كتب

الفصل الثالث



الفصل الثالث

الفصل الثالث

مصدر تأليف إنجيل يهوذا الأبوكريفي

جماعة القاينيين وجماعة السيزيان

 

 يجمع الذين درسوا هذا
الكتاب الأبوكريفي المنحول، ونحن منهم، على أن من كتبوه وما خرج من أفكارهم
ومعتقداتهم هم جماعة القاينيين(1)
الغنوسية، كما يتفق فكر الكتاب كثيراً مع فكر جماعة السيزيان (الشيثيين)(2) الغنوسية أيضاً.
والسؤال هنا هو: من هم القاينيون؟ ومن هم السيزيان؟ وكيف يتفق فكر الكتاب وما جاء
فيه مع أفكارهم الغنوسية وعقائدهم الهرطوقية؟

1 – الغنوسية والفكر
الغنوسي:

 الغنوسية gnosis ” وتعني ” حب المعرفة ” ومنها
Gnostic – غنوسي – محب المعرفة
“. وهي عبارة عن مدارس وشيع عديدة كانت تؤمن بمجموعات عديدة من الآلهة، وهذا
ما نجده واضحاً في هذا الإنجيل المنحول(3).
وكانت أفكارهم ثيوصوفية سرية غامضة جداً نتيجة لخلطها لأفكار عديدة من فلسفات
وديانات عديدة.
وهي في الأصل حركة وثنية امتزجت بأفكار مسيحية وترجع
جذورها إلى ما قبل المسيحية بعدة قرون. وكان أتباعها يخلطون بين الفكر الإغريقي –
الهيلينتسي – والمصري القديم مع التقاليد الكلدانية والبابلية والفارسية (خاصة
الزردشتية التي أسسها الحكيم الفارسي ذردشت (630-553 ق م) وكذلك اليهودية، خاصة
فكر جماعة الأسينيين (الأتقياء) وما جاء في كتابهم ” الحرب بين أبناء النور
وأبناء الظلام “، والفلسفات والأسرار والديانات الثيوصوفية(4). وذلك إلى جانب ما
سمي بالأفلاطونية الحديثة، التي كانت منتشرة في دول حوض البحر المتوسط في القرن
الأول. وكان الفيلسوف اليهودي فيلو من أكثر مناصريها، فقد أعتقد أن الله غير مدرك
ولا يتصل بالمادة، وأن هناك قوة سامية ” اللوجوس ” التي خلقت
العالم المادي، وهو كلمة الله أو عقل الله “. وأن البشر يصارعون من أجل
التحرر من سجن الجسد، وانه يمكن إعادة التجسد (التناسخ – أي تعود الروح في أجساد
أخرى أكثر من مرة –
Reincarnation) لأولئك الذين لم يتحرروا بالموت. بل ويرى بعض العلماء أن كل أصول
الغنوسية موجودة عند أفلاطون(5)
لذا يقول العلامة ترتليان ” أنا أسف من كل قلبي لأن أفلاطون صار منطلق كل
الهراطقة
(6).

 وكانت
الفرق الغنوسية تنظر للمادة على أنها شر! وآمنت بمجموعة كبيرة من الآلهة، فقالت
أنه في البدء كان الإله السامي غير المعروف وغير المدرك الذي هو روح مطلق، ولم
تكن هناك
المادة، هذا الإله السامي والصالح أخرج، انبثق منه، أخرج من ذاته، عدداً من القوات
الروحية ذات الأنظمة المختلفة التي أسموها بالأيونات (
Aeons
قالت أكثر فرقهم أنه بثق من ذاته 365 أيونا وكل أيون بثق من ذاته 365 أيوناً وهكذا
إلى ما لا نهاية!! هذه القوات المنبثقة من الإله السامي كان لها أنظمة مختلفة
وأسماء مختلفة وتصنيفات وأوصاف مختلفة(7).
وتكون هذه الأيونات مع الإله السامي البليروما (
Pleroma
أو الملء الكامل، دائرة الملء الإلهي. وأن هذا الإله السامي الذي أخرج العالم
الروحي من ذاته لم يخلق شيئاً، فهو ليس خالق الكون المادي، بل الذي خلق الكون
المادي إله أقل من الإله السامي غير المدرك. وقد بثق، الإله السامي، من ذاته الابن،
الوحيد الجنس، ثم مجموعة من الأيونات (العوالم الروحية = الحكام الروحيين = آلهة +
سماوات روحية وعوالم روحية).

ومن هذه الأيونات قامت
الحكمة، صوفيا (
Sophia)، التي بثقت، أخرجت، من ذاتها كائناً واعياً، هو الذي خلق المادة
والعوالم الفيزيقية، وخلق كل شيء على صورته، هذا الكائن لم يعرف شيئاً عن أصوله
فتصور أنه الإله الوحيد والمطلق، ثم أتخذ الجوهر الإلهي الموجود وشكله في أشكال
عديدة، لذا يدعى أيضا بالديميورج (
Demiurge)، الصانع ونصف الخالق. فالخليقة مكونة من نصف روحي لا يعرفه هذا
الديميورج، نصف الخالق، ولا حكامه(8).

ومن هنا فقد آمنوا أن الإنسان
مكون من عنصرين عنصر إلهي المنبثق من الجوهر الإلهي للإله السامي ويشيرون إليه
رمزيا بالشرارة الإلهية، وعنصر مادي طبيعي فاني. ويقولون أن البشرية بصفة
عامة تجهل الشرارة الإلهية التي بداخلها بسبب الإله الخالق الشرير وارخوناته
(حكامه). وعند الموت تتحرر الشرارة الإلهية بالمعرفة، ولكن أن لم يكن هناك عمل
جوهري من المعرفة تندفع الروح، أو هذه الشرارة الإلهية، عائدة في أجساد أخرى داخل
الآلام وعبودية العالم(9)
 

وأعتقد بعضهم بالثنائية
(
Dualism) الإلهية أي بوجود إلهين متساويين في القوة في هذا الكون؟ إله
الخير، الذي خلق كل الكائنات الروحية السمائية، وإله الشر الذي خلق العالم وكل
الأشياء المادية!! وربطوا بين إله الشر وإله العهد القديم!! وقالوا أن المعركة بين
الخير والشر هي معركة بين مملكة النور ضد مملكة الظلمة!!

 وأعتقد بعضهم أن إله
الخير خلق الروح وقد وضعها إله الشر في مستوى أدني في سجن الجسد المادي الشرير.
وهكذا فأن هدف البشرية هو الهروب من سجن الجسد المادي الشرير والعودة إلى اللاهوت
أو التوحد مع إله الخير!! وقد فهموا خطأ قول القديس بولس بالروح ” إذا أن كنتم
قد متم مع المسيح عن أركان العالم فلماذا كأنكم عائشون في العالم تفرض عليكم فرائض

لا
تمسّ ولا تذق ولا تجس. التي هي جميعها للفناء في الاستعمال حسب وصايا وتعاليم الناس.
التي لها حكاية حكمة بعبادة نافلة وتواضع وقهر الجسد ليس بقيمة ما من جهة إشباع البشرية
” (كو20: 2-23).

 وتكمل أسطورة الخلق
الغنوسية، وذلك من خلال ما جاء في كتبهم الأبوكريفية، والمكتشفة في نجع حمادي سنة
1947م، وما كتبه آباء الكنيسة في القرون الثلاثة الأولى، وخاصة ما كتبه معاصرهم
القديس إيريناؤس أسقف ليون سنة 180م. والتي أخذوها كلية، كما يقول العلماء، من
أسطورة الخلق
Timaeus لأفلاطون مع مزجها بما جاء في سفر التكوين.

 وتتحدث عن المسيح (أو
الممسوح)؛ والذي تصفه بالكائن الميتافيزيقي، الآتي من عالم ما وراء الطبيعة وظهر
في هيئة إنسان أو شكل جسد نجمي أو أثيري ولم يتخذ الجسد المادي لأنه شر، وقال عدد
قليل منهم أن المسيح إله نزل من السماء وتوحد مع يسوع الناصري. وعن وجود ما يسمى
بالمنيرين الأربعة؛ هارموزيل (
Harmozel) وأورويائيل (Oroieal) وداوإيثاي (Daueithai) وإيليليث (Eleleth). وهم أيونات وكائنات روحية. وكعوالم روحية فهم الأماكن التي
تقطنها النماذج الرئيسية (
Geradama) أو آداماس، أي آدم السمائي؛ شيث الذي هو النموذج السمائي لابن
آدم؛ الذرية السمائية لشيث ونماذج الكنيسة الغنوسية.

 ثم تتحدث، أسطورة
الخلق، عن خليقة الكون المادي؛ بعد اكتمال انبثاق الكون الروحي ولكي تستمر الخليقة
فوق كل حدود الوجود الروحي وجد الصانع، (الديميورج –
Demiurge).
ثم يقولون أنه، صانع العالم، ويسمونه أيضاً يالدابوس، ويقولون أنه صنع كوناً
مركباً من أيونات (عوالم) مادية، أي كواكب ونجوم وسلاطين وقوات وأرواح وملائكة 00
الخ. هذا الصانع للكون الذي يصفونه بأنه منقوص بالجهل والأنانية شعر بجاذبية
طبيعية تجاه العوالم الروحية، ويقولون أن هذه الجاذبية أيضاً أختبرها كجهل وأنانية
ورغبة شهوانية لامتلاك اللاهوت ليفسده(10).
ووصفوا يالدابوس هذا وأتباعه من السمائيين ” الحكام” بأنهم متملكون
ومتعجرفون يحاولون السيادة على كل الأمور البشرية، وتقودهم رغبتهم للسيادة لخلق
الشهوة الجنسية وقيد القدر (سيطرة النجوم) التي عن طريقها يريدون استعباد البشرية.

 وتصف خليقة آدم وحواء
وأبنائهم بقولها أن الحكمة التي كانت تؤيدها الأيونات العليا
للكون
الروحي لتستعيد القوة المسروقة التي صارت مشتتة بعد خليقة آدم في الأجيال
المتعاقبة, التي استعبدها نسل يلدابوث بخلق المقدر وروح الخداع البغيض. وتقول
الأسطورة أن قوة اللاهوت المسروقة والمشتتة استقرت في نسل شيث ابن آدم إلى هذا
اليوم.

 وبحسب فكر
هؤلاء الغنوسيين يصل الفصل النهائي للدراما
عندما يُرسل المخلص
السمائي، بل وتصل هذه الدراما غايتها في المجيء النهائي للمخلص، المسيح، في شكل
إنسان وأن كان يظهر في أشكال كثيرة، بدون تفصيلات تاريخية. ” ليوقظ ”
الإنسانية وليحرر نفوس البشر من المقدر ومن رباطات (عبودية) الجسد بالمعرفة،
وهؤلاء المحررون هم الغنوسيون، محبو المعرفة. ويقولون أن كل نفس تستجيب وتكسب
معرفة تتحرر من الجسد, أو أنها تهرب وتعود إلى الحق أو تصبح متجسدة في جسد آخر؛
خاص ” عقاب أبدى ” محفوظ للمرتدين عن الفرقة.

 كما يؤمنون بأن الخلاص
لا يتم إلا بالمعرفة والتي يسمونها بالمعرفة المؤدية للخلاص، وهذه المعرفة تعني
ثلاثة أمور؛ (1) معرفة الإله الحقيقي غير المدرك ولا اسم له، (2) ومعرفة أن الإله
الذي خلق العالم ليس هو الإله الحقيقي بل أنه إله أقل وشرير، (3) ومعرفة أن
الإنسان، أو بمعنى أدق الغنوسي، المحب للمعرفة، ليس من هذا العالم بل أنه أصلا
شرارة إلهية وطنه هو العالم الروحي الذي جاء منه ولابد أن يعود إليه، ويرى معظم
الغنوسيين أنهم محبوسون هنا في هذا العالم في أجسادهم المادية التي وضعهم فيها
الإله الخالق.

 ويرون أن هذه المعرفة
لا تتم إلا عن طريق المسيح الذي يقدم هذه المعرفة السرية من فوق ويكشفها لأتباعه
المقربين، والذي يرى إنجيل يهوذا المنحول أن يهوذا وحده من دون التلاميذ هو الذي
كان مقربا من المسيح وأنه هو وحدة الذي كان مستحقا لنوال هذه المعرفة ومن بعده
الغنوسيون محبو المعرفة، أما بقية البشر ومنهم بقية تلاميذ المسيح ورسله وجميع المسيحيين
من غير الغنوسيين فليسو مستحقين ولا مؤهلين لهذه المعرفة، فهم من جيل غير الجيل
المقدس الذي استحق يهوذا أن يكون منه(11)!!

 وكان الغنوسيون يرفضون
بصورة مطلقة نقدهم لأنهم كانوا يؤمنون أنهم، وهم وحدهم دون بقية الخلق، الذين
لديهم المعرفة الحقيقية التي كشفها لهم المسيح لأنهم، هم وحدهم، الذين كانوا
مؤهلين لذلك. وقد كشف آباء الكنيسة كذب ادعاءاتهم وخرافاتهم وهرطقاتهم وأكاذيبهم
وفكرهم الوثني.

2 – المسيح في الفكر
الغنوسي:

 المسيح في
الفكر الغنوسي يعتمد بالدرجة الأولى على الفكر الدوسيتي، فما هو الفكر الدوسيتي؟
والفكر الدوسيتي جاء
من التعبير ” dokesis ” و ” dokeo ” والذي يعني ” يبدو “، ” يظهر “،
” يُرى “، ويعني الخيالي
phantastic
. فقد آمنوا أن المسيح كان
مجرد خيال وشبح (
phantom)، وأنه أحد الآلهة العلوية وقد نزل على الأرض في جسد خيالي وليس فيزيائي،
مادي، حقيقي، أنه روح إلهي ليس له لحم ولا دم ولا عظام، لأنه لم يكن من الممكن، من
وجهة نظرهم، أن يتخذ جسدا من المادة التي هي شر في نظرهم! لذا قالوا أنه نزل في
صورة وشبه إنسان وهيئة بشر دون أن يكون كذلك، جاء في شكل إنسان دون أن يكون له
مكونات الإنسان من لحم ودم وعظام، جاء في ” شبه جسد ” و
هيئة الإنسان “، وقالوا أنه لم يكن يجوع أو يعطش أو
ينام، ولم يكن في حاجة للأكل أو الشرب 00 الخ وأنه كان يأكل ويشرب وينام متظاهرا
بذلك تحت هيئة بشرية غير حقيقية. وشبهوا جسده بالنور أو شعاع الشمس، فأن النور
وشعاع الشمس يمكن لهما أن يخترقا لوحا من الزجاج دون أن يكسرا هذا اللوح “.
كان مجرد خيال(12).

 وجاء في أحد كتبهم
والذي يسمى ب ” أعمال يوحنا “(13)،
أن المسيح عندما كان يسير على الأرض لم يكن يترك أثرا لأقدامه وعندما كان
يوحنا يحاول الإمساك به كانت يده تخترق جسده بلا أي مقاومة حيث لم يكن له جسد
حقيقي. وكانت طبيعة جسده متغيرة عند اللمس، فتارة يكون ليناً وأخرى جامداً ومرة
يكون خالياً تماماً
. كان بالنسبة لهم مجرد شبح وحياته على الأرض خيال.
وكان يظهر بأشكال متعددة ويغير شكله كما يشاء وقتما يشاء!! أي كان روحاً إلهياً
وليس إنساناً فيزيقياً(14).

+ وقال بعضهم أنه اتخذ
جسدا نفسيا
Psychic، عقليا، وليس ماديا.

+ وقال بعض آخر أنه
اتخذ جسداً نجمياً
Sidereal.

+ وقال آخرون أنه اتخذ
جسدا ولكنه لم يولد حقيقة من امرأة(15).

 وجميعهم لم يقبلوا
فكرة أنه تألم ومات حقيقة، بل قالوا أنه بدا وكأنه يتألم وظهر في الجلجثة كمجرد
رؤيا. وقد أشار إليهم القديس أغناطيوس الإنطاكي (35 – 107) تلميذ القديس بطرس
الرسول وحذر المؤمنين من أفكارهم الوثنية قائلا: ” إذا كان يسوع المسيح – كما
زعم الملحدون الذين بلا إله – لم يتألم إلا في الظاهر، وهم أنفسهم
ليسو سوى خيالات (بلا وجود حقيقي) فلماذا أنا مكبل بالحديد “(16)، ” وهو
إنما أحتمل الآلام لأجلنا لكي ننال الخلاص، تألم حقا وقام حقا، وآلامه لم تكن
خيالا،
كما أدعى بعض غير المؤمنيين، الذين ليسوا سوى خيالات “(17)، ” لو
أن ربنا صنع ما صنعه

في الخيال
لا غير لكانت قيودي أيضا خيالا
(18).

(4) كما كان لهذه
الجماعات، أيضا، اعتقادات أخرى في المسيح، فقالوا أن المسيح الإله نزل على
يسوع الإنسان وقت العماد وفارقه على الصليب، وقالوا أيضا أن المسيح الإله والحكمة
الإله نزلا على يسوع واتحدا به وفارقاه أيضا عند الصليب!
!
أي أن الذي صلب،
من وجهة نظرهم هو المسيح الإنسان وليس المسيح الإله!!! وهؤلاء يؤمنون أن المسيح هو
في ذاته كيان إنساني، كانت نفسه عبارة عن كيان إلهي وليست مجرد شرارة إلهية داخله،
بل كيانا إلهياً خاصاً، جاء من أعلى وسكن مؤقتاً في يسوع الناصري ليكشف من خلاله
الحقائق الضرورية لأتباعه المقربين(18).

3 – جماعة القاينيين
الغنوسية:

 كان القاينيون بصفة
عامة، مثل معظم الفرق الغنوسية، يؤمنون بانبثاق عدد ضخم من الآلهة أو الأيونات من
الإله السامي غير المدرك، وكانوا يؤمنون بأن المسيح منبثق من هذا الإله السامي،
الآب، وقد جاء من العالم الروحي، من الآب غير المدرك، ليخلص البشرية وبصفة خاصة
الذين يصفهم الكتاب المقدس بأنهم خطاة، مثل قايين بن آدم الذي قتل أخاه هابيل
ونمرود ” ا
لذي ابتدأ يكون جبارا في الأرض
(تك10: 8)، وقورح الذي تمرد ضد موسى النبي (عدد16)، ثم يهوذا الذي أسلم المسيح
لليهود والرومان!! وكانت هذه الجماعة تكّرم هؤلاء الأشخاص كأبطال في الإيمان لأنهم
كانوا ضد يهوه إله العهد القديم، الذي قالوا عنه أنه ليس هو الإله الحقيقي الذي
يجب عبادته، وآمنوا أنه إله أقل وجاهل لهذا العالم الذي يجب الهروب منه والذي
وصفوه بالشر وطابقوه مع الديميورج خالق المادة الشرير وسكالاس الخالق الشرير
أيضاً!! وزعموا أنه هؤلاء الأشخاص عرفوا الحق وفهموا الأسرار الضرورية للخلاص لأنهم
كانوا يبحثون عن المعرفة(19)!!

 وكان أول من ذكر هذه
الفرقة وعقائدها، من آباء الكنيسة الأولى، وكتب عن تأليفهم لإنجيل يهوذا، هو
القديس إيريناؤس أسقف ليون بالغال (فرنسا حاليا) سنة 180م، وهذا الرجل كان تلميذا
للقديس بوليكاربوس الذي كان بدوره تلميذا للقديس يوحنا تلميذ المسيح، فقال:

 ” يقول الذين
يدعون قاينيين أن قايين كان من العالم السامي للقوة المطلقة ويعترفون أن عيسو
وقورح وأهل سدوم وأمثال هؤلاء الأشخاص مختصين بأنفسهم. ويضيفون في هذه الرواية أن
الخالق (إله العهد القديم – يهوه) كان يكرههم بشدة ومع ذلك لم يتعرض أحد منهم لضرر
لأن صوفيا (الحكمة)
كان من عادتها اختطاف الذين يخصونها منهم لذاتها. ويعلنون
أن يهوذا الإسخريوطي الخائن كان يعرف هذه الأشياء، فقد كان وحده الذي يعرف الحق
كما لم يعرفه أحد. فقد أُكمل سر الخيانة بواسطته، كل الأشياء، سواء السمائية أو
الأرضية وضعت في الحيرة.
ولذا فقد لفقوا تاريخا مزيفاً أسموه إنجيل
يهوذا
“.

 ويوضح هذا إنجيل يهوذا
المنحول نفسه فكر هؤلاء بصورة واضحة وجلية، فيتكلم عن إله سامي غير محدود وغير
مدرك ولا يمكن أن يدركه أحد إلا نفسه هذا الإله انبثقت منه العوالم والمخلوقات
الروحية وقد جاء المسيح منه أو من قبله، وكانت تؤمن، أيضاً، بسلسلة من الآلهة منها
باربيلو والموجود الذاتي، كما سنوضح لاحقا وكما عرفنا من نص الإنجيل المنحول نفسه،
كما كانت تؤمن بإله ثانٍ أقل من الإله السامي وشرير وقالت أنه هو الذي خلق الكون المادي،
هو سكالاس، والذي خلق، هو وملائكته آدم وحواء، وأن المسيح قد جاء ليخلص العالم من
هذا الإله الشرير، بالمعرفة، معرفة الإله السامي ومعرفة الإنسان لذاته الداخلية.
إي كان جوهر إيمانهم هو تعدد الآلهة مع ثنائية الخير والشر، إله للخير وآخر للشر
مثل الزردشتية. كما قدست هذه الفرقة كل الأشخاص الموصوفين بالشر في العهد القديم،
كما بينّا أعلاه، مثل قايين الذي قتل أخاه هابيل واعتبرته بطلاً، لأنه من وجهة
نظرهم كان يبحث عن المعرفة كما كان يحد من سلطان يهوه!! وفي نفس الوقت أدانوا
قديسي العهد القديم مثل نوح وموسى النبي وإبراهيم أبي الآباء 00الخ لأنهم أتباع
يهوه إله العهد القديم!!

 ومن
نفس المنطلق قدسوا ما فعله يهوذا وقالوا أن ما فعله يهوذا فعله لأجل خلاص البشرية
بموت المسيح على الصليب. ولذا اعتبروا أن يهوذا لا يستحق اللعنة بل يستحق الشكر
والتقدير لما فعله لأجل البشرية. وقال بعضهم كما نقل عنهم القديس ترتليان (145
-220م) في نهاية القرن الثاني الميلادي في كتابه ضد كل الهرطقات:


وعلاوة على ذلك فقد خرجت هرطقة أخرى تدعى القاينيين لأنهم يقدسون قايين لأنه
(في فكرهم) حبل به بفضيلة فعالة عملت فيه. لأن هابيل (كما يزعمون) وًلد بعد أن حبل
به بفضيلة أقل وبسبب ذلك كان أقل. وهؤلاء الذين يقولون بهذه القول يدافعون عن
يهوذا الخائن، ويقولون لنا أنه مقبول وعظيم بسبب ما تميز به عن البشرية، ويعتقد
بعضهم بتقديم صلاة شكر ليهوذا في رواياتهم هذه. ويقولون أن يهوذا لاحظ أن يسوع
أراد أن يتراجع عن الحق، فخانه لكي لا يكون هناك أي إمكانية لهدم الحق. ويجادل آخرون
ضدهم قائلين: أن قوات هذا العالم كانت غير راضية عن آلام المسيح لئلا يتم بموته
الخلاص المعد للبشرية تشاور (يهوذا) لأجل خلاص البشرية وخان المسيح حتى لا يكون
هناك أي إمكانية على الإطلاق لإعاقة الخلاص الذي كان قد أُعيق بواسطة القوات التي
كانت تعارض آلام المسيح، وحتى لا يكون هناك إمكانية للتراجع عن خلاص البشرية

“.

 أي
أن خيانة يهوذا، من وجهة نظرهم، كان لها تفسيران؛ الأول هو أن يهوذا بخيانته
للمسيح منع يسوع من التراجع عن الصلب والفداء وتحمل الآلام، فسلمه حتى لا يعطيه
فرصة لهذا التراجع!! والتفسير الثاني هو خيانته كانت لمنع إي إعاقة خلاص البشرية
من قوات هذه العالم!! وفي كلتا الحالتين فقد كانت خيانته من وجهة نظر الفريقين لأجل
خلاص البشرية. وهم لا يختلفون مع الكنيسة المسيحية من جهة صلب المسيح وموته
وقيامته، وأن هذا غير ظاهر بشكل مباشر في إنجيل يهوذا المنحول، ولكنهم كانوا يختلفون
من جهة النظرة إلى يهوذا الذي أرادوا أن يحولوا ما فعله من خيانة إلى بطولة،
فبينما يقول الإنجيل الموحى به أن المسيح حذره وقال له “

أن ابن الإنسان ماض كما هو مكتوب عنه. ولكن ويل لذلك الرجل الذي به يسلم ابن الإنسان.
كان خيرا لذلك الرجل لو لم يولد
” (مت26: 24؛مر14: 21)، قالوا، كما نقل
عنهم أبيفانيوس أسقف سلاميس بقبرص في القرن الرابع، أنه:

 ”
عمل عملاً جيداًَ من أجل خلاصنا ” (ضد الهراطقة 38).

 ويقول هذا الكتاب،
إنجيل يهوذا الأبوكريفي المنحول، الذي زيفوه، أن المسيح قال ليهوذا:

+ ” تعالَ بعيدا
عن الآخرين وسأخبرك بأسرار الملكوت. فمن الممكن لك أن تصل إلى ذلك. ولكنك ستحزن
كثيراً، لأن آخر سيحل محلك ليصل الأثنا عشر إلى الكمال مع إلههم “.

+ ويقول أيضاً أن
المسيح قال له: ” ستكون أنت الثالث عشر, وستكون ملعوناً من الأجيال الأخرى –
ولكنك ستأتي لتسود عليهم. وفي الأيام الأخيرة سيلعنون صعودك؟ “. وأيضاً: ”
في الحقيقة فالإنسان الذي يحملني، هل هو أنت يا يهوذا؟ ستضحي. الآن الكل 000 ازددت
وجسدك الأرضي مات واحترق نجمك ويكون قلبك “.

+ وأيضاً ” ولكنك
ستفوقهم جميعاًَ لأنك ستضحي بالإنسان الذي يرتديني. ويرتفع قرنك حالاً. ويضرم
عقابك الإلهي. ويظهر نجمك ساطعاً “.

+ وينتهي هذا الكتاب
المنحول عند قوله: ” 000 لكن بعض الكتبة كانوا يراقبون بحذر كي يقبضوا عليه
أثناء الصلاة, لأنهم كانوا خائفين من الشعب, لأن الكل كان ينظر إليه كنبي.
واقتربوا من يهوذا وقالوا له: ماذا تفعل هنا؟ أنت تلميذ يسوع “. فأجابهم
يهوذا كما أرادوا منه واستلم بعض المال وأسلمه لهم “.

 وهنا نرى التطابق
الواضح بين ما قاله آباء الكنيسة عن فكر هذه الجماعة الغنوسية الهرطوقية وبين ما
جاء في هذا الكتاب المنحول والمدعو إنجيل يهوذا.

4 – جماعة السيزيان (الشيثيين)
الغنوسية:

 وببدو من
الكتاب أيضاً التطابق الشديد مع فكر جماعة السيزيان
Sethians (الشيثيين) التي كانت تقدس شيث Seth
الابن الثالث لآدم وكانت ترى، بحسب ما زعمته من أساطير أنه تجسد للمسيح، وكانوا
ينظرون لأسطورتهم هذه كافتتاحية أو مقدمة لسفر التكوين، حيث يرجع وجودهم لما قبل
المسيحية، وبعد المسيح طابقوا شيث مع المسيح كالإله المتجسد!!

(1) جماعة السيزيان
(الشيثيين) كما شرح فكرهم القديس إيريناؤس:

 وقد شرح القديس
إيريناؤس معتقداتهم وأساطيرهم الخاصة بالله وخليقة الكون، ونظراً لما بهذه
الأساطير من تعقيدات شديدة، وما سبق أن ذكرناه أعلاه عن الأسطورة الغنوسية بشكل
عام لذا نلخص هنا، فقط، ما قاله عنهم في الكتاب المسمى بالكتاب السري بحسب يوحنا
(أو يوحنا الأبوكريفي):

1 – صفات أسطورية:

+ آب الأبد. الكائن
البشري الأول.

+ فكر الآب. نسله،
الكائن البشري الثاني.

+ الروح القدس. الأنثى
الأولى.

+ حكمة مبتذلة (Sophia Ptounikos).

2 – الحكام.

(أ) السباعي الأعلى: يالدابوس
(
IalDABOTH). نسل الحكمة، حاكم السماء. أنسال يالدابوس الستة.

(ب) أنسال أخرى
ليالدابوس، تضم: النسيان. الشر. الغيرة. الحسد. الموت.

(ج) السباعي الأقل: ال
(
NUN)، حية، الشيطان العالمي الرئيسي. مدعو ميخائيل وسمائيل. ال (nun) ستة أنسال شيطانية.

3 – الجنس البشري:

آدم. الكائن البشري
المادي الأول. خلق (كجسد غير مادي) على صورة آب الأبدية والحكام، ثم زود بجسد مادي.

حواء. زوجته. قايين.
هابيل. شيث. نوريا (
Noria) أخت شيث. نوح. إبراهيم ونسله. اليصابات.

يوحنا المعمدان أبنها
بواسطة يدابوس (
Idabaoth).

العذراء مريم. يسوع
ابنها بواسطة يدابوس.

يسوع، تلاميذه. أناس
لهم نفوس مقدسة.

(2) فكر جماعة السيزيان
(الشيثيين) كما جاء في كتاب يوحنا الأبوكريفي:

 وهناك شرح أخر لفكر
جماعة السيزيان أو الشيثيين في كتابهم ” كتب يوحنا السري أو الأبوكريفي
” وفيما يلي ملخص ما جاء فيه:

+ آب الأبد: الروح
العذراء الكامل غير المرئي.

+ خماسي الأيونات
المزدوج الجنس: مقومات الآب:

1 – الفكر السابق التام
للأبدية. والمعروف أيضاً ب: الأم – الآب؛ الكائن البشري الأول؛ الروح القدس؛
المذكّر الثلاثي؛ القوات الثلاث؛الاسم المزدوج الجنس الثلاثي.

2 – المعرفة الشخصية
السابقة.

3 – عدم الفساد.

4 – الحياة الأبدية.

5 – الحق.

 الموجود الذاتي الإلهي.
الممسوح (المسيح) شعلة منيرة. المولود الوحيد. صانع الكل.

المتعاونون: الذكاء،
الإرادة، الكلمة (التعبير اللفظي).

أربع منيرين الذين
يقفون أمام الموجود الذاتي الإلهي والأثنا عشر أيون الذين معهم: هارموزيل، الجمال،
الحق، الشكل، أورويئيل(20).

 والآن ما العلاقة بين
هذه الأفكار وما جاء في إنجيل يهوذا؟

4- تطابق إنجيل يهوذا
مع فكر جماعة السيزيان والفكر الغنوسي بصفة عامة:

 بعد قراءة ما بيناه
أعلاه وعند النظرة الأولى لما جاء في إنجيل يهوذا المنحول يتضح لنا على الفور فكره
الأسطوري الخرافي الذي يعبر عن فكر هذه الجماعات الغنوسية الهرطوقية، حيث يقول:

(أ) في تعليم يسوع
ليهوذا عن الكون والروح والمولود الذاتي:

 قال يسوع: ”
[تعال]: حتى أعلمك [أسرار] لم يرها أحد قط، لأنه يوجد عالم عظيم ولا
حد له، الذي لم ير وجوده جيل من الملائكة قط [ الذي فيه] يوجد [روح] عظيم غير مرئي
“.

 الذي لم تره عين ملاك
قط.

 ولم يدركه فكر قلب قط.

 ولم يدع بأي اسم قط.

 ” وظهرت سحابة
منيرة هناك، فقال: ” ليأت ملاك إلى الوجود في حضوري “.

 ” وانبثق من
السحابة ملاك عظيم، الروح الإلهي المنير المولود الذاتي. وبسببه، جاء إلى الوجود
أربع ملائكة أخري من سحابة أخرى. وصاروا حاضرين للمولود الذاتي الملائكي. فقال
المولود الذاتي: ليأت [000] إلى الوجود [000]، وجاء إلى الوجود [000]. و [خلق] هو
المنير الأول ليحكم عليه. وقال ” ليأت ملائكة إلى الوجود لتخدم[ه]، وجاء إلى
الوجود ربوات لا تعد. وقال هو ليأت أيون منير إلى الوجود، وجاء (الأيون المنير)
إلى الوجود. وخلق المنير الثاني ليحكم عليه، ليقدم خدمة مع ربوات الملائكة غير
المحصاة. وهكذا خلق بقية الأيونات المنيرة. وجعلهم يحكمون عليهم. وخلق لهم ربوات
من الملائكة بلا عدد لتساعدهم.

(ب) آداماس والمنيرون:

” وكان آداماس في
السحابة المنيرة الأولى التي لم يرها ملاك قط بين كل أولئك الذين
يدعون ” إله “. هو [000] الذي [000] الصورة [000] وعلى صورة [هذا] الملاك.
وعمل [الجيل] الغير فاسد لشيث يظهر [000] الأثنا عشر [000] الأربعة وعشرون [000].
وعمل اثنان وسبعون منيراً يظهرون في الجيل غير الفاسد بحسب إرادة الروح. والاثنان
وسبعون منيراً أنفسهم عملوا ثلاثمائة وستون منيراً ظهروا في الجيل الغير الفاسد،
بحسب إرادة الروح، وأن عددهم يجب أن يكون خمسة لكل منهم.

 ويشكل الأثنا عشر
أيوناً والداً للأثنى عشر منيراً، مع ست سموات لكل أيون، لدرجة أنه يوجد اثنان
وسبعون سماء لأثنين وسبعين منيراً، ولكل منها سبع طبقات من الجلد [بأجمالي]
ثلاثمائة وستين [جلد 000]. وهناك أعطيت سلطة وجمهور [عظيم] من الملائكة [بلا عدد]
للمجد والتوقير، [وبعد ذلك أيضاً] أرواح عذراء، لمجد [وتوقير] كل الأيونات
والسموات وجلدها.

(ج) العالم والفوضى
والعالم السفلي:

 ” وجموع هؤلاء
الفانين تدعى العالم – هذا هو الهلاك الروحي – بواسطة الآب والاثنين والسبعين
منيراً الذين مع المولود الذاتي وأيوناته الاثنين والسبعين. وفيه ظهر الإنسان
الأول بقواته غير الفاسدة. والأيون الذي ظهر مع جيله، الأيون الذي فيه سحابة
المعرفة والملاك، يدعي إيل [000] أيون [000] بعد ذلك[000] قال: ” ليأت اثنا
عشر ملاكاً إلى الوجود ليحكموا على الفوضى [والعالم السفلي] “. وأنظر: ”
من السحابة ظهر [ملاك] أضاء وجهه بالنيران, وتلوث ظهوره بالدماء. وكان اسمه هو
” نبرو –
Nebro” الذي يعني المتمرد, ودعاه أحرون ” يالدابوث – Yaldabaoth” وجاء ملاك أخر من السحابة هو سكالاس (Skalas
وهكذا خلق نبرو ستة ملائكة – وأيضاً سكالاس (
Skalas)
– ليكونوا مساعدين, وهؤلاء أنتجوا اثني عشر ملاكاً في السموات, وكل واحد منهم تسلم
نصيباً في السموات.

(د) الحكام والملائكة:

 ” وتكلم الأثنا
عشر حاكماً مع الاثني عشر ملاكاً: دع كل منكم [000] ودعهم [000] جيل [000 سطر
واحد مفقود
000] ملائكة “.

الأول هو شيث, الذي
يدعى المسيح.

و[الثاني] هو هارماثوث Harmathoth, الذي هو [000].

و[الثالث] هو جليلا Galila.

والرابع هو يوبيل Yobel.

والخامس هو آدونايوس Adonaios.

 وهؤلاء الخمسة هم
الذين يحكمون على العالم الأسفل، وأول الكل على الفوضى.

(ر) خلق البشرية:

 وبعدها قال سكالاس (Skalas) لملائكته: لنخلق كائناً بشرياً على شكل وعلى صورة, فشكلوا آدم
وزوجته حواء، التي تدعى في السحاب زوي ”
Zoe
الحياة “. لأنه بهذا الاسم تبحث كل الأجيال عن الإنسان, وكل منهم يدعو المرأة
بهذه الأسماء, والآن لم يأمر [000] سكالاس (
Skalas)
000 وقال [الحاكم] لآدم: ” سوف تعيش طويلاً مع أطفالك “.

 وهنا يستخدم الكاتب
الغنوسي للإنجيل المنحول معظم الأفكار التي وردت في الأسطورة الغنوسية بشكل عام،
وأسطورة جماعة السيزيان بشكل خاص، ونلحظ هنا بصورة واضحة الحديث عن باربيلو
Barbelo الذي يمثل في الفكر الغنوسي الانبثاق الأول من الإله السامي غير المدرك
وغير المعروف وغير المرئي في روايات الخلق، خاصة الخاصة بجماعة الشيثيين، السيزيان
Sethians. هذا الباربيلو يوصف بالإله المخنث أو المزدوج الجنس والإنسان
الأول، ويوصف في كتاب ” يوحنا الأبوكريفي ” الغنوسي بقوله: ” هذا
هو الفكر الأول، صورته، صارت رحم كل شيء، لأنها هي التي تسبقهم جميعاً، الأم –
الأب، الرجل الأول (أنثروبوس –
Anthropos – الإنسان)، الروح القدس، المذكر الثلاثي، القوي الثلاثي، ذو الاسم
الثلاثي المخنث، والأيون الأبدي بين غير المرئيين، والأول الذي أتي “.

 كما يتكلم الكتاب عن
الأيونات والتي هي سلسلة لا تحصى من الانبثاقات المختلفة التي انبثقت من الإله غير
المدرك أو الروح العظيم أو الأيون الكامل أو بيثوس
Bythos،
العمق، والبرو أرشي، أي الموجود قبل البدء.

 ويصور آدم أو آداماس
كمخلوق ليس من الله بل عن طريق الملائكة، وخاصة سكالاس وعن بقية الملائكة التي
خلقت العالم ويذكر أسماء ” نبرو –
Nebro” الذي يعني
المتمرد, ودعاه أحرون ” يالدابوث –
Yaldabaoth“،
وسكالاس (
Skalas)، الشرير الخالق الذي خلق آدم والبشرية: ” وبعدها قال سكالاس
(
Skalas) لملائكته: لنخلق كائناً بشرياً على شكل وعلى صورة, فشكلوا آدم
وزوجته حواء، التي تدعى في السحاب زوي ”
Zoe
الحياة “. ويعني اسم ” سكالاس ” الأحمق ” وهو اسم غنوسي كما
يقول العالم الألماني كالوس سكلنج
Klaus Schilling
والشيطان مدعو أيضاً
Saclas (أحمق) مصطلح يوجد غالباً في الأدب الغنوسي للديميورج (الصانع)،
إله العهد القديم “.



(3) منحول أي مزيف ومنسوب زورا لمن هو منسوب إليه. وعندما نقول
إنجيل يهوذا المنحول أي المزيف والمنسوب زرواً ليهوذا.

(4) See
Pre-Christian Gnosticism Edwin M. Yamac chi pp. 21-27 & The Secret Books of
the Egy. Gmo. Jeam Doresse.

(11) Christianity Turned on Its Head: The Alternative Vision Of The Gospel Of Judas. P.85.

(16) رسالته إلى ترالس 10 : 1.

(17) رسالته إلى أزمير (سميرنا) 2.

(18) السابق 4 : 2.

(20) Bentley Layton< The Gnostic Scriptures. P. 24,25.

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى