علم التاريخ

الْباٌباٌُ الرَّابِعَ عَشَرَ



الْباٌباٌُ الرَّابِعَ عَشَرَ

الْباٌباٌُ الرَّابِعَ
عَشَرَ

 

14. ديونيسيوس

الوطن الأصلي
الأسم قبل البطريركية
تاريخ التقدمة
تاريخ النياحة
مدة الأقامة على الكرسي
مدة خلو الكرسي
محل أقامة البطريرك مدة الرئاسة
محل الدفن
الملوك المعاصرون

الأسكندرية

ديونيسيوس

أول طوبه – 28ديسمبر 246 للميلاد

13 برمهات – 8 مارس 264 للميلاد

17 سنة و شهران و 10 أيام

8 أشهر

الدومينيكوم الديونيسي

كنيسة بوكاليا

فيلبس الأول و ديسيوس و جاللوس
و فاليريانوس و جالليوناس

 

+ كان
ابناً لأبوين على مذهب الصابئة (عابدى الكواكب).

+
افتقده الله بنعمته إذ اشترى بضع أوراق من رسائل بولس الرسول وقرأها، فاستكمل
دراسته لكل رسائل بولس الرسول.

+ قصد
القديس ديمتريوس البابا الثانى عشر، فعلمه وأرشده وعمده. فتقدم كثيراً فى علوم
الكنيسة حتى أن البابا ديمتريوس عينه معلماً للشعب.

+ لما
تنيح البابا ياراكلاس البابا الثالث عشر، اتفق الشعب كله على تقدمته بطريركاً،
فرعى رعية المسيح أحسن رعاية رغم أن زمنه كان زمان اضطهاد للكنيسة.

+
أكمل سعيه بسلام وتنيح بشيخوخة صالحة بعد أن أقام على الكرسى الرسولى 17 سنة
وشهرين وعشرة أيام.

+
تعيد الكنيسة بنياحته فى الثالث عشر من شهر برمهات.

 

نياحة
البابا ديونسيوس الاسكندرى ال14 ( 13 برمهات)

فى مثل هذا
اليوم. ( 8 مارس سنة 264 ميلادية ) تنيح الأب العظيم الأنبا ديونيسيوس الرابع عشر
من باباوات الكرازة المرقسية. وهذا كان ابنا لأبوين على مذهب الصابئة (عابدي
الكواكب) وقد اهتم والده بتعليمه كل علوم الصابئة.

وحدث ذات
يوم أن مرت به عجوز مسيحية وبيدها بضع أوراق من رسائل بولس الرسول وعرضت عليه
شراءها. فلما تناولها واطلع عليها وجد بها شيئا غريبا وعلما عجيبا. فسألها ”
أتبيعينها ” ؟ فأجابته : ” نعم بقيراط ذهب فأعطاها ثلاثة قراريط، وطلب
منها أن تبحث عن بقية هذه الأوراق وهو على استعداد أن يضاعف لها الثمن. فذهبت
وعادت ببضع أوراق أخرى. وإذ وجد الكتاب ناقصا طلب منها بقيته. فقالت له : ”
لقد وجدت هذه الأوراق ضمن كتب آبائي. وإذا أردت الحصول على الكتاب كاملا فاذهب الى
الكنيسة وهناك تحصل عليه “. فذهب وطلب من أحد الكهنة أن يطلعه على ما يسمي
رسائل بولس ؟ فأعطاها له فقرأها ووعاها. ثم قصد القديس ديمتريوس البابا الثاني
عشر. فأخذ البابا يعلمه ويرشده الى حقائق الإيمان المسيحي ثم عمده. فتقدم كثيرا في
علوم الكنيسة، حتى أن الأنبا ديمتريوس عينه معلما للشعب

ولما تنيح
الأنبا ديمتريوس ورسم الأب ياروكلاس بطريركا جعله نائبا فى الحكم بين المؤمنين.
وفوض إليه أمر إدارة البطريركية. ولما تنيح القديس ياروكلاس اتفق رأي كل الشعب على
تقدمته بطريركا فى أول طوبة ( 28 ديسمبر سنة 46 2 م )، فى زمن الملك فيلبس المحب
للنصارى، فرعى رعيته أحسن رعاية. غير أنه تحمل شدائد كثيرة. وذلك أن داكيوس تغلب
علي فيلبس وقتله ولما جلس على أريكة الملك أثار الاضطهاد على المسيحيين، وقتل
كثيرين من البطاركة والاساقفا والمؤمنين. ومات فملك بعده غالوس، فهدأ الاضطهاد فى
مدة ملكه. ولما مات هذا وملك مكانه فاليريانوس أثار من جديد الاضطهاد

على
المسيحيين بشدة وقبض على الأب ديونيسيوس وعرض عليه السجود للأصنام فامتنع قائلا *
نحن نسجد لله الآب وابنه يسوع المسيح والروح القدس الآلة الواحد ” فهدده
كثيرا وقتل أمامه جماعة، فلم يردعه شئ من ذلك. فنفاه ثم استعاده من النفى وقال له
: بلغنا أنك تنفرد وتقدس فأجابه : ” نحن لا نترك صلاتنا ليلا ولا نهارا
“. ثم التفت الى الشعب الذي كان حوله وقال لهم : إ امضوا وصلوا. وأنا وان كنت
غائبا عنكم بالجسد فآني حاضر معكم بالروح “. فاغتاظ الملك من ذلك وأعاده الى
منفاه. – ولما تغلب عليه سابور ملك الفرس واعتقله، تسلم الملك ابنه غاليانوس وكان
صالحا حليما فأطلق المعتقلين من المؤمنين وأعاد منهم من كان منفيا. وكتب للبطريرك
والأساقفة كتاب أمان أن يفتحوا كنائسهم.

وظهر فى
أيام هذا الأب قوم فى بلاد العرب يقولون : ان النفس تموت مع الجسد، ثم تقوم معه فى
يوم القيامة،.. فجمع عليهم مجمعا وحرمهم. وظهر آخرون على بدعة أوريجانس وسابليوس،
ولما كفر بولس السميساطى بالابن، واجتمع عليه مجمع بإنطاكية، لم يستطع هذا القديس
الحضور إليه لشيخوخته، فاكتفى برسالة كلها حكمة، بين فيها فساد رأى هذا المبتدع،
وأظهر صحة المعتقد القويم. وأكمل سعيه الصالح، وتنيح بشيخوخة صالحة فى ( 8 مارس
سنة 264 م )، بعد أن أقام على الكرسي الرسولى 17 سنة وشهرين وعشرة أيام. صلاته
تكون معنا. آمين.

 

V ديونيسيوس البابا الرابع
عشر

لقبه
القديس أثناسيوس “معلم الكنيسة الجامعة” كما دُعي “ديونيسيوس
الكبير
” بسبب ما عاناه من ضيقات محتملاً ذلك في شجاعة وثبات، ولغيرته على
الكنيسة، لا على المستوى المحلي فحسب بل على مستوى الإبيارشيات الأخرى. بحق يعتبر
“أحد أعظم شخصيات التاريخ الكنسي الهامة والجميلة”.

تحوله
للمسيحية

وُلد
بالإسكندرية مع نهاية القرن الثاني حوالي عام 190م، من أبوين وثنيين غنيين ذي جاه.
كان من مذهب الصائبة يعبد الكواكب، محبًا للقراءة، يعمل كطبيبٍ ناجحٍ.

قادته
قراءته المستمرة إلى قبول الإيمان المسيحي، فقد قيل أن أرملة عجوز مرّت به معها
بعض كتابات الرسول بولس تريد بيعها. فاشتراها منها وأخذ يدرسها ويفحصها. فأُعجب
بها جدًا وحسبها أفضل ما قرأه من كتب الفلاسفة. وإذ طلب من السيدة أن تأتيه ببقية
الأوراق ويدفع لها ما تريد أحضرت له ثلاث رسائل أخرى. وإذ شعرت الأرملة أن نعمة
الله قد عملت في قلبه قالت له: “إن شئت أيها الفيلسوف أن تطّلع على كثير من
مثل هذه الأقوال عليك بالذهاب إلى الكنيسة لتجد من يعطيها لك مجانًا. فمضى إلى
الكنيسة حيث التقى بشماس يدعى أوغسطين الذي دفع له رسائل معلمنا بولس الرسول كاملة،
فقرأها وقبل الإيمان المسيحي.

مضى ديونيسيوس
إلى البابا ديمتريوس ونال منه سرّ العماد، ثم التحق بالمدرسة اللاهوتية، حيث تتلمذ
على يدي العلامة أوريجينوس. وصار أحد كواكبها اللامعين. سيم ديونيسيوس شماسًا
بواسطة البابا ديمتريوس، كما سيم قسًا بواسطة البابا ياروكلاس (هيراقليس).

خلف ديونيسيوس
هيراقليس في رئاسة المدرسة لحوالي 16 أو 17 عامًا، كما خلفه أيضًا في البابوية.

أخبرنا
عن نفسه أنه اعتاد أن يقرأ حتى كتب الهراطقة، وأنه قد تشجّع على ذلك بواسطة رؤيا
إلهية، ففي رسالته الثالثة عن المعمودية التي كتبها إلى القس الروماني فليمون قرر
أن الله أعلن ذاته له، قائلاً له: “اقرأ كل ما يمكن أن تصل إليه يدك، فإنك
قادر أن تصحح كل شيء وتمتحنه، فإن هذه العطية هي سبب إيمانك منذ البداية”.
وقد
أهلته قراءاته المكثفة في كتب الهراطقة على مهاجمتهم من خلال أعمالهم.

بابا
الإسكندرية

1.في
عام 247م اُختير القديس ديونيسيوس بابا للإسكندرية، حيث كانت رسالته صعبة ألا وهى
الحفاظ على الكنيسة وسط موجات مستمرة من الاضطهادات، نذكر منها (دون التزام
بالترتيب الزمني):

في
عام 250م بدأ اضطهاد ديسيوس
Decius
للكنيسة. وقد قدم البابا لمسات سريعة لشهداء الإسكندرية في ذلك الوقت في رسالته
إلى دومثيوس وديديموس ورسالته إلى فابيوس أسقف إنطاكية، ذكر شهداء من رجال ونساء،
صغار وكبار، عذارى وأمهات، جُلدوا وماتوا بالنار والسيف.

لم
يستشهد البابا نفسه، وقد حسب نفسه ضمن الذين رغم معرفتهم للرب زمانًا طويلاً لم
يعد بعد أهلاً لذلك، وإن كان في اعتقاده أن السيد المسيح قد حفظه لزمن أخر مناسب.

بقيَ
البابا في داره أربعة أيام ينتظر، بينما كان رجال الوالي يبحثون عنه في كل موضع
غير متوقعين أن يجدوه في داره. أخيرًا هرب، فعرّض نفسه مثل القديس كبريانوس
للاتهام بالجبن. وقد اقتطف المؤرخ يوسابيوس رسالة القديس ديونيسيوس إلى أحد أساقفة
الأقاليم يدعى جرمانيوس يدافع فيها عن نفسه: قائلاً:

أتحدث
كمن هو في حضرة الله، إنه يعلم أني لا أكذب.

إنني
لم أهرب بدافع من نفسي، أو بدون إرشاد إلهي.

وحتى
قبل هذا وفى نفس الساعة التي بدأ فيها اضطهاد ديسيوس، أرسل سابينوس جنديًا يبحث عني.
وكنت في الدار أربعة أيام أنتظر قدومه، لكنه تجوّل يبحث في كل موضع، في الطرق
والأنهار والحقول، إذ ظن أني مختبئ فيها أو أتي في الطريق إليها.

فقد
انطمست بصيرته ولم يجد البيت، ولا تصور أني أبقى في البيت في الوقت الذي فيه يجري
البحث عني.

فقط
بعد أربعة أيام أمرني الله أن أغادر الدار مع كثير من الاخوة.

أما
كون هذا قد تم بعناية إلهية فواضح مما حدث بعد ذلك إذ ربما كنت نافعًا لبعض
الأشخاص
“.

أخيرًا
قبض الجند عليه مع من كانوا معه وأرسلوه إلى السجن في
Taposrls،
لكن استطاع شماس يدعى تيموثاوس أن يفلت من أيدي الجند، هذا التقى بشخصٍ مسيحيٍ في
الطريق كان ذاهبًا إلى وليمة عرس. أخبره بما حلّ بالبابا، وإذ سمع الحاضرون انطلق
الكل إلى السجن، فهرب الجند تاركين الأبواب مفتوحة. وإذ دخلوا السجن وجدوا البابا
نائمًا. طلبوا منه مغادرة السجن فرفض حتى اضطر الشعب أن يحمله من يديه ورجليه
ويدفعونه دفعًا، فذهب معهم إلى داره.

2. في
عام 257م حدث أيضًا اضطهاد أثاره الإمبراطور فاليريان فاستدعاه الوالي إميلينوس
Aemilianus ومع الكاهن
مكسيموس والشمامسة فوستوس ويوسابيوس وشيريمون. وإذ طلب الوالي من البابا أن يترك
عمله أجاب: “ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس”، فنفاه إلى قرية صحراوية
تسمى خفرو
Cephrs، هناك
استطاع أن يبشر بين الوثنيين بالرغم مما عاناه من اضطهادات. فاضطر الوالي أن ينفيه
إلى صحراء ليبيا في
Collutho. لم
يقف عمله هناك على عقد اجتماعات، والكرازة بالمسيحية بين الوثنيين، بل أجهد نفسه
في خدمة كنيسته بالإسكندرية (بالرسائل) ليحفظ الخدمة.

3.
حدثت أيضًا اضطرابات جديدة، إذ هوجمت مدينة الإسكندرية من الجنوب بواسطة قبائل
بربرية.

كذلك
أعلن والي مصر إميلينوس في الإسكندرية نفسه إمبراطورًا. فنشبت حرب مدنية انتهت
بأسره بواسطة القائد الروماني ثيؤدوتيوس الذي أرسل المتمرد مقيدًا إلى روما. خلال
هذه الحرب دُمرت المدينة، وحلّت مجاعة، وانتشرت الأوبئة. تحدث البابا عن هذه
الاضطرابات في رسالته الفصحية الدورية عام 263م جاء فيها:

قد
يبدو أن الوقت غير مناسب للعيد…

فنحن
لا نرى إلا الدموع، الكل ينوح، والعويل يسمع كل يوم في المدينة بسبب كثرة الموتى…

بعد
هذا حلّت الحرب وحدثت المجاعة.

تحملنا
هذين الأمرين سويّا مع الوثنيين… لكننا فرحنا بسلام المسيح الذي وُهب لنا نحن
وحدنا.

كان
أكثر الأخوة أسخياء جدًا في محبتهم الزائدة وعطفهم، فازدادت رابطتهم مع بعضهم
البعض، فكانوا يفتقدون المرضى بغير تخوّف، ويخدمونهم بصفة مستمرة. يخدمونهم في
المسيح.

أما
الوثنيون فكانوا ينفرون من المرضى ويطرحونهم في الشوارع بين أموات وأحياء!

4. في
نهاية كل اضطهاد كان البابا ديونيسيوس يواجه مشكلة المرتدّين. كان يضمهم، بل
غالبًا ما كان يمنع إعادة معمودية حتى الهراطقة أو المنشقين الراجعين (مع أن
الكنيسة فيما بعد لم تستقر على ذلك).

5-
مركز ديونيسيوس العظيم مع قدرته وعلمه واعتداله الممتاز جعله موضع التماس أن يتدخل
غالبًا في كل الصراعات الهامة التي ثارت في الكنيسة في أيامه. ففي الانقسام الخاص
بنوفاتيوس الذي سيم على كرسي رومًا بطريقة غير شرعية، التجأت جميع الأطراف إليه،
كما انشغل بهرطقة نيبوس أسقف أرسينو بالفيوم، وسابليوس أسقف بتولمايس (المدن الخمس
الغربية) وبولس السموسطائي.

وساطته
بين كبريانوس واسطفانوس

كان
القديس ديونيسيوس رجلاً كنسيًا هامًا، له عمله حتى خارج نطاق إيبارشيته. كمثال
توسط في النزاع الحاد الذي قام بين كبريانوس أسقف قرطاجنة وإسطفانوس أسقف روما،
وذلك بخصوص معمودية الهراطقة. فبالنسبة لكبريانوس معمودية الهراطقة والمنشقين
باطلة، لأنهم خارج الكنيسة، ولا خلاص خارج الكنيسة، فإنه لا يستطيع أحد أن يتخذ
الله أبًا له إن لم تكن الكنيسة هي أمه. فالتائب، في الحقيقة، لا تُعاد معموديته،
إنما يُحسب أنه يتقبل المعمودية للمرة الأولى، أما معموديته السابقة فهي باطلة كأن
لم تكن. أما إسطفانوس أسقف رومية فقد رأى أن كل معمودية تتم باسم الثالوث القدوس
صحيحة حتى إن تمت بيد هراطقة، فلا تُعاد معمودية الراجعين إلى الكنيسة من الهراطقة
إنما يُكتفي بوضع الأيدي والصلاة عليهم.

وقد
ساعد على اشتعال النار ظهور بدعتين:

1. بدعة
نوفاسيتوس الأسقف الروماني الدخيل القائل بعدم قبول توبة جاحدي الإيمان ووجوب
إعادة الذين تعمدوا بيد هراطقة بل وعماد الأرثوذكس الذين تساهلوا في قبول الهراطقة
التائبين… وكان لذلك رد فعل عكسي في روما، الأمر الذي سبب وجود فريقين في روما
فكتب كهنة روما إلى كبريانوس يسألونه فأجابهم: “إن المعمّدين بيد هراطقة هم
وحدهم يجب إعادة معموديتهم، أما الذين قبلوا الإيمان من الكنيسة الأرثوذكسية
فعمادهم صحيح. كما قال: “وأما مسألة جاحدي الإيمان التائبين فلا يخص كنيسة
روما منفردة، إنما يلزم أن تحكم فيها الكنائس مجتمعه”.

2. بدعة
فيلكينوس الذي علّم بالصفح عن الذين جحدوا الإيمان بمجرد شفاعة المعترفين عنهم،
الأمر الذي أدى إلى رخاوة زائدة.

وفى
عام 253م إذ سيم إسطفانوس أسقفًا على روما شدّد في منع إعادة معمودية الهراطقة
وخاطب فرميليانوس أسقف قيصرية بذلك. وإذ لم يستجب الأخير لطلبه عقد مجمعًا عام
254م قطع فيه فرميليانوس ومن وافقه من أساقفة كيليكية وغلاطية.

لما
هدد كبريانوس بالقطع لأنه كان متشددًا في ضرورة إعادة معمودية الهراطقة والمنشقين عقد
كبريانوس مجمعًا عام 255م حكم بضرورة عماد الهراطقة ومن تعمد على أيديهم… وأرسل
قرار المجمع لإسطفانوس، جاء فيه: “كل رئيس روحي حرّ في سياسة كنيسته، لأنه
يقدم حسابًا عن أعماله للرب”. أما إسطفانوس فكتب إلى أعضاء المجمع يهددهم
بالقطع إن لم يذعنوا لإرادته. كتب كبريانوس رسالة إلى بومبيوس أحد أساقفة أفريقيا
ضد إسطفانوس، جاء فيها: “لا تجد مثل هذا القرار في الإنجيل أو في الرسائل أو
في أعمال الرسل…”

بعث
أساقفة أفريقيا رسالة أخوية إلى الأسقف إسطفانوس يدعوه للاتحاد معهم، فلم يقابل
حاملي الرسالة ولا سمح لهما بمأوى، وبعث إليهم رسالة يلقب فيها كبريانوس
“الرسول الغاش والنبي الكذاب”. فرد كبريانوس برسالة أخوية إلى أساقفة
أفريقيا يقول فيها عن إسطفانوس “صديق الهراطقة وعدو المسيحيين”، كما
قال: “إن هذا الأسقف الضال إسطفانوس دل برسالته على جهله وغباوته”.

وكاد
الشقاق يتزايد ويستفحل لولا تدخل البابا ديونيسيوس الذي كتب رسالة إلى الأسقف إسطفانوس
يظهر كيف اتحدت الكنائس في الشرق وأن الكل بفرح متفقون في الرأي، طالبًا منه ألا
يسبب شقاقًا.

وقد
رأى البعض مثل
Wand أن
ديونيسيوس قد شارك إسطفانوس رأيه لكنه لم يشاركه عنفه وحدته، فحاول التوسط بين
الطرفين. إن كان قد قرر ألا يعيد معمودية الهراطقة والمنشقين لكنه لم يقطع علاقته
بالكنائس التي تعيد المعمودية، حاسبًا أن الأمر يترك لكل كنيسة.

وفى
كتاب “الخريدة النفيسة في تاريخ الكنيسة” للأسقف إسيذورس قصة تظهر تخوّف
ديونيسيوس من إعادة المعمودية خاصة إن كان الشخص قد أعتاد على التناول من الأسرار
الإلهية في الكنيسة الأرثوذكسية. فإنه بعد نياحة الأسقف إسطفانوس واجه البابا ديونيسيوس
مشكلة وهي أن مؤمنًا من الإسكندرية جاءه يبكي بمرارة متوسلاً إليه أن يعيد
معموديته، لأنه كان قد تعمّد بيد هراطقة منذ زمن طويل واعتاد التناول من الأسرار
المقدسة في الكنيسة بعد توبته. لكنه كان قلقًا للغاية. أما القديس ديونيسيوس فلم
يجسر أن يعمّده لأنه كان يشترك في التناول في الكنيسة. لكنه تحت ضغط القلق الشديد
والبكاء المستمر كتب إلى أخيه سكستوس أسقف روما يطلب رأيه.

على
أي الحالات يليق بنا أن ندرك بأن الكنيسة في الشرق والغرب استقرت على رأى القديس
كبريانوس، أي اعتبار معمودية الهراطقة والمنشقين غير قائمة.

مع
نيبوس أسقف أرسينو

في
رحلته الرعوية لمدن إيبارشيته التقي البابا بنيبوس أسقف أرسينو بالفيوم، الذي استخدم
سفر رؤيا يوحنا في تأكيد آرائه في الملكوت الألفي المادي بطريقة يهودية، فيه يأتي
السيد المسيح على الأرض ليملك كأحد الملوك. في كتاب له يرفض فيه التفسير الرمزي
لأوريجينوس
A Refutation of the Allegorists. دعا البابا مجمعًا محليًا في أرسينو وأوضح للأسقف وأتباعه كيف أن
ملكوت الله روحي، وأن المؤمنين لا يترجون أي ملكوت زمني أو ملذات أرضية، وكان
يتحدث معهم بروح الحب في وداعة فاقتنعوا بكلماته.

وإذ
عاد إلى الإسكندرية كتب البابا كتابين عن “المواعيد” جاء فيهما:

إنه
ليسعدني أن أصف ما رأيته من إخلاص أبنائي أهالي أرسينو ومحبتهم وذكائهم.

فقد
تبادلنا الآراء بصبرٍ وجلدٍ، ولم ندع صغيرة أو كبيرة إلا وبحثناها بحثًا مستفيضًا.

ومما
يسرني أن أبنائي حين وقفوا على ما هم فيه من خطأ أعلنوا ذلك جهارًا في غير حياء
ولا تردد.

وفى
طليعة المعترفين بخطئهم كوراسيوس الكاهن الذي أقام المثل الحي الدال على إخلاصه
للحق.

كما
يسرني ما بدا من أبنائي أهل أرسينو إذ نسبوا نقضي للبدعة الألفية إلى إخلاصي
الأبوي
“.

وبعد
تفسيره الإصحاح العشرين من سفر الرؤيا أشار إلى مواعيد الله لشعبه، ثم ذيل الرسالة
بمدحه للأسقف نيبوس قائلاً: “إنني أحب نيبوس وأمتدحه، لأنه يسعى بكل جهده
للوقوف على الحقيقة. وأمتدحه أيضًا للترانيم الروحية التي وضعها ليترنم بها الشعب
في حفلاته. غير أن محبتي للحق تفوق محبتي لنيبوس، لذلك بادرت إلى دحض بدعته
لإرشاده وإنارته
“.

حقًا
كم كان تاريخ الكنيسة قد تغير لو أن كل الصراعات عولجت هكذا بالروح الهادئ
اللطيف؟!

مع
الهرطوقي سابيفيوس

جاء
إلى مصر رجل من روما ينشر بدعة تسمى “مؤلمي الآب“، يعتقد أصحابها
بأن الله أقنوم واحد، وهو الذي كفّر عن خطايا البشر… بهذا يكون الآب قد تألم…

قاوم
البابا هذا الضلال، وأرسل منشورًا إلى الأسقفين أمونيوس وأفراندر، كما حرّم سابيليوس
في مجمع عقده عام 261م بعد أن فنّد تعاليمه الفاسدة. التجأ أتباعه إلى الأسقف
الروماني ديونيسيوس الذي كان شابًا قليل الخبرة، فعقد مجمعًا حرّم فيه بابا
الإسكندرية وأرسل إليه يخبره بالحكم ويسأله إن لديه ما يدافع به عن نفسه. لكن بابا
الإسكندرية بحكمته بعث برسالة أوضح فيها ما عسر عن فهم الأسقف الروماني، فاستراح
الأخير إليها. وقضت الرسالة على ما يسميه المؤرخين “نزاع الديونيسيين“،
وشعر الروماني بتسرعه فاحترم الإسكندري، ووقف بجانبه في دحض بدعة بولس السومسطائي
أسقف إنطاكية.

كتاباته

كتب
الكثير، لكن للأسف لم يبقَ إلا شذرات حُفظت خلال كتابات يوسابيوس وأثناسيوس
وغيرهما. وكما يقول
Neale: “فقدان كتابات ديونيسيوس
هي إحدى الخسائر العظمى التي لحقت بالتاريخ الكنسي”.

يتجه
في كتاباته إلى الجانب العملي مع أسئلة خاصة بالتعاليم. رسائله تظهر أنه قام بدور
إيجابي في المناقشات العقيدية في عصره.

1.عن
الطبيعة.

2.عن
المواعيد.

3.تفنيد
ودفاع.

4.رسائله.

القمص
تادرس يعقوب ملطي: آباء مدرسة الإسكندرية الأولون.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى