علم التاريخ

الثورة الأخيرة وخراب أُورشليم (589-587 ق



الثورة الأخيرة وخراب أُورشليم (589-587 ق

الثورة
الأخيرة وخراب أُورشليم (589587 ق.م):

كان
المقضي به مؤجَّلاً إلى حين، ففي خمس سنوات حتى سنة 589 ق.م شبَّت روح الوطنية
يحمِّسها ثقة عمياء كاذبة غير مخضعة للواقع، دفعت اليهودية إلى الثورة المكشوفة
العارمة التي لا رجعة فيها دون أن يكون لها أسباب أو مسببات واضحة. ولكن المعروف
أنه كان هناك اتفاق مع مصر وفرعونها خفرع
Hophra (589570)
الذي تولَّى بعد بسماتيك الثاني (594-589)
والذي مارس التدخُّل في شئون بلاد أسِيَّا. ولكن لم تكن
الثورة شاملة
لفلسطين وسوريا معاً، بل فقط في صور التي حاصرها نبوخذناصر بعد أُورشليم وسقطت، وعمون كما يخبرنا إرميا (40: 13 إلى
15: 41)
وحزقيال (21: 1832)([1]).
أمَّا بقية البلاد فكانت الحركة فيها هزيلة ما عدا آدوم التي دخلت مؤخّراً ولكن في
صف البابليين: “اذكر يا رب لبني آدوم يوم أُورشليم
(كانوا ضدها) القائلين هدوا هدوا حتى إلى أساسها. يا بنت بابل
المخرِّبة
(كانت آدوم متعاونة مع بابل ضد أُورشليم) طوبى لمَن يجازيكِ جزاءك الذي جازيتينا. طوبى لمَنْ يدفن أطفالك ويضرب بهم
الصخرة” (مز 137: 79)

أمَّا
البابليون فكان عملهم سريعاً، ففي يناير سنة 588 ق.م (2مل 1: 25)- (إر 4: 52) وصل
جيشهم ووضع أُورشليم تحت الحصار (إر 21: 37) وأسقطوا القلاع الحصينة
واحدة تلو الأخرى، حتى أخيراً في نهاية السنة لم يتبقَّ من النقاط إلاَّ لخيش
وعزقة (إر 6: 34). وهكذا انحطَّت معنويات أهل أُورشليم وتيَّقن قوَّادها أن الأمر
ميئوس منه. ففي صيف سنة 588 ق.م وصلت الأخبار أن جيشاً من مصر يتقدَّم وقد كسح
الحصار عن أُورشليم وتراجع البابليون أمام المصريين. وواضح أن صدقيا ملك اليهودية
أسرع بإرسال الاستغاثة التي وصلت في حينها. ولكن كان تراجع البابليين تراجعاً
تخطيطياً مؤقَّتاً (إر 5: 37). وهكذا سرت موجة من السعادة والراحة والغبطة في قلوب
أهل أُورشليم ما عدا النبي إرميا الذي ظلَّ يصرخ: لا تصدِّقوا لا تصدِّقوا، الخراب
قادم قادم (إر 37: 610، 21: 34). وبناءً عليه ومن واقع نبوَّة إرميا
انخذل جيش المصريين وارتد إلى الوراء وأعاد البابليون الحصار!

ومع أن أُورشليم قد صمدت صمود الجبابرة حتى صيف السنة
التالية، لكن كان مصيرها محتوماً. فأراد صدقيا أن يستسلم (إر 38: 1423)
ولكنه جبن، وفي يوليو سنة 587 ق.م في السنة الحادية عشر من ملك صدقيا سقطت المدينة
أثناء الليل (2مل 2: 25)، (إر 7: 52) بعد أن فرغ تموين الشعب، فاقتحم البابليون
الأسوار واندفعوا داخل المدينة([2])،
وأحرقوا الهيكل عن آخره بحسب يوسيفوس([3]).
أما الملك صدقيا ففر مع حاشيته وعساكره ليلاً نحو الأُردن (2مل 4: 25؛ إر 7: 52)
طلباً للأمان في عمان، ولكنه أُوقف قرب أريحا وقُبض عليه وقدَّموه أمام نبوخذناصر وهو
معسكر في ربلا
Ribla في سوريا ولم ير رحمة!! فبعد أن
قتلوا أولاده أمام عينيه خلعوا عينيه وربطوه بسلسلة إلى بابل حتى مات هناك (2مل
25: 6و7)، (إر 52: 911). وحضر قوَّاد نبوخذناصر وهدموا أسوار المدينة
إلى الأرض وقبضوا على خدَّام الهيكل ورجال الدين ورؤساء الشعب واستقدموهم أمام
نبوخذناصر وقتلوهم أمامه، وبقية الشعب رُحِّل إلى السبي في بابل. ويقدِّر إرميا
عدد الرجال البالغين منهم ب 832 شخصاً.

وانتهت
مملكة اليهودية إلى الأبد!

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى