علم التاريخ

السنين الأخيرة لهيرودس:



السنين الأخيرة لهيرودس:

السنين
الأخيرة لهيرودس:

بدأت
المؤامرات بين أبناء هيرودس للنزاع على الميراث والسلطان مبكِّراً في حياة هيرودس،
وقد كانت عائلة هيرودس منقسمة على ذاتها بين المكابيين (فرع زوجته مريمن)
والأدوميين (فرع زوجته دوريس). وقد وشى الاثنان في حق بعضهما بتهمة القيام بمؤامرات
عنيفة لقتل هيرودس نفسه، مما اضطر هيرودس لرفع شأنهم إلى قيصر بصفتهم جميعاً رعايا
روما، فأمر بمحاكمتهم. فحوكم اسكندر وأرسطوبولس ولدا مريمن في بيروت سنة 7 ق.م
وأُعدما في سبسطية (إقليم السامرة)([1]).
أمَّا أنتيباتر المتزعِّم حركة الوشاية ضد اسكندر وأرسطوبولس، فلم يكف هو الآخر
مدَّة ثلاث سنين عن مؤامراته ضد أبيه، الذي اكتشف محاولة وضع السم له في الطعام،
فأمر والي سوريا كينتيلوس فاروس
Quintillius
Varus
بمحاكمته، فحوكم في سوريا
وأُعدم هناك.

وقد
بدأ الإعياء والمرض العصبي يهد كيان هيرودس، وكان يشكو في أيامه الأخيرة من الفزع
والرعب وظهور مناظر وحوش مفترسة تفزعه في الأحلام، وكان قد بلغ حوالي السبعين من
عمره، وأخيراً مات سنة 4 ق.م.

وفي
هذه الأثناء قامت جماعة دُعيت بجماعة الغيورين، وموطنهم الجليل، بزعامة يهوذا
الجليلي ابن حزقياس([2])،
وقد اتفقوا في اتجاههم الديني ناحية عدم الاعتراف بقيصر كملك لهم، إذ اعتبروا ذلك
خيانة لله وخطية، منادين بأن الله هو وحده ملك لإسرائيل. وقد اتفقوا في ذلك
تقريباً مع شيعة الفريسيين في البدء، ولكن انشقوا نهائياً عن الفريسيين لمَّا
عدَّل الفريسيون مذهبهم معتبرين أن سيادة روما أمرٌ واقع بسبب خطاياهم كتأديب من
الله عليهم أن يحتملوه، إلى أن يرفعه الله نفسه. أمَّا الغيورون فقد اعتبروا
أنفسهم يمثلون إرادة الله الخيرة، وعليهم أن يكونوا أصحاب المبادرة لتنفيذ مشيئة
الله التي يؤمنون بها عندما يقتنعون بصحتها. وظهر هذا الخلاف في البدء واضحاً عند
التطبيق، إذ رفض الغيورون دفع الجزية لقيصر، في حين أن الفريسيين أذعنوا وخضعوا
وبادروا بدفع الجزية.

وقد
تفاقمت الأمور جداً فيما بعد عندما انحاز جزء كبير من الشعب للغيورين، وانتهت
بالقبض عليهم ومحاكمتهم وتشتيتهم. ولكن بقي يهوذا الجليلي ينفث روح المقاومة في
الشعب ويستعد لفرصة أخرى ليقوم بثورة مسلَّحة علنية.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى