اللاهوت الطقسي

36- علاقة الافخارستيا بملكوت الله



36- علاقة الافخارستيا بملكوت الله

36- علاقة
الافخارستيا بملكوت الله

فى صلوات القداس الإلهى نتكلم بوضوح عن ملكوت
الله نقول: اجعلنا مستحقين كلنا يا سيدنا أن نتناول من قداساتك طهارة لأنفسنا
وأجسادنا لكى يكون لنا نصيباً وميراثاً مع كافة قديسيك الذين أرضوك منذ البدء.

 

وأيضاً الجزء الذى نقول فيه: ففيما نحن أيضاً
نصنع ذكرى آلامه المقدسة وصعوده إلى السموات وجلوسه عن يمينك أيها الآب. وظهوره
الثانى المخوف المملوء مجداً. والظهر الثانى هو يوم القيامة (تحقيق ملكوت الله).

 

ثم فى آخر القداس يقول الكاهن: لأنه مالم تره
عين ومالم تسمع به أذن وما لم يخطر على قلب بشر ما أعده الله… وهو حامل الصينية
يقول: هذا أعلنته لنا نحن الأطفال الصغار الذين فى كنيستك المقدسة (أعلنه لنا
كيف؟؟ أعلنه لنا عن طريق التناول “الافخارستيا”) والكاهن يردد هذا
الكلام نيابة عن الشعب كله وهو يحمل الصينية على رأسه ويقول: فمنا امتلأ فرحاً ولساننا
تهليلاً لأن مالم تره عين ومالم تسمع به أذن.. هذا أعلنته لنا نحن الأطفال الصغار
الذين لكنيستك المقدسة.. ما أعددته يا الله لمحبى اسمك القدوس هذا أعلنته لنا..
هذا الحديث عن ملكوت الله الأبدى.

 

* ملكوت الله الحالى:

فى الجزئية التى تقول: وعلمنا طرق الخلاص وجعلنا
له شعباً مجتمعاً وسيرنا أطهاراً بروحك القدوس.. أى أنه لما ملك الروح القدس على
قلب الشعب فى الكنيسة هذا يمثل ملكوت الله على الأرض لأن كنيسة الله هى ملكوته على
الأرض..

 

والقديس إغريغوريوس الناطق بالإلهيات يقول فى
القسمة:

 

“اصنعنا لك شعباً مجتمعاً مملكة وكهنوتاً
وأمة مقدسة يعتبر اصنعنا لك أى هذا غير ممكن لدينا نحن بأشخاصنا لا يمكن نصل إليه
لولا أنك تصنعنا.. وصنع الشئ هو إيجاده من جديد.. المادة الخام ممن تكون موجودة
لكن التصنيع نفسه عملية التصنيع نفسها أى تجعل الشئ مختلف عن المادة الخام الأصلية
(مثال: الملابس – من القطن – الصوف.. الخ).

 

وفى صلاة الاستعداد يقول الكاهن: اجعلنا
مستوجبين بقوة روحك القدوس أن نكمل الخدمة بغير وقوع فى دينونة أمام مجدك العظيم..
نقدم لكَ صعيدة البركة مجداً وعظم بهاء فى قدسك.. هذه الصلوات بالذات تربط بين
الملكوت الأبدى والحالى.. يقول اجعلنا مستوجبين وتعبير مستوجبين أى غير مستحقين..
وكلمة مستوجب أى له الحق التلقائى.. اجعلنا مستوجبين بقوة روحك القدوس أى الملكوت
الحالى أن نكمل الخدمة بغير وقوع فى دينونة تخص الملكوت الأبدى أمام مجدك العظيم..

 

* ومن هذه الصلوات نخرج بثلاث نقاط هامة وهى:

1- الذبيحة تحيينا ملكوت الله: وبدون
الافخارستيا لا نعيش ملكوت الله على الأرض وإحياء ملكوت الله على الأرض عن طريق سر
الأفخارستيا وبما أنه هو المسيح الممجد إلى الأبد الذى سيدين الأحياء والأموات فى
الملكوت الأبدى يكون الملكوت الحالى ظل الملكوت الأبدى أو عربون له.. ويقول القديس
كيرلس: السيد المسيح ربط مكافأة الرسل وأخذهم للأبدية بالأفخارستيا فى جلستهم حوله
على مائدة الأفخارستيا والسيد المسيح فى لوقا قال للتلاميذ أنا أجعل لكم كما جعل
أبى لى ملكوتاً لتأكلوا وتشربوا على مائدتى فى ملكوتى وتجلسون على عروشاً وتدينون
أسباط إسرائيل الاثنى عشر (إنجيل لوقا 30: 22) ففيما السيد المسيح جالس بين
تلاميذه على مائدة الافخارستيا كلمهم عن العروش التى يجلسون عليها فى الأبدية وقال
لهم أنا أجعل لكم كما جعل أبى فى ملكوتى.. أى الذى يحدث عن المائدة هو ظل أو مثال
لما سيحدث (وكلمة مثال أقرب للمعنى) ” حين تجلسون على العروش إذ تأكلون فى
ملكوتى وتدينون أسباط إسرائيل الإثنى عشر، وفى” (مت28: 19) يقول لهم: لا أشرب
من نتاج الكرمة حتى يأتى ملكوت الله يقول ذلك صراحة، وفى (انجيل مرقس 25: 14) يقول
لهم: “لا أشرب من نتاج الكرمة.. لأعود أشرب من نتاج الكرمة إلا حين أشربه
معكم جديداً فى ملكوت أبى”.

 

ويقصد بنتاج الكرمة (دمه الذكى الكريم عصارة
الحب الإلهى).. أى يريد أن يقول لهم أنا شربته معكم لم أشربه معكم مرة ثانية على
الأرض إلا أن أشربه معكم جديداً فى ملكوت أبى.. وهنا ربط واضح بين الذبيحة وملكوت
الله لذلك حديث السيد المسيح عن العروس والأكل فى الأبدية كان قبل سر الأفخارستيا
مباشرة.. وبعد الأكل قال لهم: لا أشرب من نتاج الكرمة إلى أن أشربه معكم جديداً فى
ملكوت أبى.

 

* لذلك هدف أساسى فى عمل الأفخارستيا هو أن تكون
ضمن ملكوت الله وأن يكون لنا نصيب فى ملكوت الله.. لذلك يقول: اجعلنا مستحقين يا
سيدنا أن نتناول من قدساتك.. لكى نكون جسد جسداً واحداً وروحاً واحداً ونجد نصيباً
وميراثاً مع كافة قديسيك الذين أرضوك منذ البدء.. هنا نرى فى الأفخارستيا صورة
حقيقية لملكوت الله ولذلك الذى يثبت خطأه يُحرم من التناول لأنه لا يدخل ملكوت
الله إنسان خاطئ متمسك بخطأه لذلك بدون التوبة والاعتراف لا نناول أحد وأذكر عبارة
جميلة قالها ذهبى الفم: “أن دينونة الخطاة فى يوم الدينونة العامة، أما
الدينونة للقديسين فهنا أمام المذبح” بمعنى أن القديسين الذين يعيشون حياة
التوبة والاعتراف يدينوا أنفسهم ويقروا بخطئهم أمام الأب الكاهن فيستحقوا التناول
من المذبح.. لذلك الإنسان لا يمكن أن يُحاكم مرتين على شئ واحد (خطأ واحد) فإذا
حُوكم وحاسب نفسه على خطأه يتبرأ من الحكم لذلك “ليست خطية بلا مغفرة إلا
التى بلا توبة”.. وذهبى الفم يعتبر أن “التوبة والإقرار بالخطأ هو
دينونة القديسين، يدانوا هنا حتى يتبرأوا فى الأبدية السعيدة وينالوا الملكوت
الدائم..

 

من كل ذلك نجد أن الذبيحة هى التى تحيينا ملكوت
الله وخارج الذبيحة لا نعيش ملكوت الله.. اخوتنا البروتستانت يقولوا حين نجلس إلى
المائدة المقدسة يرسم فى أذهاننا صورة المسيح وهو مع الإثنى عشر يعطيهم جسده ودمه
مجرد يرسم فى الأذهان وليس حياة حقيقية.. مجرد ذكرى تاريخية.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى