بدع وهرطقات

10- العطاء والأطعمة



10- العطاء والأطعمة

10- العطاء والأطعمة

بعد
التركيز على وصية السبت، يضع الأدفنتست أهمية كبرى على الناحيتين التاليتين:

 

1
– إلزام أعضاء طائفتهم بدفع عشور مداخيلهم لأجل عمل الكنيسة: ولكن إن عدنا إلى
تاريخ السبتية، نرى أن هذا الإجراء لم يعمل به إلا في سنة 1879. ولكن ما قلته عن
السبت يمكن تطبيقه على العُشر، فكل أموالنا بحسب العهد الجديد هي لله، ولسنا سوى
وكلاء عليها. وأيضاً تقدمات العهد الجديد لا تحسب وفقاً لمعدل مئوي. وكل ما يشترط
فيها أن تؤدَّى تطوعاً وبسرور.

 

يضاف
إلى ذلك أنه من غير الجائز أن تكدر الحرية التي نتمتع بها في العبادة بالعطاء.
لأنه إن كان العشر الذي يفرض هو المقابل لعمل الله من أجلنا، فإن العشر ليصبح
هزيلاً جداً، بحيث لا يعتد به. وعلى أي وجه فإن تحديد العطاء على الصورة المعمول
بها في الكنيسة السبتية يمكن أن لا يقابله العضو بالرضى. وهنا يحصل تجاوز على رأي
الرسول القائل: «كُلُّ وَاحِدٍ كَمَا يَنْوِي بِقَلْبِهِ، لَيْسَ عَنْ حُزْنٍ أَوِ
اضْطِرَارٍ.
لأَنَّ المُعْطِيَ المَسْرُورَ يُحِبُّهُ اللّهُ. وَاللّهُ قَادِرٌ أَنْ
يَزِيدَكُمْ كُلَّ نِعْمَةٍ، لِكَيْ تَكُونُوا وَلَكُمْ كُلُّ
اكْتِفَاءٍ
كُلَّ حِينٍ فِي كُلِّ شَيْءٍ، تَزْدَادُونَ فِي كُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ» (كورنثوس
الثانية 9: 7-8).

 

2
– الإمتناع عن بعض الأطعمة والأشربة: من المعروف أن أحد المؤسسين وهو جوزيف باثر
قد تخلى عن قناعة عن التبغ والمشروبات الكحولية قبل انتسابه إلى جماعة الأدفنتست،
وأن جيمس وإلين هوايت وقفا ضد الشاي والقهوة والتبغ سنة 1848. ولكن ليس إلا في سنة
1863 أحاطت السيدة هوايت الجماعة علماً بالرؤيا الخاصة بنظام الإصلاح الصحي الذي
عُلِّم به في ما بعد. وبموجبه صار على المتقدم للعماد أن يتعهد بالامتناع عن
المشروبات، التي أضيفت إليها خميرة ما، والتبغ ولحم الخنزير وكل اللحوم غير
الطاهرة (قاعدة الكنيسة صفحة 80).

 

أما
العيش على النباتات كاملاً فكان محبذا لا مفروضاً. بيد أنه بالنسبة لإلين هوايت،
فكل اللحوم اعتُبرت غذاء وخيماً. (الشهادة لأجل الكنيسة صفحة 293).

 

ويعتقد
السبتيون بإمكانية الشفاء المعجزي، جواباً للصلاة. إلا أنهم يشترطون في الصلاة
لأجل الشفاء أن لا ترفع قبل التفكير الجدي الناضج. ويؤكدون على طالبي الشفاء
بواسطة الصلاة أن لا يهملوا تناول الأدوية طالما هي في متناول اليد، وأن يراعوا
جانب الأطعمة (شعاع الصحة صفحة 128).

 

وهكذا
بالنسبة للأطعمة نلاحظ مرة أخرى أن جماعة السبتيين يفرضون حواجز على الحرية
المسيحيّة، لأنه لا يوجد في الكتاب المقدس نص يجيز لأحد القول بأن اللحم في حد
ذاته يضر بالصحة. وأقل من هذا أن يجزم أحد بأن العيش على النبات أفضل من تناول
الأطعمة الأخرى. وأنه لتطرُّف بأن يصرح أحد برَفْض أطعمة أعطاها الله للإنسان لكي
يتقوَّت بها، والتي يضعها المسيح في صف الأشياء التي يستطيع أب أن يقدمها لابنه
(الإنجيل بحسب لوقا 11: 11-12).

 

إن
نظام الناموس الطقسي الذي يقسم الأطعمة إلى طاهرة ونجسة قد زال وتلاشى بمجيء العهد
الجديد الذي أشار إلى من سماهم بالمرتدين عن الإيمان. وقال إنهم في رياء أقوال
كاذبة موسومة ضمائرهم… آمرين أن يُمتنع عن أطعمة قد خلقها الله لتُتناول بالشكر
من المؤمنين وعارفي الحق. لأن كل خليقة الله جيدة، ولا يُرفض شيء إذا أخذ مع
الشكر، لأنه يقدَّس بكلمة الله والصلاة (تيموثاوس الأولى 4: 1-5 إقرأ أيضاً رومية
14: 14).

 

هذا
ما كان الرسول متأكداً منه، ليس فقط من مجرد روح الإنجيل بصفة عامة، بل أيضاً بصفة
خاصة من الرؤيا التي ظهرت لبطرس، رسول يسوع المسيح وقول الله له ثلاثاً: ما طهره
الله لا تدنسه أنت (أعمال 10: 15) فهذا أمر للمسيحي واضح، وبمقتضاه يتصرف فيأكل ما
يُقدَّم له غير فاحص عن شيء من أجل الضمير (كورنثوس الأولى 10: 27).

 

يخبرنا
الكتاب العزيز أن عهد الإنجيل دُعي بصفة خاصة ملكوت الله تمييزاً له عن الناموس
الطقسي (الإنجيل بحسب متى 3: 2، 4: 17) وقد قال الرسول: «فَلا يُفْتَرَ عَلَى
صَلاحِكُمْ، لأَنْ لَيْسَ مَلَكُوتُ اللّهِ أَكْلاً وَشُرْباً، بَلْ هُوَ بِرٌّ
وَسَلامٌ وَفَرَحٌ فِي الرُّوحِ القُدُسِ» (رومية 14: 16-17).

 

بمعنى
أن المسيحيّة في جوهرها لا تقوم في تناول أطعمة وأشربة معينة، هذا نظام اليهودية،
ولا علاقة للمسيحيّة به (الرسالة إلى العبرانيين 9: 10).

 

إن
الذي يزكينا لدى الله ليس تحريم بعض الأطعمة والأشربة، وليس حفظ أيام معينة. وإن
الله سوف لا يسأل في اليوم العظيم: من هم الذين أكلوا لحماً؟ ومن هم الذين شربوا
شاياً أو قهوة؟ ومن هم الذين أكلوا بقولاً فقط؟ ومن هم الذين حفظوا السبت، ومن هم
الذين لم يحفظوه؟ بل سوف يسأل: من هم الذين قبلوا خلاص الله بالمسيح يسوع؟ ويقيناً
أنه لا شيء يتجنى على المسيحيّة أكثر من الحرص على التشبث بمجرد الشكليات، التي
تلاشي الجوهر.

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى