كتب

المسيح في إنجيل برنابا



المسيح في إنجيل برنابا

المسيح في
إنجيل برنابا

 

إن
شخصية المسيح كما صورها إنجيل برنابا تناقض الفكر الكتابي والكتابات التاريخية
التي كُتبت عن المسيح ونحن هنا نوضح ملامح هذه الشخصية في نقاط محددة

أ-
يسوع ليس هو المسيح (المسيا المنتظر)

وضع
كاتب إنجيل برنابا أمامه هدفاً محدداً وهو أن يثبت أن يسوع ليس هو المسيا

وقد
وضع هذه الأقوال على فم المسيح نفسه، الذي بدأ الموضوع أولاً تلميحاً، فذكر
لتلاميذه أن ابن الموعد هو إسماعيل (13: 15) وأنه هو جاء ليمهد الطريق أمام المسيا
المنتظر (72: 10)، بل أكد أنه ليس أهلاً أن يحل سيور حذائه (42: 15-16)

ثم
أوضح علامات مجئ المسيا المنتظر (72: 10-24) وهي:

1-
إبطال الإنجيل

2-
انتقام النبي الآتي من الذين يقولون أن المسيح أكبر من إنسان

3-
سقوط عبادة الأصنام

4-
الاعتراف بالمسيح بشراً

5-
استقرار غمامة بيضاء على هذا المسيا

ثم
أنكر يسوع أمام رؤساء الكهنة والشعب أنه هو المسيا (برنابا 91: 94) ثم ختم يسوع
تصريحاته حول هذا الموضوع في صلاته الأخيرة (برنابا 212). وهو بذلك يخالف الفكر
المسيحي والإسلامي أيضاً.

ب-
يسوع في درجة أدنى من المسيا

حيث
أن المسيح – من وجهة نظر كاتب إنجيل برنابا – قد جاء ليمهد الطريق أمام المسيا
المنتظر فبالتالي كان يجب أن يكون في درجة أدني منه فهو ليس مستحقاً أن يحل سيور
حذائه (برنابا 42: 15-16)، وفي حاجة إلى شفاعته (برنابا 55)، وهو مخلوق قبله
(برنابا 96)، وأنه يرغب في خدمته (برنابا 206) وأقصي ما يتمناه أن يكون ضمن أمته
(برنابا 212)

ج-
المسيح نبي مرسل لبني إسرائيل فقط

حيث
أن يسوع، ليس هو النبي المنتظر صاحب الدعوة العالمية، فلم يكن أمام كاتب إنجيل
برنابا، إلا أن يكتب أن يسوع هو نبي مرسل فقط لبني إسرائيل ” (14)

د
– إلوهية يسوع في إنجيل برنابا

لقد
أنكر كاتب إنجيل برنابا هذه الحقيقة، وحاول أن يصور هذا الحق الكتابي بأنه عقيدة
وثنية بقوله إن الذي اخترع هذا القول ونشرة في اليهودية هم الجنود الرومان (برنابا
96: 25، 91: 1-4، 128: 1-2) ويسوع يغضب وينتهر بطرس لأنه قال له: إنك المسيح ابن
الله (برنابا 70: 5-6) ويعلن أنه ملعون من يقول مثل هذا (70: 10)، بل يعلن لبرنابا
سراً عظيماً وهو “لولم يدعني الناس إلهاً لكنت عاينت الله كما يُعاين في
الجنة….. لو لم أدع إلهاً لكنت حُملت إلى الجنة عندما انصرف من العالم أما الآن
فلا أذهب إلى هناك حتى الدينونة ” (برنابا 112: 9،11)

ه
– شخصية المسيح

إن
شخصية يسوع في إنجيل برنابا، للأسف شخصية غير سوية فهو مرتعب وخائف (برنابا 52)،
غزير الدموع وكثير النحيب ولطم الخدود (برنابا 53، 58، 93)، ليس لديه يقين الخلاص
فهو خائف من غضب الله والطرح في الهاوية (برنابا 100، 131)، وهو ليس أقل من نبي
فقط، بل أن الشيطان يعلن أنه أشرف منه (برنابا 212)، ويضع على لسان يسوع نفسه أن
تعاليم لعازر أفضل من تعاليمه (برنابا 196)

(14) انظر ص وأيضاً “دعوة المسيح هل كانت عنصرية؟ ” (تحت
الطبع)

 

و-
تعاليم يسوع

إن
الصورة التي وضعها كاتب إنجيل برنابا للمسيح، هي التي حددت تعاليمه. ومما نراه في
إنجيل برنابا:

1-
تأكيد عقيدة الوحدانية وانكار لاهوت المسيح

2-
العودة إلى الذبيحة الروحية

3-
روحانية هذا الإنجيل هي الصلاة والصوم والتوبة (برنابا 99، 100، 110) وبهذا يخلص
الإنسان

4
– المسيا المنتظر هو من نسل إسماعيل

6-
نهاية حياة يسوع

لقد
كانت حقيقة موت المسيح مصلوباً ثم قيامته من الموت من الحقائق التي أنكرها بشدة
كاتب إنجيل برنابا، وأعلن بكل وضوح أن الله ألقى شبهه على يهوذا وأنه رُفع إلى
السماء و قد مهد لدعواه باعلان المسيح أنه سوف يحيا إلى نحو منتهى العالم (13: 11،
140: 5-6)، وأن جبريل قد أخبره بخيانة يهوذا (42). ثم أعلن يسوع أن الله سيصعده من
الأرض وسيغير منظر الخائن (يهوذا) حتى يظنه كل أحد أنه يسوع (برنابا112: 15)

ويعلن
يسوع أنه سوف يظل في هذا العار حتى يزيل المسيا عنه هذه الوصمة (112) ويتحدث بعد
ذلك عن إلقاء شبهه على يهوذا والقبض عليه، ورفع يسوع بواسطة أربع ملائكة إلى
السماء (برنابا 215-222)

ويقع
كاتب إنجيل برنابا في كثير من التناقضات مثل:

1-
قوله أن عقوبة الصلب كانت له، لأن البشر دعوه الله، ولكن لأنه لم يعترف بهذا وأعلن
أنه ليس إلهاً وليس المسيا المنتظر فقد رفع الله عنه هذه العقوبة وجعل يهوذا هو
الذي كابدها (برنابا 198: 12-16)

فهل
يعاقب الله إنساناً بسبب ما يقوله الناس عنه؟ وما هو ذنب يهوذا حتى يكابد مثل هذه
الميتة؟

2-
قوله أن يسوع كشف له أن غيره سيصلب بدلاً منه، ثم بعد نزول يسوع يقول ” إذا
كان الله رحيماً فلما عذبنا بهذا المقدار بما جعلنا نعتقد أنك كنت ميتاً ”
(220: 14) فهو رغم إعلان يسوع له يعتقد بموته

3-
قوله: إن المسيح ‘عوقب (باعتقاد الناس أنه مات على الصليب)، بسبب حب أمه وتلاميذه
له ” (برنابا 220: 17-20) فهل يعاقب الله شخصاً على محبة الناس له؟

4-
يقول الكاتب ” فلما كان الناس قد دعوني الله وابن الله على أني كنت بريئاً في
العالم أراد الله أن يهزأ الناس بي في هذا العالم بموت يهوذا معتقدين أنني أنا
الذي مت على الصليب لكي لا تهزأ الشياطين بي في يوم الدينونة (220: 19) فهل يهزأ
الله بمرسليه؟ وهل يهزأ بهم بسبب اعتقادات الناس فيهم ” وهل تهزأ الشياطين
بالرسل ورجال الله يوم الدينونة؟

لقد
نسج كاتب إنجيل برنابا روايات خرافية حول نهاية حياة المسيح على الأرض تناقض
الكتاب المقدس والتاريخ والمنطق (15)

(15) لقد سبق لكاتب هذه السطور دراسة قضية الصليب في:

1- موت المسيح
حقيقة أم افتراء

2- موت أم إغماء؟

3- من هو المصلوب

4- قيامة المسيح: حقيقة أم خدعة

5- صلب المسيح وموقف البدع والهرطقات (في الإعداد)

ج-
الختان

لقد
انتشرت عادة الختان بين كثير من الشعوب في أنحاء العالم، وهناك نظريات حول منشأ
هذه العادة وفي معظمها تجمع على أنه قد نشأ كطقس ديني (16)

وفي
العهد القديم كان الختان هو علامة العهد بين الله وإبراهيم (تك17: 7- 14)، ولم يكن
مسموحاً للغريب والنزيل أن يأكلا من الفصح مالم يختتنا (خر 12: 48)

وفي
بدء انتشار المسيحية أثارت قضية الختان جدلاً، فقد طالب المسيحيون التهوديون
بضرورة الختان (17) وبضرورة أن يصير الإنسان
يهودياً أولاً ثم مسيحياً وانعقد أول مجمع مسيحي في أورشليم وقرر ألا ‘يفرض الختان
على الأمم ليصبحوا مسيحيين.

ولإنجيل
برنابا موقف من الختان يختلف عن فكر المسيح وفكر الكتاب المقدس

1-
أصل الختان (منشأ هذه الممارسة):


قال يسوع: إنه لما أكل آدم الإنسان الأول الطعام الذي نهاه الله عنه في الفردوس
مخدوعاً من الشيطان عصى جسده الروح، فأقسم قائلاً: تالله لاقطعنك فكسر شظية من صخر
وأمسك جسده ليقطعه بحد الشظية، فوبخه الملاك جبريل على ذلك. فأجاب: لقد أقسمت
بالله أن أقطعه فلا أكون حانثاً، فحينئذ أراه الملاك زائدة جسده فقطعها. فكما أن
جسد كل إنسان من جسد آدم وجب عليه أن يراعي كل عهد أقسم آدم ليقومن به، وحافظ آدم
على فعل ذلك في أولاده، فتسلسلت سنة الختان من جيل إلى جيل، إلا أنه لم يكن في زمن
إبراهيم سوى النزر القليل من المختونين على الأرض، لأن عبادة الأوثان تكاثرت على
الأرض وعليه فقد أخبر الله إبراهيم بحقيقة الختان، وأثبت هذا العهد قائلاً: النفس
التي لا تختن جسدها

إياها
أبدد من بين شعبي إلى الأبد ” برنابا 23: 3-15.

“حينئذ
قال التلاميذ: قل لنا يا معلم لأي سبب يجب على الإنسان الختان؟

فأجاب
يسوع: يكفيكم أن الله أمر به إبراهيم قائلاً: يا إبراهيم اقطع غرلتك وغرلة كل بيتك
لأن هذا عهد بيني وبينك إلى الأبد”برنابا 22: 15-16

أي
أن سبب الختان هنا هو:

أ
– المحافظة على عهد آدم

ب
– أمر الله لإبراهيم

(16) دائرة المعارف الإسلامية. مجلد16. ط دار الشعب. ص 482 – 490

(17) دائرة
المعارف الكتابية. مجلد 3. ط دار الثقافة. ص 237-238

 

2-
موقف المسيح من الختان

يبدأ
إنجيل برنابا كتابه بالهجوم على المسيحيين الذين رفضوا الخضوع للفكر اليهودي
بضرورة الختان وخضوع الأمم للممارسات اليهودية – أي أن يتهودوا أولاً قبل أن
يصبحوا مؤمنين قائلا: “أيها الأعزاء أن الله العظيم افتقدنا في هذه الأيام
الأخيرة بنبيه يسوع المسيح برحمة عظيمة للتعليم والآيات التي أتخذها الشيطان ذريعة
لتضليل كثيرين بدعوى التقوى مبشرين بتعليم شديد الكفر، داعين المسيح ابن الله،
ورافضين الختان الذي أمر به الله دائماً “

وهو
بذلك يمهد لما سوف يضعه على لسان المسيح من أقوال لا يمكن أن ينطق بها، مستغلاً في
ذلك حديث المسيح مع المرأة الفينيقية.

“صعد-
يسوع- إلى نواحي صور وصيدا، وإذا بامرأة من كنعان مع ابنيها قد جاءت من بلادها
لترى يسوع، فلما رأته آتياً مع تلاميذه، صرخت: يا يسوع ابن داود ارحم التي يعذبها
الشيطان، فلم يجب يسوع لكلمة واحدة لأنهم كانوا من غير أهل الختان، فتحنن التلاميذ
وقالوا: يا معلم تحنن عليهم، انظر ما أشد صراخهم وعويلهم. فأجاب يسوع: إني لم أرسل
إلا إلى شعب إسرائيل، فتقدمت المرأة وابناها إلى يسوع مولولة قائلة: يا يسوع ابن
داود ارحمني. أجاب يسوع: لا يحسن أن يؤخذ الخبز من أيدي الأطفال ويطرح للكلاب.
وإنما قال يسوع هذا لنجاستهم لأنهم كانوا من غير أهل الختان” برنابا 21: 16-24.

“فسأل
التلاميذ يسوع في ذلك النهار قائلين: يامعلم لماذا أجبت المرأة بهذا الجواب قائلاً
إنهم كلاب؟ أجاب يسوع: الحق أقول لكم إن الكلب أفضل من رجل غير مختون. فحزن التلاميذ
قائلين: إن هذا الكلام لثقيل ومن يقوى على قبوله” برنابا 22: 1-3

وهنا
يضع الكاتب على لسان المسيح قولاً لا يمكن أن ينطق به المسيح الذي قدّر الإنسان حق
قدره ولكن للكاتب هدفاً خفياً وهو إظهار المسيح العنصري الذي جاء كرسول ونبي لبني
إسرائيل فقط، وأن دعوة المسيح لم تكن عالمية (18)

بل
أنه يتمادى في قوله حتى يضع على لسان المسيح هذا القول:

“دعوا
الخوف للذي لم يقطع غرلته، لأنه محروم من الفردوس” برنابا 23: 17 ودخول
الفردوس لا يتوقف بالمرة على الختان أو عدمه.

هذا
هو موقف الكاتب من قضية الختان وهو بالطبع يناقض الفكر الكتابي بخصوص هذا الموضوع.

(18) سوف يناقش المؤلف عالمية الدعوة المسيحية وحادثه المرأة الكنعانية
في الكتاب القادم “دعوة المسيح: هل كانت عنصرية ” قريباً إن شاء الله.

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى