الارشاد الروحى

إرشادات خاصة في التوبة

1 – تستحيل التوبة حيث لا محبة حقيقية، لأن المحبة تعطي نفسها حتى الموت، موت الصليب، وهي عادة مثمرة، وثمرها الظاهر هو التقوى الداخلية، التي ترفع الإنسان للعلو الحلو الذي للقديسين بلا جهد وعناء، بل في وداعة وتواضع عظيم، والتقوى عادةً هي وليدة توبة المحبة في تواضع ووداعة القلب، وهي أم الصلاة ومعرفة مقاصد الله ومصدر فهم كلمته، والذي يُغذي توبة المحبة ويرويها هو الروح القدس المُعزي والمُشجع الذي لا يجعل النفس تعرف للفشل طريق: [ لأن الله لم يعطنا روح الفشل بل روح القوة والمحبة والنصح ] (2تيموثاوس 1: 7)

وأما التوبة المريضة هي وليدة الخوف والتخويف، ويحركها الندم السيء، والندم لا يزرع المحبة ولا يرويها، وبهذا تكون – هذه التوبة عادةً – غير مستقرة، بل تتعرقل دائماً أمام المحن والمشقات ولا تقبل الصليب، بل تجزع منه وتهرب، إذ أنها فاقدة للشجاعة، لذلك من الصعوبة أن يعترف الإنسان في هذه الحالة بأخطائه أمام الله، وبالتالي تهرب النفس دائماً من المواجهة مع كلمة الله والصلاة الحقيقية، وثمر هذه التوبة عادة: الفشل والتراجع عن الطريق الإلهي.

وعادة الكبرياء والتعالي يلدان توبة شكلية هزيلة سرعان ما تتحول إلى فريسية وتتخذ صورة التقوى وتنكر قوتها، فيكون الإنسان له مظهر التقوى الخارجي ومن الداخل قلبه في معزل عن الله تماماً: [ فأجاب وقال لهم حسناً تنبأ أشعياء عنكم أنتم المرائين، كما هو مكتوب: هذا الشعب يُكرمني بشفتيه وأما قلبه فمبتعد عني بعيداً ] (أنظر أشعياء 29: 13؛ مرقس 7: 6)

2 – توبة المحبة لا تعرف للزمان حدود أو تتوقف أبداً تحت أي حجة أو مبررات أو ظروف، لأن كل زمان وأي وقت هو زمان ووقت التوبة، فمن يقف بعد السقوط مباشرة، إذا كانت محبة الله هي التي تُحركه، فأن وقوفه يستمر ويدوم، أما أن كان الندم على ما فعل هو الذي يحركه للتوبة، فأن سقوطه قد يتكرر كثيراً ويظل يشكو من تسلط الخطية، لأن الندم الحقيقي ليس هو الخوف من العقاب، بل هو في خسارة شركة الثالوث القدوس

3 – السقوط المتكرر في خطية معينة يؤكد عدم نمو المحبة، لأن ضعف الإرادة تحركه الشهوات. والشهوة الخاصة التي يميل إليها القلب، هي محبة للذات لم تدخل أعماق محبة يسوع المصلوب، ولم يدخل الصليب إلى أعماقها، لأنه مكتوب: [ الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات ] (غلاطية 5: 24)

4 – أن أحببت التوبة وأردت بكل قلبك أن يكون لك شركة مع الله في المسيح، فلا تبحث عن أعذار لأي سقطة أو تقف أمام الله وتعترف وتستند على أي حجة أو تبحث عن سبب لسقطاتك لتعتذر به، لأن هذا من علامات عدم التوبة الصادقة، بل اعترف بخطاياك بكل تواضع وانسحاق مع تذلل وطلب أن تعود للشركة المقدسة مع الله في سرّ التقوى، هذه التي فقدتها بسبب ميلك نحو لذة الخطية أو عودتك لأي خطية ما، فلا تقل أمام الله أي كلمة بخصوص تبرير موقفك، بل أطلب بره الخاص لكي يكسيك وأن يُغطيك بستر خلاصه، واعترف أمام الكنيسة (الكنيسة التي هي أعضاء جسد المسيح) بأنك أخطأت واطلب الشركة معهم في سرّ التقوى، واشترك معهم في الصلاة واطلب أن يعينوك بالصلاة دائماً، وبذلك تكون متأصلاً مع الجسد الواحد مربوطاً بجميع القديسين، وأعلم أن من علامات التوبة الصادقة وثمرها الواضح في أنك تغفر للآخرين وتقبل دائماً أعذارهم – مهما كانت – لأن هذا من علامات الاتضاع الذي هو ثمرة توبتك.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى