بدع وهرطقات

معنى شركاء الطبيعة الإلهية



معنى شركاء الطبيعة الإلهية

معنى
شركاء الطبيعة الإلهية

 

الإنجيل
يجيب: ما معنى: [شركاء الطبيعة الإلهية] 2بط1: 4.

 

مقالات ذات صلة

(أولاً)
مقدمة عن: بدعة تأليه الذات:

+
مؤسسها هو إبليس , الذى قال: [أصير مثل العلى] أش 14: 14، مما أدى لسقوطه من
السماء إلى هاوية الجحيم، فتحول من ملاك نورانى إلى شيطان إظلامى 0

+
وهو نفسه الذى أغوى حواء بفكرة تأليه الذات قائلا: [تكونان كالله] تك 3: 5 0

+
والشيطان – أيضاً- هو الذى سيغوى إنسان الخطية لكى يتكبر: [مظهراً نفسه أنه إله]2
تس 4: 2.

+
فلنحترس من هذا الفكر الشيطانى، ولنتمسك بفكرالرسل القديسين الذين لم يتكبروا –
بسبب تسمية الله للمؤمنين بأنهم أحباء وأبناء بالتبنى – بل قابلوا الحب بالتواضع،
وتمسّكوا بأنهم عبيد المسيح (في 1: 1، 2 بط 1: 1، يه1).

+
وبعكس هيرودس الملك (أع12: 23) الذى تملقه أصحاب المصالح الشخصية، ووصفوه بأنه إله،
فلم يطع الوصية القائلة: [إن تملقك الخطاة فلا ترضى] أم 10: 1، فلم يعترض عليهم،
ولم يعطى المجد لله، الإله الواحد وحده. لذلك ضربه ملاك الرب، فصار الدود يأكله
حتى مات.

+
وبعكس هيرودس هذا، فإن بولس وبرنابا الرسولين، عندما قال الناس عنهما أنهما آلهة،
فإنهما رفضا ذلك بكل قوتهما، حتى أنهما شقا ثيابهما، متمسكين بعبوديتهما لله (أع
14: 14).

+
وحتى الحكمة الشعبية تعبرعن ذلك بالمثل الشعبى: إن أنت أكرمت الكريم ملكته، وإن
أنت أكرمت اللئيم تمرد

+
نقطة أخيرة، من الناحية اللغوية البحتة، وهى أنه يوجد فارق هائل بين أن تتأله، أى
أن تدعى الإلوهية، وبين أن تستألِه، أى أن تتشبه بالله في صفاته، مثل القداسة
والمحبة وصنع الخير للجميع 0 وهذه النقطة الأخيرة تشبه وصفك لإنسان بأنه يستأسد،
أى أنه يتشبه بالأسد في صفاته، وليس بمعنى أنه يتحول فعلياً إلى أسد.


إذن، فلنحترس من خطية التأله، ولنجتهد في فضيلة الإستئلاه، أى التشبّه بالله، في
قداسته ومحبته.

 

(ثانياً)
النص، فى لغته الأصلية، اليونانية القديمة العالمية، هو:
Theias koinwnoi fusews، وليس فيه الحرف: ” فى en,
“، مثلما يكون فى آيات أخرى، مثل:

1
– [وتقولون لو كنا فى أيام آبائنا، لما شاركناهم فى دم الأنبياء] مت23: 30،
وباليونانية:

(koinwnoi autwnen tw aimati …).

2
– [شريككم فى الضيقة وفى ملكوت يسوع المسيح] روء1: 9

(sugkoinwnosenty thlipseikaien tybasileia)

3
– [ليشارك الذى يتعلم الكلمة، المعلم، فى جميع الخيرات]غل6: 6.

(enpasin agathoiskoinwneitw de o katyxwmenos
ton logon tw katyxounti
)

4
– كما يتماثل ذلك مع الآيات التى تستخدم الأداة: (
eis)
بمعنى: فى ما لغرض، أو: فى، مثل:

[لم
تشاركنى كنيسة واحدة فى حساب العطاء…] فى4: 15

(oudemia moi ekklysiaekoinwnyseneislogon dosews …)

 

+
كما أنه فى اللغة القبطية: ” إشفير إن إتفيسيس “، وأيضاً ليس فيه الحرف
القبطى: ” خين “، أى: فى، مثلما يكون موجوداً فى الآيات المذكورة، مثل: [لما
شاركناهم فى دم الأنبياء]: (نان نا شوبى إن أوى إنشفير إيروؤ آن بى، خين إب إسنوف….)

 

+
كما أن ترجمته الإنجليزية:
partakers
of (the) divinenature
،
ليس فيه الحرف: ” فى
in , “، مثلما يكون موجوداً فى الآيات المذكورة، مثل: [لما
شاركناهم فى دم الأنبياء]: (
we
would not have been partakers with them ,inthe blood of theprophets
)

+
ونضيف ملحوظة هامة، وهى أنه فى موضوع العقيدة، لا ينبغى الإعتماد على الترجمة
الإنجليزية وحدها (ولا حتى الترجمة الشهيرة: كينج جامس) وذلك لإضطرار المترجم
لإستخدام كلمات إنجليزية عديدة لترجمة نفس الكلمة اليونانية الواحدة، مما يبعدنا
عن روح النص الأصلى، فعلى سبيل المثال، تمت ترجمة كلمة
koinwnew
ومشتقاتها، بالعديد من المفردات الإنجليزية ومشتقاتها، مثل:

Partake , communicate ,
participate , share , follow , contribute , distribute , companion
.

+
وقد يكون ذلك تبعاً لمقتضيات الترجمة، ولكنه أيضاً قد يكون – أحياناً – لخدمة وجهة
نظر المترجم والجماعة التى ينتمى لها، مما يؤدى لمساحة من عدم الدقة والوضوح، مما
يفتح المجال للهرطقات، خصوصاً وأن الترجمات العربية الواسعة الإنتشار (وهى مترجمة
عن الإنجليزية أساساً)، هى أيضاً معمولة لتخدم وجهات نظر مموليها وناشريها، فتكون
المحصلة: مزيداً من عدم الوضوح.

 

+
وإن وجود الحرف اليونانى: ”
en ” (أىّ: ” فى “) مقترناً بالكلمة اليونانية: ”
koinwnew ” (أىّ: يشترك) يبطل ما قد يدعيه البعض بأن هذه الكلمة
اليونانية – بمفردها – تعنى: ” يشترك فى “، معاً. إذ لو كان الأمر كذلك
فعلاً، لما تم إستخدام الحرف ”
en” معها – فى الآيات السابق ذكرها – وإلاًَ أصبح ذلك من
التكرار الزائد العديم اللزوم.

+
كما أن تعبير: ” المشاركة “، ذاتها، تستلزم وجود: ” أطراف ” (إثنين
أو أكثر) مشتركين فى هذه المشاركة، كما يستلزم وجود: ” عنصر مشترك “،
يشتركون فيه.

+
ووضع الحرف: ” فى “، أو ما يقوم مقامه، يحدد هذا العنصر المشترك بكل
وضوح، بما يُغنى عن الحاجة إلى التفسيرات.

 

+
وأما الحالات التى لم يتم فيها إستخدام حرف أو أدة المعنى، فيتم فهم معناها من
سياق الكلام. + ولكن، حتى لو كانت الحاجة للتفسيرات قائمة – فى حالة عدم وجود حرف
أو أداة المعنى – فإن التفسير يجب أن يتقيد بقاعدة عدم التناقض بين آيات الإنجيل،
فلا يتم التفسير إلاًّ بعد فحص دقيق جداً لكل كلمة فى الكتاب المقدس كله، فيما يخص
تفسير هذه الجزئية، ولا يكون ذلك بالتسرع، بل بمخافة الله، لئلا ينزلق الإنسان إلى
الهرطقات (البدع)، كمثل المكتوب عنهم: [فيها أشياء عسرة الفهم، يحرِّفها غير
العلماء وغير الثابتين…. لهلاك أنفسهم] 2بط3: 16و 17، والعلم المقصود هنا ليس هو
الفلسفات الباطلة (التى نشأت فى حضن الوثنية) بل العلم النابع من الله الكلمة ذاته:
[فكر المسيح] 1كو2: 16، الذى يجعل الإنسان قادراً على مقارنة الروحيات بالروحيات،
بعيداً عن العلم الكاذب الإسم الذى للهراطقة.

 

+
فعلى سبيل المثال، فى الآيات: [شركاء المذبح] 1كو10: 18 (
koinwnoi tou thusiastyriou)، وأيضاً: [شركاء الشياطين] 1كو10: 20 (koinwnous twn daimoniwn)، لا يمكن فهمهما بأنهما تعنيان الشركة فى ذات المذبح نفسه (وكأن
هولاء الناس سيتحولون إلى حجارة مثل حجارة المذبح، فعلياً، بمجرد أكلهم من ذبائح
الأوثان!)، أو فى ذات الشياطين نفسهم (وكأن هولاء الذين يخاطبهم بولس الرسول
ستتلاشى أجسادهم ويتحولون فعلياً إلى شياطين، بكل معنى الكلمة، بمجرد أن يأكلوا من
ذبائح الأوثان!)، فبالرغم من أن العبارة لم تحتوى على حرف معنى يحدد الذين يشتركون
وما هو عنصر المشاركة، إلاَّ أنه يمكن فهمهما من سياق الكلام، بأن شركة المذبح
المقصودة، هى الشركة مع المذبح فى ذبائحه التى تقدم لعبادة الشيطان، وليس فى
المذبح ذاته. كما أن شركة الشياطين تعنى الإشتراك معهم فى رفضهم لوصايا الله و
شرهم و ظلاميتهم، وليس فيهم ذاتهم… إلخ.

 

وبالتالى،
فإن الترجمة باللغة العربية، الموجودة فعلاً بين أيدينا: [شركاء الطبيعة الإلهية] (بدون
وجود الحرف: ” فى “) هى الترجمة الصحيحة فعلاً.

 

وذلك
يعنى أننا نشترك مع الطبيعة الإلهية فى عنصر مشترك، وليس أننا نأخذ الطبيعة
الإلهية ذاتها!

 

وهذا
العنصر المشترك، يحدده سياق الآية ذاتها: [الذى دعانا بالمجد والفضيلة، اللذين
بهما قد وهب لنا المواعيد العظمى والثمينة، لكى تصيروا بها شركاء الطبيعة الإلهية،
هاربين من الفساد -الذى فى العالم -بالشهوة] 1بط1: 3و4.

 

+
أى أن العنصر المشترك، هو القداسة، فالمقصود هو الشركة فى طبع القداسة، الذى لله،
مثلما هو مكوب: [كونوا قديسين لأنى أنا قدوس] 1بط1: 16.

 

+
وهو العنصر الذى تركز عليه رسائل بطرس الرسول، مثلما فى:

1.
[إلى المتغربين… المختارين بمقتضى علم الله السابق، فى تقديس الروح] 1بط1: 1و2.

2.
[لا تشاكلوا شهواتكم السابقة فى جهالاتكم، بل نظير القدوس الذى دعاكم كونوا أنتم
أيضاً قديسين] 1بط1: 14.

3.
[لأنه مكتوب، كونوا قديسين، لأنى أنا قدوس] 1بط1: 16.

4.
[أطلب إليكم كغرباء ونزلاء، أن تمتنعوا عن الشهوات الجسدية التى تحارب النفس] 1بط2:
11.

5.
[زمان الحياة الذى مضى، يكفينا لنكون قد عملنا إرادة الأمم، سالكين فى الدعارة
والشهوات] 1بط4: 3.

6.
[لذلك لا أهمل أن أذكركم دائماً بهذه الأمور… عالماً أن خلع مسكنى قريب] 2بط1: 12-
14.

7.
[لأنه إذا كانوا بعدما هربوا من نجاسات العالم، بمعرفة الرب والمخلص يسوع المسيح،
يرتبكون فيها أيضاً، فقد صارت لهم الأواخر أشر من الأوائل] 2بط2: 20.. إلخ.

 

(ثالثاً)
وما الفارق بين: ” شركاء الطبيعة الإلهية “، وبين: ” شركاء فى
الطبيعة الإلهية “؟

الفارق
كبير جداً:

فالأولى
تعنى وجود عنصر مشترك – كما سبق وأوضحنا – بينما الثانية تعنى أننا نأخذ جزءاً من
الطبيعة الإلهية ذاتها، نأخذ جزءاً من جوهر اللاهوت ذاته، وهو أمر مستحيل، لأن
اللاهوت لا يتجزأ ولا يتوزع (منشأ هذه الفكرة الغريبة، هو الفلسفات الوثنية، التى
كان الوثنيون يختلقونها لتفسير تعدد الآلهة فى ديانتهم، فقد كانت الفلسفة – عندهم –
خادمة لدياناتهم).

+
ولم يقل الإنجيل أبداً أننا نحصل على جزء من جوهر اللاهوت، ولم يقل أبداً أن
اللاهوت يتجزأ، بل إنه يرفض تجزئة اللاهوت نهائياً. + فعندما يقول: [فإنه فيه يحل
كل ملء اللاهوت جسدياً] كو2: 9، فإنه بذلك يغلق الباب فى وجه مَن قد يظنون أن
اللاهوت يمكن أن يتجزأ.

+
فالشركة فى العنصر المشترك، لا يعنى الإشتراك فى الجوهر الإلهى.+ بل إننا نكون
شركاء لله إذا إتصفنا بصفات مشتركة معه مثل القداسة والنورانية. بينما نكون شركاء
للشياطين إذا سلكنا فى الظلمة، مثلهم، ولذلك مكتوب:

1.
[إن قلنا أن لنا شركة معه، وسلكنا فى الظلمة، نكذب ولسنا نعمل الحق، ولكن إن سلكنا
فى النور، كما هو فى النور، فلنا شركة بعضنا مع بعض] 1يو1: 6و7.

2.
[من يفعل الخطية، فهو من إبليس…. بهذا أولاد الله ظاهرون، وأولاد إبليس] 1يو3: 8و9.

3.
[فلست أريد أن تكونوا شركاء الشياطين] 1كو10: 20.

+
إذن، فشركاء الله تعنى الشركة معه فى القداسة والبر والمحبة، بينما شركاء الشيطان
تعنى الشركة معه فى النجاسة والظلامية والحقد، ولا تعنى أبداً الشركة فى الطبيعة
ذاتها، لا الطبيعة الإلهية ذاتها ولا الطبيعة الشيطانية ذاتها.

 

(رابعاً)
ولكن لماذا يقول: [وأنتم مملوؤون فيه] كو2: 10؟

الإنجيل
يعلن أن الرب يسوع هو اللاهوت الكامل (كو2: 9) المتحد بناسوت كامل: [والكلمة صار
جسداً] يو1: 14، وأيضاً: [لذلك لا يستحى أن يدعوهم إخوة… فإذ تشارك الأولاد فى
اللحم والدم، إشترك هو أيضاً فيهما.. كان ينبغى أن يشبه إخوته فى كل شيئ.. حتى
يكفر خطايا الشعب] عب2: 11- 17.

+
فإنه هو كل ملء اللاهوت المتحد بكل ملء الناسوت (ماعدا الخطية، الدخيلة على الخلقة
البشرية الأصلية، إذ لم توجد فيها إلاّ بعد سقوط آدم وحواء فى العصيان).

+
فإن ناسوته هو القمة العليا للبشرية، وهو المثل الأعلى، لذلك يلقب بأنه رأس
البشرية. ولذلك مكتوب: [إلى أن ننتهى جميعنا إلى وحدانية الإيمان ومعرفة إبن الله،
إلى إنسان كامل، إلى قياس قامة ملء المسيح] أف4: 13.

+
فعندما يقول: [إلى إنسان كامل، إلى قياس قامة ملء المسيح]، فإنه يقرر بأن: ”
قامة ملء المسيح “، تعنى: ” المسيح الإنسان الكامل “، أى: ”
ملء الناسوت ” (المتحد به ملء اللاهوت، بغير إختلاط ولا إمتزاج ولا تغيير،
ولا إنفصال)، فإن الإنجيل هنا لم يقل بأننا سننتهى إلى: ” إله كامل “،
بل قال: [إلى إنسان كامل]، محدداً بكل دقة طبيعة الكمال الذى يمكننا الوصول إليه،
بأنه الكمال الإنسانى وليس الكمال الإلهى.

+
ولزيادة التأكيد، نشير إلى أن الإنجيل، عندما يتكلم عن: ” قامة المسيح “،
مثلما فى: [وأما يسوع فكان يتقدم فى الحكمة والقامة والنعمة عند الله والناس] لو2:
52، فمن الواضح أنه يتكلم عن المسيح ناسوتياً، لأن الناسوت هو الذى ينمو. + فإن
وجود ملء اللاهوت – المتحد بالناسوت، والغير قابل للتغير وللنمو – لم يتعارض مع
نمو الناسوت فى الحكمة والقامة والنعمة، حتى يصل إلى ملء القامة الناسوتية، من كل
جوانبها. + كما أن وجود ملء اللاهوت – المتحد بالناسوت – لم يتعارض مع إقتبال هذا
الناسوت لحلول الروح القدس عليه، لكى يصل به إلى ملء القامة الناسوتية (لكى يهبنا،
من خلاله، هذه النعمة)، لكى بهذا الناسوت الأسمىَ، المتحد به كل ملء اللاهوت، يصنع
الفداء للبشرية، ويرتقى بها إلى ملء قامته الناسوتية (وليس لملء اللاهوت)، ثم
يرتقى به إلى حالة القيامة المجيدة، فيصبح جسداً ممجداً روحانياً.

+
وهذا الترقى الناسوتى، هو المكتوب عنه: [وإذ وُجد فى الهيئة كإنسان، وضع نفسه،
وأطاع حتى الموت، موت الصليب، لذلك رفعه الله أيضاً وأعطاه إسماً فوق كل إسم] فى2:
8و9.

+
فإن هذا الكلام لا يمكن أن يقال إلاَّ عن ناسوته، وليس عن لاهوته، لأن اللاهوت
يمتلك كل الرفعة، ولا ينقصه شيئ، حتى يقال أنه حصل على رفعة أكثر مما هو فيه، لأن
اللاهوت دائماً يمتلك السمو والرفعة المطلقة ولا ينقصه شيئ. + لذلك فإن الرفعة
التى يتكلم عنها الإنجيل، يجب أن يكون المقصود بها رفعة ناسوته (المتحد به اللاهوت)،
مثلما أن النمو فى الحكمة والقامة والنعمة، يعود على الناسوت (لو2: 52)، ومثلما أن
التألم والموت والجوع والعطش، يعودون على ناسوته وليس على اللاهوت، برغم إتحادهما (فى
وحدانية إتحادية معجزية بدون إنفصال وبدون إختلاط ولا إمتزاج).

+
وهذه الرفعة، التى نالها الناسوت (المتحد به اللاهوت)، هى المكتوب عنها:


[هذا رفعه الله بيمينه رئيساً ومخلصاً] أع5: 31.


[وأجلسه عن يمينه فى السموات] أف1: 20.


[جلس فى يمين العظمة فى الأعالى] عب1: 3.

+
فمثلما أن إتحاد اللاهوت بالناسوت لم يمنع نمو الناسوت فى القامة والحكمة والنعمة
هنا على الأرض (لو2: 52)، فكذلك أيضاً، لم يمنع ترفعه فى السماويات.

 

إذن،
فتعبير: [إلى إنسان كامل، إلى قياس قامة ملء المسيح] أف4: 13، تشير إلى الناسوت،
إلى الملء الناسوتى، بدون أى تعارض مع إتحاد كل الملء اللاهوتى، فى شخص ربنا يسوع
المسيح الواحد، ولذلك يقول: [الذى فيه يحل كل ملء اللاهوت جسدياً، وأنتم مملوؤون
فيه، الذى هو رأس كل رياسة وسلطان، وبه أيضاً ختمتم ختاناً غير مصنوع بيد، بخلع
جسم خطايا البشرية، بختان المسيح، مدفونين معه فى المعمودية، التى فيها أقمتم
أيضاً معه، بإيمان عمل الله الذى أقامه من الأموات] كو2: 9- 13.

+
فمثلما أن الذى ولد ومات وقام هو الناسوت (المتحد به اللاهوت) وليس اللاهوت الغير
قابل لكل ذلك، بغير أى تعارض مع الإتحاد المعجزى للاهوت بالناسوت، وكذلك مثلما أن
الذى كان ينمو، هو الناسوت، بدون تعارض مع الإتحاد المعجزى للاهوت معه، فكذلك
أيضاً، المقصود بأن ننتهى إلى إنسان كامل، إلى ملئ قامة المسيح، هو أن نصل لحالة
الجسد المُمجد القائم من الأموات، الذى هو ملء الناسوتية، وليس أن نصل إلى ملء
جوهر اللاهوت.

+
هذا الملء الناسوتى، المتحد به كل ملء اللاهوت، هو ذبيحة الصليب، التى وصلت لكمال
القامة الناسوتية (والتى اللاهوت متحد بها، لكى تكتسب قيمة غير محدودة، لتصبح
كافية للتكفير عن خطايا العالم كله).

+
فبالرغم من إتحاد اللاهوت بالناسوت، فإن الذى مات هو الناسوت (المتحد به اللاهوت)،
وهو الذى قام من الأموات وصعد إلى السموات وجلس عن يمين العظمة، وهو الذبيحة
المقدسة، وهو حمل الله المذبوح عنا، فإن الناسوت يكتسب – من اللاهوت المتحد به –
هذه الأمجاد، ليس عن إحتياج لذاته هو، بل ليهبها لنا نحن المحتاجين الفقراء، لقد
إفتقر، أى إتخذ جسدا فقيراً مثلنا (بدون الخطية وحدها، إذ كان على الصورة الأصلية
قبل السقوط)، لكى يرتفع به إلى حالة الجسد الممجد، لكى – من خلاله – يمنحنا هذا
الغنى العظيم.

+
وعن ذلك، مكتوب أيضاً: [والكلمة صار جسداً، وحلَّ بيننا، ورأينا مجده مجداً كما
لوحيد من الآب مملوء نعمة وحقاً] يو1: 14، فإنه هنا يذكر: “الكلمة “، أى
اللاهوت، كما يذكر أنه: ” صار جسداً “، وأنه لذلك – من خلال هذا الجسد –
أصبح ممكناً لنا أن نرى حلوله بيننا وأن نرى مجده، وأن ننال النعمة، التى أفاضها
على ناسوته الخاص، والمكتوب أنه كان ينمو فيها (لو2: 52)، والتى منها أخذنا نحن،
حتى أن المريضة التى لمسته بإيمان، نالت نعمة الشفاء فوراً (لو8: 16)، ولذلك مكتوب:
[ومن ملئه نحن جميعاً أخذنا، ونعمة فوق نعمة، لأن الناموس بموسى أعطى، وأما النعمة
والحق فبيسوع المسيح صارا] يو1: 16و17.

+
فإن الملء المذكور هنا، هو ملء النعمة، السابق ذكرها فى: ” مملوءاً نعمة
وحقاً “، والتى تكرر ذكرها فى العدد 17، فإننا نأخذ من ملء النعمة – والتى
إمتلأ بها الناسوت المتحد به اللاهوت – القابلة للتوزيع، فيأخذ كل واحد منها
نصيباً بحسب عطية المسيح وبحسب إجتهاد الإنسان (أف4: 7، 1بط1: 2، 2بط3: 18، عب12: 15).
وليس من ملء جوهر اللاهوت، الذى ليس فيه تجزئة وتقسيم وتوزيع.

+
هذا الملء الناسوتى المتحد به كل ملء اللاهوت، هو الذى قام من الأموات (فإن
اللاهوت لم يمت ولم يقم، برغم إتحاده بالناسوت الذى مات وقام)، هذا الناسوت هو
الذى قام جسداً ممجداً روحانياً، وهو المكتوب عنه: [قام المسيح من الأموات، وصار
باكورة الراقدين] 1كو15: 20، [هكذا قيامة الأموات، يزرع فى فساد ويقام فى عدم فساد،
يزرع فى هوان ويقام فى مجد، يزرع فى ضعف ويقام فى قوة، يزرع جسماً حيوانياً (يونانى
وقبطى: نفسانياً) ويقام جسماً روحانياً…صار آدم الأول نفساً حية، وآدم الأخير
روحاً محيياً..الإنسان الأول ترابى، والإنسان الثانى الرب من السماء.. وكما لبسنا
صورة الترابى سنلبس صورة السماوى أيضاً] 1كو15: 42- 49.

+
فإن الرب قام من الأموات بجسد ممجد روحانى غير مادى وغير ترابى، لكى يمنحنا هذه
النعمة، فقد أخذ صورة الترابى، الفقيرة الضعيفة المملوءة هواناً، لكى يمنحنا صورة
الجسد الممجد الروحانى السماوى.

+
وعن ذلك مكتوب أيضاً: [الذى سيغير شكل جسد تواضعنا، ليكون على صورة جسد مجده] فى3:
21.

+
وعن تغييرنا إلى صورة قيامته المجيدة، مكتوب أيضاً: [الذين سبق فعرفهم سبق فعينهم
ليكونوا مشابهين صورة إبنه] رو8: 29.

+
وعن وجودنا – فى القيامة – فى صورة جسد القيامة الممجد الروحانى، مكتوب أيضاً: [إذا
أظهر، نكون مثله (يونانى: شبهه)، لأننا سنراه كما هو] 1يو3: 2.

+
وعن حصولنا – فى القيامة – على هذه الصورة الممجدة الروحانية، فنكون أجساماً
روحانية، مثل الملائكة، سكان السماء، قد سبق الرب فقال عن قيامتنا: [يكونون
كملائكة الله فى السماء] مت 22: 30.

 

(خامساً)
وما معنى الآية: [لتعرفوا محبة المسيح الفائقة المعرفة، لكى تمتلئوا إلى كل ملء
الله]أف3: 19.

لكى
نفهم هذه الآية، سندرس آية أخرى، مشابهة لها فى تركيبها فى اللغة الأصلية
اليونانية، وهى: [لا يخسركم أحد الجعالة…وغير متمسك بالرأس، الذى فيه كل الجسد…
ينمو نمواً من الله] كو2: 18و19.

+
فإن: ” ينمو نمواً من الله “، فى لغتها الأصلية اليونانية هى:
auxei tyn auxysin toutheou والتى تترجم حرفياً إلى: ” ينمو نمو الله “، وهو ما
يتشابه مع الآية التى تسأل عنها: ” تمتلئوا إلى كل ملء الله”.

+
ومثلما أن: ” نمو الله “، لا تعنى أن الله نفسه هو الذى ينمو، ولا أننا
سننمو إلى مستوى نموه. + بل تعنى: النمو الذى بحسب النظام والقياس الذى وضعه الله
لنا.

+
فكذلك أيضاً: ” تمتلئوا إلى كل ملء الله “، تعنى أن نمتلئ إلى الملء
الكامل بحسب النظام والمقياس الذى وضعه الله لكل إنسان، وليس أننا سنتطوَّر إلى
الحالة اللاهوتية (وهى فكرة وثنية، نادى بها فلاسفة الوثنية، وليس لها أى علاقة
بالفكر المسيحى).

+
وإختلاف مستويات النمو فى النعمة، تعبر عنه آيات كثيرة، وهو مرتبط بالجهاد الروحى
فى إستثمار المواهب الممنوحة لنا، كلٌ بحسب مستوى وزناته، فصاحب الوزنة الواحدة،
يكون مطالباً بالنمو والإمتلاء إلى مستوى ومقياس مختلف عما يطالب به صاحب الوزنات
الخمسة، ولكن ذلك لا يعفيه من إستثمارها، فيعطى ثلاثين أو ستين أو مائة، إذ لا حجة
لعدم الحصاد.

وإختلاف
المستويات أو الوزنات لكل واحد، بحسب المشيئة الإلهية، تعبر عنه آيات كثيرة، مثل:

+
[فإنى أقول بالنعمة المعطاة لى، لكل من هو بينكم، أن لا يرتئ فوق ما ينبغى، بل
يرتئ إلى التعقل، كما قسم الله لكل واحد مقداراً من الإيمان… لنا مواهب مختلفة
بحسب النعمة المعطاة لنا] رو12: 3- 6.

+
[لكى تثبتوا كاملين وممتلئين فى كل مشيئة الله] كو4: 12.

+
[لكل واحد منا أعطيت النعمة حسب قياس هبة المسيح] أف4: 7.

+
فالحد الأقصى للنمو لجميع البشر، هو أن نكون على صورة جسده، القائم من الأموات
الممجد الروحانى.

 

(سادساً)
وما معنى حلول الروح القدس على الناس، وإمتلائهم به؟

(1)
لكى لا تختلط الأمور، يجب التمييز – أولاً – بين حلول الروح القدس، وبين إتحاد كل
ملء اللاهوت بالناسوت فى شخص ربنا يسوع المسيح، أى تجسد الكلمة، لذلك سنبدأ بشرح
هذه النقطة:

(أ)
تجسد الله الكلمة، مكتوب عنه: [والكلمة صار جسداً وحلًّ بيننا] يو1: 14، فمعنى أن
الكلمة – الذى هو الله يو1: 3 – صار جسداً، هو أنه تجسد، أى أن اللاهوت إتحد
بالناسوت.

(ب)
وذلك الأمر المعجزى، يعلن عنه الإنجيل، منذ بشارة الملاك للسيدة العذراء: [الروح
القدس يحلَّ عليكِ، وقوة العلىِّ تظللكِ، فلذلك أيضاً القدوس المولود منكِ يدعىَ
إبن الله] لو1: 35.

+
فمعجزة الحبل المقدس، الذى ليس له مثيل فى الخليقة كلها، كان ليناسب معجزة إتحاد
اللاهوت بالناسوت، وعن ذلك قال الملاك ليوسف: [هوذا العذراء تحبل وتلد إبناً،
ويدعون إسمه عمانوئيل الذى تفسيره الله معنا] مت1: 23.

(ج)
وعن توقيت تلك المعجزة، مكتوب: [لذلك، عند دخوله إلى العالم يقول… هيأت لى جسداً]
عب10: 5، فدخوله إلى عالمنا، كان فى نفس توقيت تهيأة جسده المعجزى، أى منذ الحبل
المقدس – للعذراء – بعمانوئيل الله معنا.

+
إذن، فمعجزة التجسد الإلهى بدأت منذ الحبل المقدس. فإن: ” عمانوئيل ” =
” الله معنا ” = [الكلمة صار جسداً وحلَّ بيننا] يو1: 14.

(د)
ولأن الكلمة صار جسداً، منذ لحظة الحبل المقدس، فإنه مكتوب عن أليصابات: [إمتلأت
أليصابات من الروح القدس وصرخت.. من أين لى هذا أن تأتى أم ربى إلىَّ] لو1: 41 –
43. + إذن فإن السيدة العذراء هى أم ربنا منذ بدء الحبل، بشهادة الروح القدس.

+
وقد كان الرب يسوع، منذ طفولته، يعلم بحقيقة ذاته، وبأنه: ” الكلمة “(اللوغوس)،
الإبن الوحيد بالجوهر (المونوجينيس) المتجسد بمعجزة إلهية.

+
ففى سن الثانية عشرة، عندما قالت السيدة العذراء له: [هوذا أبوك وأنا، كنا نطلبك
معذبين]، فإنه أجابها: [ينبغى أن أكون فيما لأبى] لو2: 48و49، أى أنه كان يعرف أنه
الإبن الكلمة المتجسد بمعجزة. وهو السر الذى لم يكن يعرفه إلاَّ العذراء التى قبلت
بشارة الملاك، ويوسف الذى أخبره الملاك، مع الذين أعلمهم الله بذلك، مثل أليصابات
التى نطقت بواسطة إعلان الروح القدس. + وعن هذه المعرفة الذاتية، مكتوب أيضاً أنه:
[لم يكن محتاجاً أن يشهد أحد عن الإنسان، لأنه علم بما فى الإنسان] يو2: 25.

(و)
وهذا التجسد الإلهى: [الكلمة صار جسداً وحلَّ بيننا] يو1: 14، الذى هو: ”
عمانوئيل الله معنا “مت1: 23، والذى كان منذ لحظة دخوله إلى عالمنا عب10: 5،
هو الذى يتحدث عنه الإنجيل، بأنه كان بكل جوهر اللاهوت: [فيه يحل كل ملء اللاهوت
جسدياً] كو2: 9.

+
وعندما يقول الإنجيل: ” كل ملء اللاهوت “، فإنه ينفى إحتمالية تجزئة
اللاهوت، فإن الكلمة تجسد بكل ملء اللاهوت، لأن ذلك هو الصحيح الوحيد، إذ ليس فى
اللاهوت أى إحتمالية للتجزئة والتقسيم، لأن جوهر اللاهوت واحد كامل بسيط غير مركب
وغير متجزئ (والأقانيم الثلاثة هم جوهر واحد غير منقسم وغير متجزئ).

(ز)
إذن، فالتجسد الإلهى، بكل ملء اللاهوت، كان منذ اللحظة الأولى لدخوله إلى العالم
وتهيئة الجسد له، وبالتالى، فإنه سابق – بحوالى ثلاثين سنة – لحلول الروح القدس
عليه، عند عماده فى نهر الأردن.

(ح)
وبالتالى، فالمكتوب عنه: [أما يسوع، فرجع ممتلئاً من الروح القدس] لو4: 1، ليس له
علاقة بأن: [الكلمة صار جسداً]، أى بإتحاد كل ملء اللاهوت بالناسوت، لأن ذلك قد
حدث سابقاً، منذ دخوله إلى العالم (عب10: 5)، أى منذ الحبل المقدس، الذى فيه تسمى
عمانوئيل الله معنا.

(ط)
كما أن حلول الروح القدس، لم يكن حلولاً إقنومياً آخراً، بالإضافة للحلول الإقنومى
للإبن الكلمة، بدليل أن الإنجيل لم يقل أبداً بأن الذى صلب عنا ومات وقام وصعد، هو
الإبن والروح القدس، بل قال أنه الإبن فقط، فالإبن – فقط – هو الذى أرسله الآب
(يو3: 17، 1يو4: 9)، وهو الذى تجسد (يو1: 14) وهو الذى وُلد بمعجزة (غل4: 4) وهو
الذى صلب عنا بالجسد (غل2: 20، عب6: 6) وهو الذى صالحنا بموته عنا بالجسد (رو5: 10)،
وهو الذى قام وصعد (يو6: 62، أف4: 9، عب4: 14) وهو الذى سيأتى ليدين الجميع (يو5: 22و
25، 1تس1: 10) وهو المخلص(1يو4: 14)، وهو الذى يعطى الحياة الأبدية (1يو5: 12)…
إلخ.

الخلاصة:
إذن، فتعبير: ” إمتلأ بالروح القدس “، لا يعنى جوهر اللاهوت (مثلما كان
فى حالة: تجسد الكلمة).

 

(2)
تجسد الله الكلمة، كان خطوة فى خطة الله لتدبير خلاص البشرية.

+
فقد كان يلزم أن يكون الفداء، فداءاً غير محدود، لكى تكون له قيمة غير محدودة،
ليكفى لخلاص الملايين، وليكفى للتكفير عن خطايا كل البشر – لمن يتوب ويؤمن… – فى
كل زمان ومكان، والتى هى بملايين الملايين، والتى هى موجهة ضد الله القدوس ذاته.

+
فكما أن الخطايا هى غير محدودة، كذلك يجب أن تكون الكفارة غير محدودة.

+
لذلك كان التجسد الإلهى، ضرورة حتمية، لكى تكتسب ذبيحة الفداء، خاصية اللا محدودية،
لكى يصبح موت الناسوت – المتحد به اللاهوت الذى لا يموت – نافعاً وكافياً للتكفير
عن البشرية، ويمنحها القيامة معه، ويمنحها الحياة الأبدية.

 

(3)
أما إقتباله – ناسوتياً – لحلول الروح القدس عليه، وإمتلائه – ناسوتياً – منه، فقد
كان تمهيداً لخطوة أخرى تالية، وهى فتح الباب للبشرية – من خلال ناسوته الخاص –
ليؤهلنا لإقتبال نعمة إستحقاقات هذا الفداء الإلهى، بعد إكماله تماماً، بالموت
والقيامة والصعود.

+
لذلك، كان يجب أن يتمم – أولاً – خطوة الفداء الإلهى، قبل بداية خطوة عمل الروح
القدس فينا – لإعطائنا نعمة إستحقاقات هذا الفداء الإلهى – لذلك فإن الرب قال: [إن
لم أنطلق، لا يأتيكم المعزى] يو16: 7.

+
فإن كل ما عمله الرب بالجسد، قد عمله من أجلنا نحن، بما فى ذلك إقتباله – جسدياً –
للروح القدس، ليفتح الباب للبشرية، ليمكنها إقتبال ونوال نعمة إستحقاقات الفداء،
إبتداءً بنعمة الميلاد الثانى الروحانى – فى المعمودية يو3: 5 – لننال نعمة عربون
الروح والتبنى… إلخ.

 

(4)
ومثلما أن تعبير: ” إمتلأ بالروح “- الذى قيل عن رب المجد – لم يكن بمعنى
جوهر اللاهوت(مثلما يكون فى تعبير تجسد الكلمة بكل ملء اللاهوت جسدياً، أى: إقنومياً،
لأن المتجسد والمصلوب والفادى، هو الإبن الكلمة فقط)، فكذلك أيضاً، فإن إمتلاء
المؤمنين بالروح القدس، لا يكون بمعنى جوهر اللاهوت، بل بمعنى عمل نعمته فى
المؤمنين (ولذلك، فإنهم قد يقبلوه، وقد يرفضوه، أويقاوموه، أو حتى قد يطفئوه: 1تس5:
19).

 

(5)
إتحاد جوهر اللاهوت، بناسوته الخصوصى، يسمىَ تجسداً: [والكلمة صار جسداً] يو1: 14،
فإنه: إتحاد إقنومى معجزى، فى وحدانية لا تنفصم ولا تنقسم ولا تتجزأ، بغير إختلاط
ولا إمتزاج ولا تغيير، لذلك فإن اللاهوت ذاته يتكلم -بفم ناسوته الخصوصى – عن ذاته
الإلهية، مستخدماً صيغة المتكلم، فيقول: [أنا والآب واحد] يو10: 30، ويقول: [قبل
أن يكون إبراهيم، أنا كائن] يو8: 58.

+
فمنْ هو المتكلم هنا؟ لا نستطيع أن نفصل بين اللاهوت والناسوت، لأنهما فى وحدانية
إتحادية معجزية واحدة. + فهذا هو الإتحاد بالجوهر، أى الإتحاد الإقنومى، الذى فيه
تكون الوحدانية الإتحادية المعجزية، فإن المتكلم هو الله، ويتكلم بصفته الإلهية،
من خلال ناسوته الخصوصى الذى إتحد به.

+
وأما حلول الروح القدس، حتى على التلاميذ، فلم ينتج عنه أن أحدهم تكلم عن ذاته كما
لو كان هو نفسه الروح القدس، لم يحدث مطلقاً أن تكلم أحد التلاميذ بصفته أنه هو
الروح القدس.

+
بل إن كلام التلاميذ، يظهر بكل وضوح أن شخصية الروح القدس – الذى حلَّ عليهم ويعمل
فيهم – هى شخصية مختلفة ومنفصلة ومستقلة بذاتها، مع أنه يعمل من خلالهم.

+
ولذلك، فإن أغابوس – صاحب موهبة النبوءة، بواسطة الروح القدس – لم يتجاسر على أن
يقول بأنه هو الروح القدس، بل أقرَّ بأنه يتنبأ بما يمليه عليه الروح القدس،
قائلاً: [هذا يقوله الروح القدس] أع21: 10و11.

+
كما أن الرسل، فى مجمعهم الأورشليمى، لم يتجاسروا على القول بأنهم هم الروح القدس (ولا
حتى جزءاً منه!) بل قالوا: [قد رأى الروح القدس، ونحن، أن…] أع15: 28، وهكذا
أقرّوا بأن الروح القدس شخصية منفصلة مستقلة بذاتها، فاصلين بين شخصيته الإلهية،
وبين شخصيتهم البشرية، بالرغم من حلوله عليهم وعمله فيهم.

+
كما أن ذلك يتساوى أيضاً مع حقيقة أن الروح القدس – فى العهد القديم – كان يعمل فى
الأنبياء، فيسوقهم ويتكلم من خلالهم، فيقولون: هكذا يقول الرب. + ولم يحدث مطلقاً
أن قال أحدهم: هذا أقوله أنا الرب، أو: هذا أقوله أنا الروح القدس!، هذا لم يحدث
نهائياً.

+
وذلك كله بعكس ما حدث عند الإتحاد الإقنومى بين الله الكلمة وناسوته، فى شخص ربنا
يسوع المسيح، إذ كان يتكلم بصفته الإلهية، بصيغة المتكلم مباشرة، بدون إنفصال، كما
سبق وأوضحنا.

+
ففى المسيح الواحد الغير منقسم على ذاته، يتحد اللاهوت بالناسوت إتحاداً إقنومياً،
بغير إمتزاج ولا إختلاط ولا تغيير، وبغير فصل وإزدواجية، وهى معجزة ليس لها مثيل
لنشبهها بها، إنها معجزة المعجزات، التى حيَّرت حتى إبليس الكاروبيم الساقط، لكى
لا يعيق الفداء.+ الحلول الإقنومى، يعنى إتحاد جوهر اللاهوت بالناسوت فى شخص واحد،
وذلك الأمر يقتصر على تجسد ربنا يسوع وحده، ولذلك، فإنه يتكلم بصفته: الله، فيقول:
قبل أن يكون إبراهيم، أنا كائن.+ واليهود حكموا عليه، لهذا السبب.+ وهو غفر
لصالبيه (لمن يتوب منهم طبعاً)، لأنهم لا يعرفون ما يفعلون، لأنه أمر لا يخطر على
بال إنسان، ولا حتى الكاروب الساقط إبليس نفسه.+ وأما أن يقول شخص ما، بأن الروح
القدس يحلَّ عليه إقنومياً، فذلك يعنى أنه يدعى بأنه أصبح: ” الروح القدس
المتجسد “، وهذا ما لم يقل به أحد عاقل أبداً.+ فالإتحاد الإقنومى للإبن، كان
معجزة فريدة، ففى شخص الرب يسوع، الإله المتجسد، يتحد اللاهوت والناسوت إتحاداً
إقنومياً، بغير إختلاط ولا إمتزاج ولا تغيير ولا إنفصال من بعد الإتحاد.+ فكما
رأينا، فإنه يتكلم بصفته الإلهية، فيقول: قبل أن يكون إبراهيم، أنا كائن.+ أما فى
حلول الروح القدس على المؤمنين، فإن شخصية الإنسان تظل منفردة عن شخصية الروح
القدس، فيقول الرسل:… هذا يقوله الروح القدس، ولم يحدث أبداً أن قال أحد: ”
أنا الروح القدس “!

+
ملحوظة: بمراجعة مقالات القديس البابا أثناسيوس ضد الآريوسية، على النص فى لغته
اليونانية القديمة، وجدنا أنه لم يستخدم تعبير: ” شركاء فى الطبيعة الإلهية
“، عند إستشهاده بالآية: (2بط1: 4)، بل إستخدم نفس النص اليونانى للآية،الخالى
من الحرف: فى. + كما أنه لم يضيف هذا الحرف، فى المواضع الأخرى الكثيرة التى
راجعناها.

 

بدعة
تأليه الناسوت

الشركة
فى اللاهوت –تأليه الناسوت:

*
اتحاد اللاهوت بالناسوت كدعامة لصلة الكلمة المتجسد بالذين اشترك هو فى طبيعتهم
حتى يشتركوا هم فى الوهيته.

الرد:

 من
يجرؤ ان يقول اننا نشترك فى الوهية الله؟ غير ممكن!

إن
التناول يؤكد لنا حقيقة الاشتراك فى اللاهوت بسبب حصولنا على سر سمائى واهب الحياة
الابدية. الرد:

فى
التناول لن نشترك فى اللاهوت حيث انا نقول فى القداس “اجعلنا مستقين كلنا يا
سيدنا ان نتناول من قدساتك…” فالذى يقول “يا سيدنا “لا يمكن ان
يكونوا آلهة؟ والذين يطلبون طهارة لاجسادهم وانفسهم وارواحهم لا يمكن ان يكونوا
آلهة.

+
يقول اننا نشرب اللاهوت حينما نشرب الدم. الرد: مهما كان سرائرياً او غير سرائرياً
لا يمكن ان نشرب اللاهوت او نأكله لانه لا يأكل ولا يشرب الله روح والروح لا يؤكل
ولا يشرب.

 

*
يقولون اننا بذلك قد اصبحنا نساطرة نفصل الطبيعتين.

الرد:

أ-
الطبيعتان اتحدتا معاً ولكن لكل طبيعة خواصها، فالطبيعة البشرية تتعب وتنام، بينما
الاهوت لا ينام ولا يتعب وقيل ان السيد المسيح انه نام وتعب – كما قيل عن المسيح
انه كان ينمو فى القامة وفى النعمة والاهوت لا ينمو.المسيح تألم بالجسد وليس من
الممكن ان يتألم الاهوت لان تألم الاهوت هرطقة.

ب-
فى صلوتنا نقول ” يامن ذاق الموت بالجسد فى وقت الساعة التاسعة” فهل لما
نقول هذا نفصل الطبيعة الالهية؟ ايضا قيل عن المسيح

“وعند
صعودك الى السموات جسدياً ” صغد بالجسد – الطبيعة البشرية صعدت ولكن هل
الاهوت يصعد؟ الاهوت لا يصعد ولا ينزل لانة موجود فى كل مكان.

 

*
قالوا إن القيامة من الاموات هى شركة فى الطبيعة الالهية بل ايضا شركة فى اللاهوت.

الرد:

القيامة
من الاموات بالنسبة للمسيح دليل على لاهوتة لانه قام بقوته الخاصه،والبشر الذين
أقيموا كان هناك من اقامهم من الاموات لكن المسيح قام وحده –فالذى يقيمه احد لا
يمكن ان نقول ان هذا هو التأله، من المعقول ان الانسان بعد موته وتحلل جسده ثم
يقيمه الله تكون شركة فى اللاهوت؟ لو شركة فى اللاهوت كيف انتصر عليه الموت؟

 

*
يقولون عن الحياه الابدية خاصة بالله وحده ولما نأخذ الحياة الابدية نكون قد
اشتركنا فى اللاهوت.

الرد:

الحياة
الابدية عند الله هى من طبيعته، اما من ناحيتنا فهى إنعام علينا فنقول فى القداس
” الذين انعم عليهم بالحياة الابدية…” فهى نعمة من الله ولا نقدر ان
نقول ان شئ فى طبيعة الله نشبهه بشئ عبارة عن نعمة من الله.

 

*
الشركة فى الطبيعة الالهية وصلت الى ماهو اكثر عندهم اذ اصبحت الكنيسة كلها فى
شركة مع الطبيعة الالهية – موجود ذلك فى كتاب: عروس المسيح.

الرد:


الذى نقوله عن المسيح انه طبيعة إلهية اتحدت بطبيعة إنسانية،فإن قلنا على الكنيسة
هكذا إذا كل واحد منهم صار المسيح ايضأ. – هؤلاء يقولون الله هو نحن لا يصير اخر
فيقولون إن الكنيسة كلها ولدت فى بيت لحم متحدة بالاهوت – بيت لحم مسقط رأس
البشرية، لايوجد تواضع ما هى خطية الشيطان؟ قال “ارتفع أصير مثل العلى..”(أش
14: 14) فهم يصيروا مثل العلى ولكن قالها الشيطان لحواء فى الاغراء..

 

*
يقولون ان الله عندما يكلم الانسان لا يصير اخر بالنسبة له هو هو كما فى مرآة مثل
لويس كان يقول ايطاليا هى أنا.

الرد:

يقولون
نصير مثل الله فى التناول والقيامة والحياة الابدية ونصير مثل الله فى الانتصار
على الشيطان.

-هل
لما الانسان ينتصر على الشيطان اصبح مثل الله؟ تأله؟

-هذا
الكلام يقولة جورج “الشركة فى الطبيعة الالهية تظهر بشكل واضح فى سلطان
الانسان على الشيطان” الله ينتصر على الشيطان بقوته لان الشيطان مخلوف والله
هو صاحب السلطان ينتهرة فيهرب، اما البشر فليس فى طبيعتهم حتى إن الرسل القديسين
لم ينتصروا على الشيطان بقوتهم،بل السلطان على الشيطان هو عطية من الله (مت10: 1)،
(لو10)وليس معنى الانتصار على الشيطان يصبح الانسان مشتركا فى طبيعة الله،من الذى
يقول هذا الكلام؟

 

*
ليس يقولون ان هذا رأينا لكنهم يقولون هذا رأى الاباء والكتاب والمقدس، يقولون فى
(يو17) المسيح يقول لاب المجد الذى اعطيتنى قد اعطيتهم.

الرد:

طبعاً
السيد المسيح لا يقصد بهذا ان يعطيهم الالوهية مستحيل فربنا يقول فى (أش42)
“مجدى لاأعطية لأاخر” انما هذه الاية تعنى

1-
انى اعطيهم مجد الرعاية، مجد قيادة الكنيسة،اعطيتهم المواهب،واعطيتهم مثل هذه
الاشياء.

2-
كلمة “المجد الذى أعطيتنى…” بالنسبة للمسيح لا تنطبق على لاهوتة، لان
الاهوت ليس عطية من الابن (إذ مجد الاهوت للمسيح مجد خالص به بحياته كانسان على
الارض.

*
يقولون: “اخذ الذى لنا واعطانا الذى له” فأعطانا الذى له تعنى أطانا
اللاهوت.

الرد:

التفسير
خطأ،اخذ الذى لنا اى اخذ خطيتنا ومات عنا واعطانا الذى له تعنى أعطانا نعمة البر
فى المسيح يسوع (غل 3: 27).

 

*
يقولون “جعلنا واحداً معه”

الرد:

لم
يقل جعلنا واحداً معة بل فى (يو17: 21) يقول ليكون الجميع واحدا كما اننا نحن
واحد..هم يكونوا واحدا فى ثباتهم وفى طريق ربنا لكن ليس واحد مع ربنا هل يكون
الاقنوم الرابع؟هم يصيرون واحداً كما اننى والاب واحد هم يصيرون واحدا مع بعضهم

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى