اللاهوت الدستوري

(7) نصوص أخرى بخصوص الزوجة الواحدة



(7) نصوص أخرى بخصوص الزوجة الواحدة

(7) نصوص أخرى بخصوص الزوجة الواحدة

استعمال التعبير بالمفرد باستمرار بخصوص الزوجة:

1- لا يوجد فى العهد الجديد كله، نص واحد يتحدث
عن “نساء” أو “زوجات” للرجل الواحد، و إنما الكتاب يستعمل
المفرد باستمرار فى الحديث عن هذا الأمر.

 

وسوف لا نأتى بجميع الآيات المتعلقة بهذا
والمثبتة له، لأنها كثيرة جداً. وإنما يكفى أن ننتقى منها أمثلة تحيط بها قرائن
أخرى تؤكد هذه ” الفردية”.

 

(أ) ففى الموضوع السابق الذى يشبه فيه الرسول
علاقة الرجل بزوجته، بعلاقة المسيح بكنيسته الواحدة، نراه يستعمل هذا الإفراد أيضا
فى أكثر من مناسبة، فيقول من يحب امرأته يحب نفسه”. وأما أنتم الأفراد، فليحب
كل واحد امرأته هكذا كنفسه” (أفسس33،28: 5).

 

وكيف يمكن لإنسان أن يحب امرأته كنفسه وهو فى
نفس الوقت يتزوج إلى جوارها امرأة أخرى أو أكثر، تكون ” ضرة ” لها، أو
سبب ضرر لها، أو منافسة لها؟!

 

هذه قرينة، وهناك قرينة أخرى وهى ورود هاتين
الآيتين فى مناسبة التشبيه بالزواج الروحى القائم بين المسيح والكنيسة الواحدة.

 

(ب) وفى نفس المجال أيضا يذكر الرسول الآية التى
تقول: “من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه، ويلتصق بامرأته، ويكون الأثنان
جسداً واحداً” (الآية31). و هذه الآية ذاتها استخدمها السيد المسيح نفسه فى
مجال مشابه عند الحديث عن الطلاق، ذلك الحديث الذى أثبتنا منه وحدانية الزوجة من
قوله “من طلق امرأته وتزوج أخرى يزنى عليها” (مر11: 10). (انظر ص
53،54).

 

وهذا المعنى بالذات “فى التعبير
بالمفرد” فهمه القديس ايرونيموس هكذا كما شرحناه. فعندما فسر الآية
السابقة”… ويلتصق بامرأته ” قال ” وبالتأكيد لم يقل
بنسائه”.

 

(ج) وفى مستهل رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل
كورنثوس، نسمعه فى حثه على البتولية يقول ” وأما من جهة الأمور التى كتبتم لى
عنها فحسن للرجل ألا يمس امرأة. ولكن لسبب الزنا ليكن لكل واحد امرأته، وليكن لكل
واحدة رجلها” (2،1: 7).

 

فبالتأكيد كلمة ” امرأته ” هنا، تعنى
زوجة واحدة ليس له سواها، لأن الرسول بصدد حديث عن البتولية. فإن كان جيدا للرجل
ألا يمس امرأة فكيف تكون له نساء كثيرات؟!. كما أن هناك قرينة أخرى، وهى عبارة ”
ولكن لسبب الزنا ” ولم يقل بسبب إنجاب البنين. لأنه إن كان بسبب إنجاب، اتخذ
كثيرون زوجات فى العهد القديم، فإن الذى يتزوج بسبب تجنب الزنا تكفيه ولا شك امرأة
واحدة. وإلا كانت الديانة تدعو إلى الانغماس فى الشهوة وهذا ما لم يقل به أحد،
وتنفيه بالأكثر مناسبة الحديث عن البتولية.

 

(د) قال السيد المسيح ” وكل من ترك بيوتا
أو أخوة أو أبا أو أما أو امرأة أو أولادا أو حقولا من أجل اسمى يأخذ مئة ضعف ويرث
الحياة الأبدية” (متى29: 19). و هذه الآية واضحة جدا فالذى يحتمل فيها الكثرة
ذكره السيد المسيح بأسلوب الجمع، و الذى لا يحتمل إلا الإفراد والوحدانية ذكره
بأسلوب المفرد. فالبيوت والحقول و الأخوة والأولاد تحتمل الجمع، فذكرها بأسلوب
الجمع، على الرغم من أن الشخص قد لا يكون له سوى بيت واحد أو حقل واحد أو أخ واحد
ولكن هذه الأمور تحتمل الكثرة بالنسبة إلى الآخرين فذكرت بالجمع. أما الذى لا يمكن
أن يحتمل الكثرة ولا يمكن الحديث عنه بأسلوب الجمع، بالنسبة للشخص الواحد، فهو
الأب والأم والزوجة.

 

فكما أنه لا يمكن أن يكون للشخص سوى أب واحد،
وأم واحدة، كذلك لا يمكن أن تكون له سوى زوجة واحدة فى المسيحية. وهكذا تحدث السيد
المسيح عن الثلاثة بالمفرد الأب والأم والزوجة. آية صريحة ولا شك. مثل هذا الإنسان
الذى يترك كل ذلك من أجل المسيح ينال – من الناحية الروحية – مئة ضعف ويرث الحياة
الأبدية. و طبعا من المحال أنه يقصد مكافأة جسدية، لأنه لا يمكن أن يكون للإنسان
مئة أب بالجسد، ولا مائة أو، وبنفس المعنى ولا مائة زوجة..

 

فالإنسان الذى له زوجة واحدة. ويطلب إليه أن
يتركها هى أيضا من اجل المسيح، أى لا يدعها تشغله عن الله، أو كما يقول بولس
الرسول “لكى يكون الذين لهم نساء كأن ليس لهم” (1كو29: 7)، نعم، هل الذى
يطلب إليه أن يترك حتى الواحدة التى له، يصرح له بأن تكون له نساء عديدات؟!

 

ومن القرائن الأخرى التى لا يمكن تجاهلها أن هذا
النص السابق الذى لم يذكر فيه السيد المسيح غير الأب والأم والزوجة بأسلوب المفرد،
هذا النص قاله فى نفس الأصحاح الذى ذكرت فيه مناقشته مع الكتبة والفريسيين عن
الطلاق التى أثبتنا منها وحدانية الزوجة، ونفس الأصحاح الذى تحدث فيه عن البتولية
فى كلامه عن الخصيان (متى12: 19).

 

ونفس التعبير ذكره السيد المسيح فى مناسبة أخرى
غير هذه، قال فيها ” إن كان أحد يأتى إلى ولا يبغض أبه وأمه وامرأته وأولاده
وأخوته وأخواته، حتى نفسه أيضا، فلا يقدر أن يكون لى تلميذا” (لوقا26: 14).
يقصد إلا يفضل الإنسان و تعارضتا، يترك أقاربه ويتحمل المتاعب من أجل المسيح
(الآية27).

 

وهنا أيضا لم يذكر بالمفرد غير الأب والأم
والزوجة والنفس، بعكس الاخوة والأخوات والأولاد.

 

مبدأ ” السلطان المتبادل “:

2- رفعت المسيحية جدا من قدر المرأة، فى مبدأ
” الجسد الواحد”. فبعد أن كانت المرأة فى العصور الأولى، تشترى فى
الزواج بالمهر، كأنها شئ من ممتلكات الرجل، جاءت المسيحية لتقول.

 

” ليس للمرأة سلطان على جسدها بل للرجل.
وليس للرجل سلطان على جسده بل للمرأة” (1كو4: 7)

 

النصف الأول من هذا النص كان معروفا فى القديم،
عندما تعدد الزوجات ممارسا. أما النصف الثانى فهو شئ جديد ” على فهم الناس
” لا يتفق الا مع فكرة ” الزوجة الواحدة”. لأن الرجل ليس له تسلط
على جسده، لكى يهبه لزوجة ثانية أو ثالثة، تشارك الزوجة الأولى حقها الشرعى، وإنما
امرأته هى صاحبة السلطان على جسده.

 

أتستطيع المرأة أن تعطى جسدها لزوج ثان فى حياة
الزوج الأول؟! كلا طبعا، لأنه ليس لها تسلط على جسدها بل للرجل. هكذا الرجل أيضا
لا يستطيع فى حياة زوجته أن يعطى جسده لزوجة ثانية، لأنه ليس له تسلط على جسده بل
للمرأة. هذا هو مبدأ ” السلطان المتبادل”.

 

حتى فى النسك والتعفف، لا يستطيع الرجل أن يترك
فراش الزوجية بدون موافقة زوجته التى لها التسلط على جسده. فبعد النص السابق يقول
الرسول مباشرة ” لا يسلب أحدكم الآخر، الا أن على موافقة الى حين، لكى
تتفرغوا للصوم والصلاة ثم تجتمعوا أيضا معا”.

 

ولذلك فإن قوانين الكنيسة لا تسمح لرجل متزوج
بأن يسلك فى سيرة الرهبنة، إلا بناء على موافقة زوجته. فإن لم توافق، لا يستطيع
ذلك. والقانون الخامس من قوانين الرسل، يقطع من الكهنوت كل من يخرج امرأته لعلة
الزهد. وليس هذا بالنسبة للرجل فقط، وإنما بالنسبة إلى المرأة أيضا. فإن القانون
13من قوانين مجمع غنغرا المقدس يقول ” أيما امرأة تترك زوجها، وتقصد الانفراد
بمعزل عنه، مشمئزة من الزيجة، فلتكن ملعونة”.

 

فإن كان للمرأة تسلط على جسد الرجل – حتى فى
العبادة – فإنه من البديهي أن الرجل لا يستطيع أن يعطى جسده لغيرها لأنه لا يملك ذلك.

 

وإن دينا يجعل جسد الرجل حقا لأمرأته لا يستطيع
سلبها إياه ولو للتعبد، إلا بموافقتها، هو دين لا يمكن أن تنفذ إليه حرية الرجل فى
التزوج بأكثر من امرأة فى وقت واحد.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى