علم

لكتاب الثاني: الفصل السادس



لكتاب الثاني: الفصل السادس

لكتاب
الثاني: الفصل السادس

6-
حرية العمل نفسها التي تُنسب للروح القدس
وفي
مواضع أخرى تُنسب للابن

ملخص:

 عبارات
الكتاب المقدس التي استُشِهد بها مِن قبل تُؤخذ كذريعة للإقلال من شأن الابن،
بينما الرب يسوع يملك حرية العمل نفسها التي تُنسب للروح القدس وفي مواضع أخرى
تُنسب للابن.

مقالات ذات صلة

 

47
دعنا الآن في الوقت الحاضر نشرح بأكثر استفاضة لماذا قال ربنا: “إن
أمكن”، ولنفسح وقتاً لنوضح أنه يملُك حرية الإرادة. أنتم تنكرون بل حتى الآن
تمضون في طريق شرّكم وتنكرون أن لابن الله مشيئة حُرَّة، وعلاوة على ذلك، فإنكم
تميلون إلى أن تحطُّوا مِن قدر الروح القدس، مع أنه لا يمكنكم أن تنكروا ما هو
مكتوب: ” الروح يهب حيث يشاء” (يو8: 3)[1]. يقول الكتاب: ” حيث
يشاء”، ولم يقُل: “حيث يُؤمر”. فإن كان الروح إذن يهب حيث يشاء،
أفما يُمكن للابن أن يفعل ما يشاء؟ لماذا؟ إنه ابن الله نفسه الذي يقول في إنجيله
إن الروح له القوة أن يهبَّ حيث يشاء. فهل الابن بذلك يعترف أن الروح أعظم منه،
بكون الروح له القوة أن يفعل ما لم يُسمح به للابن؟

48
يقول الرسول أيضاً: ” ولكن هذه كلها يعملها الروح الواحد بعينه، قاسماً لكل
واحد بمفرده كما يشاء” (1كو11: 12). لاحظ القول: ” كما يشاء”، أى
بحسب حكم مشيئة حُرَّة وليس طاعة لِما هو قهري. وعلاوة على ذلك، فإن المواهب التي
تُوزَّع (تُقسَّم) بواسطة الروح ليست هي مجرد مواهب بسيطة أو عادية، بل مِن مثل
تلك الأفعال التي اعتاد الله أن يعملها في موهبة شفاء وأعمال قُوَّات. وبينما
الروح إذن يُقسِّم كما يشاء، ألا يمكن لابن الله أن يُحرِّر مَن يشاء!. اسمعه
يتكلم عندما يفعل ما يشاء: ” أشاء أن أفعل مشيئتك يا إلهي” (مز8: 40)،
وأيضاً: ” أُقدِّم لك ذبيحة طوعية” (مز6: 54).

49
لقد عرف الرسول القديس فيما بعد أن يسوع له القدرة أن يفعل ما يشاء، ولذلك فإذ رآه
يمشى على البحر قال: ” يا سيد إن كنتَ أنتَ هو، فمُرنى أن آتى إليك على
الماء” (مت28: 14). لقد آمن بطرس أنه إِنْ أَمَرَ المسيح، فإن الأحوال
الطبيعية سوف تتغيَّر، والمياه سوف تُدعِّم خطوات الإنسان، والأشياء المناقضة سوف
تُقهَر وتنقص لتؤول إلى انسجام واتّفاق. إن بطرس يطلب مِن المسيح أن يأمُر، وتمَّ
ما أَمَرَ به، وهذا ينكره آريوس!

50
ما هو الذي يكون للآب ولا يكون للابن؟، وما هو الذي للابن وليس هو للآب؟ وكما هو
مكتوب، فإن: ” الآب يُحيى مَن يشاء، والابن أيضاً يُحيى من يشاء” (يو21:
5). قل لي، مَنْ أحياه الابن والآب لم يُحيه، وإن كان الابن يُحيى من يشاء، وفِعل
الآب والابن واحد، فأنت ترى أنه ليس الابن فقط يصنع مشيئة الآب، ولكن الآب أيضاً
يفعل مشيئة الابن، لأن عملية الإحياء لا تتم إلاّ مِن خلال رغبة المسيح في
الإحياء. ولكن فِعل المسيح هو مشيئة الآب، لذلك فمن يحييه الابن، فإنما يحييه
بمشيئة الآب، لذلك فإن مشيئتهما هي واحدة.

51
ومرة أخرى، ماذا كانت مشيئة الآب إلاّ أن يأتي المسيح إلى العالم وأن يُطهِّرنا من
خطايانا؟ اسمع كلمات الأبرص: ” إن شئت تقدر أن تطهرني” (مت2: 8)، وأجابه
المسيح: ” أريد”، وللوقت تبعت الصحة الإرادة. ألا ترى أن الابن هو سيد
مشيئته الخاصة، وأن مشيئة المسيح هي نفسها مشيئة الآب. وإن كنتَ ترى حقاً أنه قال:
” كل ما للآب هو لي”، فبالضرورة لم يستثنٍ شيئاً، ومِن ثمّ تكون للابن
نفس المشيئة التي للآب.

===

[1]
إن نفس الكلمة في اللغة اليونانية على الأقل تُعطِى نفس معنى (ريح) و(روح).
فالهواء غير المرئي ومع ذلك فهو محسوس وحقيقي، والريح، والنَفَس يمكن أن تكون أفضل
رمز للروح، الذي يُعرف ويُحقق حضوره فقط من خلال آثاره. والروح في معناه الأوَّلى
هو “نسمة”.

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى