اللاهوت المقارن

ملحق 4



ملحق 4

ملحق
4

ثيئودور
الموبسويستى

رؤية
قبطية أرثوذكسية

بقلم
الأنبا بيشوى مطران دمياط

أكتوبر
2000

 

يقول بعض اللاهوتيون الحديثون أن
الاستعادة الحديثة لكثير من كتابات ثيئودور الموبسويستى متيسرة الآن بصورة أكثر
مما كانت عليه فى الأجيال السابقة. هذا ليس صحيحاً على الإطلاق.

على
العكس فإنه قد ذكر فى كثير من الوثائق أن كتابات ثيئودور كانت واسعة الانتشار بعد
المجمع المسكونى الثالث فى أفسس 431م، وكانت مترجمة بصورة كافية من اليونانية إلى
السريانية حتى تمت أعمال المجمع القسطنطينى الثانى 553م حينما كانت كل كتاباته لا
تزال متيسرة.

 

إننا
نجد مثالاً واضحاً كل الوضوح لتلك الحقيقة الخاصة بالتعليم الخاطئ لثيئودور
الموبسويستى فى كتابات القديس يعقوب السروجى الذى تنيح عام 528 (محفوظة فى المتحف
البريطانى)، وكان مار يعقوب رجلاً مسالماً وموقراً من كل من الخلقيدونيين وغير
الخلقيدونيين فى الماضى. فحينما سأله بعض الأخوة من دير باسوس، رغبة منهم فى
اختباره، إن كان يحرم ديودور الطرسوسى وثيئودور الموبسويستى، أجاب:

 

“…هذين
الذين أصبحا سبب شكوك لتعليم الإيمان الحقيقى. أما أنا فلم أحزن نظراً لأهمية هذا
الاستفسار الذى ألقى علىّ. حينئذ زجرت فكرى، لئلا أتخوف من هذا الاستفسار، وأسقط
فى فخ الكبرياء، وجعلت نفسى تتواضع بأفكار متواضعة وأنا أنظر إلى حلم وتواضع
المسيح. لا يحق لى أن أسأل عن جواب الحقيقة، ولو ألقى على بنوع التجربة من قبل
أخوة بسطاء ومحبى الله.

 

أود
أن أجعل من السؤال جواباً للأخوة. لا يظن أننى أؤلف هذا حديثاً، ولأجل هذا أعلم
عفافك: أننى قبل خمس وأربعين سنة، لما كنت أسكن مدينة الرها لأجل قراءة الكتب
الإلهية، وفى نفس الوقت كانت تفسر كتب ثيئودور الأثيم من اليونانية إلى السريانية.
وكانت فى المدينة مدرسة للفرس الذين كانوا متمسكين بتعليم ثيئودور الجاهل بمحبة
جمة. وفسد الشرق كله بتلك المدرسة، التى استأصلت من المدينة بهمة المستحق الذكرى
الصالحة مار قورا أسقف الرها، وبأمر الملك المؤمن زينون.

 

فى
نفس ذلك الوقت الذى به كانت تفسر كتب الأثيم تلك من اليونانية إلى السريانية، كنت
صبياً محتاجاً إلى العلم وصادفت أحد كتب ثيئودور، فوجدته ممتلئاً كل إنقسامات وكل
مواضيع بعيدة جداً عن الحقيقة.

 

يعلن
فى كتبه بدل مسيح واحد، إثنين. أما أنا، بدون تأثير الآخرين، لكن بنعمة الله
القانية الكل بمراحمها على جميعنا، فقد تخوفت من ذلك التعليم المنقسم والمشكك،
ونظرت إليه كما إلى وكر ممتلئ ثعابين، وقلت حالاً من تلقاء نفسى، دون أن يطالبنى
أحد بذلك: “محروم هو هذا الرجل وتعليمه، وأنا أيضاً إذا اتفقت معه.”
وثبت على هذه الفكرة، بينما كان يلومنى الفرس، المتمسكون كثيراً بهذا التعليم
البعيد عن الحقيقة. بعد مدة أيضاً صادفنى كلام ديودور وثيئودوريت فوجدت أن كليهما
شربا من ذلك السم المر، مع نسطور المحروم وديودور وثيئودور وثيئودوريت
المحروم.” [الرسالة 14 لمار يعقوب السروجى- كتاب رسائل مار يعقوب السروجى
الملفان- “موسوعة عظماء المسيحية فى التاريخ” ترجمات 3، للدكتور الأب
بهنام سونى، منشورات المركز الرعوى للأبحاث والدراسات الرئاسة العامة للرهبانية
الأنطونية المارونية- دير مار روكز الدكوانة- لبنان- الطبعة الأولى 1995]
[1]

 

إن
شهادة مار يعقوب السروجى هى شهادة إنسان قرأ أحد كتب ثيئودور الموبسوستى حينما
ترجمت كل كتبه فى مدينة الرها من اليونانية إلى السريانية عام 466م. وكتب مار
يعقوب السروجى أن ثيئودور “يعلن فى كتبه بدل مسيح واحد إثنين”.

 

رجاء
الرجوع إلى ورقتنا بعنوان “رؤية الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بخصوص ثيئودور
الموبسويستى ونسطور بطريرك القسطنطينية” حيث سجلت تفاصيل أكثر عن ثيئودوريت.

 

مرفق
على صفحة 105، 107، 109 نصوص ثلاثة خطابات للقديس كيرلس السكندرى (نشرت ترجمتها
باللغة الإنجليزية الجامعة الكاثوليكية بالولايات المتحدة الأمريكية، واشنطن
1985)، يعبر فيها عن رأيه ضد التعاليم المعبر عنها فى كتابات ثيئودور الموبسويستى.
كان القديس كيرلس توّاق جداً إلى دحض هذه التعاليم الهرطوقية لكن أساقفة الشرق فى
ذلك الحين كانوا يقاومون رغبته والأسقف يوحنا الأنطاكى لكى يتحاشى صراعاً جديداً
وانقساماً فى الشرق طلب من القديس كيرلس أن يعتبر إدانة نسطور كأنها إدانة لتعاليم
ثيئودور.

 

إلا
أن الرغبة المقدسة التى كانت للقديس كيرلس قد تمت فى المجمع المسكونى الثانى فى
القسطنطينية عام 553 م حيث أدين ثيئودور وتعاليمه.

 

كتب
القديس كيرلس للإمبراطور ثيئودوسيوس (الرسالة رقم 71) ما يلى:

كان
هناك ثيئودور أسقف موبسويستيا ومن قبله ديودور أسقف طرسوس، هذان كانا آباء تجديف
نسطور
. ففى الكتب التى ألفاها إستخدما جنوناً غير مهذب ضد المسيح مخلصنا كلنا
لأنهم لم يفهموا سره. لذلك فقد رغب نسطور فى تقديم تعاليمهم فى وسطنا فخلعه الله.”

إن
شهادة القديس كيرلس هى شهادة لاهوتى عظيم استطاع أن يقرأ كتب ثيئودور ويقيمها.

هل
من العدل الآن أن نقول أن هناك “
استعادة حديثة لكثير من كتابات ثيئودور
الموبسويستى متيسرة الآن بصورة أكثر مما كانت عليه فى الأجيال السابقة؟!”

إننا
نؤمن أن هناك اليوم محاولة لتحدى وتحوير الحقائق للضد. وهذا هو أعظم خطر يواجه
المسيحية فى هذه الأيام.



[1]
Letter 14th of Jacob of Serugh, published in ZDMG 30 (1876), pp.
220-226, edit. P. Martin, Manuscript British Museum Cod. dclxxii (dated A.D.
603).

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى