اللاهوت الطقسي

الفصل الرابع عشر



الفصل الرابع عشر

الفصل الرابع عشر

عيد التجديد FEAST OF DEDICATION

واسمه فى العبرية “حنُّوكا ” (HANUKKAH) والتى تعنى “التدشين “ (أى المسح بالزيت) لذلك
دُعى أيضاً“عيد التدشين “، وباليونانية
EGKAINIA أى التجديد.

ويأتى ذكره فى سفر المكابيين الثانى (10: 1-8)،
وهو خاص بذكرى انتصارات المكابيين لمدة ثلاث سنوات (167- 164 ق. م) إذ كان أنطيوكس
ملك سوريا قد هاجم اليهودية ودخل هيكل أورشليم وأشاع فيه الخراب ونهب نفائسه وفرض
الديانة اليونانية على الشعب اليهودى فإعتنقها كثيرون منهم وقد تمرد متاتيا وخرج
مع أبنائه إلى الجبال وأعلن الحرب على أنطيوكس فلما مات خلفه فى زعامة المتمردين
ابنه يهوذا الملقب بالمكابى. وقد ظل هذا يقاتل حتى استطاع الإستيلاء على أورشليم
وهناك وجد الهيكل وقد إلتهمت النار معظمه ونجّسوا مذبح المحرقة بإقامة صنم بعل
شاميم ، وإذ لم يجد يهوذا وسيلة إلى تطهير حجارته من الدنس الذى لحق
به حسب الشريعة اليهودية هدمها وجاء بحجارة جديدة وأعاد بناء المذبح من جديد وقام
بتطهير الهيكل.

وقد “أتموا تدشين المذبح فى ثمانية أيام،
وقدموا المحرقات بفرح، وذبحوا ذبيحة السلامة والحمد، وزينوا وجه الهيكل بأكاليل من
الذهب وتروس، ودشنوا الأبواب والغرفات وجعلوا لها مصاريع.. ورسم يهوذا وإخوته
وجماعة إسرائيل كلها أن يُعيَّد لتدشين المذبح فى وقته سنة فسنة مدة ثمانية أيام
من اليوم الخامس والعشرين من شهر كسلو بسرور وإبتهاج ” (مكابيين الأول 4: 56
– 61)
، “كما فى عيد المظال.. ولذلك سبحوا لمن يسَّر لهم تطهير هيكله وفى
أيديهم غصون ذات أوراق وأفنان ([1])خضر
وسعف ” (مكابيين الثانى 10: 6و 7) ويسميه يوسيفوس “عيد
الأنوار
” ([2])
إذ كانت تُضاء الأنوار فى البيوت والمجامع والشوارع. بينما كان اليهود يطلقون عليه
اسْمِ “عيد المكابيين “. ويذكره التلمود باسْمِ “عيد
النور “
حيث كانت تُنار فيه جميع المجامع والبيوت. ولم يكن يُسمح فيه
بالبكاء أو النوح. وكان نظام الإنارة يبدأ بوضع نور واحد فى اليوم الأول، ثم
يضيفون إليه نوراً آخر كل يوم حتى الثمانية الأيام ([3]).

كان اليهود يعتبرون هذا العيد من أهم وأعظم
أعيادهم وكانوا يجعلون له من أسباب البهجة ما كانوا يجعلون لعيدى الفصح والمظال،
معتبرين أن تجديد الهيكل هو إعادة عودتهم تحت مظلة = خيمة الله، أو عودة حلول الله
فى وسطهم، كما فى أول خيمة فى البرية وفى تدشين هيكل سليمان حينما حلّ الله ببهائه
وملأ الخيمة أو الهيكل. وهذا فى الحقيقة كان رمز قرب مجىء الرب بالفعل وحلوله فى
وسط إسرائيل = “عمانوئيل الذى تفسيره: الله معنا ” (متى1: 23).

وجاء ذكر “عيد التجديد ” فى العهد
الجديد (يوحنا 10: 22)، أما العلاقة بين تعاليم الرب وبين طقوس هذا العيد
ومعناه، فكانت تتركز فى الربط بين آمال اليهود الملتهبة التى تثيرها ذكرى انتصارات
المكابيين وتخليص الأمة اليهودية من أعدائها، وبين موضوع الخلاص الذى ينادى به
المسيح كقائد النور والخلاص الأبدى الذى خلّص خرافه ودشّن هيكله بدمه.

وحينما كان يُفتح باب الخراف فى الهيكل لتدخل
خراف العيد للذبائح اليومية، وقف المسيح يقول: “أنا هو باب الخراف ” (يوحنا
10: 7)
للهيكل الجديد، “كما هو مكتوب إننا من أجلك نمات كل النهار، قد
حُسبنا مثل غنم الذبح. ” (رومية 8: 36).

ولا يزال اليهود يحتفلون بهذا العيد حتى اليوم،
فتجتمع الأسرة حول الأب وهو يوقد الشموع مع صلاة شكر لله على تحريره لشعبه من
الإضطهاد والجور. وتوزع الهدايا والعطايا على الأطفال.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى