اللاهوت العقيدي

الفصل الأول



الفصل الأول

الفصل
الأول

ولادة
الإبن الإزلية من الآب

نص
قانون إيمان نيقية على أننا نؤمن برب واحد يسوع المسيح، واصفا إياه ومعبرا عنه
بالاوصاف الآتية:

1-         
إبن الله الوحيد، المولود من الآب:

مقالات ذات صلة

إستخدم
الكتاب المقدس كلمة “الآب” للتعبير عن الأقنوم الأول فى الثالوث، وكلمة
“الإبن” للتعبير عن الأقنوم الثانى، كما إستخدم كلمة “ولادة”
للتعبير عن العلاقة بين الآب والإبن. وهذه التعبيرات لا يُقصد بها إطلاقا الأبوة
والبنوة والولادة بحسب المفاهيم البشرية المادية، ولكن الكتاب المقدس قد إستخدمها
لأنها أقرب الكلمات فى اللغة البشرية للتعبير عن علاقة الإبن بالآب. فأقرب كلمة
تعبر عن الاقنوم الاول من حيث كونه المصدر والينبوع للأقنومين الآخرين هى كلمة
“الآب”. وأقرب كلمة تعبر عن الاقنوم الثانى كأقنوم يُولد ويخرج من الآب
هى كلمة “الإبن”.

 

فالآب
هو المصدر والينبوع، والإبن يُولد منه من نفس طبيعته وجوهره مساويا له فى الأزلية
والابدية ولكن دون أن ينفصل عنه، فهو يُولد منه وفيه، تماما كما يولد الفكر من
العقل. فالفكر لا يترك العقل بل يظل ساكنا فيه مهما أُعلن او انتشر بين آخرين
.

 

وولادة
الإبن – أى خروجه من الآب – هى ولادة فريدة من نوعها فلا نستطيع ان نصفها لأن المخلوق
لا يقدر أن يصف الخالق، والمُدرك لا يستطيع أن يتحدث عن غير المُدرك، لذلك يُطلق
على الإبن تعبير “مونوجينيس” اى الإبن “الوحيد الجنس” كما ورد
فى الكتاب المقدس: “الذى يؤمن به لا يُدان والذى لا يؤمن قد دين لأنه لم يؤمن
بأسم ابن الله الوحيد” (يو 3: 18). فهو الوحيد الخارج من الآب بهذه
الكيفية الإلهية غير المُدركة، كما أنه هو الوحيد المولود من الآب بحسب الطبيعة اى
من نفس طبيعة الآب، أما ولادتنا نحن المؤمنين من الآب فهى بالتبنى بحسب محبة الله
وليست بالطبيعة.

 

“الإبن
يُعلن عن الآب الذى ولده”[1]

القديس
ايريناؤس

 

“ليس
الإبن غير مولود، لأن الآب وحده هو غير المولود. والوجود غير المُدرك للإبن الوحيد
الجنس المولود من الآب يفوق إدراك البشيرين (الأربعة)، بل وربما أيضا الملائكة…
فمعرفة هذا السر الإلهى هى للآب فقط، إذ يقول المسيح (لا أحد يعرف الإبن الا
الآب).”[2]

البابا
السكندروس

 

“فيما
يتعلق بالمسيح، نحن نؤمن كما تؤمن الكنيسة الرسولية هكذا: بآب واحد غير مولود، له
وحده دون آخر علة وجوده، غير متغير وغير قابل للتغير… وبرب واحد يسوع المسيح،
ابن الله الوحيد المولود من الآب. ليس هو مولوداً مما لم يكن بل من الآب. فولادته
ليست بطريقة مادية ولم تكن لا بالقطع ولا بالإنقسام (كما ظن سابليوس وفالنتينوس)،
ولكن بطريقة غير مُدركة لا يُنطق بها بحسب كلمات اشعياء النبى “جيله من يخبر
به” (اش 53: 8) [3].
حيث أن وجوده لا يمكن ان تتفحصه آية طبيعة مخلوقة، تماماً كالآب الذى لا يستطيع
أحد أن يتفحصه. فطبيعة الكائنات العاقلة لا تستطيع إدراك حقيقة الولادة الإلهية
للإبن من الآب.”[4]

البابا
السكندروس

 

الإبن
كما ذكرنا مولود بطريقة غير مادية وغير حسية، فلذلك يقول البابا ألسكندروس أن
ولادته ليست “بالقطع”. فهو ببساطة ليس جزءً من الآب قد تم اقتطاعه كما
تُقطع قطعة صخر من اى جبل، ولا هى تمت “بالإنقسام” كما تنقسم مثلا
الخلايا فى جسم الإنسان. فولادة الابن كما قال القديس الكسندروس “غير
مدركة”.

“لذلك
أى من يسألنا عن كيفية ولادة الإبن من الآب، نجيبه أنه لا احد يدرك هذا الخروج او
هذه الولادة او هذه الدعوة او هذه الرؤيا او أى تسمية أخرى يمكن ان نصف بها هذه
الولادة. لانها فى الحقيقة بالإجمال غير قابلة للوصف.”[5]

القديس
ايريناؤس

 

“نحن
نؤكد أن كلمة الله قد وُلد بطريقة خاصة تختلف تماما عن الولادة العادية”[6]

يوستينوس
الشهيد

 

“لنا
إله واحد، والكلمة، أى الإبن، مولود منه. ونحن نعى أن الإبن غير منفصل عن
الآب.”[7]

العلامة
اثيناغوراس

 

2-         
قبل كل الدهور

أكد
آباء ما قبل نيقية ما جاء لاحقا فى مجمع نيقية من أن ولادة الإبن من الآب هى ولادة
أزلية قبل كل الدهور كما يقول الكتاب المقدس: “و مخارجه منذ القديم، منذ أيام
الأزل” (مى 5: 2). إذن لا يوجد فارق زمنى بين وجود الآب ووجود الإبن، فالأمر
ليس كما قال الأريوسيون: “لقد كان هناك وقت لم يكن فيه الإبن موجودا”.

و
لو كانت هناك أى فترة من الزمن لم يكن فيها الإبن موجودا، لما أمكن أن يكون الآب
هو الآب، إذ أن اى كائن يُدعى آبا فقط عندما يُولد له إبن. وإذا لم يكن الابن
موجوداً منذ الأزل، يكون الآب قد تغير بولادة الإبن بينما الكتاب المقدس يشهد أنه
“ليس عنده تغيير ولا ظل دوران” (يع 1: 17).

وبما
أن الإبن هو عقل الآب الناطق او نطقه العاقل، فكيف نتصور وجود زمن كان الآب بدون
حكمته وبدون عقله؟! حاشا ان يكون الأمر كذلك.

وولادة
الإبن من الآب – كما قلنا – هى قبل كل الدهور وفوق الزمن، فهى إذن ولادة دائمة. أى
انها لم تحدث فى فترة من الزمن ثم انتهت بعد ذلك. كما تلد الأم إبنها مثلاً.
فولادة الإبن من الآب هى ولادة دائمة مثل ولادة الفكر من العقل، فهو يُولد على
الدوام وبلا إنقطاع. ومثل ولادة الضوء من الشمس، فهو أيضا يُولد على الدوام وبلا
إنقطاع، كما سنرى فيما بعد عند حديثنا “نور من نور”.

 

“الآب
يلد الإبن غير المخلوق وياتى بالروح القدس. ليس كما لو كان الإبن لم يكن له وجود
سابق (ثم ولده الآب)، لكن لأن الآب هو الأصل والمصدر للإبن وللروح القدس.”[8]

العلامة
اوريجانيوس

 

أقنوم
الآب هو الأصل والينبوع فى الثالوث، يُولد منه الإبن قبل كل الدهور، وينبثق منه
الروح القدس قبل كل الدهور. فخروج الإبن من الآب نستخدم معه كلمة
“ولادة”، وخروج الروح القدس من الآب نستخدم معه كلمة “إنبثاق”
كما يُعلمنا الكتاب المقدس (يو 15: 26). ولذلك – كما أوضحنا سابقا – فإننا نُلقب
الإبن بتعبير “مونوجينيس” أى الإبن “الوحيد الجنس”. ليس لأنه
الوحيد الذى يخرج من الآب قبل كل الدهور، وكأن الروح القدس ليس كذلك.. حاشا، بل
لأنه هو الوحيد “المولود” بينما الروح القدس “منبثق”.

“يُقصد
بلقب “الآب” أن “الإبن” أيضا كائن على الدوام بدون
بداية”[9]

القديس
كليمندس السكندرى

 

“ليعلم
من يقول بأن “كلمة الله” او “حكمة الله” ليس أزليا، إنه مذنب
فى حق الآب نفسه، إذ هو ينكر إنه كان “الآب” على الدوام، أو انه كان يلد
الكلمة على الدوام، أو انه كان يملك الحكمة فى كل الحقب السابقة سواء كانت هذه
الحقب أزمنة او دهور”[10]

العلامة
اوريجانيوس

 

“إذا
كان الإبن هو الكلمة والحكمة والعقل بالنسبة لله، فكيف يمكن ان يكون هناك زمن لم
يكن فيه موجوداً؟ هذا يستوى مع قولهم بأن هناك وقت كان الله فيه بدون حكمة وبدون
عقل”[11]

البابا
الكسندروس

 

3-         
نور من نور

الإبن
مولود من الآب يحمل نفس طبيعته وجوهره، لذلك استخدم قانون الإيمان هذا التعبير
“نور من نور”. تماما كما ذكر معلمنا بولس الرسول عن الإبن “الذى هو
بهاء (شعاع) مجده، ورسم جوهره” (عب 1: 3).

كما
أن ولادة الإبن من الآب لا يُصاحبها إنفصال للإبن عن الآب ولا تغير فى الآب. فهى
ليست كولادة الطفل من أمه، فإن الطفل يخرج من رحم الأم وينفصل عنها بكيان خاص به.
كما يتغير شكل الأم وينقص وزنها بمقدار وزن الطفل المولود. أى ان عملية الولادة
يصاحبها تغيير فى الأم الوالدة، وانفصال عن الأم بكيان خاص.

و
قد أستخدم آباء ما قبل نيقية تشبيه ولادة شعاع النور من مصدر النور أو من الشمس،
وتشبيه خروج الماء من الينبوع، وايضا تشبيه ولادة النار من النار.

و
لنا هنا ملاحظة هامة هى انه وان كانت التشبيهات تقرب لنا الحقائق الخاصة بالله،
إلا انها لا يمكن ان تعبر تعبيرا كاملا عن هذه الحقائق، كما أنه يمكن أن يُستخدم
أكثر من تشبيه واحد لنفس الحقيقة على أن يقرب كل تشبيه جانب واحد فقط من جوانب هذه
الحقيقة وإن اختلف عنها فى جوانب أخرى.

فولادة
الإبن من الآب دون ان ينفصل عنه، رغم تمايزهما عن بعضهما البعض كأقنومين، تشبه
ولادة شعاع النور من قرص الشمس دون أن ينفصل عنه، رغم ان شعاع الشمس ليس هو قرص
الشمس نفسه.

كذلك
فإن هذه الولادة لا يُصاحبها تغير او نقصان فى الآب، فعند إشعال شعلة نار من شلعة
اخرى، لا يحدث تغير للأولى رغم ان الشعلة الجديدة تكون مثل الأولى تماما. وإن كان
هذا التشبيه يختلف عن ولادة الإبن من الآب من حيث أن الشعلة الجديد ة تنفصل تماماً
عن الشعلة الأولى التى أشعلت منها.

“قيل
عن المخلص أنه نور، وفى رسالة القديس يوحنا الأولى نجد عبارة “الله نور”
(1 يو 1: 5). فإذا كان الأمر كذلك، سنجد فيه برهانا على أن الإبن لا يختلف عن الآب
فى الجوهر”[12]

العلامة
اوريجانيوس

 

“الحياة
وُلدت من الحياة بنفس الطريقةالتى ينبع بها النهر من الينبوع ويُشعل بها النور من
النور الذى لا ينطفىء”[13]

القديس
ديونسيوس السكندرى

 

“المسيحيون
يُسمون المسيح “الكلمة” لأنه يحمل بشارة الآب للبشر. ولكنهم يُصرون على
أن هذه القوة (الكلمة) غير منقسم وغير منفصل عن الآب، كما ان شعاع الشمس الذى يصل
الى الارض هو غير منقسم وغير منفصل عن الشمس فى السماء. وهذه القوة اى “الله
الكلمة”، مولود من الآب… ليس بالإنقسام كما لو كان جوهر الآب قد انقسم، فكل
الأشياء إذا انقسمت او تجزأت لا تكون كما كانت قبل النقسام او التجزئة. وعلى سبيل
المثال، النيران التى تُشعل من مصدر نارى نجدها متمايزة عن النار الأصلية, ومع ذلك
فالنار التى نشعل منها نيران كثيرة لا تنقص بل تبقى كما هى”[14]

القديس
يوستينوس الشهيد

 

“لقد
ظهر آخر الى جانب الآب. ولكن عندما أقول “آخر” لا أعنى ان هناك إلهين،
ولكن أعنى فقط أنه مثل النور من النور، والماء من الينبوع، والشعاع من الشمس”[15]

القديس
هيبوليتوس الرومانى

 

4-         
إله حق من إله حق

بنفس
المفهوم السابق، أكد آباء ما قبل نيقية أن الإبن هو إله حق من إله حق، كما يقول
الرسول بولس “و منهم المسيح حسب الجسد الكائن على الكل إلها مباركاً الى
الأبد آمين” (روم 9: 5). إذ أن ولادة الإبن من الآب أعطت الإبن كل ملء
اللاهوت دون ان يُنقص هذا من لاهوت الآب فى شىء، وأيضا دون أن يكون هناك إلهين اذ
لهما نفس الجوهر الإلهى.

 

“الإبن
هو سيد القوات الملائكية، إله من إله، وإبن من الآب”[16]

القديس
ايريناؤس

 

“فى
البدء كان الكلمة عند الله الآب. لم يكن الآب هو الذى عند الكلمة، فعلى الرغم من
كون الكلمة هو الله، إلا أنه كان عند الله، إذ هو إله من إله”[17]

العلامة
ترتيليان

 

“نحن
نؤمن برب واحد يسوع المسيح، الإبن الوحيد المولود من الله (الآب). وهو ليس مولوداً
مما لم يكن، بل مولود من الآب”[18]

البابا
ألكسندروس

 

“أخيرا،
يُمكن لأى احد أن يقرأ فى الكلمات الإلهية أن الإبن مولود، ولكن لا يمكن لأحد أن
يجد (فى الكلمات الإلهية) أن الإبن مخلوق. لأجل ذلك، فإن الذين يتجاسرون ويعتبرون
أن الولادة الإلهية غير الموصوفة التى للإبن مجرد خلقة، هم مخطئون فى
تفكيرهم”[19]

القديس
ديونسيوس الرومانى

 

5-         
مساو للآب فى الجوهر

كان
هذا التعبير الذى استخدمه القديس اثناسيوس فى مجمع نيقية، والذى صار جزءاً من
قانون إيماننا، هو الفاصل الحاسم فى الرد على آريوس وهرطقته.

جاء
هذا التعبير فى اللغة اليونانية “هوموأُوسيون”
ÐmooÚsioj بمعنى “من نفس الجوهر” الآب. وقد رفض أريوس هذا التعبير
وأقترح بديل له “هومى اوسيون”
ÐmoioÚsioj
بمعنى “مُشابه للآب فى الجوهر” وليس مساو للآب ومن نفس جوهره، وهو ما
رفضه القديس اثناسيوس والآباء المجتمعون بنيقية وأصروا على التعبير الأول.

و
عندما عارض الآريوسيون هذا التعبير بدعون أنه غير كتابى، أى لم يرد ذكره فى الكتاب
المقدس، على الرغم من أن مُعظم تعبيرات الأريوسيين أنفسهم كانت غير كتابية، كان رد
القديس اثناسيوس: “حتى إذا لم تكن التعبيرات موجودة بكلمات كثيرة جدا فى
الكتاب المقدس، مع ذلك فهى تتضمن وتحوى معنى الاسفار المقدسة، وإذ تُعبر عنه،
تُقدمه الى هؤلاء الذين لهم مسامع سليمة غير فاسدة للعقيدة النقية”[20].

و
أعلن القديس اثناسيوس أيضاً أن هذا التعبير له أصول آبائية عند الآباء السابقين
لمجمع نيقية: “إن اساقفة نيقية لم يخترعوا هذه العبارات من انفسهم بل كانت
لهم شهادات من الآباء لما سجلوها” [21].

بهذا
يكون إيماننا بالله ان له جوهر واحد مُثلث الأقانيم. ومن هنا تشترك الاقانيم
الثلاثة فى نفس صفات الجوهر الإلهى الواحد، وهى ما نسميه الصفات الجوهرية او
الكمالات الإلهية مثل: الأزلية، الأبدية، الخلق، الحكمة المُطلقة، القدرة
المُطلقة، الحياة… إلخ. هذا مع وجود صفة يتمايز بها كل أقنوم عن الاقنومين
الآخرين، وهى ما نسميه الصفة الأقنومية، فالآب وحده هو المصدر والأصل فى الثالوث
وهو غير مولود، والإبن وحده هو المولود من الآب قبل كل الدهور، والروح القدس وحده
هو المنبثق من الآب أزليا.

 

و
قد أكد آباء ما قبل نيقية مساواة الإبن للآب فى الجوهر كما سيلى من بعض أقوالهم:

“لقد
تعلمنا أن الإبن خرج من الله الآب، وبخروجه هذا قد وُلد من الآب. إذن فهو إبن
الله، ويُدعى الله لأجل وحدته مع الآب فى الجوهر… فحتى شعاع الشمس عندما يخرج
منها يظل متصلا بها. وتظل الشمس فى الشعاع لأنه منها. فلا يوجد إذن تقسيم ى
الجوهر، فالشعاع هو مجرد امتداد للشمس… هكذا المسيح هو روح من روح، وإله من إله.
مثل شمعة مضيئة تُوقد من شمعة مضيئة، فيظل لهب الشمعة الأصلية بكامله دون أن
يتأثر، على الرغم من أنه قد يُوقد منه اى عدد من الشمعات الأخرى التى لها لهب بنفس
الصفات. كذلك أيضاً الذى خرج من الله (الآب) هو بآن واحد الله وإبن الله، والإثنان
هم واحد.” [22]

العلامة
ترتيليان

 

فى
هذا القول يذكر العلامة ترتيليان ان المسيح هو “روح من روح”، فنحن نعرف
ان “الله روح” (يو 4: 24) أى أن طبيعته روحية غير مادية، والمسيح بحسب
لاهوته هو إله حق من إله حق، مساو للآب فى الجوهر، أى ان طبيعته من نفس طبيعة
الآب. إذن فطبيعة الإبن روحية، كما أن طبيعة الآب روحية.

كما
يذكر العلامة ترتيليان أن المسيح هو الله وإبن الله بآن واحد، فالمسيح هو الله من
حيث طبيعته الإلهية وجوهره الإلهى واحد مع الآب، بينما هو ابن الله من حيث أنه
الأقنوم المولود من الآب قبل كل الدهور. تماماً كأن نقول على شخص ما انه
“مصرى ابن مصرى”, فهو “مصرى” لأنه يحمل كل الصفات والخصائص
الخاصة بالمصريين، كأى شخص آخر وحتى كأبيه. وهو “إبن مصرى” لأن أباه
الذى ولده هو ايضا مصرى. هكذا فأقنوم الكلمة هو الله وإبن الله.

 

“جوهر
الإبن ليس جوهرا غريبا من صُنع أحد. ولا هو وُجد من العدم. بل لقد وُلد من جوهر
الآب مثل الشعاع من الشمس، او مثل مجرى الماء (التيار) من الينبوع. فالشعاع ليس هو
الشمس نفسها، كذلك المجرى ليس هو الماء نفسه، ولكن كليهما لا يختلفان عن المصدر
(من حيث الجوهر). فالإبن هو إنبعاث او فيض من جوهر الآب، ومع هذا يظل جوهر الآب
دون تقسيم”[23]

العلامة
ثيؤغنسطس السكندرى

 

والجوهر
هنا يُقصد به الوجود الحقيقى او الكيان الواقعى.

 

“الإبن
مشترك مع الآب فى الجوهر لأن ما ينبثق (او يُولد) من الجوهر هو مساو له وواحد معه
“هومواوسيوس” بكل تأكيد.”[24]

العلامة
اوريجانيوس

 

“الإبن
لا يختلف عن الآب فى الجوهر”[25]

العلامة
اوريجانيوس

 

“إن
الكلمة نفسه – الذى هو إبن الله – واحد مع الآب بمقتضى مساواته له فى الجوهر. وهو
أبدى وغير مخلوق.”[26]

القديس
كليمندس السكندرى

 

“أستطيع
أن اقول بكل جسارة ان الكلمة له نفس جوهر الآب الخالق”[27]

العلامة
ترتيليان

 

6-         
الذى به كان كل شىء

أكد
آباء ما قبل نيقية أن الإبن المولود من الآب والمساوى له فى الجوهر هو كلمة الله
وحكمة الله الذى به عمل العالمين (عب 1: 2). أو كما يقول القديس يوحنا الرسول:
“كل شىء به كان وبغيره لم يكن شىء مما كان” (يو 1: 3).

 

“خالق
العالم هو بالحقيقة كلمة الله. هذا هو ربنا”[28]

القديس
ايريناؤس

 

“الإبن
الكلمة هو الله وهو الخالق. كما قيل (كل شىء به كان وبغيره لم يكن شىء مما كان)
(يو 1: 3)”[29]

القديس
كليمندس السكندرى

 

“الله
الكلمة، حتى قبل خلق الإنسان، كان هو صانع الملائكة.”[30]

تاتيان
السورى

 

“لقد
خُلق الكون ووُضع له تدبير بواسطة كلمة الله… إذ نؤمن به كإبن الله” [31]

العلامة
اثيناغوراس

 

الحديث
السابق إختص بالإبن الكلمة وولادته الأزلية من الآب ومساواته له فى الجوهر. وقد
استعرضنا أقوال آباء ما قبل نيقية التى تؤكد رسوخ هذا الإيمان منذ فجر المسيحية
وحتى قبل مجمع نيقية، وإن كان فى مجمع نيقية قد تمت صياغة الإيمان بشكل مُحدد.
وننتقل الآن لإيمان الكنيسة من خلال أقوال آباء ما قبل نيقية، فيما يختص بالإبن
الكلمة فى تجسده من أجل خلاصنا.



[1] ANF، Vol I، P. 469

[2] ANF، Vol VI، P. 292

[3] ترجمة هذه الآية هكذا
تُعتبر أكثر دقة، فهى قد وردت هكذا فى الترجمة السبعينية وفى النص العبرى وفى
الترجمة الإنجليزية
KJV & NKJV.

[4] ANF، Vol VI، P. 295

[5] Ibid، Vol I، P. 401

[6] Ibid، P. 170

[7] Ibid، Vol II، P. 137

[8] Ibid، Vol IV، P. 270

[9] Vol II، P. 574

[10] Vol IV، P. 246

[11] Vol VI، P. 297

[12] Vol X، P. 336

[13] Vol VI، P. 93

[14] Vol I، P. 264

[15] Vol V، P. 227

[16] Vol I، P. 577

[17] Vol III، P 310

[18] Vol، P. 295

[19] VOL، VII، P. 395

[20] NBNF، 2nd Ser.،
Vol IV، P. 164

[21] Ibid، P. 493

[22] ANF، Vol III، P. 34

[23] Vol، VIII، P. 155

[24] PG XIV : 1308

[25] ANF، Vol X، P. 336

[26] Vol II، P. 574

[27] Vol III، P. 356

[28] Vol I، P. 546

[29] Vol II، P. 234

[30] Vol II، P. 67

[31] Ibid، P. 132

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى