كتب

الباب الثانى



الباب الثانى

الباب
الثانى

كتاب
الساهرين

 

الفصل
الأول مقدمة الى كتاب الساهرين

تشكّل
هذه الفصول القسم الأقدم في 1 أخن. وهي كوحدة أدبيّة تعود إلى القرن الثاني ق. م.
نجد فما مقدّمة وخمسة فصول.

 

1-
المقدمة (ف 1- 5)

جاءت
هذه المقدّمة في مطلع كتاب الساهرين (ف 1- 36). ولكنها قدّمت المفتاح لفهم كتاب
أخنوخ كله. ها نجد في بداية هذا القسم (1: 1- 3) يصوّر أخنوخ كرجل بارّ رأى رؤى
سماويّة فسّرها له الملائكة، وهو ينقلها الآن ك “بركة” ل “الابرار
المختارين” الذين سيعيشون في زمن الدينونة الاسكاتولوجيّة. وتُعطى هذه البركة
في أسلوب نبويّ يصوّر التيوفانيا الاسكاتولوجيّة، ونتيجة هذه الرؤيا هي بركة
للأبرار ولعنة للأشرار. وهكذا يبدو كتاب الساهرين مجموعة إيحاءات حول الدينونة.

إن
التوازيات الذي الجزء على مستوي الشكل والمضمون، تدلّ على أنه دمج بين أشكال
أدبيّة وأفكار عرفتها الحلقات الكهنوتيّة في إطار النبوءة والحكمة. إن كلمات
الافتتاح (1: 1) وبداية الوصف التيوفاني (1: 3 ج- 4) تعودان إلى مباركة موسى في تث
33. ويرد القول النبويّ قياساً مع أقوال بلعام النبيّ (1: 2- 3 ب؛ رج عد 24: 15-
17). إن القسمين الاول والثالث الشعريين في القول النبويّ (1: 3 ج- 9؛ 5: 4- 9)
هما توليفة جمل أخذت من أخبار تيوفانيا بيبليّة (تث 33؛ مي 1؛ زك 14) ومن سيناريو
عن الخلق الجديد نقرأه في أش 65. وتظهر مباركة الكهنة على المستوى الايجابي
والسلبي كتوسّع لما في عد 6: 24- 26 (1: 8؛ 5: 5- 6). وبين هذين الجزئين هناك مقطع
نثري يرد في أسلوب حكميّ ويعارض طبيعة الطاعة لأمر الله مع عصيان البشريّة لوصايا
الله. والايراد عن الأجساد السماويّة قد يشير إلى أن إفساد البشرية لوصايا الله،
يتضمّن الرفض للكلندار الشمسي كما هو في التوراة.

 

2-
سطرة تمرّد الساهرين (ف 6- 11)

إن
خبر تمرّد الملائكة الاولاني يلعب دور الاساس السطري لتفسير كتّاب أخنوخ لتسلّط
الشرّ، ولانتظارهم بأن ينحلّ في الدينونة الاسكالولوجيّة. يجمع النصّ تقليدين
مختلفين.

أ-
التقليد الاول

يعود
إلى تك 6- 9. “أبناء الله” هم الملائكة الذين يقودهم رئيسهم شميحزا
(سماء الرائي). هم “الساهرون القديسون” الذين تجامعوا مع نساء عالم
الاموات فاعطوا نسل الجبابرة الأشرار الذين جعلوا الدم والدمار على الأرض. وخطيئة
“كل بشر” (كل جسد، كل لحم ودم) التي اجتذبت دينونة الله في الطوفان حسب
تك قد تحوّلت هنا إلى ثورة الساهرين وإلى عنف الجبابرة في “كل البشر”.
والوصف البيبلي لإعادة بناء الأرض بعد الطوفان (تك 9)، أعيدت كتابته كسيناريو لخلق
جديد في نهاية الأزمنة.

لقد
فسّر التقليد أحداث سفر التكوين على أنها النموذج الأول للعنف الاسكاتولوجي،
للدينونة ولإعادة البناء الذي فيه سيجد الشرير الذي يتأصّل في التمرد الشيطاني،
دواء له في تدخّل الله. ومع أن وجهات من تفسير تك قد وجدت جذورها في الأزمنة
السابقة للحقبة الهلنستيّة، فشكل السطرة كما في 1 أخن 6- 11 يتوافق كل الموافقة مع
زمن خلفاء الاسكندر الذين تقابلت حروبهم مع عنف الجبابرة، ووجد تقاربهم مع الآلهة
مقابلة هازئة مع موضوع تمرّد الساهرين الذين اعتبُروا محاربين وأنصاف آلهة.

ب-
التقليد الثاني

في
التقليد الثاني لتمرد الملائكة، يكشف قائدهم عزازيل (أو: عزئيل أن عزّة الله
وقدرته) أسرار صناعة المعادن والعمل في المناجم، التي تساعد البشر على صنع أدوات
الحرب، وعلى تهيئة الجواهر والعطور لتسهّل الاغراء الجنسيّ. بحسب ف 6- 11 الذي
احتفظ به جورج سنقلوس في “الكرونوغرافيا”، هذا التمرّد سبق تمرد شميحزا
ومعاونيه وعجّل فيه. يبدو في الشكل الاصلي لهذه السطرة، أن الله أرسل الساهرين
ليعلّموا البشريّة استعمال الفنون (يوب 4: 15؛ 5: 6؛ العظات الاقليميّة المزعومة 8:
13).

إن
خبر عزازيل يجد ما يقابله في سطر شرق أوسطية قديمة حول حمل الحضارة. وهو يتوازى
بشكل وثيق مع اسطورة بروماتاوس اليونانية، كما رواها هيسيودس واشلس. إن موضوع
التمرد عبر وحي لمعرفة ممنوعة، سيُعرض بعد ذلك في 8: 3 (قد نكون أمام تقليد آخر)،
ينسب إلى تعدّد الساهرين وحي تعدّد انواع التوقّعات الاسترولوجيّة (يتعلّق بعلم
التنجيم). في مثل هذا السياق يبدو هذا الوحي الموضع المميّز لايحاءات فلكيّة
تلقّاها أخنوخ ونقلها.

ينتقد
هذا الجزء اجمالاً وجهات من الحضارة المعاصرة، فيعتبرها نتيجة تمرّد على السماء.
ولا ينقلب هذا التمرّد ولا يزول إلاّ بدينونة الله والتكفير. وحسّ البشريّة الذي
فسد بفعل القوّة الشيطانيّة وضرورة تدخّل مباشر من قبل الله، سيتواصل لكي يصبح
جزءاً مكوِّنا لعالم الرؤيا المتأخّر.

 

3-
أخنوخ نبيّ الدينونة (ف 12- 16)

يبدو
هذا الجزء بشكل تفسير لما في ف 6- 11، فيصوّر صعود اخنوخ إلى خدر العرش السماوي
كشخص تولّى النبوءة في تقليد حز 1- 2. ويتضمن الخبر أيضاً ميزات الأخبار اليهوديّة
المتأخّرة حول الصعود الصوفي (مستيكي). ومع أن اسم شمميحزا لم يُذكر، يركّز النصُّ
على خطيئة الساهرين مع النساء. هذا يفسَّر في بحث الكهنة السماويين عن المعبد
الأزليّ وتنجيس نفوسهم في تجاوز التمييز المخلوق بين الروح والبدن (أو اللحم
والدم، العنصر البشري).

تختلف
ف 12- 16 عن ف 6- 11، فترى أن موت الجبابرة لا ينتج عن عودتهم إلى العدم، بل عن
إفلات الأرواح الشرّيرة التي ستضرب الكون حتّى زمن النهاية (15: 11- 16: 1؛ رج يوب
10: 1- 13). وتظهر العودة إلى عزازيل ووحي الأسرار الممنوحة (13: 1- 2؛ 15: 2- 3)
وكأنها ثانويّة في هذا الجزء. غير أنها لعكس اهمية عزازيل المتزايدة في التقليد.

وتُروى
أيضاً خطيئة الساهرين في لغة تقليديّة، فتقدّم هجوماً ضدّ كهنوت أورشليم (15: 3-
4؛ رج مز سل 8: 13؛ وثص 5: 6- 7). أما وجهات الخبر فتتذكّر مواجهة عزرا مع كهنة
أورشليم الذين تزوّجوا نساء غريبات. كل هذا يعكس صراعاً بين الكاتب وكهنة أورشليم.
والاطار السرديّ للخبر في الجليل الأعلى قرب مواقع كانت مقدّسة في زمن الكنعانيين
والاسرائيليين واليهود والوثنيين، وأخيراً في زمن المسيحيين، يشير إلى أن الكاتب
عاش في تلك المنطقة وسط شعب قادته المقاومة لأورشليم إلى مقام آخر مقدّس بحسب
التقليد.

 

4-
رحلة أخنوخ إلى الغرب (مز 17- 19)

من
خدر العرش السماويّ (إطار ف 14- 16) رافق أخنوخ بعض الملائكة (17: 1. يُذكر اورئيل
وحده في 19: 1) في رحلة إلى الشاطئ الغربي للقرص الأرضيّ. تجد هذه الرحلة ذروتها
في روايتين لأمكنة عقاب الساهرين المتمرّدين وبعض النجوم التي تجاوزت الوصايا (18:
10- 11+ 19: 1- 2+ 18: 12- 16+ 19: 3، هذا إذا كان هناك من مقاطع تبدّلت مواضعها
في النصّ الذي بين أيدينا).

إن
ترتيب الخبر يتوازى مع ف 14- 16 مع رحلة أفقيّة إلى عرش جبل الله ورؤية عقاب
الساهرين تحلّ محلّ الصعود الافقيّ إلى غرفة العرش السماوي والقول الذي ينبئ بهذا
العقاب. هناك شكل أدبيّ قريب من “نيكويا” (ذبيحة لدعوة الموتى) اليونانيّة
(وهي رحلة إلى مواضع العقاب في العالم السفليّ)، يحلّ محلّ النداء النبويّ.
والعودة التفصيليّة إلى مواضع ذات أهميّة جغرافيّة وكونيّة تدلّ على معرفة
“الرائي” بالنظريات الجليانيّة، ولكنها تتوخّى في هذا الخبر، أن تدلّ
على تقدّم الرائي إلى هدف الرحلة.

 

5-
رحلة أخنوخ إلى الشرق (ف 20- 36)

بعد
لائحة من سبعة رؤساء ملائكة سيرافقون أخنوخ (ف 20)، يروي هذا الجزء رؤى أخنوخ من
الغرب البعيد (حيث تركتنا ف 17- 19) إلى الحدود الشرقيّة للقرص الأرضيّ. أما
الموضوع الرئيسيّ فهو المجازاة الاسكاتولوجيّة (في النهاية) التي تشدّد عليها
سلسلة من الإضافات إلى تقاليد نجدها في ف 17- 19.

يبدأ
خبر الرحلة في ف 21، مع تكرار في شكل معاكس لرؤى 18: 10- 19: 2. فساعة كان أخنوخ
بعد في الغرب، وصل إلى الجبل الذي يحتفظ بأرواح الموتى حتّى المجازاة الأخيرة (ف
22)، وقد يكون ف 23 تكراراً لتقاليد نجدها في ف 21. وفي 24: 2- 25: 7، يزور أخنوخ
جبل الفردوس حيث يقوم عرش الله (18: 6- 8). هنا تُحفظ شجرة الحياة إلى أن تُنقل
إلى جبل الهيكل في أورشليم الجديدة.

إن
رؤية أخنوخ لأورشليم تتركّز على وادي هنّوم حيث سيعاقب الاشرار إلى الأبد في حضور
الأبرار. وتصوّر ف 24- 26 الاطار الجغرافي للسيناريو في مقطع القيامة كما في دا
12: 2. في 28: 1- 32: 2، نجد ما يقابل 17: 1- 7، فيروي أخنوخ مرّة أخرى سفره عبر
جنائن الشرق إلى فردوس الأبرار حيث يُشرف على الاشجار عطرُ شجرة الحكمة (32: 3-
6). وفي ف 33، يصل إلى النهاية الشرقيّة للأرض حيث يريه أورئيل خروج النيّرات،
وهكذا نكون أمام تلميح إجمالي إلى كتاب النيّرات. وينتهي كتاب الساهرين في ف 34-
36 مع خبر قصير يتذكّر ف 76 الذي يوجز رحلة اخنوخ على حدود الأرض إلى منابع الرياح
في الشمال والغرب والجنوب والشرق.

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى