” (مت 11: 12، 13). واذ كانوا لابسين
للروح رأوا انه ولا واحد من الخليقة قادر أن يشفي هذا الجرح العظيم وانما فقط صلاح
ونعمة الله، أي ابنه الوحيد الذي أرسله ليكون مخلصاً للعالم كله، لأنه هو الطبيب
العظيم الذي يستطيع أن يشفي الجرح العظيم. وطلبوا إلى الله، وهو في صلاحه ونعمته،
وهو آب كل الخليقة، لم يضن بابنه لأجل خلاصنان بل سلمه لأجلنا جميعاً ولأجل
خطايانا (رو 8: 32). ووضع نفسه وبجلداته شفينا (راجع فيلبي 2: 8 – اشعياء 53: 5).
وبقوة كلمته جمعنا من كل الشعوب ومن أقصاء الأرض إلى أقصائها ورفع قلوبنا بعيداً
عن الأرض وعلمنا أننا اعضاء بعضنا البعض.

لنتحرر نحن ايضاً بمجيئه:

أتوسل
اليكم يا أعزائي المحبوبين في الرب، افهموا أن هذا الكتاب المقدس هو وصية الله.
وانه لأمر عظيم جداً أن نفهم الصورة التي أخذها يسوع لأجلنا، لأنه صار في كل شيء
مثلنا ما عدا الخطية (عب 4: 15). والآن إنه من الصواب أن نتحرر (نخلص) نحن ايضاً
من كل شيء بواسطة مجيئه، حتى انه بجهله يجعلنا حكماء وبفقره يجعلنا اغنياء، وبضعفه
يقوينا، ويهب القيامة لنا كلنا، مبيداً ذاك الذي له سلطان الموت (عب 2: 14).
وحينئذ نكف عن أن نطلب يسوع لأجل احتياجاتنا الجسدية. أن مجيئ يسوع يساعدنا على أن
نفعل كل صلاح، إلى أن نبيد تماماً كل رذائنا. وعند ذلك يقول يسوع لنا لا أدعوكم
بعد عبيداً بل إخوة (راجع يوحنا 15: 15).

وعندما
وصل الرسل إلى قبول روح التبني علمهم الروح القدس أن يعبدوا الآب كما يجب.

الخلاص والدينونة بمجيئ يسوع:

أما
بالنسبة لي أنا الأسير الفقير ليسوع، فإن الوقت الذي نعيشه قد تسبب في فرح ونوح
وبكاء. لأن الكثير من جنسنا (الرهبان) قد لبسوا الثوب الرهباني ولكنهم أنكروا
قوته. أما الذين اعدوا انفسهم للتحرر (الخلاص) بمجيئ يسوع، فهؤلاء أنا أفرح بهم.

أما
الذين يتاجرون باسم يسوع بينما هم يعملون مشيئة قلوبهم وأجسادهم، فهؤلاء أنا أنوح
عليهم. أما الذين نظروا إلى طول الوقت وخارت قلوبهم وخلعوا ثوب الرهبنة وصاروا
وحوشاً فانا أبكي لأجلهم. لذلك اعلموا أن مجيء يسوع يصير دينونة عظيمة لمثل هؤلاء.
لكن هل تعرفون نفوسكم يا أحبائي في الرب، لكي تعرفوا هذا أيضاً هذا الوقت،
وتستعدوا بتقديم نفوسكم ذبيحة مقبولة لدى الله. وبكل يقين يا أحبائي في الرب – أنا
أكتب لكم كأناس حكماء قادرين أن يعرفوا أنفسهم وأنتم تعرفون أن من يعرف نفسه يعرف
الله وأن من يعرف الله يعرف أيضاً تدابيره التي يصنعها من أجل خلائقه.

لتكن
هذه الكلمة ظاهرة لكم، إنه لا يوجد عندي حب جسدي من ناحيتكم وإنما محبة روحية
الهية، لأن الله يتمجد في جميع قديسيه (مز 88: 8س). هيئوا نفوسكم طالما أن لكم من
يتوسلون عنكم لله لأجل خلاصكم، لكيما يسكب الله في قلوبكم النار التي جاء يسوع لكي
يلقيها على الأرض (لو 12: 49)، لكي تستطيعوا أن تدربوا قلوبكم وحواسكم وتعرفوا كيف
تميزوا بين الخير والشر واليمين من الشمال والحقيقة من الوهم. إن يسوع عرف أن
الشيطان يستمد قوته من الاشياء المادية الخاصة بهذا العالم، ولذلك دعي تلاميذه
وقال لهم “لا تكنزوا لأنفسكم كنوزاً على الأرض” “ولا تهتموا
للغد” (مت 6: 19، 34). وحقاً يا أحبائي إنكم تعرفون أنه عندما تهب ريح معتدلة
يفتخر ربان السفينة (عندما يكمل الرحلة)، لكنه في وقت الرياح العاصفة المضادة يظهر
كل ربان ماهر. اعرفوا اذاً من أي نوع هو هذا الوقت الذي نعيش فيه.

أما
عن تفاصيل كلمة الحرية فتوجد أمور كثيرة أقولها لكم. لكن اعطوا الفرصة للحكيم
فيكون أكثر حكمة (ام 9: 9).

أحييكم
من الصغير إلى الكبير في الرب، آمين.

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى