اللاهوت العقيدي

الفصل الثانى



الفصل الثانى

الفصل
الثانى

لاهوت
المسيح الإبن المتجسد

هكذا
آمنت الكنيسة منذ تأسيسها أن إبن الله الأزلى المساوى للآب فى الجوهر هو هو نفسه
تجسد فى ملء الزمان من الروح القدس ومن العذراء القديسة مريم، وأنه تأنس مإنسان
كامل وعاش على الارض، وتألم وقُبر وقام وصعد الى السماوات.

 

فلقد
كان المسيح هو الله…

1-         
فى تجسده وميلاده

“المسيح هو الله لأن
إسم “عمانوئيل” يدل على ذلك”[1]

القديس
ايريناؤس

 

فلقب
“عمانوئيل”[2]
الذى أطلقه الكتاب المقدس على السيد المسيح يعنى “الله معنا”. لذلك فإسم
عمانوئيل نفسه يدل على لاهوت المسيح الذى بتجسده قد صار معنا نحن البشر.

“مبارك
الآتى بإسم الرب، أى مبارك الإبن الآتى بإسم الرب. أما عن اسماء الآب التى يعلمنا
إياها الكتاب المقدس: الله الكلى القدرة، العلى، رب الكل، ملك إسرائيل، الكائن.
ونحن نقول ان هذه الاسماء تخص الإبن ايضا. ونقول ان الإبن قد جاء تحت هذه
المُسميات وتصرف بناءًا عليها وهكذا أعلنها للناس فى ذاته. إذ يقول: كل ما للآب
فهو لى. فلماذا إذن لا تكون اسماء الآب أيضا للإبن؟”[3]

العلامة
ترتيليان

 

“لأنه
من يجهل كتب ارينيؤس وميليتو والباقين الذين قالوا عن المسيح أنه إله وإنسان؟ أيضا
كل المزامير، وترانيم الأخوة – التى كُتبت منذ البداية بوساطة الامناء – تُعلن أن
المسيح هو كلمة الله ناسبة له اللاهوت”[4]

يوسابيوس
القيصرى

 

2-         
فى تعاليمه وأقواله

“المسيح
لم يستخدم الجملة المعتادة التى استخدمها الأنبياء – هكذا يقول الرب[5] -، لأنه هو
نفسه الله الذى تكلم بسلطانه ويبدأ كلامه بقول: الحق الحق أقول لكم[6][7]

العلامة
ترتيليان

 

“إن
كان أحد يتسائل عما إذا كان كل ما هو معروف للآب هو معروف للإبن الفادى ايضا، وإن
كان أحد يظن ان هناك اشياء يعلمها الآب ولا يعلمها الإبن مُتخيلا أنه بهذا يُعظم
الآب [8]،
فإننا نُذكره أن الإبن هو الفادى لكون هو الحق. وبالتالى إن كان هو الحق الكامل،
فلا توجد إذا حقيقة لا يعلمها هو.” [9]

العلامة
اوريجانيوس

 

3-         
فى آلامه وموته

“كيف
يتألم الإبن دون أن يتألم الآب معه؟ (الاجابة هى أن) الآب منفصل عن الإبن (بحسب
التجسد)، على الرغم من إنه غير مُنفصل عنه من حيث اللاهوت. على سبيل المثال، النهر
ينبع من ينبوع من نفس طبيعته، وهو لا ينفصل عنه. ومع ذلك، فإذا تلطخ النهر بالطين
والطمى، فإن الينبوع لا يتأثر ولا يصل إليه الطين او الطمى. فمياه الينبوع هى التى
تتأثر اثناء سريانها فى مجرى النهر، أما الينبوع فلا يتأثر على الإطلاق.”[10]

العلامة
ترتيليان

 

يقول
العلامة ترتيليان أن: “الآب منفصل عن الإبن بحسب التجسد، على الرغم من أنه
غير منفصل عنه من حيث اللاهوت”. فالإبن منفصل عن الآب من حيث التجسد. وذلك
لأننا لا نستطيع ان نقول أن الآب قد تجسد، وإن كنا نستطيع أن نقول أن الآب مخلص
لإشتراكه فى الخلاص ببذله لإبنه الوحيد. أما من حيث الجوهر الإلهى فالآب والإبن لا
ينفصلان على الإطلاق حتى مع تجسد الإبن. تماما مثلما يوضح مثل الينبوع والنهر
السابق ذكره.

 

“إن
جسد المسيح الذى رقد فى القبر لم يكن خاليا من اللاهوت. بل بالأحرى، بينما كان
بنفسه البشرية فى الجحيم، كان فى وجود جوهرى مع الآب. فهو بحسب لاهوته كان فى
الجسد الذى فى القبر وفى نفس الوقت كان بالنفس البشرية فى الجحيم. لأن الإبن غير
محدود كما أن الآب غير محدود وهو يحوى كل الأشياء فى ذاته.” [11]

القديس
هيبوليتوس الرومانى

 

“لقد
رأت الخليقة كلها كيف أن الخالق قد أُدين لأجل الإنسان، غير المرئى رأوه، غير
المحدود قد انحصر فى جسد، غير المتألم تألم، غير المائت مات، والسماوى وُضع فى
القبر.”[12]

القديس
ميليتو اسقف ساردس

 

يقول
الأسقف ميليتو أن السيد المسيح “قد إنحصر فى الجسد”، فليس المقصود بهذه
الكلمة أنه بالتجسد فقد عدم محدوديته بل المقصود انه مع كونه غير محدود فقد ظهر فى
الجسد المحدود.

 

4-         
فى عمله الخلاص

“من
الواضح انه (المسيح) هو نفسه كلمة الله الذى تأنس، وأخذ سلطان مغفرة الخطايا. لقد
كان إنساناً وكان إلهاً بحيث أنه تألم من أجلنا كإنسان، كما أشفق علينا
كإله.”[13]

القديس
ايريناؤس

 

“نحن
الذين نؤمن أن المسيح قد عاش على الأرض وأخذ الطبيعة الإنسانية لأجل خلاص الإنسان،
يُعد تفكيرنا بعيداً كل البُعد عن أولئك الذين يرفضون أن يؤمنوا بأن الله يهتم بكل
شىء. إذ أن الإيمان بأن الله قد مات ومع ذلك فهو حى الى الأبد هو جزء من أساسى من
إيماننا كمسيحيين.”[14]

العلامة
ترتيليان

 

فى
هذا القول يؤكد العلامة ترتيليان أن الذين يرفضون التجسد والصليب ظانين أن هذا لا
يليق بعظمة الله، هم بعيدون كل البعد عن الفهم والإيمان الصحيح. فلولا التجسد
والصليب ما كان لنا هذا الخلاص الذى أتمه ربنا يسوع المسيح من أجل محبته لنا
وإهتمامه بنا.



[1] Vol I، P. 452

[2] أنظر اش 7 : 14، 8 : 8 –
مت 1 : 23

[3] Vol III، P. 613

[4] Vol V، P. 601

[5] انظر خر 4 : 22، 1 صم 2 :
27، إش 37 : 6…

[6] انظر مت 5 : 28، مر 9 :
41، لو 4 : 24، يو 1 : 25، يو 8 : 34…

[7] Vol III، P. 534

[8] أنظر مر 13 : 32

[9] Vol X، P. 313

[10] Vol III، P. 626

[11] Vol V، P. 194

[12] Vol VIII، P. 756

[13] Vol I، P. 545

[14] Vol III، P. 309

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى