علم التاريخ

الصداقة بين هيرودس وأغسطس قيصر:



الصداقة بين هيرودس وأغسطس قيصر:

الصداقة
بين هيرودس وأغسطس قيصر:

توطَّدت
أواصر الصداقة بين أُغسطس قيصر (أوكتافيوس بعد أن صار إمبراطوراً سنة 29 ق.م) وبين
هيرودس، وازدادت بالأكثر لمَّا قدَّم هيرودس معونة عسكرية للجيش الروماني في حربه
ضد النباطيين المستوطنين على ضفة البحر الأحمر الشرقية([1])،
وكانت مكافأة أغسطس لهيرودس كبيرة في الواقع، إذ أضاف إلى مملكة اليهودية إقليم تراخونيتس وإقليم
باتانيا،
بالإضافة إلى بلاد أورانتس (المسمَّاه قديماً أرض باشان). ومن مظاهر
الود الكثيرة أن سمح قيصر لولدي هيرودس أن يتعلَّما في روما ويقيما في قصر قيصر.

كل
ذلك لم يعفِ هيرودس من بغضة اليهود والحقد عليه، وقد حاول بالقوة أن يأخذ من اليهود عهد الولاء لنفسه ولقيصر ولكنه فشل في ذلك،
ويذكر
يوسيفوس أنه لم يحاول أن يجبر الأسينيين على هذا العهد لأنه كان يوقِّرهم جداً([2]).

وكان
أغسطس قيصر شديد الإعجاب بهيرودس، وقام فعلاً بزيارته في سوريا سنة 20 ق.م، وقد
منح هيرودس في هذه الأثناء مدناً كثيرة وأقامه والياً على سوريا نفسها مع
المسئولين الرومان فيها، وعيَّن أخا هيرودس فيروراس
Pheroras
رئيس ربع على إقليم بيريه باليهودية([3]). كما توطَّدت
أواصر الودّ أيضاً بين هيرودس وأغريباس مساعد قيصر الأول في إدارة شئون
الامبراطورية كلها، وقام بزيارة هيرودس في اليهودية سنة 15 ق.م، وقد استقبله
هيرودس استقبالاً ملوكياً حافلاً، وقد رحَّب به الشعب عند ما أبدى احتراماً
لعبادتهم وقدَّم لهم ذبائح للهيكل.

وقد أعطى هيرودس حفيده لقب “أغريباس” تيمناً وتكريماً للوالي الروماني أغريباس.

 

اهتمام
هيرودس بفن العمارة:

وقد اهتم هيرودس بفن العمارة، وأول عنايته كانت في إقليم
السامرة الذي
دعاه سبسطية([4]). وكلمة سيباستوس Sebastos
هي الترجمة اليونانية للكلمة اللاتينية أوغسطس
Augustus وتعني “العظيم” وهو لقب أوكتافيوس، وبنى مدينة السامرة.

وبنى
مرفأً ذا قلعة محصَّنة على البحر الأبيض وأسماه “قيصرية” على اسم أوكتافيوس أيضاً،
وبنى قلعة “أنطونيا” في الشمال الغربي للهيكل لتطل عليه، على اسم مارك أنطوني،
وبنى لنفسه قصراً كبيراً على السور الغربي للهيكل.

الصداقة بين هيرودس وأغسطس قيصر:

نموذج
لأُورشليم القديمة يظهر فيه هيكل هيرودس الكبير

الذي
بناه في القرن الأول قبل الميلاد ودمَّره الرومان سنة 70م

وقد
بدأ بعمارة الهيكل نفسه سنة 19 ق.م وأفرغ فيه كثيراً من اهتمامه وجهده.

وبنى
أيضاً مدن أنتيباتريس شمال شرق يافا (وهي مذكورة في سفر الأعمال 31: 23) وفازيليس
في وادي الأُردن شمال أريحا تكريماً لاسم أبيه وأخيه، وأصلح بناء مدينة أنثيدون
على الساحل شمال غزة ودعاها أغريبون تكريماً لصديقه أغريبا الروماني، وبنى حصون
وقلاع هيرودس وألكسندريون وهيركانيا واختص قلعتي ماكيروس وماسادا بقصور ملكية
فيهما([5]).

والذي
يهمنا من جهة النبوات أنه اهتم جداً ببناء سوق كبير للمدينة (أُورشليم) وأسوار
ضخمة لها وشوارع خارجها وداخلها وحمَّامات، وهذا يذكره دانيال النبي في نبواته في
الأصحاح التاسع بوضوح:

+
“فاعلم وافهم أنه من خروج الأمر لتجديد أُورشليم وبنائها إلى المسيح الرئيس سبعة
أسابيع واثنان وستون أسبوعاً، ويعود ويُبنى سوق وخليج في ضيق الأزمنة”
(دا 25: 9)

ولعل
أهم أعماله بالنسبة لليهود والتمهيد لمجيء الرب بغتة إلى هيكله هو إعادة بناء
الهيكل ضعف حجمه الأول، وتزيينه بالرخام الكورنثي والحجارة الثمينة. وقد بدأه سنة
19 ق.م وتمت العمليات الكبرى سنة 9 ق.م، ولكن عمليات البناء الصغرى والتجميل ظلت
مستمرة حتى أيام المسيح. لذلك نسمع اليهود يقولون للمسيح: “في ستٍّ وأربعين
سنة بُنيَ هذا الهيكل
” (يو 20: 2). لذلك نستطيع أن نقول إن هذا الحديث دار حوالي
سنة 27م.

وهذا
يلقي ضوءاً أمام تعيين ميلاد المسيح تقريباً بين سنة 4و6 ق.م، إذ لا يمكن أن يكون
الميلاد قبل سنة 6 ق.م، وإلاَّ يكون عمر المسيح وقت هذا الحديث أكثر من 33 سنة،
وكذلك لا يمكن أن يكون بعد 4 ق.م، لأن في هذه السنة مات هيرودس، ومعروف أن المسيح
وُلِدَ في أثناء حياة هيرودس.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى