اللاهوت النظري

المنهج الجدلى للفلسفة



المنهج الجدلى للفلسفة

المنهج
الجدلى للفلسفة

هيجل

مفهوم
العلم عند هيجل

الروح
والعلم الجدلى

مقالات ذات صلة

 يقوم
هيجل: تختفى البراعم عندما تتفتح الازهار لان الزهرة ترفض البرعم عندما تتفتح
الازهار لان الزهرة لانها هى الحقيقة الشجرة. وهذه الصور، ليست فقط متميزة، ولكن
كل واحدة منها ترفض الاخرى. وهى كلها تمثل لحظات فى الوحدة العضوية للبنات، وكل
واحدة منها تبدو وضرورية، وهذه الضرورة المتساوية، تشكل حياة الكل.

ان
العلم يجب ان يكشف عن حقيقة مضمونه
:

 ومن
خلال هذا التشبيه، الذى يتصدر ساب ظاهريا الروح، يحاول هيجل ان ينظر الى الفلسفة
وسعيها الى الحقيقة، واختلاف لمذاهب وتضاربها واذا كانتتت الثمرة هى حقيقة النبات،
فان الزهرة هى وجودها الزائف.. وبعبارة اخرى، فالحقيقة هى الهدف والغاية، واذا
اردنا تحديد الحقيقة فى مجال الفلسفة، فلا بد من تحديد الغاية التى تهدف اليها.

 والحقيقة
فى السلفة تتصف بانها الكلى الذى يشمل فى ذاته الجزئى، ولذلك، فاذا كانت العلوم
الوضعيه، تتناول جوانب جزئية للاشياء، فان الفلسفة تسعى الى معرفة ما هيتها
الكاملة فاذا نظرنا الى علم التشريح مثلا، فاننا نلاحظ انه يتناول بالدرساه اجزاء
الجسم الانسانى، دون ان يهتم بالعلاقات الحيوية التى بينها، وبوحدة الكائن العضوى.
لذلك يرى هيجل ان العلم الذى لا يكشف عن حقيقة مضمونه لا يستحق ان يسمى علما.

 اننا
لذلك يجب ان يجعل من الفلسفة علما مضمونه الحقيقة وان يكون التناقض بين مذهب فلسفى
واخر، مجرد مرحلة فى تاريخ الفلسفة. فكل مذهب يضع لنفسه غاية ولكنه لا يحقق الغاية
الحقيقية للفلسفة، ومن هنا كان التنوع والاختلاف فى المواقف الفلسفية.

 ان
العلم يبدا بمعرفة المبادى الاساسية ووجهات النظر الكلية، ثم يصعد الى فكرة الشىء
مفهوما على نحو عام. وبالتالى، فان الشكل الحقيقى لا الزائف للحقيقة، لا يتحقق الا
فى النسق العلمى لها. يريد هيجل ان يعطى للفلسفة صورة العلم، حتى لا تكون مجرد
محبه للحكمة، وتصبح بالفعل علما المواقع.

 وهناك
ضرورة باطنه للعلم، تكمن فى طبيعته وفى الكشف عن الحقيقة، وضرورة خارجية، تظهر فى
صورته الكلية والموضوعية، ويكون تعبيرنا عنه، بواسطة التصورات.

 ونحن
نعرف ان هناك منهجين يمكن استخدامهما فى الفلسفة، الاول هو منهج الحدس المباشر
الذى يعتمد على الاحساس والشعور ولكن عندما مانريد ان نعتبر عن العلم فيجب ان
نستخدم التصورات.

ومن
الممكن ان يقول، اننا نصادف نوعين من العلم: ك

1-
علم المباشر يقوم على الاحساس والشعور

2-
علم يقوم على التامل والتصور.

والحق
اننا لا نستطيع ان نفهم هذه القسمة الثنائية للعلم، الا من خلال الفلسفة الالمانية
ذاتها. فلقد حاول بعض الفلاسفة الالمان تحرير الفلسفة من العقلانية الكنتية، مثل
ياكوبى وشلايماخر بمثاليتهما الدينية وشيلر بمثاليته الفنية والجمالية. كما ان
الحركة الرومنسية كان لها اثرها على دعوة هؤلاء الفلاسفة الى استخدام الحدس
المباشر بدلا عن العقل، الذى مجده كنت، الى حد التقديس.

 اننا
لا ننسى ان هيجل، قد تاثر فى شبابه بالحركة الرومنسية.. وانه ناصرها مثل شيلر
وهلدرلن، وانه اتسمت بالحماس الشديد، والاحساس الملتهب، نحو كل ما هو جميل ومقدس.

 ويقول
هيجل: كان يجب العمل على تخليص الجنس البشرى من قيود المحسوس والجزئى، وتوجيه
انظاره نحو السماء والنجوم. وكان الناس قد نسوا الله ليعيشوا كالديدا فوق الارض
والتراب. ولقد عرفت الانسانية زمنا، كانت ترى فى السماء كنوز الفكر والخيال، وكانت
ترى معانى الوجود، فى ذلك الخيط من النور، والذى يصل الارض بالسماء وبدلا من ان
يوجه الانسان نظرة الى العالم الذى يعيش فيه كان يتطلع الى حقيقة اعلى من العالم.

 اما
الان، فقد اصبح الانسان اسيرا فى العالم الارض، خاضعا للتجربة الضيقة، ضالا فى
صحراء المحسوس متعطشا الى قطره ماء، يستعيد بها الاحساس بالروح والحياة.

 ويريد
هيجل، ان ينهض الانسان ويصحو العقل والذين يرفضون ان يستمعوا الى صوت العقل،
ويظنون ان الله يهديهم الى الحقيقة فى سباتهم ونومهم، انما يخضعون للاوهام
والاحلام.

 والروح،
لا يمكن ان يظل فى حاله وقف وسكون انما هو ينطلق فى حركة لا متناهية نحو التقدم.
وقد يمر بحالة كمون ونضج هادىء وبطى ء، هل لليل الذى يسبق شروق الشمس الجديد.

 

 ولا
يكتمل بناء العلم، فى نظرة، الا بواسطة التصور الكلى، اى التمثل العقلى للكل. فاذا
اردنا ان نتمثل شجرة البلوط، فاننى لا يمكن ان نتكفى بمثل شجرة واحدة من ثمارها،
انما يجب ان اتمثلها كلها يجذورها وجذعها وفروعها وثمارها.

 والعلم،
الذى يتوج فى نظرة عالم الروح، لا يكتمل الا بالتصور الكلى.

 ولا
يستطيع العلم ان يتمثل “الكل ” فى بدايته الا بالتصور البسيط لهذا الكل،
والذى يعبر عن معقوليته الشاملة.

 وهذا
التصور هو بداية العلم، بل ان الصورة المعقوله او التصور، هو وحده السبيل الى
العلم، والطريق المفتوح امام الجميع، والعنصر المشترك بين الوعى والعلم.

 ولا
يعتقد هيجل، ان التصور يمثل العلم الفعلى والواقعى اذ لابد وان يتوسع فى العلم،
وان يمر بمراحل النمو، ولحظات التغير والصيرورة. اما اذا ظل التصور كما هو، وكان ا
هو ا فانه يكون اشبه بالفراع. والذين يجعلون المطلق، مثل شلنج اساسا لفلسفة الهوية،
فانهم يجعلون منه ليلا، لا يظهر فيه الا السواد.

 ويهدف
العلم عند هيجل، الى معرفة المطلق فى واقعة الفعلى، ولكن هذا الواقع، يتصف بالتوسع
والنمو ولا يمكن بالتالى، ان يكون عقبه امام العلم الفلسفى.

 ولقد
ظن اسبينوز، وكذلك شلنج، ان الجوهر هو الحقيقة، بينما هيجل، اننا يجب ان نعبر عن
الحقيقة بوصفها ” ذاتا ” فالجوهر يمكن ادراكة على نحو مباشر، ووجوده هو
هذه المباشرة. وحين جعل اسبينوزا الجوهر، بوصفه مفههوما للالوهيه فانه الغى من
مجال العلم، الوعى بالذات.

 لذلك،
فهو يريد ان يرد الى الجوهر، الوعى بالذات وبعيلرة اخرى، ان يحيله الى ذاتا. وهو
يقول:

الجوهر
الحسى هو الوجود بوصفه ذاتا، او هو الرسود الواقع بالفعل وبالحق. وهذا الوجود الحى
لا يمكن ان، يكون جامدا، او ساكنا، بل هو ينطلق نحو حركة الصبرورة فيصبح فى نفس
الوقت ذاته وذاتا اخرى

 ان
المطلق ليس معطى دائما وعلى نفس النحو ولكنه عملية جدلية، تتجه نحو التحقق
التدريجى والمتقدم لذاته. ويبدو انه اراد ان يوفق بين الذات عند فبشته والمطلق عند
شلنح، ولكن هذا التكافؤ، لايتم على نحو مباشر، بل من خلال حركة النمو الجدليه او
الصيرورة.

 ومن
الممكن ان نؤكد على العناصر الاتيه فى مفهوم العلم عند هيجل:

1-
انه يجعل التصور البداية الاولى للعلم

2-
ان موضوع العلم، هو المطلق – الكل والواحدة بوصفه ذاتا او جوهرا حيا لابوصفه
موضوعا او جوهرا ثابتا

3-
ان المطلق بوصفه ذاتا، لا يعطى لنا على نحو مباشر، ولكنه يعطى لنا من خلال الحركة
الجدلية والصيرورة التى تحقق له الوعى بالذات

ولانجد
فى هذا المفهوم للعلم، لايمكن ان نميز به بين المنهج والمذهب، وهو يفوق فى رؤيته
التسق القبلة للعلم عند كنت. انها نفحة الروح، التى تحول الجوهر الميت الى جوهر حى،
وتهب المطلق، الوعى بذاته، وتجعله واحدا وكلا، اى شاملا لكل اطراف الوجود كما انها
تحركة فى حركة جدليه فى البعد الزمان، الذى يمتد من الازل، الى الابد.

 ان
فلسفة هيجل، تقدم لنا مشهدا عظيما ورائعا للوجود حين تنطلق الروح – وكانه ينفخ فى
السور – فتبعث الكائنات بعد موتها، وتتحرك بعد سكونها، ويعود الوعى الى الروح، وكل
ذلك فى حركة جدلية شاملة، تظهر فيها الاشياء ثم تختفى لتحل محلها اشياء اخرى، فى
حركة دائمة من النمو والتوسع والازدهار.

 فهيجل
يمثل كما ذكرنا، انطلاقه الروح الالمانية التى كانت قد اخفها وحجتها الفلسفة
المتعالقية عند كنت، ولكن لاشك ان الانا سوف يحتل ايضا مكانته فى هذه الفلسفة
الجديدة.

 ولا
اجد فى الحقيقة سؤالا مباشرا واضحا وصحا تطرحه هذه الفلسفة، مثل السؤال الذى كانت
تطرحة الفلسفة المتعالية وهو كيف يكون العلم ممكنا؟ ولكن ارى انها تتدفق كما تتدفق
الشلالات من التصور البسيط والكلى، للمطلق والروح، ثم يجعله هيجل متحركا فى حركة
فى حركة جدلية، نحو النمو والتوسع.

 اما
المطلق قد سبقه الى ذلك شلنج، ولكنه جعله فى حاله من الهوبة الساكنه.واما الجوهر
فقد سبقه االى ذلك اسبنوزا، وجعله فى حاله من الموضوعية الجامدة، فاصبح ”
ذاتا واحية بذاتها عند هيجل.

واما
الحركة والتغير فى الوجود فقد سبقه الى ذلك هيرقليطس عند اليونان الذى قال
بالصيرورة ولكنها لم تكن حركة جدليه، كما تصورها هيجل، تتجه مثل الحياه نحو التوسع
والتقدم.

 فهل
هى الحركة الرومنسية التى الهمت هيجل فجعل الوجود كله، روحا وحياه، وحركة وصيرورة؟

 حقا،
ان الرومنسيين قد ردوا الحياه الى الطبيعة، والروح الى الانسان، ولكن كان تعبيرهم
شعراء، ولكننا لا ننسى ان هولدرين، شعراء العصر، كما سماه هيدجر، يعتقد ان الوجود
يسكن فى الشعر، وان الشعر هو تعبير عن ماهية الوجود. لذلك، فنحن لا نشك فى ان،
هيجل، قد تاثر بالمفهوم الشعرى والجمالى للوجود عند صديقه هولدرلين.

 اما
من جهه اخرى، فقد كان هيجل فيلسوفا بكل معنى الكلمة، ينقذ الى اعماق الوجود –
جنينا فى احشائه ليصور لنا حقيقته وما هيته بالتصورات العقليه، لا بالمعانى
الشعرية.

 ان
فلسفة هيجل، يجب اعتبارها فلسفة منطقية تخضع للتصورات، ولكن هذا المنطق جدلى
للوجود والروح.

 كان
المنطق عند ارسطو، يخضع مقولات ثابته، تعبر عن ثبات الحقيقة وثبات الوجود، فكل شىء
يمكن ان يتغير الا الحقيقة.

 وكذلك
كنت، استنبط المقولات والاحكام معبله من الانا، تعتبيرا عن ضرورة العلم والعقل.

 اما
الجديد عند هيجل، فان المنطق والمقولات عنده تعبر عن جدل الروح وحركة الوجود.

 كل
شىء فى الموجود يجب ان يتحرك، بحركة الروح والحقيقة اصبحت روحا تحيا بالجدل، وليست
حقيقة هامدة حنطتها العقل داخل التصورات.

 وليس
المجال هنا للبحث عن الوضوح والغموض، لان كل شىء يبدو واضحا، عندما يكون تعبيرا عن
الروح

 ويقول
هيجل: ك الحقيقه هى صيرورة الروح. هى مثل الدائرة، تفترض فى البداية نهايتها،
وتتحقق بالفعل فى الواقع، بواسطه التوسع الجدلى، باعتبارة الوسيله التى ئؤدى الى
الغاية.

 فالتصور
الاول والبسيط للحقيقة، التصور الخالى من كل التتبينات، يبدو كانه سلبا. وهو لا
يمثل الوحده الاصلية او الوحدة المباشرة. ولكنه البداية، التى سوف تنمو وتتوسع من
خلال الكثرة والتعدد. وفى الحقيقة فان التوسع الجدلى، يجعل كل شى يصير ذاته وشيئا
فان التوسع الجدلى، يجعل كل شىء يصير ذاته شيئا اخر غير ذاته، اى يجعله يتمزق، او
ينقسم على ذاته وهذا التمزق والانقسام يحول الشىء من البساطة الى التركيب، ومن
الوحده الى الثنائية من الايجاب الى السلب ومن المباشرة الى الانطواء والانعكاس.

 والجدل
يحول الحقيقة الصورية الى حقيقة عينية ويحول الواحدة الى الكل. بالفعل وفى الواقع.

 واذا
كان الفلاسفة اليونانيون قد اثاروا العديد من المشكلات بين الوحدة والكثرة، فان
الجدل جاء ليضع نهاية لهذه المشكلات. ومن الواضح. ان الجدل الذى ينادى به هيجل،
ليس هو جدل العقل، النظرى عند كنت، الذى الجم العقل؟، ولكنه جدل الروح، الذى احيا
الوجود واحيا الحقيقة.

 ويقول
هيجل: ان الله يحيا فى ذاته فى حاله من الصفاء الكامل، والوحدة التامه بذاته، وعلم
الله بذاته هو علم بما هيته وحب لذاته. ويرى الفيلسوف الالمانى ان لكل ما هية شكل،
وان الماهية الالهية، لها شكل يتجلى فى الواقع او هو الواقع الفعلى لهذا الوجود،
بكل ما فيه من نمو وتقدم.

 وبالتالى،
فان الحقيقة هى الكل، والكل هو الماهية التى تكتمل فى توسعها الجدلى.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى