اللاهوت المقارن

15- مولود غير مخلوق



15- مولود غير مخلوق

15- مولود غير مخلوق

إن
الآب لم يخلق الابن، لأننا نعرف أن الابن هو كلمة الله، ويمكن أن نأخذ تشبيهاً
سهلاً: مثل العقل والفكر. فالعقل يلد الفكر، ولا يوجد عقل بدون فكر. والعقل بدون
فكر لا يكون عقلاً. والنور يلد الشعاع، فهل النور يتزوج لكى يلد الحرارة!! بالطبع لا.
إذن فولادة العقل من الفكر هى ولادة طبيعية، وكذلك ولادة النور من النور هى ولادة
طبيعية.

 

ولكن
هل لأن العقل هو الذي يلد الفكر فمعناه أن العقل كان يوجد من قبل الفكر؟‍!
فالإجابة لا. لأن العقل بدون فكر لا يكون عقلاً. فالعقل والفكر شئ واحد، لا يمكن
فصلهما لأنه كيف يمكن فصل العقل عن الفكر الموجود داخله!! لأنه لو تم فصل العقل من
الفكر: فالعقل لا يكون عقلاً. وكذلك لو تم فصل كلمة الله عن الله، فالله يفقد
ألوهيته. وإذا كان العقل لا يوجد له بداية فالفكر أيضاً لا يوجد له بداية.

 

إذا
كان الآب أزلياً فالابن أيضاً أزلى والآب وكلمته واحد لا يمكن فصلهما لذلك قال
“أنا والآب واحد” وليس فقط الآب والكلمة واحداً؛ ولكن الآب والكلمة
والروح القدس لذلك نقول }باسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين{.

 

نحن
نؤمن أن الله واحد. لأنه لا يوجد أكثر من إله في الوجود. لكن الله الآب ليس من
الممكن أن يكون هو الله إلا إذا كان هو أبو الكلمة فلا يوجد أب بدون ابن. مثل
الينبوع والتيار فالينبوع يلد التيار. الينبوع والد التيار المولود: لكن لا يوجد
ينبوع بدون تيار ولا تيار بدون ينبوع، لأنه كيف أتى الماء. فلابد أن يكون الينبوع
له تيار والتيار له ينبوع لذلك قال “تركونى أنا ينبوع المياه الحية لينقروا
لأنفسهم أباراً أباراً مشققة لا تضبط ماء” (أر2: 13) . والسيد المسيح قال
“أنا هو الطريق والحق والحياة” (يو14: 6). فالماء الحى الخارج من الآب
هو الابن. لأن الابن قال أنا هو الحياة. فالآب هو الوالد والابن هو المولود. لكن
بدون زواج.

 

إن
الولادة من الآب السماوى شئ، والولادة من العذراء شئ آخر. فهو مولود من الآب قبل
كل الدهور وقبل خلق العالم كله ولادة إلهية روحية بدون أم. لذلك نقول عنه في قانون
الإيمان }المولود من الآب قبل كل الدهور{. عندما أراد الله أن يخلصنا أرسل ابنه
مولوداً من امرأة مولوداً تحت الناموس ليفتدى الذين هم تحت الناموس من لعنة الخطية
كما قال الكتاب “ولكن لما جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولوداً من امرأة
مولوداً تحت الناموس. ليفتدى الذين تحت الناموس لننال التبنى” (غل4: 4، 5)
وأيضاً يقول الكتاب “الكلمة صار جسداً وحل بيننا ورأينا مجده مجداً كما
لوحيدٍ من الآب مملوءًا نعمةً وحقاً” (يو1: 14). إنه كلمة الله الأزلى الذي
هو كائن في حضن الآب كل حين وكما يقول “الابن الوحيد الذى هو في حضن الآب هو
خبَّر” (يو1: 18). فعندما تجسد الكلمة رأينا الله. لذلك يقول “الذى رآنى
فقد رأى الآب” (يو14: 9).

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى