علم التاريخ

جابينيوس “والي سورية” (57-55 ق



جابينيوس “والي سورية” (57-55 ق

جابينيوس
“والي سورية” (5755 ق.م):

تولَّى
خلفاً لسكاوروس سنة 57 ق.م، وكان عليه أن يساعد هركانوس ضد ابن أخيه اسكندر بن
أرسطوبولس المطالب برئاسة الكهنوت والحكم، والذي هرب من المركب التي كانت تقل أباه
وعائلته إلى روما لإقصائهم عن مسرح الحكم ومغامراته، وعاد لمناوءة عمه هركانوس،
فجمع الموالين له من اليهود من أطراف البلاد وجهَّز جيشاً من عشرة آلاف متسلِّح
وألف وخمسمائة فارس وتحصَّن في الحصون على حدود جبال العربية([1]).
وقد بعث جابينيوس بحملة بقيادة مارك أنطوني، ثم لحقه بجيش كبير بقيادته هو نفسه،
وقد التحم معه جنوب أُورشليم وحارب جيش الرومان الرئيسي مع جيش هركانوس جنباً إلى
جنب، فانهزم اسكندر أرسطوبولس وفَّر إلى الحصون الجنوبية، فحاصروه هناك حتى
استسلم، وكان مُزْمَعاً التخلُّص منه، لولا تدخُّل أُمه التي كانت صديقة للرومان،
فأفرجوا عنه([2]).

ولكن
تسبب هذا العمل الأحمق الذي قام به اسكندر أرسطوبولس في سحب الحكم نهائياً من
هركانوس وإعطائه رئاسة الكهنوت فقط. وتقسَّمت البلاد إلى خمسة أجزاء كما يقول
يوسيفوس. القسم الأول يشمل أُورشليم، والقسم الثاني يشمل جدارا (جذارا) على حدود
فلسطين، والثالث حماه، والرابع أريحا، والخامس سيفوريس في الجليل.

وقد
قابل الشعب هذا التقسيم بالارتياح لتخلصهم من استبداد الحكم الفردي([3]).

وكان
غرض جابينيوس الرئيسي من تقسيم البلاد سهولة جمع الجزية، بالإضافة إلى وضع
العراقيل في وجه اسكندر الطامح في الحكم.

في
هذه الأثناء فرَّ أرسطوبولس من روما (56 ق.م) هو وابنه أنتيجونيس وظهر في فلسطين
فجأة، وقد انحازت له حامية أُورشليم التي كانت بقيادة بيثولوس (اليهودي) مع ألف
محارب([4]).

وقد
تحرَّج موقف أنتيباتر لأنه كان مقيماً هو وعائلته في أُورشليم لإدارة شئون البلاد
من خلف هركانوس، فاضطر إلى ترحيل عائلته لتكون تحت رعاية وحماية الملك العربي
أريتاس ملك النباطيين([5]).
وقد نجح جابينيوس في تشتيت شمل أرسطوبولس الذي
فرَّ إلى الحصون ولم يستطع الصمود، فسلَّم
وقُبض عليه وأُرسل سجيناً إلى
روما مرَّة أخرى، أمَّا ولداه فظلا في اليهودية([6]).

وقد
التجأ إلى جابينيوس في هذه الأثناء أحد قواد البطالسة المدعو بطليموس الحادي عشر
“أوليتس
Auletes” الذي كان والياً على مصر، وأعطاه عشرة آلاف وزنة لمعونته في
استرداد عرش مصر، وفعلاً قام جابينيوس وغزا مصر وأعان أوليتس في استرداد الحكم
هناك، وكان ذلك في ربيع سنة 55 ق.م([7]).
وكان لهركانوس وأنتيباس يدٌ في هذه الغزوة إذ أمدّا جابينيوس بكل ما لزم الحملة من
سلاح وقمح للمؤونة. ولكن بسبب غياب جابينيوس في مصر وانهماكه في الحرب هناك قام
اسكندر أرسطوبولس بمحاولة أخرى لغزو اليهودية متحدِّيا السلطة الرومانية كلها، وقد
وجد له موالين ومشجعين كثيرين من اليهود، وابتدأ بذبح كل روماني يقع في يديه. وقد
قاوم أنتيباتر الموالين لاسكندر وضيَّع عليهم الفرصة، وإذ علم جابينيوس بالأمر
أسرع لملاقاته بجيشه في منطقة الجليل على جبل تابور وأنزل به هزيمة شديدة([8]).
وقد كافأ جابينيوس أنتيباتر على معونته له وصدِّه لاسكندر بأن منحه حكم مقاطعة
أُورشليم([9])،
ولكن كل ذلك لم يثنِ اسكندر أرسطوبولس عن أطماعه، فبحيلة تزوَّج ألكسندرا بنت
هركانوس رئيس الكهنة لكي يضمن ميراث رئاسة الكهنوت، لأن هركانوس لم يكن له بنون.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى