اللاهوت المقارن

133- علاقة الذبيحة الدموية بكهنوت ملكي صادق



133- علاقة الذبيحة الدموية بكهنوت ملكي صادق

133- علاقة الذبيحة الدموية بكهنوت ملكي صادق

ولكن
ما علاقة هذه الذبيحة الدموية بملكى صادق الذي كانت ذبيحته خبزاً وخمراً؟!.. لا
يمكن أن يُقال عن السيد المسيح أنت كاهن إلى الأبد على رتبة ملكى صادق إلا إذا كان
الخبز والخمر هو نفسه ذبيحة الصليب. أما إن بقيت ذبيحة الصليب ذبيحة دموية فقط
بدون خبز ولا خمر فلا علاقة لها برتبة ملكى صادق..

 

ولا
يكون هناك رئيس كهنة إلا عندما يكون هناك كهنة، وهؤلاء الكهنة سوف يقدمون ذبيحة
القداس الإلهى التى هى ذبيحة العهد الجديد. ويمارس هؤلاء الكهنة كهنوت على رتبة
ملكى صادق لأن تقدمتهم هى خبز وخمر ولكنها تتحول أثناء القداس إلى جسد الرب ودمه
تحت أعراض الخبز والخمر. وهنا يكون قد تحققت الوحدانية بين ذبيحة الصليب وبين
تقدمة الخبز والخمر، أى أنهما ذبيحة واحدة هى ذبيحة الفداء. لذلك أصبح المسيح رئيس
كهنة على رتبة ملكى صادق.

 

ومن
المعروف أن الآباء القديسين مثل غريغوريوس النيصى الذي عاش من سنة 335-394 م لم
يفُته ذلك فقال } لأن المدبر كل شئ بحسب سلطانه السيدى لم ينتظر الإضطرار الناتج
عن الخيانة، ولا هجوم اليهود اللصى، ولا محاكمة بيلاطس الخارجة عن الشريعة كى لا
يكون شر هؤلاء بدءًا لخلاص الناس العام وعلة له، لكنه بتدبيره قد سبق هجومهم، وهو
نفسه قدَّم ذاته بعمل التقديس[3] الذي لا ينطق به وغير المنظور من البشر قرباناً
وذبيحة عنا، إذ هو كاهن معاً وحمل الله[4] الرافع خطيئة العالم. وإن سألت: متى كان
هذا؟ فأجيبك: إنه كان عندما جعل جسده مأكلاً بصريح العبارة وأعطاه للأكل، وصارت
ذبيحة الحمل كاملة.. فلما منح تلاميذه أن يأكلوا جسده ويشربوا دمه ضحى جسده بوجه
لا ينطق به وغير منظور، مدبراً هذا السر كما أرادت سلطته} [5].

 

[ كى
لا يكون شر هؤلاء بدءًا لخلاص الناس العام وعلة له، لكنه بتدبيره قد سبق هجومهم
وهو نفسه قدم ذاته في عمل التقديس ] بمعنى أنه لم ينتظر حتى يأخذوه ويقبضوا عليه
ويسمروه على الصليب، لكنه أراد أن يثبت أن كهنوته أعلى من الكهنوت الهارونى الذي
لرؤساء كهنة وكهنة اليهود فجاء في ليلة آلامه وأخذ الخبز وباركه، وأخذ الكأس وشكر
“أخذ يسوع الخبز وبارك وكسّر وأعطى التلاميذ وقال: خذوا كلوا هذا هو جسدى.
وأخذ الكأس وشكر وأعطاهم قائلاً: اشربوا منها كلكم لأن هذا هو دمى الذي للعهد
الجديد الذي يُسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا” (مت26: 26-28).. وهكذا يكون
السيد المسيح هو رئيس كهنة على رتبة ملكى صادق، فهو الذي قدّم نفسه قبل أن يقدّمه
أحد.

 

واضح
من الآباء القديسين ومن آباء القرون الأولى أن كثيرين منهم قد تكلّموا عن هذا السر
العظيم، وكمثال فقط فإن القديس أغناطيوس المتوشح بالله، أو الحامل الله الثيئوفورس
الذي استشهد حوالى سنة 110 م في رسالته إلى أهل فلادلفيا الفصل الخامس يقول }إن
للرب يسوع المسيح جسداً واحداً، وهناك كذلك كأس واحدة للاتحاد بدمه، ومذبح
واحد[6]{ مذبح واحد، كأس واحد للاتحاد بدمه هى كأس العهد الجديد.. هذه الأقوال
كلها من قبل سنة 110 ميلادية والكثير جداً من الآباء تكلموا عن سر الإفخارستيا
ولدينا أقوالهم؛ لكن المجال هنا لا يتسع، وإنما من الممكن أن نقوم بتجميع وإصدار
هذه الأقوال في كتب تفصيلية لمنفعة الدارسين.

_

3) من
هنا جاءت كلمة “القداس” على العشاء الربانى أو سر الشكر.

4) هو
الكاهن والذبيحة، وهو الحمل والراعى، وهو المخلص والخلاص.

5)
للقديس غريغوريوس النيصى خطاب 1 عن قيامة السيد المسيح.

6) من
رسالة القديس أغناطيوس (الثيئوفوروس) إلى أهل فلادلفيا – فصل (5).

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى