اللاهوت المقارن

الفصل الثامن



الفصل الثامن

الفصل الثامن

هل هذه الآيات تثبت الخلاص في لحظة؟!

71- مجرد قبول المسيح | الفهم الخاطئ وخطورته

الذين ينادون بالخلاص في لحظة، يجعلون هذا
الخلاص متوقفاً على مجرد قبول المسيح! يكفى في عرفهم أن تقبل المسيح فاديا ومخلصاً،
فتنال الخلاص وينتهى الأمر!!

 

والقبول في نظر هؤلاء كما يقول كتاب (التلمذة)
هو التصديق: أى تصديق أنك خاطئ، وأنك تستحق الموت، وتصدق أن المسيح مات عنك،
وتقبله فادياً ومخلصاً..

 

وبهذا القبول كما يعلمون ينال الشخص التبرير،
والتجديد، والولادة من فوق، وغفران الخطايا، والانتقال من الموت إلى الحياة!!

 

ومعنى هذا، أن ينال الإنسان التبرير والتجديد
والمغفرة والخلاص، بمجرد القبول! أى بدون معمودية، ولا كنيسة، ولا أسرار، ولا
كهنوت!

 

كل ذلك يتم – وبى كنيسة بمجرد القبول! أى بدون
معمودية، ولا كنيسة، ولا أسرار، ولا كهنوت!

 

كل ذلك يتم وبلا كنيسة بمجرد القبول! هكذا يقولون!
ومن هنا أتت بدعة الخلاص في لحظة

 

يقولون في مجلة (الينبوع) (عدد يناير 1978): يكفى
أن تنظر إلى المسيح على الصليب، والجندى يطعنه بالحربة، فتتبرر في الحال!!

 

عجباً بمجرد النظر، بلا توبة، بلا اعتراف، بلا
تحليل، بلا تناول.. بمجرد قبولك المسيح! أى الغاء تام لوجود الكنيسة ولوجود
الأسرار المقدسة!

 

ويصبح دليل الخلاص هو: هل قبلت المسيح فادياً
ومخلصاً؟!

 

إنه تعبير معروف مصدره، مستعار من الطوائف غير
الأرثوذكسية التي تركز على مجرد هذا القبول وحده.. وما تجدر الإشارة إليه أن
الأناجيل التي يوزعها الجدعونيون، يوجد في آخرها اقرار بقبول المسيح فادياً
ومخلصاً، ليوقع عليه حامل الإنجيل.. كما لو كان مجرد الاقرار كافياً وحده لنوال
الخلاص..!

ويستند المعتقدون بكفاية هذا القبول، على قول
الكتاب:

(وأما كل الذين قبلوه، فأعطاهم سلطاناً أن
يصيروا أولاد الله..) (يو 1: 12)

وهكذا يرون أن الولادة الجديدة تتم بمجرد هذا
القبول!

 

الرد على ذلك:

ما هو تفسير هذه الآية (يو 1: 12)؟

وما علاقتهما بالنبوة لله؟ وهل تصلح لإثبات
(الخلاص في لحظة)؟

 

أول ما نلاحظه في هذه الآية، بالنسبة إلى الذين
قبلوه:

 

لم يقل الكتاب: كل الذين قبلوه صاروا أولاد الله..
إنما قال: (أعطاهم سلطاناً أن يصيروا.. أى صار لهم الحق أن يصيروا أولاد الله..
أما كيف يصيرون فلا شك أن ذلك بالميلاد من فوق، الميلاد من الماء والروح (يو 3: 3،
5)

 

وهذا الميلاد من الماء والروح، ذكره الرب في
حديثه مع نيقوديموس قائلاً: (الحق الحق أقول لك: إن كان أحد لا يولد من الماء
والروح، لا يقدر أن يدخل ملكوت الله) (يو 3: 5) ولهذا بدون المعمودية لا تتم هذه
الولادة.

 

والذين يقولون إن الميلاد الثانى يتم بمجرد قبول
المسيح (أى الإيمان به)، إنما ينكرون المعمودية، يخرجون من دائرة الأرثوذكسية.

نقطة أخرى نناقشها بالنسبة إلى هذه الآية وهى:

ما معنى عبارة: (الذين قبلوه)؟ من هم الذين
قبلوه؟

لا شك أن الذين قبلوه، هم الذين قبلوا تعليمه
أيضاً..

 

وتعليمه لا يقول آمن فقط، إنما يقول: (من آمن
واعتمد، خلص) (مر 16: 16) فإن كنت قد آمنت فقط، ولم تعتمد، مكتفياً بمجرد القبول،
فلا تكون قد قبلت تعليم المسيح.. فلا تستحق أن تصير من أولاد الله.. إن الذي يقبل
المسيح، يقبل إنجيله، وكنيسته، ووكلاءه.. وكلاء السرائر الإلهية، ويقبل كل الأسرار
المقدسة التي تركها لنا كوسائط للخلاص.. فالقبول ليس مجرد شعور..

 

هل شاول الطرسوسى بمجرد قبوله للمسيح نال الخلاص
في لحظة؟!

 

أم سلمه الرب للكنيسة؟ وأمرته الكنيسة أن يعتمد
ويغسل خطاياه (أع 22: 16)، أى أن خطاياه كانت لا تزال باقية بعد قبوله المسيح،
تنتظر المعمودية لتغسله منها..

 

واليهود الذين آمنوا في يوم الخمسين، هل نالوا
الخلاص في اللحظة التى نُخِسُوا فيها في قلوبهم، أم قال لهم الكنيسة على فم بطرس
الرسول: (توبوا، وليعتمد كل واحد منكم على إسم يسوع المسيح لمغفرة الخطايا) (أع 2:
38).

 

وماذا نقول عن قصة خلاص كرنيليوس والخصى الحبشى؟

 

إن قبول الإنسان للرب، وإيمانه ومعرفته لله، كل
هذه هى الخطوات الأولى في طريق الخلاص. أما الخلاص فهو قصى العمر كله.

 

إن الخلاص هو قصة الإيمان ومعرفته لله، كل هذه
هى الخوات الأولى في طريق الخلاص. أما الخلاص فهو قصة العمر كله.

 

إن الخلاص هو قصة الإيمان والتوبة والمعمودية،
وهو قصة الطاعة والقداسة وشركة الروح القدس، وفاعلية الأسرار الإلهية، وعمل النعمة
مع الارادة البشرية، والثبات في الحب وحفظ الوصايا، والصمود أما حروب الشياطين.

 

إن الذين قبلوه، كان كل منهم يسأل: (ماذا تريد
يارب أن أفعل؟)،

 

فهكذا فعل شاول الطرسوسى (أع 9: 6) وهكذا أيضا
فعل اليهود الذين قبلوا الرب فى يوم الخمسين، إذ سألوا قائلين: (ماذا نصنع أيها
الرجال الأخوة؟) (أع 2: 37)

وهذا دليل على أن هناك شيئاً ينبغى عمله بعد
القبول.

كرنيليوس لما قبل الرب، لم يصر إبناً بمجرد
قبوله. إنما أمره الملاك أن يلجاً إلى الكنيسة، ويستدعى بطرس ليقول له: (ماذا
ينبغى أن يفعل) (أع 10: 6)..

 

والخصى الحبشى لما قبل الرب، لم يصر ابنا في
الحال، مع أنه كان يؤمن من كل قلبه (أع 8: 37) ولكنه لما اعتمد، مضى في طريقه
فرحاً. وهنا نسأل عن سر شغفه بطلب العماد..

 

إن التشديد على قبول المسيح فاديا، كان دعوة
يوجهها الرسل إلى غير المؤمنين، إذ لا يوجد طريق للخلاص غير هذا.

 

ولكن ما معنى كتابة نبذات تدعو المؤمنين إلى
قبول المسيح فاديا ومخلصاً؟! هل هم حالياً غير مؤمنين به كمخلص؟!

 

هل المؤمنون الذين توزع عليهم النبذات، لم
يقبلوا المسيح بعد فادياً لهم؟! أليس من الواضح أن الذين تتخذ كرازتهم هذا الأسلوب
لا يفرقون بين المؤمنين وغير المؤمنين!

 

وإلا فما معنى أن تصدر نبذة عن جماعة تسمى نفسها
(شباب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية) تدعو فيها إلى مجرد قبول المسيح، للخلاص ونوال
الحياة الجديدة! دون أن تذكر شيئاً عن الأسرار، وعن البر الذي في المسيح يسوع..!

 

72- التفتوا إليَّ واخلصوا

من الآيات التي يعتمد عليها من ينادون بالخلاص
اللحظى، قول الرب في سفر إشعياء النبى: (التفتوا إلى واخلصوا يا جميع أقاصى الأرض)
(إش 45: 22). وهم يشددون على كلمة (التفتوا) ويرون أن الخلاص -حسب هذه الآية- يتم
في لفتة، أى في لحظة!! فهل هذه الآية تعنى الخلاص في لحظة؟

 

والجواب هو أن هذه الآية لا علاقة لها مطلقاً
بموضوع الخلاص في لحظة، إنما هى خاصة بترك عبادة الأصنام والرجوع إلى عبادة الله
وحده..

 

ليت الذين يوردون نصوصاً من الكتاب المقدس،
يتحققون جيداً مما يقتبسون، ويعرفون ما هى المناسبة التي قيلت فيها الآية؟ ولمن
قيلت؟ وأيضاً ليتهم لا يوردون النص مبتوراً، أو منفصلاً تماماً عن باقى الآيات.

 

فاللاهوتى الحقيقى، أو المؤمن الحقيقى، لا يحاول
أن يخضع الآيات لمفاهيمه الخاصة، إنما يخضع هو لمفهوم الآيات.

 

وهذه الآيات المقتبسة من إشعياء، سنفهمها في ضوء
الحقائق الآتية:

أ تكملة الآية ذاتها. ولماذا لم يذكر مقتبسها
تكملتها؟

ب تكملة الاصحاح التي قيلت فيه هذه الآية (إش
45)

ج كل مضمون الاصحاحات 43 إلى 48 من سفر إشعياء

فنقول إن كل هذه الاصحاحات تدعو إلى ترك الآلهة
الغربية.

كلها تدعو إلى عبادة الإله الحقيقى وحده، وعدم
الالتفات إلى الآلهة الأخرى.

ويتكرر فيها كلها قول الرب: (أنا الله وليس
غيرى) (أنا الرب وليس آخر) (قبلى لم يصور إله، وبعدى لا يكون) (أنا هو وليس سواى).

 

والله في كل تلك الاصحاحات يشير إلى الخلاص به
هو، فيجب الالتفات إليه وحده، وليس إلى الآلهة الغريبة أو إلى الأصنام. وهكذا يقول:

 

أو المعنى هو أديروا قلوبكم نحوى.. اتجهوا إلى
وليس إلى الأصنام. وهذا هو ما ظهره الترجمة الانجليزية: “
Turn
to me and be Saved

 

والمتتبع قراءة الاصحاح من أوله، يجد الرب يقول:

 

(لكى تعرف أنى أنا الرب الذي يدعوك. أنا الرب
وليس آخر) (إش 45: 3) (وأنت لست تعرفنى. أنا الرب وليس آخر. لا إله سواى. نطقتك
وأنت لم تعرفنى) (ع 4، 5) (لكى يعلموا من مشرق الشمس ومن مغربها، أن ليس غيرى. أنا
الرب وليس آخر)(ع 6) أنا الرب صانع كل هذه) (ع7) (أنا الرب قد خلقته) (ع 8) (أنا
صنعت الأرض وخلقت الإنسان عليها. يداى أنا نشرنا السموات وكل جندها) (ع 12) (..
الله وليس آخر) (ع 14).

 

وبعد أن يتكلم الرب عن أنه هو الله وحده، يتكلم
عن الخلاص وأنه به وحده، فيقول:

 

(أما إسرائيل، فيخلص بالرب خلاصاً أبدياً) (ع
17) (أنا الرب وليس آخر (ع 18) (أنا الرب) (ع 19) (لا يعلم الحاملون خشب صنمهم
والمصلون إلى إله لا يخلص) (ع 20)

 

(أليس أنا الرب، ولا إله غيرى إله بار ومخلص،
ليس سواى. التفتوا إلى واخلصوا..) (ع 21، 22).

إنها دعوة إلى ترك عبادة الأصنام، والإيمان
بالله وحده.

وترك إسرائيل لعبادة الأصنام، والتفاتهم إلى
الله، لكى يخلصوا، لم يتم في لحظة..

لم يتم ذلك إلا بجهاد كبير من الأنبياء، وبضربات
من الله كان من ضمنها السبى ورحهم إلى أيدى أعدائهم ليذلوهم، ثم طول أناة من الله
عليهم، حتى التفتوا إليه أخيراً، واداروا ظهورهم للأصنام، واتجهوا نحو الله..

 

وحتى كل الذين التفتوا إلى الله ليخلصوا، لم
ينالوا الخلاص إلا بدم المسيح الذي سفك بعد ذلك بحوالى 800 سنة.

لقد رقدوا على رجاء، كباقى الآباء وانتظروا..

ولم ينالوا الخلاص بمجرد لفتة، أو في لحظة..

وكل الذي نالوه كان وعداً بالخلاص..

إنهم لم يخلصوا إلا بالإيمان، وبترك الأوثان.

ولم يخلصوا إلا إلا في ملء الزمان.

ليس بمجرد لفتة، إنما بعد أجيال طويلة.

ومن له أذنان للسمع فليسمع، ما يقوله الروح
للكنائس.

 

73- اليوم | الآن

الآيات الخاصة بعبارتى (اليوم)، (الآن)

الآيات

الذين ينادون بالخلاص في لحظة، يستخدمون الآيات
الآتية:

1 (هوذا الآن وقت مقبول. هوذا الآن يوم خلاص)
(2كو 6: 2)

2 (إنها الأن ساعة لنستيقظ من النوم. فإن خلاصنا
الآن أقرب مما كان حين آمنا) (رو 3: 11)

3 (اليوم إن سمعتم صوته، فلا تقسوا قلوبكم) (2ب
3: 8).

4 (الله الآن يأمر جميع الناس في كل مكان، أن
يتوبوا متغاضياً عن أزمنة الجهل) (أع 17: 20).

5 (اليوم حصل خلاص لهذا البيت) (لو 19: 9)

وهنا يبدو التركيز على عبارة (اليوم) وعبارة
(الآن)

 

74- عبارة “اليوم”

من الواضح جداً، أن استخدام عبارة (اليوم) ههنا،
تحمل تنازلاً عن عبارة (لحظة) فالعبارتان مختلفتان تماماً في الزمن.

 

فمهاجمتنا للبدعة الخلاص في لحظة، سببه الأساسى
هو أنه من غير الممكن أن تتم في لحظة كل أسرار الكنيسة اللازمة للخلاص.. فلا يمكن
لإنسان أن يؤمن ويعتمد في لحظة، ولا أن يتوب ويعترف ويأخذ التحليل ويتناول في لحظة..
كل هذا مستحيل عملياً.

 

ومن هنا كانت عبارة (لحظة) تعنى إنكاراً واضحاً
لأهمية الأسرار والكهنوت والمنسية في موضوع الخلاص.

 

لهذا فالآيات المشتملة على كلمة (اليوم) هى خروج
عن الحوار في هذا الموضوع، لأن الإيمان والأسرار يمكن أن تتم في يوم..

 

يمكن في يوم واحد، أن يتم الإيمان والعماد معاً..
ويمكن أن تتم التوبة، ومعها الاعتراف أيضاً والتناول.. وهكذا تكون الكنيسة قد أدت
دورها، وتمت الأسرار اللازمة للخلاص بخدمة الكهنوت

 

فى يوم واحد، أمكن لكرنيليوس، أن يستدعى بطرس
الرسول، اذى كرز له فآمن وأعتمد هو وجميع الذين سمعوا الكلمة (أع 10)

 

ومع ذلك، فسنحاول أن نفهم معاً هذه الآيات التي
قدموها لإثبات الخلاص في لحظة ونرى ما تقدمه من معنى:

 

75- الآن وقت مقبول، الآن يوم خلاص

الآن وقت مقبول الآن يوم خلاص (2كو 6: 2)

إن عبارة (الآن وقت) وعبارة (الآن يوم) لا تعنيان
مطلقاً (الآن لحظة)، فلم يقل الآن لحظة خلاص، ولا الآن لحظة مقبولة.. ومع ذلك نقول:

كلمة الآن هنا تعنى عدم التأجيل..

ولا تعنى انهم يخلصون في لحظة، لأنه أرسل رسالته
هذه (إلى كنيسة الله التي في كورنثوس، مع القديسين أجمعين الذين في أخائية) (2كو 1:
1) فهو هنا لا يكلم غير مؤمنين. ولم يتحدث إليهم هنا عن الإيمان أو الفداء أو
المعمودية.

 

إنما كان يحدثهم عن التوبة، وعدم تأجيلها..

والتوبة مقبولة الآن، وقبولة فى كل وقت. لأن
الله يقول: (من يقبل إلى، لا أخرجه خارجاً) (يو 6:: 37) والقديس بولس كان في
الرسالة الماضية قد حدثهم عن الانقسامات التي بينهم (1كو 3: 3) ووصفهم بأنهم
جسديون (1كو 3: 1، 4) ثم وبخهم على الخاطئ الذي ادانه الرسول وحكم عليه (1كو 5: 5)
وقال لهم: (اعزلوا الخبيث من وسطكم) (1كو 5: 13) ووبخهم على الالتجاء إلى المحاكم
(1كو 6: 1، 5) ووبخهم على خطايا أخرى كثيرة.. وفى هذه الرسالة يعفو عن الخاطئ الذي
حكم عليه (2كو 2: 7) ويقول لهم:

 

(الآن أنا أفرح، لا لأنكم حزنتم، بل لأنكم حزنتم
للتوبة.. لأن الحزن الذي بحسب مشيئة الله، ينشئ توبة لخلاص بلا ندامة) (2كو 7: 9،
10)

 

إذن هنا، هو يحدثهم عن التوبة، والخلاص من
الخطايا التي يرتكبونها. والتوبة يحسن بها عدم التأجيل، فوقتها الآن وقت مقبول،
والتخلص منها اليوم هو أفضل، لأنه يوم خلاص.. ما علاقة كل هذا إذن بالخلاص في
لحظة؟ والرسول لم يستخدم هذا التعبير مطلقاً ً

 

إنه ينادى لهم بخدمة المصالحة، أن (تصالحوا مع
الله) (2كو 5: 20) فإن تأثروا وتابوا، فلا يجوز أن يؤجلوا التوبة، لأن الآن وقت
مقبول..

ونفس الكلام عن عدم تأجيل التوبة، هو قصد الرسول
بقوله:

 

76- الآن ساعة لنستيقظ

اليقظة الروحية مطلوبة في كل وقت، وليس من
المصالح تأجيلها، فهى لازمة الآن. فما علاقة اليقظة بالخلاص في لحظة.

 

إن الذي يستيقظ، يبحث كيف يخلص. تماماً مثلما
حدث للابن الضال، الذي لما استيقظ، فكر ماذا يفعل. فقال أقوم الآن وأذهب إلى أبى،
وأقول له: أخطأت.. (لو 15: 17، 18).

 

إذن فاليقظة تتبعها خطوات.. ولذلك شرح لهم
الرسول ما يفعلونه في هذه اليقظة الروحية..

 

فقال لهم: (إنها الآن ساعة لنستيقظ.. فلنخلع
أعمال الظلمة، ونلبس أسلحة النور. لنسلك بلياقة كما في النهار، لا بالبَطَر والسكر،
لا بالمضاجع والعهر، لا بالخصام والحسد بل ألبسوا الرب يسوع المسيح، ولا تصنعوا
تدبير الجسد لأجل الشهوات) (رو 13: 11- 14)

 

هنا يضع أمامهم برنامجاً روحياً، ربما يحتاج إلى
جهاد روحى ووقت. وليس هو كلاماً عن الخلاص في لحظة.

 

وهو في كل ذلك يكلم أناساً مؤمنين. ولذلك فإنه
يقول لهم في نفس الآية: (إنها الآن ساعة لنستيقظ من النوم، فإن خلاصنا الآن أقرب
مما كان حين آمناً) (رو 13: 11) إذن هم كانوا مؤمنين، وقد قبلوا المسيح من قبل
فادياً ومخلصاً.. ولكنهم الآن تتعبهم الخطايا، ويحتاجون إلى توبة. ويجب عد تأجيل
هذه التوبة، بكل تكون الآن.. فخلاصهم الآن من خطاياهم بالتوبة، أسهل من حالتهم حين
قبلوا الإيمان..

إنها نفس الدعوة إلى العبرانيين، بعدم تأجيل
التوبة بقوله:

 

77- اليوم إن سمعتم صوته، فلا تُقَسّوا قلوبكم

إنه لا يتكلم ععن الخلاص في لحظة، إنما يدعوهم
أن يفتحوا قلوبهم لله، وأن يتوبوا. والمفروض أن يستجيبوا بسرعة لعمل الله فيهم،
لئلا يدركهم غضب الله الذي ادرك آباءهم في القفر (عب 3: 8)

 

والرسول يقول إن عدم الرجوع إلى الله، وعدم
الاستجابة لصوته، عبارة عن قساوة قلب. لذلك اليوم لا تقسوا قلوبكم..

ما علاقة هذه الآية بالخلاص فى لحظة؟ اننى متعجب.

كذلك ما هى علاقة الخلاص في لحظة بهذه الآية:

 

78- الله الآن يأمر جميع الناس أن يتوبوا

إن (الله الآن يأمر جميع الناس في كل مكان، أن
يتوبوا متغاضياً عن أزمنة الجهل) (أع 17: 20)

فهل دعوة الله الناس إلى التوبة الآن، معناها
أنهم قد خلصوا في لحظة.. إنه يدعوهم الآن، وربما يستجيبون أو لا يستجيبون. والذين
يستجيبون قد يأخذون وقتاً للتخلص من خطاياهم، وقد يتدرجون في ذلك.. وربما يتوبون،
ويعودون إلى السقوط مرة أخرى.. ولكنهم في توبتهم يتغاضى الله عن أزمنة الجهل..

 

فهل أمر الله للناس بالتوبة، تعنى الخلاص في
لحظة؟ لمجرد ورود عبارة الآن؟!

 

حتى لو كانت..!، يقول الرسول الآن الله يأمر.
وليس الآن الناس يخلصون.

 

وحتى عبارة (الآن يخلصون) لا تعنى لحظة..

 

ومع ذلك لا يخلط أحد بين عبارتى: التوبة،
والخلاص. فهناك فروق بينهما نشرحها في فصل عنوانه (مفاهيم).

 

79- اليوم حصل خلاص

أما عن عبارة (اليوم حصل خلاص لهذا البيت) (لو
19: 9).

التي قالها الرب زكا وبيته، فقد شرحناها تحت
عنوان: (هل خلص زكا في لحظة).

كما أن عبارة (اليوم) كما قلنا، هى خارجة عن
موضوعنا.

 

80- علاقة التوبة بالخلاص

نلاحظ أن باقى الآيات كلها خاصة بالتوبة، وليس
بالخلاص.

والتوبة هى جزء بسيط من موضوع الخلاص.

ولا يمكن أن المنادين بالخلاص في لحظة يقولون إن
التوبة معناها الخلاص الآن، حيث لم يرد في هذه الآيات أية إشارة إلى الإيمان أو
الدم أو الفداء أو الكفارة أو المعمودية، فهى إذن ليست آيات خاصة بالخلاص، ولا
علاقة لها بموضوعنا.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى