اللاهوت الطقسي

الفصل التاسع: ليتورجيا القداس ودورها الرعوى



الفصل التاسع: ليتورجيا القداس ودورها الرعوى

 

الفصل التاسع: ليتورجيا القداس ودورها الرعوى

+ العمل الرعوى هو الإهتمام
بكل نفس لكى أقودها لعضوية جسد المسيح ونجد ذلك بمنتهى الإبداع فى القداس.
 دور العمل الرعوى
المعلومة تؤدى إلى معرفة =
تؤدى إلى إتجاه
 
 وهذا يكون شكل الشخصية
الإنسانية.
+ لذلك فالمعلومة أو الحركة
الطقسية فى القداس تكون إتجاه وهذا الاتجاه يشكل الشخصية الإنسانية.
مثال:
+ ولد صغير يشاهد الإعلانات
فى التليفزيون وليكن إعلان عن سلعة الشيبسى، ماذا يكون رد فعل هذا الولد بعد نهاية
الإعلان؟!! سيقول “أريد شيبسى”.
+ فما الذى حدث؟ معلومة
أخذها من التليفزيون كونت عنده معرفة فقادته إلى إتجاه عنده، هذا الإتجاه هو سلوك
معين (وهو طلب هذه السلعة).
+ ما أريد ان أقوله أن كل ما
هو فى القداس يشكل الشخصية الإنسانية التى بدورها سيكون لها رد فعل وسلوكيات فى
الحياة العملية وذلك سواء شعر الشخص أو لم يشعر، فالمعلومة تتسلل إلى الوجدان
وتظهر فى السلوك دون أن يشعر الشخص.
+ ونحن كأشخاص أقباط محصلة
ثقافات وعادات وتقاليد كثيرة فالشخصية القبطية تأثرت بالثقافات والإعلام والبيئة،
لذلك فالبديل هو الليتورجيا التى تقدمها الكنيسة.
+ كلنا نعرف الشارع المشهور
باسم كلوت بك.. إنه اسم طبيب فرنسى له حكاية جميلة وغريبة فقد أراد أن يجرى تجربة
على تأثير الوهم على النفس البشرية.. فأحضر شخص محكوم عليه بالإعدام وأخذه إلى
غرفة الإعدام وقال له: لن تموت بالشنق ولكنك ستموت بطريقة جديدة وهى “تصفية
الدم” فبعد توثيقه بالحبال وعصب عينيه بأربطة شكوه بإبرة (تمثيلية ليوهموه
أنهم سوف يسحبون دمه نقطة نقطة) ثم بعد ذلك أحضروا طبق كبير وسكبوا فيه الماء نقطة
نقطة، وبعد فترة قالوا للرجل “إحنا سحبنا نصف دمك” وإستمروا فى سكب
الماء فى الطبق ثم قالوا للرجل “إحنا سحبنا ¾ دمك” وإستمروا فى سكب الماء
فى الطبق ثم فى النهاية قالوا له “سحبنا دمك كله” وفور سماعه ذلك مات
الرجل فى الحال.
+ مات الرجل دون أن تُسحب
منه نقطة دم واحدة.. مات بالوهم. إنها قصة أردت أن أسردها لأوضح مدى تأثير النفس
على حياة الإنسان وكيف أن حالة النفس (ضعف أو قوة) تؤثر على الشخصية وإتجاهاتها
وإنحرافاتها ونضجها.. الخ.
+ فأريد أن أقول أننا كأناس
أقباط يؤثر علينا إتجاهات وثقافات غريبة تجعلنا نعيش بسلوكيات غير مناسبة لنا، لكن
يجب أن نرجع لمرجعيتنا.
+ فنحن نستمد من قوة
الليتورجيا الشخصية المسيحية التى بها نسلك نور العالم وملح الأرض، فنحن نملك كنز
لا يقدر ولا نشعر به، فهيا بنا نعطى بعض الملامح له من خلال القداس الإلهى.
 وسائل العمل الرعوى
أولاً: تشبع إحتياجاته.
ثانياً: تتابعه (تفتقده).
ثالثاً: تعلمه.
رابعاً: تعده للكرازة. خامساً:
تحقق عضويته فى جسد المسيح.
أولاً: تشبع إحتياجاته:
+ الكتاب المقدس كنز لا
يفرغ.. ومن العجيب أن علماء النفس أخذوا معظم مبادئهم من الكتاب المقدس.. والجميل
إننا نعرف أن القداس الإلهى (نصوص أو حركات طقسية) كله من الكتاب المقدس (نصاً أو
منهجاً).
+ ماسلو عالم فى علم النفس
وضع هرم للإحتياجات.. هذه الإحتياجات نجدها فى القداس.
 
إشباع الإحتياجات من خلال
القداس:
1- الإحتياجات الجسدية
“أول مطلب للإنسان”:
أ- دبر حياتنا كما يليق.
ب- من أجل فقراء شعبك.
ج- أنت الذى تعطيهم طعامهم
فى حين حسن.
د- يا معطياً طعاماً لكل ذى
جسد.
ه- الصلاة من أجل الزروع
والعشب ونبات الحقل.
و- الصلاة من أجل مياه
النهر.
 
وهكذا نجد القداس يهتم
بإحتياجاتنا الجسدية:
2- الأمان: بعدما يطمئن إلى
إحتياجاته الجسدية يطلب الأمان.
+ نجد فى القداس أبانا يصلى:
السلام لجميعكم.. وتتكرر كثيراً..
+ هذا السلام منبعه الذبيحة
التى على المذبح (المسيح نفسه).. لدرجة أن الكاهن بعد التقديس يتوارى ويجعل السلام
من المذبح إلى الشعب مباشرة.
+ هذا السلام قال عنه بولس
سلام يفوق كل عقل.
+ ولذلك نحن نصلى من أجل
الرئيس والجند والوزراء وكل من هم فى منصب لكى يتكلم الله فى قلبه من أجل سلام
الكنيسة..
3- الحب: ونأتى إلى المطلب
الثالث وهو أن يشعر الإنسان أنه محبوب.
+ فيسمع الكاهن وهو يقول:
“الذى سلم ذاته عنا إلى الموت الذى تملك علينا..” وهكذا نجد القداس كله
يتكلم عن الحب..
+ يشعر أنه محبوب من الله
رغم خطيته وضعفه.. أى حب غير مشروط.
+ السائح الروسى الذى دخل
الكوخ ووجد طريقه للصلاة الدائمة (صلى لمدة سبع أيام).. وبعدها خرج فوجد نفسه
مملوء حب لم يقدر أن يحتمله لوحده.. فأخذ يوزعه على كل من يقابله ويصنع معه محبة.
+ نحن نحتاج أن نعلم أولادنا
الحب.
+ أم قالت لطفلها الصغير
“خذ السندوتشات ديه وإوعى تعطى لأى حد منهم..” فالولد أخذ إنطباع ان
زملاءه فى المدرسة ليسوا أحباء له بل هم سبب خطر.. وهذا جعل الولد لا يعرف أن يحب
وإنعزل عن المجموعة.
+ أم أخرى ذكية أعطت إبنها
كيس فيشار وقالت لإبنها وزع منه على أصحابك فى المدرسة.. ولما دخل الفصل ووزع
عليهم الفيشار.. وجد أصحابه حوله.. فشعر أنه محبوب وعرف كيف يحب.
+ إسمع قول الشماس
“قبلوا بعضكم بعضاً بقبله مقدسة”.
4- التقدير:
+ فى القداس كل واحد له عمل
.. الكاهن له عمل والشماس له عمل والشعب لهم عمل فى التسبيح .. وأراخنة الكنيسة
ومجلس الإدارة والعمال والفراشين .. كل واحد حسب عمله.
+ وهنا كل واحد يشعر أنه جزء
من عمل الجماعة.. فيعطيه التقدير فكل هذا نجده من خلال التحضيرات قبل القداس أو من
خلال صلوات القداس.
+ ذات مرة دخلت أم ووجدت
إبنها الصغير بيشخبط فى ورق.. فنظرت له وقالت له: “ماذا تعمل”.. فقال
لها “أرسم صورة”.. ولكنها لم تكن صورة بل شخبطة فنظرت إليه الأم
بإبتسامه الله. أنه رسم جميل.. وأخذت الرسم “الشخبطه” وعلقته على حائط
المنزل.. وكل من يدخل من الضيوف تقول الأم له إن إبنها هو الذى رسم هذا الرسم
الجميل.. وفرح الولد وتشجع.. وأخذ يشخبط ويشخبط.. ماذا كانت النتيجة..؟ النتيجة هى
أن هذا الولد أصبح الفنان العالمى فان جوخ.
+ فكر معى لو كانت هذه الأم
أم غير حكيمة.
5- تحقيق الذات:
+ بعدما شبع جسدياً وشعر
بالأمان والحب وتشجع فى توجيه طاقاته وموهبته حقق ذاته..
+ البناء الروحى السليم يكون
على نفسية سليمة.. وإلا أصبح تَديناً مَريضاً..
+ وأنت واقف فى القداس فى
حياة توبة قوية ونفسية سليمة تتمتع بعمل الروح القدس فى داخلك.
ثانياً: المتابعة
(الإفتقاد):
1- عن طريق الصلاة من أجل
الناس..
+ ذات مرة دخل الكاهن
الكنيسة وخلع عمته من فوق رأسه وأخرج أوراق كثيرة فقال له زميله الكاهن ما هذا..
فأجابه أنها هموم الناس جيت أضعها على المذبح قدام الله.
+ فى تذكار الحمل الكاهن
يذكر إحتياجات شعبه.
+ وفى تعميد الحمل يصلى من
أجل الكل.
+ وكذلك فى أخر القداس قبل
التناول بيصلى من أجل شعبه.
2- عند توزيع الأولوجية
(قربان الحمل) فى نهاية القداس على الشعب.. هذا إفتقاد للشعب لأن أبونا بيبدأ يسأل
الشعب عن أحوالهم.
ثالثاً: التعليم:
وذلك من خلال:
1- الطقس:
+ هو تمثيل حركى للكتاب
المقدس.. وهو أكبر كارز للإيمان بالمسيح من خلاله تجد حياة المسيح كلها ممثلة من
أول القداس إلى آخره وفيها تجد العقيدة مشروحة فى أنقى صورة..
2- القراءات الكنسية:
1- تكشف طبيعة الكنيسة
وعمقها.
2- تبين منهجها وفكرها
اللاهوتى.
3- تظهر غايتها لخلاص
الإنسان.
4- تحث أولادها على التوبة
والجهاد الروحى لكى يكونوا مؤهلين ومستحقين لهذا الخلاص .
5- تتيح لهم فرصة التأمل فى
السماويات مع قبول الآلام بفرح.
6- توصلنا إلى الشركة مع
الله الآب فى إبنه الوحيد بالروح القدس من خلال الأسرار الإلهية والتمتع بكلمة
الله.
 
7- تهيئنا للإستعداد
للأبدية.
 
والقراءات الكنسية قسمين

 

قراءات الآحاد

قراءات
خاصة

أ-
آحاد السنة كلها

أ-
كل يوم حسب أعياد الشهداء والقديسين.

ب-
تظهر عمل الثالوث فى الكنيسة.

ب-
تظهر مواهب أعضاء الكنيسة جسد المسيح.

ج-
تنطلق بالمؤمن إلى وحدة الكنيسة.

ج-
تربط المواهب كأمر متكامل مع وحدة الكنيسة.

د-
تبرز عمل الله الدائم نحو الكنيسة والبشرية كلها لكى يرفعهم إليه ليشاركونه مجده.

د-
تبرز الكنيسة جسد المسيح.. ونرى المسيح مختفياً فى كنيسته يجمع أعضاءها حوله
كالمجموعة الشمسية التى تلتف حول الشمس مصدر نورها وحياتها.

 

+
يشبه بعض الأباء القراءات التى تتلى فى قداس الموعظين بوليمة الخمس خبزات
والسمكتين (لو 9).

الخمس
خبزات: هى القراءات الخمس من الكتاب المقدس (البولس – الكاثوليكون – الإبركسيس –
المزمور – الإنجيل).

السمكتين:
السنكسار – العظة.

نضعها
فى الثلاث أكيال دقيق التى لدينا (الجسد – النفس – الروح) حتى يختمر العجين كله
وتتقدس وتتنقى كل الحواس والأفكار (يو 3: 15).

+
يقول العلامة أوريجانوس فى قداس الموعظين (القراءات) تخطب النفس للرب يسوع وفى
قداس المؤمنين ترتبط معه برباط الزيجة والإتحاد الكامل.. ولا توجد زيجة بدون خطبة.

+
والكنيسة تصر على أن المؤمنين الراغبين فى التناول أن يحضروا (قراءات قداس
الموعوظين) وبالأخص الإنجيل حتى يستعدوا للتمتع بالإفخارستيا.

 

 قراءات
الكنيسة

1-
آحاد السنة 52 يوماً لها قراءات خاصة وليس فيها إحالات (القطمارس السنوى الدوار
جزء الآحاد).

2-
الأيام الخاصة 55 يوماً (التى لها قراءات) فى الأيام السنوى والباقى أيام محالة
(القطمارس الدوار جزء الأيام).

3-
فترة الصوم الكبير أياماً وأحاداً لها قراءات خاصة وليس فيها إحالة (قطمارس الصوم
الكبير).

4-
فترة البصخة (أسبوع الآلام) (قطمارس البصخة).

5-
فترة الخماسين (من عيد القيامة إلى عيد العنصرة) قطمارس الخماسين المقدسة.

3-
الوعظ: وهو تفسير وشروحات الأباء لنصوص القراءات.

4-
نصوص القداس: التى تسلمناها من أبائنا الرسل المسوقين بالروح القدس..

رابعاً:
الكرازة:

القداس
يعلن عن كنيستنا وسط العالم ويعدنا للكرازة:

1-
نصلى فى القداس أمين أمين بموتك يارب نبشر.

2-
كل مرة تأكلون من هذا الخبز وتشربون من هذا الكأس تبشرون بإسمى.

3-
علموا الذين فى الخارج أنكم كنتم مع صفوف السمائيين “ذهبى الفم”.

 

خامساً:
تحقيق العضوية فى جسد المسيح:

1-
نتحد كلنا فى قداس واحد فى كل مكان فى كل العالم.

2-
وحدانية القلب التى للمحبة فلتتأصل فينا.

3-
حبات القمح كلها تتجمع وتعمل قربانة.. ونحن عندما نتناول نتجمع فى جسد المسيح
فنصير لحماً من لحمه وعظماً من عظامه.

4-
حينما خلق الله الإنسان خلقه كيان واحد ومنه أخذ حواء.. وهذا الكيان الواحد نبعت
منه كل البشرية.. لذلك حينما سقط آدم سقط الكيان كله فسقطت البشرية التى فيه..

وفى
القداس نتجمع كلنا عند الذبيحة ونأكل منها ونصير واحداً فى هذه الذبيحة.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى